Site icon IMLebanon

مقاربتان خارجيتان في النظرة إلى حكومة لبنان والمواقف العربية تنتظر تقييم مدى تأثير “حزب الله” فيها

كبار المسؤولين كانوا ينتظرون “انفتاحا ماليا” بعد إعلانها
مقاربتان خارجيتان في النظرة إلى حكومة لبنان والمواقف العربية تنتظر تقييم مدى تأثير “حزب الله” فيها

بيروت – وليد شقير

يرصد بعض الأوساط السياسية اللبنانية المواقف الخارجية من إعلان الحكومة اللبنانية، خصوصا أن العديد من الدول كان رهن تعاطيه مع لبنان وفقا لتركيبتها والتوازنات التي ستطبع الحصص فيها. وتشير إلى تعدد المقاربات الخارجية لصيغة الحكومة بنسختها النهائية.

 

ولفت بعض هذه الأوساط إلى أن ردود الفعل حتى الأمس كان بمعظمها دوليا ومرحبة بالإعلان عنها، وأن التعليقات العربية اقتصرت على الجانبين القطري والفلسطيني، لكن الدول الرئيسة، ولا سيما الخليجية منها كانت شبه غائبة عن الحدث الحكومي، على رغم أن بعضها كان يترقبه.

 

وتشير أوساط سياسية راقبت المواقف الصادرة إلى أن ردود الفعل الغربية تميزت بالترحيب وإن اختلفت النبرة بين دولة وأخرى في التعبير عن الرغبة في التعاون مع الحكومة الجديدة، لكن معظم ردود الفعل هذه ركز على الوفاء بالتزامات لبنان. وجرى التذكير في هذا السياق إما بسياسة النأي بالنفس، (واشنطن وباريس) أو بإعلان بعبدا (الأمم المتحدة) أو بتعهدات لبنان في المؤتمرات السابقة الداعمة له (الاتحاد الأوروبي) كدلالة إلى ما ينتظره المجتمع الدولي من الحكومة.

 

وتسجل الأوساط إياها أنه في وقت أبدت واشنطن القلق من “تولي حزب الله مناصب وزارية”، فإن رد الفعل الفرنسي تميز عنها على رغم التقارب الأخير بين الدولتين في النظرة إلى الحزب، إذ أن تشدد الجانب الأميركي حيال “حزب الله” بات يقتصر على مراقبة مدى إفادته من المناصب الوزارية من أجل توفير موارد مالية لنشاطاته التي فرضت العقوبات عليه بسببها، ولم يعد يتناول توزير أو عدم توزير منتمين إلى الحزب وتسلمه حقيبة الصحة، بعد أن كانت واشنطن هددت بحجب المساعدات في حال آلت الصحة إلى من يسميه الحزب.

 

ومع أن الإدارة الأميركية ما زالت تراهن على دعم مؤسسات الدولة وتطويرها، ولا سيما الأمنية منها، على أنها قادرة على الإمساك بزمام الوضع الأمني في البلاد بحيث لا تترك الساحة ل”حزب الله”، فإن عين واشنطن تبقى على المقاربة الإسرائيلية التي عبر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس بقوله إن “حزب الله” يسيطر على الحكومة اللبنانية، معتبرا أن ذلك يعني “أن إيران تسيطر على الحكومة اللبنانية.”

 

وذكرت هذه الأوساط ل”الحياة” أن موقف فرنسا في إطار المجموعة الأوروبية بضرورة قيام آلية مستقلة للتبادل التجاري مع إيران، لتجنب العقوبات الأميركية على الأخيرة، والتي تم التوصل إليها عشية تشكيل الحكومة، لعب دوراً في تشجيع الحزب على الأخذ بالنصائح الفرنسية بوجوب وقف عملية تعطيل ولادتها، وببذل جهود من أجل التوصل إلى المخرج المتعلق بتمثيل “اللقاء التشاوري” للنواب السنة الستة حلفاءه في الحكومة. وهذا ما دفع قياديين من “تيار المستقبل” بإبداء الارتياح إلى الدور الذي لعبه الحزب في تسهيل إنجاز الحكومة، إذ كان رئيسها على تواصل مع قيادته لهذا الغرض.

 

وتذكر الأوساط نفسها، والتي تتابع عن كثب الموقف الدولي، أن “حزب الله” تلقى نصائح ورسائل عدة سواء مباشرة أو عبر إيران بوجوب تهدئة الموقف في لبنان وتثبيت الاستقرار في الجنوب، على إثر اكتشاف الأنفاق التي اعترف أمينه العام السيد حسن نصرالله، بأنه كان حفرها منذ زمن. فالدول المعنية، ومنها باريس، كانت طالبت تل أبيب في المقابل، بالامتناع عن شن أي عدوان على لبنان بسبب التوتر مع إيران وأدواتها في لبنان وفي سورية. وتعتبر الأوساط نفسها أن الحزب كان يميل إلى عدم تصعيد الموقف بدليل تأكيده أنه يقف وراء الجيش في مسألة الأنفاق.

 

وتلاحظ هذه الأوساط أن المقاربة التي ترى أن مساهمة “حزب الله” في الإفراج عن الحكومة بتدويره الزوايا بين “اللقاء التشاوري” والوزير جبران باسيل حول المخرج المركب لتموضع ممثل “اللقاء”، تعتبر أنه جاء في مناخ إقليمي يظلله الحرص الدولي على الاستقرار اللبناني. وتلفت في هذا السياق إلى تأكيد وزير الصحة المسمى من قبل الحزب الدكتور جميل جبق على التأكيد أنه غير حزبي، ونفيه لما أشيع عن نيته استيراد أدوية إيرانية إلى لبنان. فهذا كان بمثابة تطمين للقوى الغربية إزاء التلويح الأميركي بقطع المساعدات.

 

أما المقاربة الثانية في النظرة إلى تركيبة الحكومة الجديدة والتي تشمل عددا من الدول العربية الرئيسة فتشير إلى أن هذه الدول تأخذ وقتها في تقييم التوازنات التي رست عليها. فبعضها ينتظر البيان الوزاري الذي ستطلب ثقة البرلمان على أساسه، من أجل التأكد من أنه سيعيد التزام سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة والأزمة السورية، وحول موضوع السلاح. وتقول هذه الأوساط ل”الحياة” إن دولا عربية شارك مسؤولون منها في القمة العربية الاقتصادية في بيروت في 20 كانون الثاني الماضي كانوا واضحين أمام فرقاء لبنانيين التقوهم، في التعبير عن رفضهم تفلت الحزب من سلطة الدولة بحكم امتلاكه السلاح، ومن دوره في سورية، وتدخلاته على الصعيد الإقليمي. ودعوا هؤلاء الفرقاء إلى الضغط لوضع حد لذلك.

 

كما أن ممثلي بعض هذه الدول نصح مسؤولين لبنانيين بينهم وزير الخارجية جبران باسيل بوجوب تخفيف حماسته لاستعادة العلاقة مع النظام السوري، في وقت تتمهل الدول العربية في هذا التوجه الذي يتطلب إذا اتخذ قرار في شأنه، خطوات لا يجوز حرق المراحل قبل إنجازها، على وقع الموقف الدولي من هذه المسألة. وهذه الدول على تواصل مع موسكو وواشنطن والدول الأوروبية ومن غير المنطقي أن يستعجل لبنان الانفراد في العلاقة في وقت لديه سفارة في دمشق بينما الدول الأخرى كانت سحبت سفراءها أو طواقمها الديبلوماسية، وتتطلب إعادتها شروطا ومناخا مختلفا عما هو حاصل الآن.

 

وتنتهي الأوساط التي ترى أن للدول العربية مقاربة تميل إلى التريث في التعليق على إعلان الحكومة الجديدة، إلى القول أن بعض كبار المسؤولين كان يتوقع خطوات مالية في اتجاه لبنان، تساهم في إنعاش أسواقه (إما ودائع أو استثمارا في سندات الدولار ويورو بوند بمبالغ عالية)، وانفتاحا اقتصاديا عليه بعد التأليف، قد يتحقق جزء منه من خلال مشاريع محددة، لكن لا بد من الانتظار لمعرفة المدى الذي سيذهب إليه. إذ أن لدى هذه الدول حسابات ومعايير حول مدى فرض “حزب الله” سياسات على هذه الحكومة لتقرر في ضوئها درجة انفتاحها.