الموازنة الى الثلثاء وجلسات متتالية بدءا من الخميس حتى إقرارها
قرر مجلس الوزراء اللبناني أمس (الخميس) دراسة الموازنة التقشفية التي أعدها وزير المال علي حسن خليل الثلثاء المقبل، تليها جلسات متواصلة بدءا من الخميس المقبل، حتى اقرارها. بناء لطلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسريع البت بها مع تبيان جداول الواردات والنفقات ومصادرها، داعيا الوزراء إلى التزام السرية في ما تتضمنه من بنود وعدم تسريبها إلى الإعلام حتى الانتهاء من إقرارها.
وفيما جرى توزيع مشروع الموازنة على الوزراء أمس ليتسنى لهم وضع ملاحظاتهم عليه، بحثت جلسة الأمس جدول أعمال عادي، لكنها لم تخلُ من السجال حول التقشف في الإنفاق وضرورته، أثناء البحث في بعض بنود السفر إلى الخارج والبحث في طلب ضم متعاقدين وأجراء في مصالح مستقلة منها مرفأ طرابلس، ومصلحة السكك الحديد والنقل المشترك إلى سلسلة الرتب والرواتب، ما يعني زيادة رواتب و تعويضات نهاية الخدمة لهم.
إلا أن الحاجة إلى التقشف أطلقت سجالا حول سفر الوفود إلى الخارج، حسب قول مصادر وزارية لـ”الحياة”، ما تسبب بمشاحنة بين وزير الصناعة وائل أبو فاعور وبين وزيري الخارجية جبران باسيل والدفاع الياس بو صعب، حين اعترض أبو فاعور على تخصيص مبلغ لسفر وزير الزراعة حسين اللقيس ووزير الدولة للتجارة الخارجية حسن مراد ومعهما مديرين عامين وموظفين إلى البرازيل للمشاركة في معرض يشمل فن الطبخ، داعيا إلى تقليص الوفد، وسائلا عن جدوى الإنفاق على سفر من هذا النوع في وقت يحتاج الأمر إلى عصر الإنفاق. إلا أن باسيل قال له: “لا تفتعل مشكلة من هذا الموضوع والمبلغ لا يتجاوز الـ30 مليون ليرة وهذا خط أحمر ومشاركة لبنان مفيدة في العلاقات التجارية…”، إلا أن أبو فاعور اعتبر أن المسألة تتعلق بالمبدأ، لكن بوصعب رد عليه مدافعا عن سفر الوفد قائلا: “قبل أن تعترضوا على أمر اقرأوا جدول الأعمال جيدا”. لكن السجال حول الموضوع انتهى إلى تقليص عدد الوفد والاكتفاء بمشاركة وزير واحد فيه. واعترض وزير التربية أكرم شهيب وأبو فاعور على هذا البند.
وفي مجال مناقشة البنود المتعلقة برفع رواتب المتعاقدين والأجراء في بعض المصالح، لفتت مصادر وزارية “الحياة” إلى أنه على رغم اقتراح وزير المال علي حسن خليل تأجيل البت بها إلى حين الانتهاء من دراسة الموازنة، وأيده في ذلك الوزراء محمد فنيش وشهيب وصالح الغريب، فإن الشرح الذي قدمه وزير الأشغال يوسف فنيانوس للأسباب الموجبة لطلبه إنصاف هؤلاء، وعاد فوافق عليها مجلس الوزراء، دفعت بباسيل إلى انتقاد غياب خطة للنقل من قبل الوزارة، فأكد فنيانوس وجود الخطة منذ سنوات لكن الأموال لتنفيذها غير مؤمنة وهناك قرارات على الحكومة أن تأخذها في شأنها، جرى بحث الأمر مع رئيس الحكومة، لكن باسيل أجاب: هذه ليست خطة. وتشعب النقاش ي هذا الشأن حول دور القطاع الخاص ودور مصلحة النقل المشترك.
وفي السياق، أفيد ان الرئيس عون قال بعد انتهاء النقاش بجدول الاعمال: “إن موضوع الموازنة هو الموضوع الذي يجب ان نباشر به وكل موازنة تتضمن جدول الواردات والنفقات وعند وضع الموازنة يجب معادلة هذا التوازن”.
وأضاف: “علينا ان نحدد مصادر الواردات سواء كانت من خلال الضرائب والرسوم الموجودة او من خلال موارد اخرى”، مطالبا ان “ترفع الى مجلس الوزراء جداول لمشروع الموازنة الجديدة تبين بوضوح ما هو متوقع من واردات وما هو محدد من نفقات ليصار على ضوء هذه الجداول مقاربة ما ستتضمنه الموازنة الجديدة من ارقام”. وقال: “إن ما سمعتموه من كلام حول الموازنة في الاعلام لا ينطبق مع الواقع ولا يمكن الحديث عن الموازنة الا بعد عرضها على مجلس الوزراء واقرارها وكل ما عدا ذلك كلام لا يمكن الركون اليه”.
وأفيد أيضا ان وزير المال اعتبر ان ما طلبه الرئيس عون في موضوع الموازنة هو “امر طبيعي ويجب ان يتوافر وهو اعد التفاصيل لكل بند من بنود الموازنة”. واكد انه “جاهز لعرض مشروع الموازنة وان الارقام ستكون قابلة للنقاش، وان هناك اجوبة على كل الأسئلة التي ستطرح”.
وأكد خليل ان “كل ما اشيع حول مضمون مشروع الموازنة غير صحيح، وبالاخص في ما يتعلق بمسألتي الرواتب والتقاعد”.
مقررات الجلسة
وقبل البدء بمناقشة جدول اعمال الجلسة التي التأمت في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، هنأ عون اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا بعيد الفصح، داعيا الوزراء الى “مضاعفة الجهد لإنجاز ما هو مطلوب في هذه المرحلة من مشاريع، بعد التأخير الذي حصل”. كذلك هنأ الحريري بالاعياد.
وبعد انتهاء الجلسة، تحدث وزير المال فقال: “ناقش مجلس الوزراء جدول الاعمال الوارد اليه، والمتضمن 37 بندا مع بعض التفاصيل الاخرى المتعلقة بالهبات والسفر، وأقر معظم البنود بعد نقاش حصل حول بعضها. والاهم أن بعد الانتهاء من دراسة الجدول، تم الاتفاق على عقد جلسة مخصصة لمناقشة الموازنة العامة صباح الثلثاء، بعد الانتهاء من عطلة الاعياد المباركة، على ان تستكمل بجلسات متتالية بدءا منالخميس، باعتبار ان يوم الاربعاء هو يوم عطلة لمناسبة عيد العمال، وذلك حتى الانتهاء من إقرار مشروع الموازنة”.
سئل: لماذا لم يتم البدء بنقاش الموازنة ما دام المشروع جاهزا؟ اجاب: “المشروع الذي تقدمنا به لم يتم وضعه على جدول الاعمال الذي يحدد مضمونه كل من فخامة الرئيس ودولة الرئيس، وقد اتفقا معا على ان تكون الجلسة يوم الثلثاء المقبل”.
قيل له هل الامر مرتبط بما يتم تناقله عن انتظار رئيس الحكومة اجوبة معينة وتحديدا من “حزب الله”؟ اجاب: “إن رئيس الحكومة كان يبذل جهدا بلقاءات ثنائية مع الاطراف والوزراء المعنيين ومع جهات سياسية. والموضوع ليس مرتبطا بحزب الله بمعنى انه تأخر في اعطاء الاجوبة، فقد تم التشاور معه كأي طرف آخر. اما سبب التريث فهو لافساح المجال امام تسهيل النقاش داخل مجلس الوزراء. واليوم، فإن كافة القوى اصبحت على معرفة بكل القضايا المطروحة. واغتنم المناسبة لأقول ان هناك عشرات من الاشاعات والاقاويل حول ما تتضمنه هذه الموازنة غير دقيقة وغير صحيحة، لا سيما ما يتعلق منها بمسائل الرواتب والاجور ومعاشات التقاعد. هناك الكثير من الكلام في البلد لا اساس له. وإذا كانت هناك بعض الامور التي لها اساس، فما يتم عرضه مغاير تماما للوقائع الحقيقية التي ستكون موضع نقاش الثلثاء. وقد تفاهمنا مع بعض ان “نعيد” عن الكلام خلال هذه الفترة الفاصلة حتى يوم الثلثاء في موضوع الارقام”.
وقال ردا على سؤال: “هناك قانون يسمح لنا بالصرف على اساس القاعدة الاثني عشرية، وكل ما تم الاتفاق عليه هو نقل اعتماداته للانفاق المرتبط بالتزامات على الدولة لا يمكن تأخيرها، إما احكام قضائية وإما ما يتعلق منها برواتب واجور لادارات او قطاعات مختلفة. ولم يتم في الجلسة اقرار اي انفاق يمكن تأجيله”.
سكك الحديد
واضاف: “في ما يتعلق بموضوع سكك الحديد. هناك 93 مؤسسة عامة، وقد حرصنا على تضمين قانون موازنة العام 2018 نصا يؤكد ضرورة اعادة النظر في أوضاعها تمهيدا لدمجها مع بعض او الغاء تلك التي لا حاجة لها بالعمل. وانا شخصيا تقدمت باقتراح الغاء ثلاث او اربع مؤسسات وبدأنا باتخاذ الاجراءات التنفيذية لتطبيق هذه القوانين، هذا ما ستتم مناقشته عند عرض الموازنة. لكن وزير الاشغال اوضح ان كل النقاش حول سكة الحديد يتعلق بتسعة موظفين يقومون بأعمال اعداد الملفات حول المخالفات التي تقع على السكة. وهو تقدم بتقرير ذكر فيه انه بخصوص معاشات هؤلاء الموظفين التسعة، فما تم توفيره بفضلهم على الدولة من دعاوى ومنع الاعتداءات ببعض الاماكن يعادل اكثر مما سيتم قبضه من قبلهم. وبغض النظر عن هذا الامر، فإن رأيي المبدئي يقوم على اعتبار ان اي ادارة او مؤسسة لا يعمل موظفوها، يمكن للدولة ومن دون ترتيب اعباء توظيف جديدة عليها، نقلهم الى مؤسسات اخرى وهو ما يجب فعله. وهناك مادة واضحة بهذا الخصوص بالموازنة يتعلق بالزامية تطبيقه من قبل الوزراء”.
وتابع : “أما موضوع بدل السفر فاخذ مساحة كبرى من النقاش. وكان مجلس الوزراء كلف الامين العام لمجلس الوزراء والمدير العام لرئاسة الجمهورية إعداد تقرير عن كل الآلية المرتبطة بالسفر، وارسلاها الى الوزراء لابداء الملاحظات التي بدأت ترد اليهما. وسيكون هذا الامر على جدول اعمال مجلس الوزراء مباشرة بعد الانتهاء من الجلسات المخصصة للموازنة، وذلك في سبيل الاتفاق على ترشيد حقيقي لموضوع بدل السفر. وللأسف، فإن ما تم اقراره اليوم، وكان موضع تحفظ، كان كله على سبيل التسوية. والاهم انه صدر قرار اليوم عن مجلس الوزراء يمنع دفع او تغطية اي عملية سفر على سبيل التسوية، باستثناء ما يتعلق بالقضايا السياسية الطارئة المرتبطة بفخامة الرئيس ودولة الرئيس او حالة استثنائية يرتئي فخامة الرئيس ودولته انها قد تحتاج الى سفر سريع. اما ان تقوم وزارات او ادارات باجراءات سفر ومن ثم ترسل ملفات على سبيل التسوية، فالمجلس كان واضحا أنه لن يقبل بها”.
وكان سبق الجلسة خلوة بين الرئيسين عون والحريري تم خلالها عرض الاتصالات واللقاءات التي تجرى من اجل الاسراع في إقرار مشروع الموازنة.