لم تنته فصول التحقيقات في وزارة الخارجية اللبنانية في تسريب محاضر إلى وسائل إعلامية بعد الضجة التي أثارها دخول عناصر من جهاز أمن الدولة إلى مبنى الوزارة ملثمين للتحقيق مع سفراء ومدراء الإثنين الماضي.
وتسبب توجه عناصر من جهاز أمن الدولة إلى مكاتب جريدة “الأخبار” ليل أول من أمس للاستفسار عن مكان سكن رئيس تحريرها ابراهيم الأمين في إطار التحقيقات التي يجريها الجهاز بناء لطلب لادعاء وزير الخارجية جبران باسيل ضد من سرب محاضر سفارة لبنان في واشنطن حول اجتماعات عقدها وزراء ونواب لبنانيون مع مسؤولين أميركيين، بردود فعل شاجبة أمس.
وأصدر نقيب الصحافة عوني الكعكي بيانا جاء فيه: “فوجئنا بأنّ دورية من المديرية العامة لامن الدولة ذهبت الى مكاتب الزميلة جريدة “الاخبار” بحجة انها تريد الاستفسار عن هوية رئيس تحريرها الزميل ابراهيم الامين، والاستعلام عن مكان سكنه. أمام هذا التصرف المرفوض بقوة نود ان نذكّر الدولة ، التي تحاول بطريقة ملتوية التعامل مع الاعلام، بأن هناك طرقاً قانونية للتعامل مع الصحافة والإعلام عموماً، وبأنّ محكمة المطبوعات هي المرجعية القانونية الوحيدة التي تنظر في أي موضوع ذي صلة بالصحافة”.
وأكد الكعكي أن “ما حدث مع الزميلة “الاخبار” مرفوض جملة وتفصيلاً .
وطلب من وزير الاعلام جمال جراح “ألا يترك هذا الموضوع بل عليه ان يعالجه في مجلس الوزراء ، خاصة ان موضوع الحريات هو ما يميز لبنان عن بقية الدول والصحافة اللبنانية هي رمز هذه الحريات”.
وسأل رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر”: “هل صحيح ان دورية من أمن الدولة أتت لمداهمة مكاتب “الاخبار”؟ هل عدنا الى أيام المكتب الثاني (المخابرات كما كانت تسمى قبل عقود)، واليوم أصبح في لبنان ثاني وثالث ورابع؟ هل عدنا الى عهد الوصاية؟” وتابع: “كيف يمكن القبول باستباحة الصحافة، وغدا كل الحريات الفردية والشخصية. وأين موقف الأحزاب وكبار الساسة والمدافعين عن الحريات”؟
وأعلن الوزير السابق اللواء أشرف ريفي في بيان اليوم، انه “بعد مداهمة النافعة ووزارة الخارجية وتوقيف المواطن داوود مخيبر(هاجم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل بسبب اعتراض قوى الأمن المحتجين على مد خطوط التوتر العالي في بلدة المنصورية) ومداهمة مبنى جريدة “الأخبار”، ندعو كل متمسك بما تبقى من فكرة الدولة الى قول “لا” بصوت عال لهذه الممارسة الشاذة التي تعبر عن الإستقواء بأجهزة الدولة القضائية والأمنية على القانون والمواطن والحريات العامة”.
وقال: “قديما عانى البلد من سلوك السلطان في عهد الإستقلال، واليوم سلطان يستظل بوصاية السلاح ويتوهم القدرة على لعب هذا الدور مقتطعا لنفسه إمارة في القضاء والأمن، يستغلها لإذلال الناس. لقد تم تجاوز القانون في هذا الإستعراض المسرحي عند مداهمة وزارة الخارجية، ومورس الإستقواء على المطالب المحقة لأهالي المنصورية، واستعمل الأسلوب البوليسي المرفوض بحق جريدة “الأخبار” التي وعلى رغم تعرضها الدائم وغير المنصف لنا، نرفض إنطلاقا من مبدأ ثابت، أن تتعرض لهذه الحملة البوليسية. نرفض بعض العبارات التي وردت على لسان المواطن مخيبر، والمقاضاة بحقه معروفة آليتها، لكن اقتياده في الشارع من قبل عناصر أمنية هو بمثابة خطف واعتداء على الكرامة والحقوق، ونؤكد على رفض التعرض لكرامات الناس”.
واضاف: “في هذا الإطار وفي سياق ما يحدث في المنصورية، نأسف لزج قوى الأمن في مهمة تمرير مشروع مؤذ للمواطنين، فأبناؤنا في قوى الأمن هم من الناس ولهم، وليسوا دروعا لأجندة السلطان، ولنا كل الثقة بوزيرة الداخلية ريا الحسن وقيادة قوى الأمن الداخلي، لوقف هذا المسار، فقوى الأمن هي مؤسسة لكل الوطن ومهماتها لا يمكن الا ان تراعي مصالح المواطنين المشروعة. إن هذه المؤسسة التي بناها ضباط ورتباء وعناصر بصبر وإيمان والتي خرجت شهداء كبار على طريق العدالة، تتعرض اليوم بقيادتها وضباطها وأفرادها لحملة تهدف الى اقصائها عن لعب دورها في حماية الأمن الوطني”.