بيروت – وليد شقير
قال مصدر مقرب من رؤساء الحكومة السابقين الذي زاروا المملكة العربية السعودية واجتمعوا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الإثنين الماضي، إن القادة السعوديين أبدوا اهتماما شديدا بالاستماع إلى عرض المخاطر التي يتعرض لها لبنان، لكن لا أحد يمكن أن يكون مخولا بالحديث عن المساعدة التي يمكن للسعودية أن تقدمها للبنان ومتى يتم ذلك. لكن الميل هو إلى الظن بأنهم سيبادرون بالدعم.
وأوضح المصدر أن القيادة السعودية واعية جدا للمخاطر التي تتهدد لبنان والحديث جرى بمنتهى الصراحة مع كبار المسؤولين السعوديين عن مدى الحاجة إلى دعم المملكة، بتظهير الصورة التي تؤكد أن لبنان ليس متروكا.
إلا أن المصدر سارع إلى التأكيد بعد زيارة الرؤساء نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، أن “لا أحد يأتينا بالترياق، بل عليك أنت أن تسعى إليه، وحراجة المشكلة التي يقع فيها لبنان يجب أن تدفع اللبنانيين إلى إيجاد الحلول”. أضاف المصدر: “المملكة ومصر والدول العربية حاضرة لمساعدة لبنان لكن الله لا يساعدك إذا لم تساعد نفسك، والدول لن تتسابق من أجل مساعدتك”.
الخلل يزداد
وفضل المصدر المقرب من الرؤساء الثلاثة “عدم إلهاب التوقعات” وأشار إلى أن الزيارة تمت نتيجة شعور الرؤساء الثلاثة بالحاجة إلى التشاور والدعم، في رد على سؤال عما إذا كان يتوقع بعد هذه الزيارة دعما لقوى سياسية معينة في مواجهة محور آخر. لكنه أكد أنه ستتم متابعة التشاور.
ولخص المصدر الوضع اللبناني بالقول إن الخلل يزداد في الداخل وفي السياسة الخارجية ويجب إعادة التوازن بلا غلبة من فريق على آخر.
وقال المصدر: “لا يمكننا أن نحكي شيئا ونمارس شيئا آخر، ويجب وضع مسافة بين لبنان وبين الممارسات التي تؤدي إلى توريطه، فكيف يمكن معالجة مشكلة العقوبات (ضد حزب الله) من دون أن تخفف تواجدك في أماكن لها تأثير سلبي على البلد”؟
وأوضح المصدر أن فكرة زيارة الرؤساء الثلاثة إلى المملكة طرحت قبل 4 أشهر، نظرا إلى دورها في التوصل إلى اتفاق الطائف الذي نشهد محاولات لتعدبله بطريقة أو بأخرى على رغم أنه دستور البلد، وكان لا بد من التشاور في هذا الشأن، والحديث في هذا الموضوع تم بصفة الرؤساء الثلاثة يتحدثون باسم لبنان وليس باسم مجموعة منتمية إلى طائفة، وتناولوا الشأن الوطني سياسيا واقتصاديا وبالنسبة إلى تطبيق مبدأ النأي بالنفس وعلاقات لبنان العربية، ودور المملكة في حماية لبنان، خصوصا أنها تاريخيا تلعب دورا هي ومصر في حفظ التوازنات والاستقرار فيه، من دون أن ننسى دور سورية في مرحلة معينة بحكم الجيرة. والسعودية كانت أول من دعم لبنان بعد حرب إسرائيل عليه عام 2006 .
وقال المصدر نفسه إن أول ما بحثه الرؤساء الثلاثة كان أهمية لبنان إلى قوة التوازن بدلا من مبدأ توازن القوى، الذي يدفع كل فريق عل تحسين أوضاعه لتحسين شروطه على الآخر. وهذا ما يوجب التشديد على العودة إلى اتفاق الطائف بالممارسة الصحيحة وليس بالكلام.
وأشار المصدر إلى أن البحث تناول أهمية دعم المملكة للوضع الاقتصادي وهذا كان موضوع بحث مع خادم الحرمين الشريفين ثم مع وزير الخارجية ابراهيم العساف، كما شمل البحث أيضا الدعم الذي تقدمه المملكة للعديد من المؤسسات الاجتماعية والبيان الذي صدر عن الرؤساء الثلاثة انتقى كلمات جاءت في حديث الملك.
وتابع: “لدى المملكة انشغالات عديدة وخصوصا في ما يتعلق بالنهوض، وبمشكلات العالم العربي، وما حصل كان بمثابة تنشيط للحديث بين المملكة وبين لبنان خصوصا أن هناك 20 اتفاقية ستوقع بين البلدين، فضلا عن أهمية زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون وزيارة وفد مجلس الشورى إلى لبنان. ومن الطبيعي أن يتناول البحث دعم رئيس الحكومة الذي حصلت الزيارة بالتنسيق معه. فقيام إطار رؤساء الحكومة صحيح أنه جديد وغير مسبوق لكنه ليس للمزايدة على رئيس الحكومة، بل هو صيغة ليضعوا ما لديهم من خبرة في تصرفه لتعزيز منطق الدولة في مواجهة التي يواجهها البلد، خصوصا أن دور الدويلات طغى على دورها”.
عودة الدولة
واعتبر المصدر أن لبنان ابتعد عن الممارسات الدستورية الصحيحة، كمن دخل مفترقا ثم أضاع طريقه، لذا وجب العودة إلى الطريق الواسعة أي الدستور والقانون. وهذا لا يحل بيومين لأن مشكلات لبنان كبيرة جدا لا تعالج بالمراسيم بل بإعادة ثقة المواطنين بالدولة. ولم تعد المشكلات تعالج فقط بالهندسات النقدية وبضرائب جديدة على ضرورتها بل بات يحتاج إلى عودة الدولة، من دون أن يعني ذلك تيئيس الناس. وما يجري اعتماده الآن سبق أن طرح منذ أواخر التسعينات.
وأضاف المصدر أن هناك فتنة متنقلة في البلد والمعضلة أنه أسيء فهم دور رئاسة الجمهورية كجامع بين الفرقاء حيث أعطاه الدستور سلاحا نوويا هو حماية الدستور نفسه. فمن الذي يمكن أن يقف بوجهه إذا كان يدافع عن الدستور؟ وأشار إلى أنه كان خطأ القول إن الرئيس هو ممثل لفريقه وأن يكون قويا هو ورئيس الوزراء لأن القوة ليست بالعضلات بل بأن يكون مقبلا من الجميع وقادرا على استخدام قوته الناعمة. ودور رئيس الجمهورية السعي إلى التوازن السياسي”.
وردا على سؤال حول ما يقال عن إضعاف موقع رئيس الجمهورية اعتبر المصدر أن تحرك رؤساء الحكومة السابقين ربما يحسن موقعه التفاوضي، وتحدث عن التفكير بقيام مجلس حكماء من مجموعة من الرؤساء السابقين، لأن البلد لا يحتمل وصفات تؤدي إلى العنف.
لكن المصدر رأى أن لا أحد يمكنه القول بالعودة عن التسوية الرئاسية بل أن المطلوب تحسين إدارتها، واستعادة التوازن جزء من العملية. والمشكلة الاقتصادية تحتاج إضافات إلى العلاجات المطروحة، إلى تصويب سياسي يعيد الدولة إلى أداء فاعل يعطي البلد فرصة إضافية.