Site icon IMLebanon

الحياة: عون من موسكو: شعبنا جاهز للمقاومة الاقتصادية وللبنان دور أساس في مرحلة إعادة إعمار سورية

 

في زيارة رسمية تستمر يومين، تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حط رئيس الجمهورية اللبنانية أمس (الاثنين) في موسكو لاجراء محادثات عنوانها الاساس ايجاد حل لعودة النازحين الى سورية، من طريق تفعيل المبادرة الروسية.

ووصل عون على رأس وفد رسمي، ضم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، إلى موسكو عند الأولى بعد الظهر بتوقيت بيروت في زيارة يلتقي خلالها اضافة الى بوتين، رئيس مجلس النواب (الدوما) فولودين يتشسلاف فيكتوروفيتش. وكان في استقباله على أرض مطار فنوكوفو كلٌ من ممثل الرئيس الروسي في الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ومدير مراسم الدولة في وزارة الخارجية ايغير باغداشوف فيكتوروفيتش، والسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين.

 

ومن الجانب اللبناني، سفير لبنان في روسيا شوقي بو نصار، والنائب السابق أمل ابو زيد، والعميد خضر حمود الملحق العسكري في السفارة اللبنانية في موسكو، وممثل بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس لدى بطريركية موسكو وعموم روسيا المطران نيفون صيقلي.

وبعد مراسم الاستقبال، انتقل رئيس الجمهورية برفقة بوغدانوف إلى الجناح الرئاسي داخل المطار لاستراحة قصيرة، قبل أن يتوجه الى مقر اقامته في فندق فور سيزنز.

 

وبعد الظهر التقى رئيس الجمهورية، وفدا من رجال الأعمال الروس، ضم في عداده المدير العام للشركة الروسية المساهمة “سترونغ ترانس غاز ميخائيل خريابوف، المدير العام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة “أنتر راو” الروسية ستانيسلاف يانكوفيتش.

 

“استعداد روسي للمساهمة في النهوض الاقتصادي”

 

وأبدى الوفد الاقتصادي الروسي “استعدادا للمساهمة في خطة النهوض الاقتصادي في لبنان، من خلال المشاركة في عدد من المشاريع الإنمائية والاقتصادية، التي تعدها الحكومة اللبنانية، في هذه المرحلة، وخصوصا في مجالات الطاقة والغاز والنفط والمياه والإعمار والبنى التحتية”، مشددا على “أهمية العلاقات اللبنانية الروسية وأهمية تطويرها”.

 

بدوره، أكد عون، أن “التعاون الذي كان نشأ بين لبنان وشركات روسية مثل “نوفاتك”، العضو في الكونسرسيوم الإيطالي والفرنسي، الذي يعمل في التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، يمكن أن يستمر في مجالات أخرى ومتنوعة، وفقا للحاجة التي يحددها لبنان، الذي يستعد لتطبيق خطة نهوض اقتصادية. كذلك فإن للبنان دورا أساسيا في مرحلة إعادة إعمار سورية، حيث يمكن أن يكون المنطلق، لمثل هذه العملية، نظرا لموقعه الجغرافي، ولخبرة رجال الأعمال اللبنانيين القادرين على تنسيق عملية الإعمار هذه، والمساهمة فيها”.

 

وتم الاتفاق خلال اللقاء، على استمرار التواصل بين الجانبين اللبناني والروسي، لاستكمال البحث في النقاط، التي تم التطرق إليها في مجال التعاون بين البلدين.

 

وفد بطريركية روسيا

 

ثم استقبل عون، رئيس قسم العلاقات الخارجية، في بطريركية موسكو وكل الروسيا، المتروبوليت هيلاريون، الذي قال: “تربطنا بالكنائس الشرقية، علاقات نعتز بها، ونواصل العمل على تطويرها. وهذا اللقاء نريده مناسبة لتأكيد ما يجمعنا وتعزيز عرى الصداقة والتعاون في ما بيننا”، مشددا على “العلاقة التي تجمع البطريرك كيريل مع رؤساء الطوائف المسيحية في لبنان، وأن هذه العلاقات مستمرة”.

 

ورد عون مركزا على “أهمية ما يجمع الكنائس بين بعضها بعضا، بصرف النظر عن الفوارق المذهبية”. وقال: “إن منطقة الشرق الأوسط واجهت، ولا تزال، تواجه ظروفا دقيقة زادت المسيحيين وحدة بالفكر والسلوك، وأنا من خلال تعاطي مع مختلف الطوائف، وهم يعيشون ظلما ويحتاجون إلى من يساعدهم، وهذا الأمر لا يحل إلا بمرجعية مسيحية في الشرق الأوسط، يكونون هم أساسها، وليس عدة أشخاص أو جهات، وذلك حتى يتعزز الوجود المسيحي في الشرق، لا سيما بعدما أعلنت إسرائيل يهودية القدس، وتعمل على تهويدها، حيث معالم المسيحية والأرض المقدسة”.

 

أضاف: “لا يمكن تخيل المسيحية، من دون كنيسة المهد والقبر المقدس وكنيسة القيامة، والجلجلة والرسل. إذا تركنا هذه المعالم المقدسة، فإن المسيحية تخسر النبع، وهذه مشكلة لكل المسيحيين خارج الأراضي المقدسة، ونحن خصوصا، لأننا بقينا على صلة مادية مع الأراضي المقدسة وليس فقط على صلة روحية”، مستطردا: “أشعر أن الكنيسة الروسية، يمكن أن تلعب دورا مهما، بالنسبة إلى مسيحيي الشرق، وهي متعلقة بهم”.

 

بدوره، تحدث هيلاريون عن “قلق الكنيسة الروسية من الأوضاع، التي يعيش فيها المسيحيون في الشرق الأوسط راهنا، لا سيما بعد ما سمي بالربيع العربي”، لافتا إلى أن “الكنيسة الروسية، رفعت صوتها في وجه ما حصل للمسيحيين، وأبرزت خطورة إخراج المسيحيين من الشرق الأوسط”.

 

وقال: “كنا ولا نزال نتحدث عن هذه المخاطر، في كل المحافل الإقليمية والدولية، والبطريرك كيريل، يصر على الإضاءة على هذا الموضوع، وهو ما أثاره أيضا مع البابا فرنسيس والرئيس فلاديمير بوتين، حيث كان يركز على أهمية حماية المسيحيين في الشرق الأوسط، ويستمر بالمطالبة بدعم المسيحيين”.

 

وخلال اللقاء، عرض عون التحرك، الذي يقوم به من أجل إنشاء “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار”، وردود الفعل الدولية الإيجابية عليها، مؤكدا “أهمية حصول تقارب ثقافي بين مسيحيي روسيا ومسيحيي الشرق الأوسط، من خلال عودة نشاطات مثل السياحة الدينية والمدارس والمؤسسات الاجتماعية”.

 

“لبنان قلب لغرب جاف وعقل لشرق عاطفي”

 

وفي مقر اقامته في فندق فور سيزنز التقى رئيس الجمهورية أبناء الجالية اللبنانية في روسيا، الثامنة مساء، وأكد أمامهم السعي “لتعزيز روابط اللبنانيين المنتشرين في العالم، بوطنهم الأم”، متمنيا على أفراد الجالية أن “يزوروا لبنان دائما”. وقال: “يمر لبنان اقتصاديا، بحالة صعبة، ولكننا نعمل للخروج منها، لأنني اعتقد ان الشعب اللبناني جاهز لخوض حرب المقاومة لقيامة الاقتصاد والمؤسسات”. وأكد أن “لبنان هو قلب لغرب جاف، وعقل لشرق عاطفي”. وقال: “نحن اليوم في روسيا، ونسعى لعلاقات متطورة مع روسيا الاتحادية، اقتصادية وثقافية وحضارية، وستكونون اقرب بالعقل والعاطفة لوطنكم ولروسيا”.

 

باسيل: سنرفض ما لا يتوافق مع مصلحتنا

 

من جهته أعلن الوزير باسيل أن “لبنان اعتاد العيش تحت الضغط، وطبيعته تحتمل ذلك”، وقال في حديث لـ”روسيا اليوم”: “اننا قادرون على نسج علاقاتنا بالحفاظ على خصوصيتنا وتوازناتنا الداخلية والخارجية وانفتاحنا. وبالنسبة إلينا سنرفض كل ما لا يتوافق مع مصلحتنا حتى ولو طلبته أميركا، فلبنان يحترم القوانين الدولية فيما لا تحترمها إسرائيل المدعومة للأسف من اميركا”.

 

وأضاف: “نتحدث مع الاميركيين كأصدقاء ولا يمكن أن يتحدثوا معنا إلا بلغة الصداقة، ومن يعتقد بأن نتنياهو يستطيع أن يهزمنا بالاعتماد على أميركا، فهو مخطئ، لان نتانياهو عجز عن هزيمتنا بالمباشر”.

 

وتابع: “لا يمكن أن نقبل بأي صورة إلصاق تهمة الارهاب بحزب الله وقياداته ووزرائه ونوابه وجمهوره”. وقال: “نحن نختلف مع اميركا في موضوع المقاومة والإرهاب، لكننا نتفاهم على ملفات كثيرة، وهذا برهان على قدرتنا على نسج علاقتنا مع الدول بما يحترم خصوصيتنا. إن أميركا تستطيع أن تقوض إقتصادنا بقوة الدولار، ولكن هل من مصلحتها ذلك؟ إن لبنان يقوم بدور الواقي من الصدمات، فهو يمتصها ويمنع عبورها الى أوروبا ومنها إلى الأطلسي وما وراءه، فاي مصلحة لأميركا بضربه؟ نحن لسنا في مواجهة مع الولايات المتحدة بل نتعاطى معها كصديقة، فهي تسلح الجيش اللبناني بما يؤكد حرصها على استقرار لبنان الذي نريد أن يصبح جزءا من مسار حياتنا الوطنية”.

 

أضاف: “لن نسمح بضرب العلاقات بين اللبنانيين، واي محاولة لتوسيع الحصار الأميركي، فإن لبنان يصبح هو المستهدف”.

 

وتابع: “نحن لم نتواجه كلاميا مع (وزير الخارجية الاميركي مايك) بومبيو بل أبدعنا معادلة التوفيق بين خلافاتنا الكبيرة حول المقاومة وبين ما هو مشترك بيننا في مجالات أخرى”.

 

وأكد أن “لبنان بمفرده قادر على إسقاط مخطط التوطين، نحن لدينا من القوة ما يكفي لذلك. لسنا أرض لجوء، ولا مستقبل للتطرف والآحادية. المستقبل هو للانفتاح وقبول الآخر، وهذا يجسده الانموذج اللبناني. فلسطين هي أرض كنيسة المهد والمسجد الأقصى، للأسف لم أسمع أي ردة فعل لما قاله نتنياهو عن تصنيف سكان إسرائيل على درجات واعتبارها العرب مسلمين ومسيحيين من الدرجة الثانية. أين العرب وأين الغرب؟ أنا كمسيحي أدين هذا الصمت الغربي، من الواجب الأخلاقي رفض العنصرية والانغلاق”.

 

… ولا نقبل مساعدات مشروطة من أحد

 

وقال باسيل: “لا نقبل مساعدات مشروطة من أحد، لا من أميركا ولا من روسيا ولا من غيرهما، ولغاية الآن لم يحصل ذلك، وأي محاولة لربط التمويل بتوطين النازحين واللاجئين سنرفضها ولن تمر. لا أحد يستطيع أن ينهكنا وإذا خيرونا بين كرامتنا وحياتنا فإننا نختار كرامتنا وحريتنا قبل حياتنا”.

 

وفي موضوع النازحين، أوضح باسيل: “لم ترد إلينا أي معلومة عن اضطهاد سوريين نازحين عادوا إلى بلادهم. لقد تبلغنا من النظام أنه يريد إعادة شعبه ونحن نصدق ذلك إلى أن يثبت العكس. وهناك تضخيم لبعض الحوادث وأنا تبلغت من المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أنه زار سورية ووجدها آمنة وأن لا معلومات لديه بأن النازحين العائدين تعرضوا لأي إضطهاد”.

 

وأكد أن “لبنان يريد علاقات استراتجية مع روسيا، لان وجودها في شرق المتوسط هو مصدر اطمئنان لا قلق، وهي بذلك تبعد الارهاب وتخفف من غطرسة إسرائيل بفعل العلاقات الجيدة التي تقيمها معها. ان ما نطمح اليه من علاقات يشمل السياسة والاقتصاد وليس فقط التعاون في اعادة إعمار سورية، بل دعوة روسيا للاتفاق مع أميركا والتحالف معها في استخراج النفط والغاز من لبنان بحرا وبرا. كما أن لروسيا دورا في حماية الأقليات وضمانة التنوع، ونحن مستعدون لقبول مساعدات وهبات من روسيا اذا كانت تصب في مصلحتنا، وانا متأكد من أن روسيا لا يمكن أن تطلب من لبنان او تعرض عليه ما يضر به”.