أجرى رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، صباح أمس في السراي الكبيرة، محادثات مع نظيره الإيطالي جيوزيبي كونتي تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات بين البلدين وسبل تفعيلها على المستويات كافة.
وكان الحريري وكونتي عقدا خلوة استكملا خلالها البحث في المواضيع المطروحة. وفي ختام المحادثات، قام الحريري وضيفه بجولة في أرجاء السراي وأطلا من شرفتها على معالم وسط بيروت. وبعد المحادثات، عقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا، استهله الحريري بالقول: «إن العلاقات بين لبنان وإيطاليا تاريخية ومتجذرة، وسنعمل سويا في المرحلة المقبلة على تطويرها وتفعيلها، وبخاصة على الصعيد الاقتصادي والتجاري والاستثماري. إيطاليا كانت دائما في طليعة شركاء لبنان التجاريين لناحية استيرادنا منها، الأمر الذي نأمل أن ينسحب على الصادرات اللبنانية إلى إيطاليا في المستقبل القريب».
وتوجه بالشكر إلى إيطاليا، دولة وشعباً، على «صداقتها الراسخة ودعمها الدائم للبنان ولوحدته وسيادته واستقلاله، وخصوصاً على دورها المهم في صفوف «يونيفيل». وهنا أشدد على التزام الحكومة اللبنانية قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وسياسة النأي بالنفس، بصفتهما ركيزتين لاستقرار لبنان. إن لبنان يشكر الدولة الإيطالية أيضاً على الدعم الذي تقدمه الى مؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى رأسها الجيش. وقد استضافت إيطاليا مؤتمري روما 1 وروما 2 لتعزيز قدرات الجيش ودعم سائر الأجهزة الأمنية اللبنانية الأخرى». وتابع: «في كل الأوقات الصعبة، وقفت إيطاليا إلى جانب لبنان. بعد حرب تموز (يوليو) 2006، ثم مع أزمة النزوح السوري، قدمت مساعدات طارئة من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون من أجل التنمية، التي تقدم مساعدات سنوية إلى لبنان في المجال الإنساني والتنموي وإعادة الإعمار». وأكد الحريري أن «المرحلة المقبلة في لبنان هي مرحلة عمل، وهي مرحلة واعدة بإذن الله، فيها العديد من الفرص الاستثمارية، خصوصاً من خلال تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري الذي عرضته الحكومة اللبنانية في مؤتمر «سيدر»، ومنها ما يتعلق بتنفيذ مشاريع البنى التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص. وإنني أدعو اليوم أصدقاءنا الإيطاليين الى الاطلاع عن كثب على هذه المشاريع والفرص الاستثمارية المتاحة في لبنان. وأعرب عن سروري لكون الشركات الإيطالية مشاركة في الفرص الاستثمارية في قطاع النفط والغاز في لبنان».
وأضاف: «إن دور لبنان، المعروف بديناميكية ونشاط قطاعه الخاص، سيكون اساسياً في إعادة إعمار المنطقة، وعلينا تطوير شراكات اساسية بين القطاع الخاص اللبناني والقطاع الخاص الإيطالي لتنفيذ مشاريع مشتركة على صعيد المنطقة. واقتناعي راسخ بأن لبنان قادر أن يصبح مركزاً إقليمياً لقطاع الأعمال الإيطالي. وثقتي كاملة بأننا سنعمل معاً على تطوير التعاون الثنائي بيننا في كل المجالات وفي المستقبل القريب».
كونتي
ثم تحدث كونتي، شاكراً الحريري على الاستضافة، «خصوصاً أنها تأتي بعد تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة. أود أن أتوجه بأحر التمنيات بالنجاح والتوفيق لهذه الحكومة». وقال: «أكد لي الرئيس الحريري أن ما جرى بالنسبة الى البيان الوزاري وما حصل بعد ذلك يشبه ما حصل قبيل تشكيل الحكومة في إيطاليا. دولة الرئيس، الشعب اللبناني يمكن أن يكون أكيداً من الدعم الإيطالي لبلد تربطنا به علاقة صداقة راسخة وقوية على أساس الاحترام المتبادل والهوية المتوسطية المشتركة. إيطاليا تقف منذ زمن إلى جانب المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني، وستبقى لتقديم مساهمتها في عملية السلام والحوار والتماسك الاجتماعي. لبنان والحكومة الجديدة لديهما تحديات كثيرة، لكن الرئيس الحريري يركز على نشاطات محددة، وهي الإصلاح الاقتصادي والبنى التحتية، وهو ينوي أن تشارك كل القوى السياسية في هذه العملية، مع المحافظة على النأي بالنفس عن الأزمات في المنطقة».
وتابع: «نحن نؤكد التزامنا تجاه لبنان في ما يتعلق بمهمة حفظ السلام، ونحن فخورون بمشاركة قواتنا في مهمات الأمم المتحدة… وتحدثت مع الرئيس الحريري عن أمور عدة، ولا سيما التطورات على طول «الخط الأزرق»، ونتمنى أن يكون الحوار الحل الوحيد من أجل التخفيف من التوترات التي يمكن أن تنتج. نحن هنا على أتم الاستعداد مع جنودنا من أجل القيام بالوساطة ونثق بالوصول إلى نتيجة إيجابية».
وزاد: «كما ذكر الرئيس الحريري، فقد تحدثنا عن الفرص المتاحة لتنمية العلاقات الثنائية. فالحكومة اللبنانية لديها قدرات، وهي ستسهل كل الأعمال، في إطار الاستثمارات المنوي تنفيذها ضمن مؤتمر «سيدر». أشكر الرئيس الحريري على دعوته للشركات الإيطالية للمشاركة في عملية الإعمار والتنمية في لبنان، ونحن مستعدون للقيام بذلك، من خلال شركاتنا والكفاية العالية والقدرات التكنولوجية البارزة التي نتمتع بها في مجالات مختلفة. اتفقنا على أن تكون هناك زيارة للرئيس الحريري لايطاليا من أجل تشجيع المؤسسات الإيطالية على المشاركة في عملية التنمية في لبنان». وقال: «كذلك تحدثنا عن الأزمات في المنطقة، ولا بد من أن تكون هناك حلول سياسية وتقويم كبير لدور الأمم المتحدة، من أجل تفادي أن تكون هناك عقوبات أخرى. وتحدثنا عن مشكلة النازحين، ونعرف أن عددهم يشكل زهاء 30 في المئة من نسبة الشعب اللبناني، وإذا ما نظرنا إلى النسب سنجد أنها الأعلى بالمقارنة مع البلدان الأخرى. ونحن، من خلال مكتب التعاون للتنمية، سنكون دوماً إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، ونود أن نساهم، ونستمر في المساهمة بالحوار السلمي في المنطقة ككل».