IMLebanon

الحياة: لبنان: نقض الحكم المخفف على المقدم الحاج يعيد المحاكمة والمضاعفات السياسية والقضائية تتوالى

تتوالى تداعيات حكم المحكمة العسكرية الأسبوع الماضي بوقف التعقبات في حق المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج التي كانت اتهمت بتدبير وتلفيق تهم التعاون مع إسرائيل ضد الممثل والفنان زياد عيتاني، بالاشتراك مع المقرصن إيلي غبش الذي يتعاون مع الأجهزة الأمنية في مجال التعقب الإلكتروني.

وكان هذا الحكم تسبب بهزة سياسية أطلقت اشتباكا إعلاميا بين فريق رئيس الحكومة سعد الحريري و”تيار المستقبل” من جهة وبين “التيار الوطني الحر” ورئيسه الوزير جبران باسيل من جهة ثانية، وبهزة أخرى قضائية تسببت بحملة على تغيير مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس تغيير قراره الاتهامي الذي حول المقدم الحاج إلى المحاكمة، ما جدد فتح ملف القضاء اللبناني والتدخلات السياسية فيه.

ومن هذه التداعيات أمس أن مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري تقدم بطعن امام محكمة التمييز العسكرية بالحكم الصادر بحق المقدم الحاج وغبش على ان تتم اعادة المحاكمة واعتبار الحكم الصادر كأنه لم يكن.
وطلب القاضي الخوري ادانة المقدم الحاج وبطلان الاسباب التخفيفية للمتهم غبش وبالتالي وضعت محكمة التمييز يدها على الدعوى. وتم ذلك بالتنسيق مع النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي عماد قبلان.

وأحال جرمانوس ملف الحاج إلى مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية بناء لطلب القاضي الخوري، الذي سينكب على دراسة الملف تمهيدا لطلب النقض وفقا للصلاحية الممنوحة له في القانون، وذلك بالتنسيق مع النيابة العامة التمييزية.

وكان وزير الدفاع الياس بو صعب أقر، بعد أن ترافقت الضجة حيال حكم المحكمة الأولي بوقف التعقبات في حق المقدم الحاج، مع تأكيد قياديين في “المستقبل” ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق أن وزيرا زار المحكمة العسكرية للتأثير على حكم قضاة المحكمة، بأنه تدخل كوزير للدفاع للحؤول دون “ضغوط” شعبة المعلومات في قوى الأمن على القضاة. وأشارت المصادر إلى أن شعبة المعلومات هي التي كشفت تلفيق التهمة للممثل عيتاني الذي سجن بسببها لأشهر، فرد على بوصعب الأمين العام ل”المستقبل” أحمد الحريري بالقول “إنك وضعت نفسك في قفص الاتهام” معتبرا إنه اعتراف من وزير الدفاع بالتدخل لدى قضاة المحكمة لوقف التعقبات في حق المقدم الحاج. وأدى الأمر إلى سجال وتبادل الاتهامات بين وزير الدفاع وأحمد الحريري على مدى يومين. وعزز السجال الاعتقاد السائد بأن “التيار الحر” يستهدف شعبة المعلومات، وأن وزراء “التيار” يستخدمون نفوذهم ضد ما تقوم به شعبة المعلومات التي كشف عناصرها ملفات تردد أنها خطيرة في حق قضاة يدينون بالولاء “ل”التيار الحر”. وبالموازاة أسفرت الهزة القضائية عن طلب معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار نقله من هذه المحكمة نظرا إلى التجاوزات التي تحصل فيها، ما أعاد فتح ملفات المحكمة في الجسم القضائي أيضا وليس على الصعيد السياسي فقط.

وما عزز الحملة ضد الحكم المخفف لمصلحة المقدم الحاج، إذاعة تسجيلات صوتية بثتها محطة “إل. بي. سي.” التلفزيونية للمقدم الحاج والمقرصن حبش تثبت تورطها في تدبير ملف بهدف إدخال عيتاني السجن… على يد جهاز أمن الدولة.

ولم تستبعد مصادر واسعة الاطلاع ل”الحياة” أن يكون لهذه الهزة القضائية مضاعفات في المرحلة المقبلة، نظرا إلى خطورة ما كشفته التدخلات في قضية الممثل عيتاني والمقدم الحاج، رافضة الإفصاح عن طبيعتها.

كما أكدت المصادر إياها أن عوامل عدة تداخلت وأدت إلى تأجيج الخلافات بين “المستقبل” و”التيار الحر”، منها حملة الأخير على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وعلى شعبة المعلومات لأسباب تتعلق بكشف الأخيرة لمفات الفساد، فضلا عن الخلافات بين الجانبين حول التعيينات في قوى الأمن…

كما أن النقمة على حكم المحكمة العسكرية بتخفيف التهمة على المقدم الحاج انتقلت إلى الشارع عصر أمس، حيث نفذ ناشطون من المجتمع المدني وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية في بيروت، بمبادرة من جمعيات: “لحقي”، “شبكة مدى”، “بيروت مدينتي”، “تحالف وطني”، “المفكرة القانونية”، منظمة تبادل الاعلام الاجتماعي SMEX، SEEDS for legal initiatives و”المرصد الشعبي لمحاربة الفساد”، اعتراضا على “المسار القضائي الذي سلكته قضية زياد عيتاني ودفاعا عن مبادئ الحكم بالعدل والحق والقانون ورفضا للاستبداد الأمني الذي يضع الحريات في مهب الريح، ورفضا للمحاكمات العسكرية للمدنيين وللمطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية وبإعادة المحاكمة وتسهيل حضورها من قبل من شاء من الشعب اللبناني الذي تصدر الأحكام بإسمه”.

عيتاني

وألقى عيتاني كلمة قال فيها: “مهما تحدثت عن تجربتي، ليس كحال الواقع بتاريخ 27 تشرين الثاني 2017، وللاسف فإن الاعلام ظالم لدرجة انه لمدة 8 اشهر لم يحرك اي صحافي قضية دعوتي ضد من ظلمني، ولا احد افسح لي المجال بأن اقول انني تقدمت بدعوى ولا يوجد اي صحافي في البلد قام بموضوع استقصائي، وكل همهم كان متابعة قضية حبيش – غبش”.

أضاف: “انا لا اتضامن مع نفسي، بل انا قادم للتضامن مع المواطن اللبناني، مع الضحية التي ستظلم كما ظلمت، وسآخذ حقي وسأعمل لانشاء لجنة لمكافحة التعذيب”.

وختم: “علينا بناء دولة لاجل المواطنين وللاجيال المقبلة”.

من جهة ثانية عدد من أهالي الموقوفين الاسلاميين نفذوا اعتصاما أمام مبنى المحكمة العسكرية في منطقة المتحف، للمطالبة بإنصاف أبنائهم “بعد الحكم المخفف الذي أصدرته المحكمة العسكرية بحق المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج والمقرصن ايلي غبش في ملف فبركة تهمة العمالة لإسرائيل للممثل المسرحي زياد”.

ورفع المعتصمون لافتات تطالب بوقف ما أسموه “مهزلة اعتقال الموقوفين الاسلاميين”، ودعوا الى “ضرورة إصدار عفو عام وشامل الذي تعهدت به الحكومة في بيانها الوزاري”.