قال السفير بيار دوكين منسق مؤتمر “سيدر” والمكلف من الرئاسة الفرنسية متابعة تنفيذ قراراته بعد جولة من الاجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين ومع الجهات المانحة، خلال اليومين الماضيين أنه “ليس لدى الحكومة اللبنانية الكثير من الوقت لكي تبدأ الإصلاحات المطلوبة”، معتبرا أنه “يجب تقديم خطة للاصلاحات في القطاعات المتفق عليها كي تكون الصورة واضحة عند المستثمرين لكسب ثقتهم”.
وكان دوكين يتحدث في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في مقر السفير الفرنسي في قصر الصنوبر في بيروت، بعد أن التقى أمس رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من الوزراء المعنيين بتطبيق “سيدر”. وأوضح أنه استخلص في هذه الزيارة أن لبنان “مستعد للبدء بالاصلاحات أن المسؤولين أكدوا أن الحكومة لن تضيع المزيد من الوقت وستبدأ بانجاز التقدم والارادة واضحة لدى الجميع”. أضاف: “لم نحدّد أي وقت للحكومة اللبنانية للإصلاح، لكن عليها ان تبدأ”.
وشدد على وجوب الإصلاح في قطاع الكهرباء ، “ويجب أن تكون الكهرباء ٢٤/٢٤ ، فمن دونها لا مجال للإنماء والإستثمار والتطور”.
وكان دوكين التقى الحريري مساءا يرافقه السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه الحريري عند الخامسة والنصف من مساء اليوم في “بيت الوسط” المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكان، يرافقه السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، في حضور الوزير السابق الدكتور غطاس خوري وعدد من المستشارين والمعاونين.
وقال الموفد الفرنسي بعدها أن البحث مع الحريري كان مفيدا بعد عدة أسابيع على تشكيل الحكومة الجديدة، وتركز على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في “سيدر”، الذي عقد قبل أحد عشر شهرا. وما تم الاتفاق عليه هو نوع من العقد بين لبنان، بسلطاته وشعبه، وبين المجتمع الدولي. ويقوم على ثلاث دعائم: برنامج بنى تحتية مفيد جدا لهذا البلد، التمويل الذي تم التعهد به لهذا البرنامج بقيمة 11 بليون دولار، والإصلاحات لتنفيذه”.
وأضاف: “على صعيد المشاريع، على الحكومة أن تقوم بالعمل اللازم لتحديد الأولويات لديها. مرت فترة طويلة من الوقت، ولا بد من تحديد ما هي المشاريع يجب أن تنفذ في العام الأول ثم في العام الثاني، وذات الأولوية القصوى. وهو أمر طبيعي مع تشكيل الحكومة الجديدة”.
وأكد أن المانحين على أتم الجهوزية لتمويل هذه المشاريع. وأُقر الكثير من التمويل من قبل القطاع الخاص، وبالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وعن الإصلاحات، قال إن هناك إصلاحات قطاعية، وهناك إصلاحات تدخل في الاقتصاد الكلي، جوهرية وضرورية. وبتلاقي هذين النوعين من الإصلاح، هناك إصلاح قطاع الطاقة، الذي هو مشكلة تقع ضمن الاقتصاد الكلي، والعجز المتراكم على مؤسسة كهرباء لبنان يرخي بثقله على التمويل العام. وبدون كهرباء 24 على 24 ساعة، من الصعب دفع هذا الثمن أو تخيل حصول استثمارات”.
وتابع: “البيان الوزاري الذي أقرته الحكومة ووافقت عليه الشريحة الأكبر من البرلمان، يذهب في الاتجاه الصحيح، وهو يقول بوضوح ما يجب فعله، في مختلف المجالات، بتدابير قصيرة الأمد وسليمة وأخرى أكثر ثقلا. الرسالة التي نقلتها إلى الرئيس الحريري، والتي تحدثت بشأنها مع المانحين، هي أنه لا بد من بدء التنفيذ سريعا. لا يمكن بالتأكيد إنجاز كل شيء في الأسابيع القليلة المقبلة، لكن لا بد من تقديم إشارات في هذه الفترة تؤكد ما نراه في البيان الوزاري من إرادة السلطات السياسية بالمضي قدما، مع التركيز على أمر مهم جدا بالنسبة إلى المانحين، وهو مكافحة الفساد، التي هي صعوبة أخرى للبلد”.
وختم قائلا: ” أكد لي الرئيس الحريري نية حكومته ونيته شخصيا المضي قدما. هذه ليست مهمة سهلة، لكن لدينا حكومة عمل، وطبقة سياسية توحدت حول البيان الوزاري، والمانحون سيكونون متيقظون لكل ما سيتم القيام به، ولا يريدون سوى إقناعهم بحسن سير الأمور”.
خليل
والتقى دوكين وزير المال علي حسن خليل واعتبر أن البيان الوزاري وثيقة جيدة تبيّن المسار الذي ترغب السلطات اللبنانية في انتهاجه والحكومة الحالية ليس لديها رفاهية الانتظار بل يجب أن تجري الأمور بشكل سريع.
أضاف: “لا بد من تقديم موازنة 2019 بشكل سريع. تم التصويت على موازنة العام 2018 أواخر آذار (مارس) الماضي، وعلى الموازنة أن تلحظ خفض العجز بما لا يقل عن واحد في المئة من إجمالي الناتج المحلي ولا بد من إحراز تقدّم على هذا الصعيد”. وقال: “كما جاء في البيان الوزاري، يجب التقدّم على صعيد موضوع الوظيفة العامة ونظام التقاعد، والقيام بالإصلاحات اللازمة في قطاع الكهرباء. ثمة مثلث مكوّن من المشاريع والإصلاحات والتمويل ويجب التحرك على المستويات الثلاثة بالتوازي. كل هذه النواحي مترابطة”.
وعما إذا كان صحيحاً أن على لبنان أن ينفّذ الإصلاحات ضمن مهلة شهرين، ردّ دوكين: “قلت تماماً عكس ذلك. من غير الممكن إنجاز كل الأمور في بضعة أسابيع. لا يمكن إصلاح كهرباء لبنان في غضون شهرين. لكن يجب إعطاء إشارات في المجالات المختلفة في مهلة قصيرة نسبياً. ليس بالضرورة شهرين. فلنستفِد من هذه اللحظة. بعد تشكيل الحكومات في جميع بلدان العالم، لا بد من الاستفادة من الزخم الذي يسود بهدف التقدّم. هكذا تجري الأمور في جميع أنحاء العالم ولبنان ليس استثناءً. لا نقول بتنفيذ كل شيء في شهرين. لكن في المقابل، قد يكون من المؤسف أن نجد بعد مرور شهرين أو ثلاثة أشهر أنه لم تتم مباشرة العمل”.
وإذ كرر القول إن أموال “سيدر” حاضرة أوضح الإصلاحات لا تقتصر على الموازنة، وثمة مشاريع في قطاع الاتصالات والطيران والطاقة. سُنّت قوانين لكنها غير مطبَّقة لأن الهيئات الناظمة لا تعمل لعدم حصول التعيينات. كيف تتوقعون إقناع المستثمرين من القطاعين العام والخاص، بالاستثمار إن كانوا يجهلون طريقة تنظيم القطاعات؟ الإصلاح لا يعني دائماً التعديلات الهيكلية ولكن ببساطة إنشاء الهيئات التي تنصّ عليها القوانين اللبنانية، ونقرأ عنها في البيان الوزاري”.
وزير البيئة
وأثناء زيارته وزير البيئة فادي جريصاتي شرح الأخير للموفد الفرنسي المشاريع والخطط لتطبيق قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة، ومكافحة التلوّث في حوض نهر الليطاني، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وأبدى دوكين كل الاستعداد لدعم خطة معالجة النفايات، معتبراً أن “ليس لدينا ترف الوقت بعد التأخر في تشكيل الحكومة”.
وقال جريصاتي إنه استنتج خلاصتين أساسيّتين من دوكين الذي أعتبره أولاً أن “سيدر” لديه ثلاث أولويات هي الكهرباء، المياه بما فيها تلوّث الأنهر وتكرير المياه، والنفايات. الثانية هي أن الاصلاحات مطلوبة والمسؤولية علينا كحكومة لتقديم المشاريع والأولويات وعدم انتظار المجتمع الدولي. لذلك من الواضح أن علينا كحكومة تحمّل مسؤولياتنا في أسرع وقت، والسرعة هي بيدنا وليست بيدهم لأنهم جاهزون.
وزير الاتصالات
كذلك اجتمع دوكين مع وزير الاتصالات محمد شقير وكرر التنويه بتضمين البيان الوزاري البنود التي اتُفق عليها في مؤتمر “سيدر” وجهوزية الأموال التي أقرت للبنان.
وزير الاقتصاد
وكذلك فعل خلال لقائه وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، حيث أشار دوكين إلى أهمية إقرار الموازنة مع خفض العجز في المالية العامة لأكثر من واحد ونصف في المئة سنوياً”، وتسمية الهيئات الناظمة للطيران المدني والطاقة والاتصالات ومكافحة الفساد والحوكمة وتعزيز عمل المجلس الأعلى للخصخصة”
واعتبر دوكين أن “الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لاحقاً، مؤشر أساسي للمستثمرين والمانحين للمساهمة في تنفيذ مشاريع “سيدر”، مشدداً على ” تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص”. وأشار إلى أن “لبنان لا يملك ترف إضاعة الوقت”.
وشدد بطيش على أن “توجهات رئيس الجمهورية واضحة في مجال تنفيذ الإصلاحات”. مؤكداً “وجوب اعتماد سياسات مغايرة عما كان سائداً، كي لا نصل إلى النتائج نفسها”.