أكد الرئيس اللبناني ميشال عون انه يعمل على المحافظة على الليرة، مؤكدا “عدم اللجوء الى القانون الذي يدين الإشاعات التي تتناول وضعها حفاظا على الحريات”، نافيا ان تكون الدولة تعرضت لضغوط اميركية: لا اميركا تتدخل ولا طبعنا يقبل بالضغوطات”.
وجه عون من القصر الرئاسي في بيت الدين سلسلة رسائل، في دردشة صباحية مع الاعلاميين، تحدث فيها عن “الورقة الاقتصادية التي اقرها لبنان اخيرا وحملت عناوين اساسية”، فأكد انها “ستتحول الى خطط تنفيذية”، لافتا الى “المراحل التي مر بها لبنان في السابق وشابها حال من عدم الوعي للاحداث ولمسيرة ثلاثين سنة، حيث اقتصر العمل فيها وفقا لسياسة الاقتصاد الريعي، ما اثر سلبا على الانتاج والاقتصاد في لبنان عامة”.
واوضح عون “اننا سنبدأ في الاسبوع الجاري، بوضع خطط تنفيذية تصبح جاهزة بعد شهر من اليوم، لأن المبادئ العامة اصبحت معروفة من قبلنا. وهذا كله بهدف ايجاد حلول لكل القضايا التي تزعج المواطنين ولا سيما أزمة الكهرباء”.
واكد ان “هناك وجوب والتزام في ما تم اقراره في الورقة الاقتصادية”، مشيرا الى انه اطلق هذه الورقة “ولكي يتم تنفيذها فهي بحاجة الى التعاون بين السلطات كافة”.
وعن الإشاعات بايعاز الولايات المتحدة له لإبعاد الوزير جبران باسيل، قال: “أنا لا أبعد لا جبران باسيل ولا أي انسان آخر. فليس لي مصلحة بذلك. فجبران باسيل هو رئيس حزب ورئيس اكبر كتلة نيابية، وكثر قالوا منذ فترة ان جبران باسيل هو رئيس الجمهورية والجنرال عون هو رئيس الحزب وكنت أضحك يومها. وكان هناك من السياسيين الكبار الذين يأتون الي ويطلبون مني الضغط على باسيل في بعض الشؤون السياسية التي تزعجهم، وكان جوابي دائما لهم اذهبوا وتحدثوا بالموضوع مع جبران باسيل. فهل يقبل أحدكم بأن أضغط عليه؟”.
أضاف: “اليوم اعود وأذكر الجميع بان الوزير باسيل هو رئيس أكبر كتلة نيابية ويترأس تكتلا يضم العدد الاكبر من الوزراء في الحكومة، وهذا واقع أنا لا أخترعه، وأنا من جهتي أتركه يدير الحزب ويتصرف بالسياسة التي يراها مناسبة. فأنا أوجه اليه النصائح له ولغيره ولكن لا أضغط عليه. وعلى الجميع الاعتراف بحجمه، ولا يمكن لأحد ان يستعملني للضغط عليه، فأنا لا أمارس ضغوطات على أحد. ففي بعض الاحيان تتعرض لي الصحافة عبر بعض الكلام إلا أنني لا أرد، لأنني لا اريد ان افتح سجالا مع أحد”.
“بيان السفارة الاميركية ليس موجها الينا كسلطة”
ونفى “ان تكون الدولة اللبنانية قد تعرضت لاي ضغوط اميركية من اجل اجراء المصالحة او حل الموضوع المالي”، وقال: “لا اميركا تتدخل ولا طبعنا يقبل بالضغوطات”، ولفت الى أنه “اذا صدر اي بيان من السفارة الاميركية، قد يكون ردا على الوسائل الاعلامية مصدر الإشاعات، وليس موجها الينا نحن كسلطة. وقد تمنى البيان على السياسيين عدم التدخل بالقضاء. فإذا هو كلام موجه للسياسيين وليس لنا كسلطة. ومن يرى غير ذلك فهو يشجع من يقول بأن في لبنان لا يمكن الوصول الى حلول من دون تدخل خارجي”.
“لم نتبلغ عن عقوبات على شخصيات قريبة من “حزب الله”
كما نفى تبلغه “اي امر حول العقوبات الاميركية على شخصيات مسيحية قريبة من حزب الله، إلا أننا نسمع من الزوار عن ذلك”، وتساءل: “ماذا بقي بعد ولم يفرض على لبنان”.
وتوجه الى اللبنانيين بالقول: “اطمئنوا بانكم مستقلون لاني انا من يمثلكم اليوم الى ان يأتي احد غيري يمثلكم”.
“القصة ليست مزحة”
وعمّا اذا كان يخشى من ان تكون مقررات الورقة الاقتصادية شبيهة بمصير خريطة الطريق للاصلاحات الادارية والسياسية الشاملة التي سبق ووضعت في اجتماع برئاسته جرى بحضور رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة بتاريخ 22 حزيران (يونيو)2017 والتي لم يلتزم بها احد، فاجاب: “انا اغيّر السلوك، فانا ليس لدي الحق اذا هم لم يلتزموا بها الا التزم انا بها. القصة ليست مزحة لأن المخاطر وصلت الى الحد، وقد نبّهت عليها لاكثر من مرتين من خلال كلمات قلتها امام كافة المسؤولين. وعندما وجّهت رسالة الى اللبنانيين، قلت لهم انه علينا جميعا ان نضّحي، فاذا اليوم لم نقم بالتضحية ببعض الامتيازات التي لدينا فإننا سنخسر هذه الامتيازات كلها. ولهذا الكلام معنى حقيقيا، لأن عكس ذلك يدل على اننا كأننا اصبحنا شعبا لا يريد انقاذ نفسه”.
“ما طلب في “سيدر” سيطبق تباعا”
وسئل: متى ستبصر توصيات مؤتمر “سيدر” النور؟ اجاب: “هناك مرتكزان اساسيان للانطلاق بتوصيات هذا المؤتمر: المرتكز اللبناني من جهة وذلك العائد الى الدول المساهمة فيه من جهة اخرى، وهي دول تطلب بعض الامور علينا القيام بها، الا ان اوضاعنا الاقتصادية والمالية لا تتيح لنا مجال تطبيقها. نحن سنقوم بتنفيذها وفق مبدأ “الا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”. بمعنى ان كل الاصلاحات المطلوبة سنقوم بها بالتدرج وسنسير بها ولن تبقى معلقة”. وشدد على ان “هناك توصيات مؤتمر “سيدر” وما فيه من مشاريع تحتية وبنيوية، اضافة الى مقررات الخطة الاقتصادية اي خطة “ماكنزي” التي تشمل على تنمية اقتصادية، سنسير بهما معا”.
نافيا “ابداء بعض الدول الاوروبية استياءها من عدم تجاوب الحكومة اللبنانية في شأن توصيات “سيدر”.
“كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية تغيرت حاليا”
وعن الدعوة لحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، قال: “لقد تغيرت حاليا كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها. فعلى ماذا سنرتكز اليوم؟. حتى مناطق النفوذ تتغير. وأنا اول من وضع مشروع للاستراتيجية الدفاعية. لكن هل لا يزال صالحا الى اليوم؟ لقد وضعنا مشروعا عسكريا مطلقا مبنيا على الدفاع بعيدا من السياسة، ولكن مع الاسف مختلف الافرقاء كانوا يتناولون هذا الموضوع إنطلاقا من خلفية سياسية”.
وعن موازنة العام 2020، اكد ان “العمل قائم حاليا على وضعها”، مشددا على “ضرورة ان تصدر في 31 كانون الاول( ديسمبر) كموعد اقصى ونأمل الا يحصل أي تأخير”.
اما عن الاصلاحات السياسية وعما اذا كان العهد سيشهد على استكمال تطبيق الطائف كليا، فقال: “اني اسمع الكثير من الاقوال، ومن بينها ان هناك تصرفا ديكتاتوريا او خروقات للطائف وعلينا اصلاح الامر وما الى ذلك. منذ متى وانتم تسمعون مقولة: لو نفذ الطائف؟ اليس من قبل ان اصل الى الرئاسة؟ اليس من الوقت الذي نفيت فيه؟ وأتمنى على اي كان ان يقول لي اين خرقت الدستور؟”، وقال: “انا اقوم باعادة تطبيق الدستور. لكن البعض اعتاد على خرق الدستور وحرمان البعض الاخر من حقوقه، فحين اقوم بتصحيح الامور يقولون انه يتم خرق الدستور. لقد اعتاد البعض على عادات سيئة كثيرة، لكي تقوم باصلاح الامر يتطلب وقتا”.
وعن مصير من نجح في امتحانات مجلس الخدمة المدنية وتم تجميد انتسابهم الى وظائفهم، أجاب: “لقد تقدمت بطلب الى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور والتي تنص على المرحلة الانتقالية قبل الغاء الطائفية السياسية. هل نبني دولة رأسا على عقب؟ البعض لا يريد الغاء الطائفية السياسية ولا الحفاظ على التوازن. نحن نطلب صراحة الذهاب الى الدولة المدنية اي العلمانية التي تعني الغاء السلوك الطائفي في السياسة.”
“ليسرعوا بالسلام العادل فلا يعود للسلاح من مبرر”
وعما اذا كان كلام رئيس الحكومة سعد الحريري الاخير في واشنطن سيثير ازمة جديدة في الداخل، اجاب: “انا لم اطلع على تصريحه في كل الاحوال. ماذا قال؟ الموقف الاميركي ليس بجديد. الجميع يأتون الي من اميركيين وغير اميركيين. نحن لدينا امورا لا تزال عالقة. فليسرعوا باحلال السلام العادل وفق الشروط المعروفة، فلا يعود للسلاح من مبرر. لقد زادت المخاطر من بعد قرار ضم القدس والجولان. وقد سبق لي وتحدتث عن هذه المخاطر في رسالة وجهتها الى قداسة الحبر الاعظم اثناء الاعداد للسينودس الخاص من اجل الشرق الاوسط، عندما نبهت الى المخاطر التي يمكن ان تنجم عن تهويد القدس وضم الجولان، محذرا من ان الامر من شأنه ان يؤدي الى حروب جديدة ولا يوصل الى السلام. مع الاسف لم يصدق البعض. كما تكلمت عن الامر في الامم المتحدة وفي مؤتمر اسطنبول، ومواقفنا في هذا الاطار لا تستدعي اي شرح اضافي”.
وفد من مشايخ الجبل
وكان عون شدّد على ان “لا وحدة للبنان من دون وحدة الجبل المعروف بشقيه المسيحي والدرزي”، موضحا انه لا يقول ذلك “انتقاصا لباقي المكونات، بل من منطلق وصف واقع الحال قبل انشاء دولة لبنان الكبير الذي سيحتفل به لبنان العام المقبل، حيث تمكن الامتداد الحيوي للبنان الصغير من ان يكبر ويستوعب كل المكونات اللبنانية”. وذلك خلال استقباله قبل الظهر في بيت الدين رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب مع وفد كبير من مشايخ الجبل ورؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات ومسؤولين حزبيين ومواطنين اتوا للترحيب برئيس الجمهورية في المقر الرئاسي الصيفي. مؤكدا سعيه الى “انهاء المشاكل السابقة والسير بعصر نهضة جديد، بدأنا به بالفعل وقد اتى بعض الاحداث ليشكل نوعا من الخلل، ومن واجبنا اعادة تصحيح هذا الخلل”.
وتوجه رئيس الجمهورية الى اعضاء الوفد مشيرا الى مشاطرته احلامهم، ولافتا الى سعيه “لمعالجة ارث لبنان الثقيل من الازمات المتعددة”، ومشددا على “ضرورة تخصيص الجبل بمشاريع انمائية”، وقال: “وعد مني لكم بتثبيت اقامتكم في مناطقكم وقراكم واعرف كيف افي بالوعد”.
الرياشي موفدا من جعجع
وكانت عون التقى الوزير السابق ملحم الرياشي موفدا من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي سلمه دعوة للمشاركة في القداس الذي تقيمه “القوات” في ذكرى شهدائها في الاول من ايلول (سبتمبر) المقبل”.
وقال الرياشي: “تناقشنا بالوضع الحالي والمستجدات على الساحة المحلية والاقليمية. واثنى فخامة الرئيس على دور الشهداء واعتبر ان تكريمهم واجب. كما اكد لي مرة جديدة انه مهما اختلفنا ومهما كانت الخلافات الا اننا متفقون على الوطن كما على تكريم الشهداء”.
والتقى ايضا الوزير السابق ناجي البستاني الذي قال: “جدد رئيس الجمهورية تأكيده على تمسكه بالدستور والقانون، مع الحرص على رمزية الموقع وبعده الوطني، وهو سيتكرس ايضا في اجتماعات مجلس الوزراء، كما اكد تمسكه بالعيش المشترك والتنوع والانفتاح مع الحوار الدائم، فلبنان، وتحديدا الجبل والشوف ايضا هو للجميع”.
… وباسيل: متجاوبون مع أي مبادرة من الراعي لنحافظ على الجبل
وفي الديمان عرض الوزير باسيل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي الاوضاع العامة في البلاد على مدى ساعتين، وقال: “من الطبيعي زيارة صاحب الغبطة في الديمان. وقد امضينا فترة من الراحة نعود بعدها للنشاط والعمل بمباركته. واخذنا الحديث هنا الى الدستور وضرورة المحافظة عليه والميثاقية التي نعيش من خلالها ومن خلال ما هو مطروح في المادة 95 من الدستور والتي تشكل الشراكة بين بعضنا والحفاظ على ميثاقنا”. اضاف: “برعاية غبطته، مقتنعون بتوحيد الجهد وتوحيد الكلمة ونكون اكثر من منفتحين ويدنا ممدودة لنكون جميعا في الموقف الصحيح في الحفاظ على هذا الميثاق ولا يكون لدينا اي التباس في الموقف الموحد من الامور الكيانية. ونحن متجاوبون مع اي مبادرة يقوم بها سيدنا البطريرك في هذا المجال لنوحد الموقف ونوحد الكلمة لأننا عندما نكون موحدين من الصعب خرقنا ونحافظ على هذا الجبل وعلى هذه الارض والهوية والثقافة المتنوعة في بلدنا”.