Site icon IMLebanon

الحياة: ساترفيلد ينتقل إلى تحديد صيغة التفاوض الحدودي بين لبنان وإسرائيل والتحدي في ربط الخطين البري والبحري

  وليد شقير   

حمل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى السفير ديفيد ساترفيلد أجوبة جديدة من الجانب الإسرائيلي حول اقتراح لبنان التفاوض معه على ترسيم الحدود البرية والبحرية وفق آلية كان اقترحها لبنان رسميا على واشنطن، المهتمة بمعالجة الخلاف لأنه يخفض احتمالات التوتر على جانبي الحدود، وهو الأمر الذي طرحه الوزير مايك بومبيو إلى بيروت في 22 آذار (مارس) الماضي.

والتقى ساترفيلد أمس كلاً من رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون، البرلمان نبيه بري، والحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل ثم قائد الجيش العماد جوزيف عون.

وكانت الآلية التي طرحها لبنان باتفاق بين الرؤساء الثلاثة قضت بأن تعقد اجتماعات برعاية الأمم المتحدة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي للتفاوض على النقاط الحدودية المختلف عليها، على غرار اللجنة الثلاثية العسكرية التي تنعقد في شكل دوري في مركز قيادة “يونيفيل” في بلدة الناقورة الحدودية ويرأسها قائد القوات الدولية من أجل معالجة الإشكالات التي تنشأ على الحدود. وقالت مصادر متعددة ل”الحياة” أن الاقتراح اللبناني قضى بأن يكون الوسيط الفعلي في هذه المفاوضات حول ترسيم الحدود الولايات المتحدة، وأن يقتصر دور الأمم المتحدة على رعايتها.

 

كما أن المبدأ الثاني الذي أصر عليه الجانب اللبناني هو عدم الفصل بين التفاوض على الخط البري والخط البحري لاعتقاد الرئيس بري أن رسم الحدود البرية يؤثر في تحديد الحدود البحرية وفق للزاوية التي ينطلق منها خط الترسيم من اليابسة نحو البحر.

 

وأوضحت مصادر واسعة الاطلاع ل”الحياة” أن الجانب الإسرائيلي كان يرفض في السابق أي دور للأمم المتحدة في ترسيم الحدود مع لبنان، وكانت واشنطن تسانده في هذا الموقف. إلا أن قبول الخارجية الأميركية بعد زيارة بومبيو إلى بيروت بدور الوسيط بعدما شرح بري له اقتراحه في هذا الصدد، وتكليفه ساترفيلد متابعة المهمة التي كان أوقفها في شباط (فبراير) الماضي، دفع الجانب الأميركي إلى اعتماد بعض الليونة في دور المنظمة الدولية الرعائي، وإلى محاولة إقناع الجانب الإسرائيلي بهذا الدور الدولي، وهذا كان هدف زيارة ساترفيلد إلى إسرائيل ثم إلى بيروت في 20 الجاري، ثم عودته إلى إسرائيل ثانية ثم إلى بيروت أمس.

 

وذكرت المصادر المطلعة ل”الحياة” أن ساترفيلد استطاع تليين الموقف الإسرائيلي من رعاية الأمم المتحدة للمفاوضات، وهذه لم تكن مهمة سهلة، لكن التوجه هو أن يتولى المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش وفريقه، الدور الأممي بدلا من قيادة “يونيفيل”، على أن يقوم ساترفيلد بنقل الأفكار الجدية. وجحت مصادر معنية بتجديد المفاوضات ل”الحياة”، أن يكون الجانب الأميركي اقتنع بوجهة النظر اللبنانية حول الرعاية الأممية لها، وعمل على إقناع إسرائيل بها على رغم انحياوه السابق لرفضها لهذا الدور، لأن نجاح هذه المفاوضات سيقود حكما إلى تسجيل أي اتفاق على الحدود البرية والبحرية إلى تسجيل الخرائط في دوائر الأمم المتحدة في نيويورك موقعة من ممثلين للدولتين المعنيتين، وفقا للقانون الدولي، كي تصبح نافذة ومعترف بها دوليا.

 

ويتركز الخلاف بين لبنان وإسرائيل، حسب تأكيد مصادر لبنانية رسمية ل”الحياة” سابقا، على نقطتي الحدود ب1 وب2 البريتين، القريبتين من الشاطئ اللبناني، واللتين اقتطعت فيهما إسرائيل مساحة من الأراضي أثبت لبنان وفق الخرائط الدولية أنها تعود إليه، فيما ادعت إسرائيل أن بضعة االأمتار التي ضمتها إلى سيطرتها ضرورية لها لأسباب أمنية، لأنها تقع على تلة مشرفة على مشروع سياحي كبير في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكدت مصادر مطلعة أن تسيم الحدود البرية لا يتناول منطقة مزارع سبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر التي ما زالت واشنطن والأمم المتحدة تتعاطى معها على أنها تابعة للقرارين الدوليين 242 و338 ، وليس القرار 425 المتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1998.

 

وتشير مصادر لبنانية منخرطة في المفاوضات ل”الحياة” إلى أن تصحيح النقطتين ب1 وب2 ، يسمح برسم الخط الذي يحدد الحدود البحرية انطلاقا من اليابسة، في اتجاه البحر، يحسم ملكية لبنان للبلوك الرقم 9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة، والذي تدعي إسرائيل ملكية 864 كلم مربع منه (في شكل رئيسي) وفي جزء من البلوك الرقم 8 اللذين يشكلان قسما من الثروة النفطية والغازية الدفينة في البحر. ويبرر الجانب اللبناني بهذه المعطيات رفضه القبول بما سمي “خط هوف” لتقاسم المنطقة المتنازع عليها مؤكدا ملكيته لها بالكامل. لكن الجانب الإسرائيلي ظل على استبعاده ارتباط رسم الخط البحري بالخط البري.

 

وكان ساترفيلد عاد في زيارته الأسبوع الماضي بموافقة إسرائيلية على تجديد التفاوض، وعلى دور ما للأمم المتحدة، بينما ساد التكتم حول نتائج زيارته نهاية الأسبوع إلى تل أبيب، وعودته الإثنين إلى بيروت.

 

وذكرت مصادر قريبة من وزارة الخارجية أن ساترفيلد أبلغ موافقة إسرائيل على المفاوضات وفقا للطرح اللبناني والامور بحاجة إلى جولات ذهاب وإياب، وأنه عاد بحصيلة إيجابية وأنه يضع الصيغة النهائية للتفاوض.

 

وغلب التريّث في مقر الرئيس بري الذي لعب الدور الرئيس في توحيد وجهة النظر اللبنانية التي كان المسؤولون الأميركيون والدوليون يتحجّجون بغيابه حيال الأقكار المطروحة لمعالجة المشكلة. وأوضحت مصادر متصلة ببري أن هناك إيجابية وأن لبنان يتطلع إلى أن تكون نهاية المسار التفاوضي مع إسرائيل واضحة كما البداية وألا يتم المزج بين مسألة الحدود وبين مطالب إسرائيلية حيال “حزب الله” وسلاحه