اكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أن “لا سلطة أعلى من سلطة الجيش والقوى الأمنية التي قامت مؤخرا بعمليات أمنية كبيرة في المنطقة وأرست الأمن والاستقرار” في رده على الرؤية الأميركية بأن نفوذ “حزب الله” يزداد أمنيا، مجددا “رفض لبنان انتظار الحل السياسي في سورية من أجل اعادة النازحين”.
كلام عون جاء أثناء استقباله نقيب المحررين جوزيف قصيفي وأعضاء مجلس النقابة أمس فأعرب عن الخشية من “ان يكون ما نشهده على حدودنا الجنوبية لجهة قيام كيان قومي يهودي، مبررا لما يمكن ان يحصل في سوريا”، مستغربا “موقف بعض الدول الكبرى التي لا تعمل على إعادة النازحين ولا تريدنا في المقابل أن نعمل لتحقيق هذه العودة”.
وتحدث القصيفي عن الازمة المصيرية التي تهدد الصحافة اللبنانية والاعلام في مرتكزات وجودهما، ودعا عون إلى حضور مؤتمر تنظمه النقابة لهذا الغرض.
دور الإعلام والشتيمة
وأكد الرئيس عون على “دور الاعلام في بلورة الرأي العام، بالاضافة الى الدور الاساسي الذي تضطلع به الصحافة المكتوبة على وجه الخصوص في تثقيف المواطنين”. وقال: “الفضيحة حيث وجدت يجب ان تقال كما هي. ولان الحرية بطبيعتها مطلقة، على الانسان عندما يريد استعمالها احترام حدودها التي هي الحقيقة، كما عليه اثبات هذه الحقيقة من دون التستر عليها او اطلاق الاتهامات جزافا”.
وتطرق الى ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي احيانا من اطلاق السباب والشتائم، واندفاع البعض للدفاع عن الحرية ازاءها، وقال: “فليكن الفصل بين الشتيمة والحرية، وليحافظوا على حرية النقد المفيد المطلقة، والابتعاد عن الشتيمة” التي يجب ان تحال الى قانون العقوبات لا الى قانون المطبوعات لان القانون الجزائي بامكانه حسم قضايا من هذا النوع، فيما تبقى في معظم الاحيان القضايا المحالة استنادا الى قانون المطبوعات سنوات دون البت بها وتنتفي معها اي قيمة للتدبير المتخذ بموجبه”.
ولفت الى ان “الحرية تقيد الحاكم اذا لم يحكم بالطريقة الصحيحة”، مشيرا الى ان “علينا ضبط الاعلام لا في حريته لكن ضمن سقف الحقيقة”.
واذ أشار الى الازمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان في ظل ما ورثه من دين عام وتأثره بالازمات الدولية المتلاحقة وحروب المنطقة بالاضافة الى انعكاسات ازمة النازحين السوريين عليه، فانه اعاد التأكيد على ان “بامكانه تجاوز هذه الازمة”، مشددا على “خطورة الشائعات التي كانت تطلق حول الوضعين المالي والاقتصادي وضرورة الابتعاد عن كل ما يؤدي الى الحاق الضرر بهما”.
وفي حواره مع مجلس النقابة شدد الرئيس عون على أن ضمان الشيخوخة، سيأخذ طريقه الى التنفيذ ولم يعد سرا وجود دعوى لدى القضاء حول مخالفات الضمان، ولن نتحدث عن الموضوع الى ان يبت به”.
مزايدات
وعن التحذير الاميركي من “مخاطر حزب الله” ونفوذه في الحكومة الحالية، أوضح أن “هذه هي الرؤية الاميركية وهي تختلف عن الواقع، فحزب الله حافظ على وجوده السياسي السابق في الحكومة، وليس صحيحا ان نفوذه على لبنان يزداد، وما يقال في الأوساط السياسية أحيانا في هذا السياق هو مجرد “مزايدات”. وحتى على المستوى الأمني حيث يقال إن للحزب نفوذا في الجنوب والبقاع، فلا سلطة أعلى من سلطة الجيش والقوى الأمنية التي قامت مؤخرا بعمليات أمنية كبيرة في المنطقة وأرست الأمن والاستقرار”.
وجدد الرئيس عون “رفض لبنان انتظار الحل السياسي في سورية من اجل اعادة النازحين لأنه امر غامض وعانى لبنان في هذا السياق مع الفلسطينيين الذين لا يزالون ينتظرون الحل السياسي منذ سبعة عقود من الزمن ولا أفق له. وذكر بالتجربة القبرصية حين استقبل لبنان اعدادا من النازحين القبارصة خلال النزاع عام 1974 في قبرص، لكنهم عادوا فور الاعلان عن وقف اطلاق النار، فيما لا يزال الحل السياسي للازمة القبرصية غائبا منذ 45 عاما”.
كلام بو صعب منطقي
ورأى أن القول أن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم غير آمنة، “أمر مبالغ فيه. فقد تمت اعادة 156 الف نازح من لبنان، ولم يتعرض أي منهم لمضايقات، ولا سبب يدعو لذلك طالما ان المصالحات في سورية تمت مع الذين بقوا وحملوا السلاح، فكم بالحري مع الذي نزح لتأمين سلامته ولقمة عيشه والابتعاد عن الحرب؟”، لافتا إلى أن “الذين عادوا بملء إرادتهم حتى اليوم هم من غير المسجلين في دوائر المنظمات الدولية”، مشيرا إلى “ما نشهده على حدودنا الجنوبية لجهة قيام كيان قومي يهودي، الذي يبرر ما يمكن ان يحصل في سورية”، معتبرا أن “ما قاله وزير الدفاع الياس بو صعب لجهة رفض قيام الحزام التركي الآمن في شمال سورية، كلام منطقي لان مثل هذا الحزام قد يؤدي إلى التقسيم، وهو امر من شأنه منع عودة النازحين واللاجئين. وهذا أمر خطير جدا، وعلينا قراءة الاحداث على المدى البعيد وعدم الاكتفاء بمواكبتها او اللحاق بها وخصوصا في الدول الصغيرة”.
وعن زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لسورية، اعتبر عون ان “عدد النازحين السوريين في لبنان يتخطى المليون ونصف مليون نازح، وقد رحب الرئيس بشار الاسد بعودة النازحين جميعا، ونحن في لبنان نعاني من الموضوع. الا يحق للبنان ان يرتاح من مشكلة ألقيت على عاتقه دون ان يؤذي بتدبيره هذا اي بلد آخر؟ هذا امر غير منطقي بتاتا لانه من مصلحة لبنان اعادة النازحين الى بلدهم، خصوصا ان السلطات السورية ابدت كل رغبة في استقبالهم”. واستغرب “موقف بعض الدول الكبرى التي لا تعمل على إعادة النازحين ولا تريدنا في المقابل أن نعمل لتحقيق هذه العودة”.
وعن مخاوف من تقسيم المنطقة، رأى عون أن “المخاوف من تقسيم سورية جدية، وما حصل مع القضية الفلسطينية دليل على ما يمكن ان يحصل، فاليوم اصبحت تلك القضية منسية، واكاد اكون وحيدا في الدفاع عنها اينما حللت”.
واستغرب الرئيس عون “ما يثار حول حصول خلافات داخل الحكومة حتى قبل اجتماعها او على الاقل إعطائها مهلة ايام قليلة”، مشددا على انها “ستكون حكومة ناجحة”.
جميل حسن
وحول مطالبة المانيا لبنان بتسلم مدير المخابرات الجوية السورية جميل حسن من لبنان، نفى الرئيس عون علمه بما قيل في هذا المجال، مشيرا إلى أن “الاجهزة الامنية لم تطلعني على دخول حسن الى لبنان. أما في حال دخوله خلسة، بسبب صعوبة ضبط الحدود، فيجب التحري والتدقيق كي نعرف حقيقة وجوده في لبنان من عدمها”.
وحول عدم تطبيق بعض القوانين اللبنانية واستبدال بعضها بقرارات مزاجية، أشار الرئيس عون إلى أنه مطلع على الامر “ووضعت لائحة طويلة بمثل هكذا مخالفات”، مشيرا الى انه يتابع الامر عن كثب وهو طلب “اجراء جردة بمخالفة القوانين على مستوى الوزارات”.
وعن شعاره محاربة الفساد أجاب: “هناك 5 قضايا على الأقل بتهمة الفساد امام القضاء، وهناك أيضا قضية كبرى مماثلة يتابعها القضاء منذ نحو شهر وفيها 21 عنصرا من قوى الأمن الداخلي، لكن بعض الإعلام لا يتابع الامر بل يتمسك بالشائعات وبتبادل الاتهامات”.