أكد في ذكرى اغتيال والده: 2019 ستكون سنة العدالة… وسأتعاون مع كل الأحزاب ومصلحتنا عودة النازحين
الحريري: نحن حراس الطائف ولبنان لا يتبع أي محور وشهادة الحريري وحدت اللبنانيين ولا فرصة لـ “الفتنة”
أحيا تيار “المستقبل”، الذكرى 14 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، تحت شعار “البلد مكفى بشغلك”، في “سي سايد آرينا”، بمشاركة شعبية حاشدة فاقت 12 ألف شخص، وفق المكتب الإعلامي للتيار، وفي حضور ممثل رئيس الجمهورية ميشال عون، الوزير سليم جريصاتي، الموفد الملكي السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار بن سليمان العلولا، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب ميشال موسى، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ممثل الرئيس أمين الجميل الوزير السابق سليم الصايغ، الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وعقيلته النائبة ستريدا جعجع، رئيسة كتلة “المستقبل” النائب بهية الحريري وشفيق الحريري وأفراد العائلة وعائلات الشهداء.
كما حضر سفراء: فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، كندا، الصين، المملكة العربية السعودية، العراق، الإمارات، الجزائر، المغرب، قطر وسلطنة عمان. ومن الشخصيات الدينية حضر: مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، ممثل البطريرك الماروني بشارة الراعي، المطران بولس مطر، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، اضافة الى حشد كبير من الشخصيات الرسمية والروحية والسياسية والحزبية والاجتماعية والإعلامية والديبلوماسية والأمنية.
وقائع الاحتفال
بعد النشيد الوطني ودقيقة صمت عن روح الرئيس الشهيد، تم عرض كلمة السيدة نازك رفيق الحريري في المناسبة، ومن ثم اعتلى الفنان علاء زلزلي المسرح وأعاد غناء أغنية “عالوعد نكمل دربك”، قبل أن يهدي الرئيس الحريري أغنية جديدة من وحي المناسبة، ويتم عرض فيلم وثائقي عن الرئيس الراحل. بعدها، قدمت “كشافة لبنان المستقبل” مشهدية، تختصر 14 إنجازا، من إنجازات رفيق الحريري، بالصوت والصورة.
الحريري
وفي الختام، ألقى الرئيس الحريري كلمة استهلها مرحبا “بكل الأصدقاء والحلفاء والرؤساء وممثلي الدول الشقيقة والصديقة. وأخص بالترحيب، موفد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأخ نزار علولا، الذي يحضر بيننا ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شهيد لبنان والعروبة وحبيب لبنان والمملكة”.
وإذ سأل: “من منكم لا يذكر في هذه الأيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ من لا يقول “رزق الله” على أيامه، “رزق الله” على زمن “البلد ماشي…والشغل ماشي”، و”رزق الله” على بيروت حين كانت تغلي حركة ونشاطا وسياحا وشبابا وشابات من كل لبنان؟”، قال: “اليوم، ككل سنة، مجتمعون بعد 14 سنة على جريمة الاغتيال، وبعد 11 سنة على انطلاق المحكمة الدولية. مجتمعون وحلم رفيق الحريري ما زال معنا. ومشروعه للاعمار والنمو والاستقرار على لسان كل لبناني يريد أن يعود العمل إلى البلد. بعد بضعة أشهر، تنعقد جلسة الحكم في قضية الرئيس الشهيد ورفاقه. وبتنا نستطيع القول، إن سنة 2019 هي سنة العدالة التي ننتظرها لنعرف الحقيقة”.
أضاف: “كثر يقولون إن الحقيقة معروفة، والحكم تأكيد لشيء معلوم. لكن الحقيقة بالنسبة إلينا، لا تكون حقيقة، إن لم تصدر بشكل واضح ورسمي عن المحكمة الدولية. ولا نرى ولا نقبل أن نرى الحكم طريقا للانتقام وردات الفعل. الحكم هو طريق للعدالة ورفض التغطية على الحقيقة مهما كانت قاسية. رفيق الحريري لم يستشهد ليخرب البلد. شهادة رفيق الحريري وحدّت اللبنانيين. ولن نعطي أحدا أي فرصة، ليجعل من الحكم على المتهمين أداة للفتنة بين اللبنانيين”.
وتابع: “من قتل رفيق الحريري كان هدفه تخريب لبنان، ومنع اللبنانيين من المطالبة برفع اليد عن قرار البلد. ومن قتلوه يعرفون، ماذا يعني وقوف رفيق الحريري، بحجمه وعلاقاته وإمكانياته وشعبيته، بوجه السلبطة على الدولة وقرارها. لم تنفع معه كل محاولات الترغيب والترهيب. خونوه وشنوا عليه أعنف الحملات السياسية والإعلامية… لكنها لم تنفع. عطلوا مشروعه وهددوه بالسجن والطرد من البلد وبتكسير بيروت على رأسه… ولم تنفع…. قتلوه”.
“البلد ممسوك بالتعطيل والأزمات والمناكفات”
وأردف: “بعد 14 سنة، ما زال رفيق الحريري قضية حية في وجدان ملايين اللبنانيين والعرب. أولا، لأن رفيق الحريري، شخصية لا تنسى، وأنتم عرفتموه وأحببتموه وعشتم معه. وثانيا، لأن اغتيال رفيق الحريري، كان محاولة لاغتيال حلم لبنان. والنتيجة ترونها من 14 سنة. من العام 2005 والبلد ممسوك بالتعطيل والأزمات والمناكفات وتراجع الخدمات والنمو والعمل وفرص العمل. لهذا السبب، كثر من الناس، حين تريد أن “تفش خلقها” تسأل… وينك يا رفيق؟ وين الحلم؟ رفيق الحريري لم يعد إلى البلد ليشارك بالحرب، ولا عاد ليقيم اصطفافا مذهبيا ولا لتغليب طائفة على الطوائف الأخرى”.
وزاد: “بعد اتفاق الطائف، عاد رفيق الحريري لتغليب دور الدولة والمؤسسات والشرعية. عاد ومعه خيرة الشباب والخبرات من كل الطوائف، ليشارك في وقف الحرب. ليعمر، ويبني، ويفتح مدارس وجامعات وطرقات. عاد ليقول لبنان جمهورية ومؤسسات وقانون ودستور ودولة للعيش المشترك، وليس ساحة مفتوحة لحروب الآخرين، ولا لصراع الطوائف على السلطة. وضع على رأسه خوذة العمل ونزل على الأرض، ليرفع المتاريس من قلب بيروت، وليلغي الخنادق بين شرقية وغربية، وليقول نحن أبناء وطن واحد، و”ما في حدا أكبر من بلدو”. في كل تاريخه وتاريخنا، ليست على أيدينا نقطة دم، لكننا دفعنا دما من خيرة رموزنا وشبابنا. لم نتعاط بالسلاح، ولا فتحنا مراكز تدريب للمسلحين، لكن فتحنا الباب لأكثر من أربعين ألف شاب وشابة، أقاموا أكبر جيش للخريجين من كل لبنان ومن كل جامعات العالم”.
“ورشة عمل كبيرة ”
وقال الحريري: “أمامنا اليوم ورشة عمل كبيرة في الحكومة ومجلس النواب. وجوه الخلل والتقصير يتحدث فيها الناس كل يوم، من الكهرباء إلى البيئة والخدمات والهدر والتهريب وغيرها. قضينا عشر سنين نربط مصير البلد بمصير حروب المنطقة. شد حبال وخلافات دفعنا ثمنها من استقرارنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي. اليوم نقف عند مفترق طرق، إما أن نبقى غارقين بالكلام والخلاف، وإما أن نأخذ القرار بأن نبدأ جميعا ورشة العمل. الوقت ليس لعرض العضلات، ولا للنكايات وتصفية الحسابات، ولا للتنظير على الناس بكلام ملوا سماعه”،، مؤكدا أن “زمن “علي وخود جمهور”، لم يعد ينفع، ولا يبني دولة، ولا يرفع النفايات من الطرقات. زمن المزايدات ليل نهار، بالنزاهة والأخلاق وتوجيه الاتهامات صعودا ونزولا لم يعد ينفع، خصوصا بالنسبة إلى الجيل الجديد، الذي يريد أفعالا وعملا وفرص عمل وإجراءات وقوانين تحارب الهدر والفساد، ويريد أن يرى دولة نظيفة، وليس أشباه دويلات للأحزاب والطوائف”.
أضاف: “بين أيدينا برنامج واضح، له تمويل وآليات عمل واضحة الأساس، فيها الشفافية والإصلاحات. ولا مجال للهدر ولا للصوص الحصص وقناصي الفرص. برنامج للاستثمار بمشاريع وخدمات في كل المناطق، خصوصا المناطق المحرومة. وهذا الكلام موجه إلى كل اللبنانيين، إلى أهلنا في عكار الذين أمثلهم أنا شخصيا في الحكومة، إلى أهلنا في المنية والضنية وكل الشمال. وأهلنا في جبل لبنان وكل البقاع من بعلبك الهرمل إلى الغربي والأوسط، وأهلنا في صيدا وكل الجنوب، وإلى كل مواطن في بيروت ينتظر حلولا للكهرباء والنفايات وأزمات السير. إذا، ليس هناك من منطقة، أو أحد يشعر أنه غير ممثل بالحكومة. أنا سعد الحريري بخدمة كل المناطق والناس وتأكدوا تماما، أن برنامج العمل ليست له هوية طائفية أو مناطقية، هوية العمل لبنانية بامتياز، لكل الناس وكل المناطق”.
“الكرة اليوم في ملعبنا”
وتابع: “هذا البرنامج لم يهبط على البلد بالبيان الوزاري، ولا هو خطة يتم تهريبها بغفلة عن أحد في مجلس الوزراء. هذه خطة تعمل عليها الحكومة منذ سنة ونصف السنة، عرضت على كل الأحزاب والقوى السياسية في الحكومة، وأتت بعد اجتماعات عمل مع أكثر من 1600 بلدية في السراي الحكومي. البرنامج صناعة لبنانية بامتياز، ومؤتمر سيدر تبناه، شرط أن تلتزم الدولة قواعد الشفافية والإصلاحات ومراقبة الجهات الدولية المختصة لتنفيذ المشاريع. هذا يعني، أن المجتمع العربي والدولي وقف معنا، وحملنا مسؤولية التصحيح والتنفيذ. الكرة اليوم في ملعبنا، والتحدي مطروح أمام الجميع، وأنا أراه تحد شخصي، للعهد ولي وللحكومة ولمجلس النواب”.
وأردف: “هناك كلام يقال، إن البلد سيرهن نفسه لمزيد من الديون، وإن الدولة تعرض نفسها للبيع خارجا. اسمحوا لي أن أقول، إن هذا الكلام ليس له أي علاقة بالاقتصاد وبرنامج الاستثمار. كلام للنق والتعطيل يأتون به من كتب قديمة للعرقلة. وشخصيا لن أسكت اتجاه أي محاولة لتعطيل العمل وعرقلة برنامج الحكومة. الجميع يقول إن الوضع لم يعد يحتمل، ليتفضل الجميع ويشارك في ورشة إنقاذ الوضع. ليس هناك مجالا للبهورة على حساب الدولة والناس. إذا كنا جميعا في مجلس الوزراء ومجلس النواب غير قادرين على أن نجد حلولا لمشاكل البلد، ولا قادرين أن نسير بالإصلاحات وتأمين الخدمات، لنذهب إلى بيوتنا أفضل”.
“نتمنى “صفر” مشاكل على طاولة مجلس الوزراء”
واستطرد: “الحكومة اليوم تطلب الثقة من المجلس النيابي. وبهذه المناسبة أريد أن أتوجه إليكم، جمهور رفيق الحريري، جمهور تيار المستقبل، لأجدد طلب الثقة منكم. هذه الثقة كبيرة وعزيزة على قلبي، سأحملها وأنزل بها غدا إلى مجلس النواب. نحن نريد ورشة عمل، إذا كان غيرنا يريد ورشة مزايدات، ليتحمل هو المسؤولية. في هذا المجال، نحن نتمنى “صفر” مشاكل على طاولة مجلس الوزراء، وصفر مشاكل وسجالات مع كل الشركاء بالوطن، لأن لا شيء يجب أن يتقدم، على استقرار البلد وإنهاء مهزلة انقطاع الكهرباء ومشاكل النفايات والصرف الصحي ومزاريب الهدر والفساد”. وأكد “لا أقول أوقفوا النقاش حول برنامج الحكومة، وحول قضايا أساسية في البلد. لأن من غير المعقول أن تكون هناك حياة سياسة طبيعية وسليمة، من دون نقاش وحوار ومعارضة وتبادل أفكار. لكن من غير المعقول، بعد كل الجهد الذي بذل في مؤتمر سيدر ومع المجتمع الدولي، أن نعود إلى سياسية “دق المي… مي”، أو أن يعود مجلس الوزراء ساحة للنكايات السياسية”.
وقال: “الرئيس عون والرئيس بري وأنا، أخذنا قرارا بتحويل مجلس الوزراء ومجلس النواب خلية عمل. هناك فرصة من غير المسموح أن تضيع. الوجع معروف. والعلاج معروف. القرار بيدنا والتنفيذ بيدنا. فإما أن نخوض التحدي ونتعاون جميعا، وأشدد على كلمة جميعا، لنأخذ البلد إلى فرصة إنقاذ حقيقية، وإما أن نترك البلد يغرق في الجدل البيزنطي حول جنس الحلول. الأمن الاقتصادي والاجتماعي هو بأهمية الأمن السياسي. لهذا السبب، أمد يدي للتعاون مع كل القيادات والأحزاب دون استثناء. وأعرف سلفا أن هناك قضايا خلافية لن تشطب بجرة قلم من حياتنا. البيان الوزاري أجرى مقاربة لكثير من القضايا، على قاعدة تدوير الزوايا، ووجدنا مخارج في النص لعناوين خلافية عديدة”.
“الطائف والنزوح ولبنان دولة عربية مستقلة”
وأكد الحريري على ثلاثة أمور: “الأول: اتفاق الطائف. الاتفاق هو الدستور وصيغة الوفاق الوطني، والقاعدة الأساس للعيش المشترك بين اللبنانيين. الكلام عن الطائف واضح ومباشر في البيان الوزاري، وغير خاضع للتأويل والتفسير. وإذا أردنا أن نكون صريحين، نقول إن الخروج على الطائف، كان يتم أيام الوصاية السورية، عن طريق التدخل بكل شاردة وواردة بشؤون الدولة. أما اليوم، فنسمع كلاما واضحا من فخامة الرئيس عن الطائف، وكلاما صريحا ومسؤولا من قيادات أخرى، تؤكد التزام الطائف وعدم الخروج عنه، لحدود التخلي عن آراء كالمؤتمر التأسيسي وغيرها. في كل الأحوال، ليس سعد الحريري من يمكن أن يتنازل عن الطائف، أو يقبل بخرق الطائف. نحن حراس اتفاق الطائف، بالأمس واليوم وغدا.
“الثاني: موضوع النازحين السوريين. مصلحة البلد أن يعود النازحون إلى سوريا بكرامتهم وبالشروط التي توفر لهم السلامة والأمن. أفضل أمر نقدمه للنازحين أن نعمل لنعيدهم إلى بلادهم بشكل طوعي. وأشدد على كلمة طوعي. وانفتاحنا على المبادرة الروسية يصب في هذا التوجه، والمطلوب من المجتمع الدولي خطوات عملية إضافية، تنهي مأساة النزوح وتزيل عن أكتاف الدولة أعباء اجتماعية وخدماتية ومالية في كل المناطق. وقناعتي أن النظام في سوريا، يريد أن ينتقم من النازحين ويضع شروطا على عودتهم. والموضوع لا يتعلق بنا. أنظروا إلى الأردن، الدولة على اتصال مع النظام ولا نتيجة جدية معه. حتى تركيا التي أعلنت رسميا وجود اتصال أمني بينها وبين النظام، لم تصل إلى نتيجة معه أيضا. لا يحاولن أحد أن يزايد، لأن تنسيق بعض الأجهزة الأمنية في لبنان قائم مع الجانب السوري لتفعيل عودة النازحين. لأن هدفنا بكل بساطة عودتهم إلى بلادهم وإنهاء الظروف المعيشية القاسية التي يعيشونها. لكننا لا نستطيع أن نكون ولا نقبل تحت أي ظرف، أن يكون البلد أداة لتسليم النازحين رهائن للنظام.
“أما الأمر الثالث: الذي أود أن يسمعه الجميع جيدا، لأن فيه كلاما كثيرا عن المحاور في المنطقة: لبنان، أيها الأخوة والأخوات، ليس دولة تابعة لأي محور. وليس ساحة لسباق التسلح في المنطقة. لبنان دولة عربية مستقلة، لها دستور وقوانين ومؤسسات والتزامات عربية دولية، دولة أكدت على التزام النأي بالنفس. وأي أمر آخر يكون وجهة نظر لا تلزم الدولة ولا اللبنانيين”.