IMLebanon

الحياة: الحريري يؤجل اجتماع الحكومة بعد انعكاس الاحتقان عليها

أحبط “بروفة” ناقصة من “التيار الحر” لاستخدام الثلث المعطل والتقى جنبلاط ولقي تجاوب الفرقاء

انعكس التشنج السياسي الذي سبق وأعقب الاشتباك المسلح في منطقة الشحار الغربي في الجبل الأحد الماضي وأدى إلى مقتل إثنين من محازبي النائب طلال أرسلان، لمناسبة الاحتجاجات على زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل، على الاجتماع المقرر أمس لمجلس الوزراء فاعلن رئيسه سعد الحريري انه “بعد اكتمال النصاب قرر تأجيل الجلسة الى وقت يعلن لاحقا، ريثما يتم تنفيس الاحتقان السائد في الشارع ويأخذ القضاء مجراه”.

 

 

واختار “التيار الحر” الذي اجتمع وزراؤه في مكتب الوزير باسيل في التوقيت نفسه لموعد الاجتماع الحكومي برئاسة الحريري في السرايا الحكومية، التضامن مع حليفه أرسلان في المطالبة بإحالة قضية مقتل الشابين المنتميين إلى “الحزب الديموقراطي”، كشرط لانعقاد الجلسة. وتوزعت جهود الحريري لنزع فتيل الاحتقان، بين اتصالات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعقد خلوة مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ونجله تيمور في دار الطائفة الدرزية لمناسبة تقديمه التعازي بوفاة رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين، إضافة إلى لقائه في السرايا وزير شؤون النازحين صالح الغريب الذي قتل الشابان الأحد الماضي فيما كانا يرافقان موكبه في منطقة الشحار الغربي، فضلا عن مداولاته مع الوزراء الذين حضروا إلى السرايا الحكومية لحضور الجلسة، وبلغ عددهم 16 وزيرا بينهم وزراء “حزب الله” الثلاثة، فعقد اجتماعا مع وزير الشباب والرياضة محمد فنيش (حزب الله) بعد أن كان التقى مطولا وزير المال علي حسن خليل وانضم إليهما وزيرا “الاشتراكي” أكرم شهيب ووائل أبو فاعور.

 

وعكس الموقف من انعقاد مجلس الوزراء الفرز السياسي الذي رافق التشنج في البلاد، وقالت مصادر وزارية ل”الحياة” إن تمترس وزراء “التيار الحر” وحلفائه في مكتب وزير الخارجية أثناء موعد انعقاد الجلسة، أظهر نية باسيل استخدام الثلث المعطل في الحكومة (11 وزيرا) للحؤول دون التئامها، فيما رشح حسب مصادر وزارية أخرى أن الحريري وكتلته الوزارية ووزيري “الحزب الاشتراكي” ووزراء حركة “أمل” وحزب “القوات اللبنانية” لا يوافقون على إحالة أحداث الشحار الغربي على المجلس العدلي، بينما بقي موقف “حزب الله” متريثا في انتظار مساعي الحريري، مع اتجاهه للتضامن مع حليفه أرسلان.

 

وشملت لقاءات واتصالات الحريري مسألة تسليم المطلوبين من أنصار “الاشتراكي” للاشتباه باشتراكهم في إطلاق النار في منطقة البساتين – قبر شمون، حيث مقع الضحايا والجرحى، فالتقى لهذه الغاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

 

وفي الوقائع أن الوزراء الذين حضروا للمشاركة في اجتماع الحكومة انتظروا ساعة وثلاثة أرباع الساعة فيما كان الحريري يجري اتصالاته، إلى أن حضر 5 وزراء 4 منهم يمثلون رئيس الجمهورية في الحكومة من ضمن كتلة وزراء “التيار الحر” ، يتقدمهم وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، فتأمن نصاب الجلسة (ثلثي الأعضاء وفق الدستور، أي 20 وزيرا) فانعقدت بغياب الغريب، لثلاث دقائق، ثم قرر الحريري رفعها. وفيما قالت أوساط سياسية ل”الحياة” إن ماحصل شكل “بروفة غير مباشرة لاستخدام الثلث المعطل في الحكومة (11 وزيرا) من قبل باسيل الذي كان أصر أثناء أزمة تأليفها على الحصول على هذا العدد من الوزراء لتكتله النيابي ولحصة رئيس الجمهورية ميشال عون.

 

وذكرت مصادر وزارية وسياسية ل”الحياة” أن الاتصالات أنتجت تفاهما حول انعقاد الجلسة ثم تأجيلها، وأن تسليم المطلوبين يتيح دفن جثتي الضحيتين من “الحزب الديموقراطي” بعدما كان ذووهم وأرسلان اشترطوا تسليم المطلوبين، مقابل صرف النظر عن إحالة القضية إلى المجلس العدلي.

 

وأوضحت المصادر السياسية الواسعة الاطلاع ل”الحياة” أن لفاء الحريري مع جنبلاط كان إيجابيا، وأنهما سيعقدان اجتماعا آخر خلال اليومين المقبلين.

 

لكن الحريري نفى أن يكون هناك من سعى اتعطيل الجلسة، في المؤتمر الصحافي الذي عقده لشرح ما حصل، فأعلن “باسمي وباسم الحكومة عن اسفنا العميق للضحايا والجرحى الذين سقطوا خلال اليومين الماضيين، فدماء كل شاب لبناني غالية علينا جميعا لاي حزب انتمى”. ووجه تعازيه الحارة لأهل الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل والسلامة للجرحى وان يتجاوز الجبل وكل لبنان هذا القطوع”.

 

اضاف: “هناك اخبار حول تفجير جلسة مجلس الوزراء، الا ان النصاب كان مكتملا وأتى الوزراء، ولكن كما تعلمون هناك مشكلة في البلد وبسببها قررنا أن نعطي أنفسنا بعض الوقت، وانا وافقت ان أرأس حكومة وفاق وطني، لا حكومة خلاف وطني”.

 

وتابع: “نحن بحاجة الى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، لذا قررت تأجيل الجلسة، ولكي يأخذ القضاء مجراه. وتم تسليم بعض المطلوبين، كما القى الجيش اللبناني القبض على مطلوبين اخرين والقضاء سيأخذ كل الخطوات لمعاقبة من ارتكبوا الجريمة”.

 

وعن اقتراح إحالة الحادثة على المجلس العدلي، قال: “ما يهمنا النتيجة، وأن يحال من ارتكبها إلى القضاء الذي سيكون حاسما في هذا الشأن، ولا أحد سيمانع في ذلك، وهناك تعاون كبير من قبل كل الأفرقاء. للأسف هذا الأمر حصل ولكن هل نفجر الوضع أم نحاول ضبط الخلاف واعطاء القضاء الفرصة للعمل وأن تقوم الأجهزة الأمنية والعسكرية بواجبها؟ الخلاف ليس على المجلس العدلي أو غيره، ما يهمنا هو نتيجة ما سيحصل وتسليم من ارتكب هذه الجريمة. هناك تجاوب كبير جدا من قبل كل الأطراف، وهذا ما يهمني، ما هي القضايا التي حلت في المجلس العدلي وما هي نتائجها؟ وبعد ذلك نتحدث بالمجلس العدلي. هذا ليس انتقادا للمجلس ولا للقضاء، لكني أرى أن الطريقة التي تحصل اليوم هي أفضل وأسرع وفي النهاية القضاء سيقوم بعمله”.

 

سئل: ما هو موقفك من إغلاق للطرقات في وجه رئيس أكبر تكتل مسيحي؟ أجاب: “لكل شخص الحق بأن يتحدث بما يريد في هذا البلد. هذا ينص عليه الدستور. كل ما نقوم به هو معالجة ذيول الحادثة التي وقعت الاحد وسالت بنتيجتها الدماء. لكل تحليلاته السياسية. أما بالنسبة إلي، بإمكان اي شخص أن يتحدث في أي مكان يختاره، اما ردة فعل أهالي المنطقة حياله فهو مسؤول عنها. فإذا قررت يوما ما أن أذهب إلى مكان أعرف مسبقا أنه سيتسبب برد فعل سلبي لدى الاهالي، فعلي أن أتحمل نتيجته. لكن الأمن خط أحمر بالنسبة إلي”.

 

وعن تخفيف حدة الخطاب السياسي والاحتقان اعتبر أن الخطاب السياسي لا “يطعم خبزا”. ما “يطعم خبزا” هو أن ننفذ خطة الكهرباء وخطة “سيدر”، وأن نرفع إيرادات الدولة وأن يتخرج أولادنا من المدارس ويعود الأساتذة إلى الجامعة اللبنانية. العمل الحقيقي الذي يهم الناس هو انجاز الموازنة والاجتماعات التي نقوم بها مع مؤسسات كصندوق النقد الدولي وغيره، وأننا بصدد وضع ورقة النازحين على طاولة مجلس الوزراء”.

 

أضاف: “نحن في بلد من المؤكد أنه ستحصل فيه خلافات، ولكني أتمنى على الإعلام ألا يضخم الأمور التي يتم فعليا حلها، وهناك خيرون كثر. فالرئيس نبيه بري يعمل، رئيس الجمهورية العماد عون كذلك، ووليد بيك جنبلاط منفتح، وكذلك الامير طلال أرسلان و”حزب الله” وحركة “أمل” وتيار “المستقبل”، جميعنا منفتحون من أجل إيجاد الحلول، ولا أحد يريد أن يفتعل مشكلة. اليوم حصل ما حصل وأمامنا خياران، إما أن نضخم الأمور أو نعمل على سحب الفتيل”.

 

وعن تأخر وصول وزراء “تكتل لبنان القوي” الى السرايا وهل هو استهداف لمجلس الوزراء؟ أجاب: “كلا أبدا، انهم جميعا موجودون هنا، وأنا أؤكد لكم أن “تكتل لبنان القوي” لم يشأ تعطيل الجلسة، إنما أنا ارتأيت تأجيلها”.

 

وبرر تأخر انعقادها “لأننا كنا نتشاور وارتأيت تأجيلها. لكن إذا أراد أحدهم أن يلعب هذه اللعبة معي فإني أنا من سيتخذ موقفا”.

 

وعن وقوفه ضد إحالة الجريمة على المجلس العدلي، كرر القول إن المهم

 

الوصول الى نتائج، فاذا تم تسليم المرتكبين، لماذا الذهاب إلى المجلس العدلي؟ لنكن منطقيين وعمليين ونعمل على خفض حدة الخطاب السياسي. فما الذي قدمته هذه المواجهات في الخطابات السياسية سوى الاحتقان وغيره مما يحصل في البلد؟ صحيح أن هناك أخطاء حصلت، لكن اهتمامات المواطنين في مكان آخر”.

 

وقيل له إن “التيار الحر” لن يحضر الجلسة ما لم تحال الجريمة على المجلس العدلي؟ أجاب: “نحن والتيار الوطني الحر وكل الأفرقاء في الحكومة، نعرف أن هناك مشكلة يجب ايجاد حل لها، ولا يظنن أحد أنه في مكان ما، بإمكانه أن يضع فيتو علي. من يضع علي فيتو أضع عليه فيتويين. هذا الكلام أوجهه لكم في الإعلام، لكي لا تقرأوا في تأجيلي للجلسة أمرا سلبيا، بل على العكس هو أمر إيجابي، لكي نحل المشكلة. ونأمل انه خلال 48 أو 72 ساعة نكون قد تمكنا من ذلك مع سعاة الخير”.

 

سئل: نحن قرأنا في تأخر وصول وزراء “تكتل لبنان القوي” ساعة ونصف الساعة وكأنهم يقولون الأمر لي؟ أجاب: “هذا ما تودون أنتم تفسيره. في النهاية وزراء التكتل حضروا، وأنا اجتمعت مع كل الوزراء، وبعدما رأيت أن الجو محتقن، مارست دوري كرئيس حكومة في تنفيس الاحتقان ولا زلت اعمل على سحب هذا الفتيل بهدوء”.

 

وعن سبب قيام اللواء عباس إبراهيم دور الإطفائي وليس أنت؟

 

قال: “جميعنا نحاول إطفاء الحريق وليس فقط اللواء ابراهيم. حر كرئيس حكومة أن أستعين باللواء عباس إبراهيم أو بغيره. أطمئنكم أن الحكومة بألف خير والوفاق بألف خير وإن شاء الله اليوم مساء أو غدا تعرفون متى ستكون الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء”.