أعاد تحرك شهدته طرابلس أمس، مسألة الشريط المصور لعملية الضرب المبرح الذي تعرض له عدد من الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، الى الاضواء، من خلال النزول الى الشارع بعد صلاة الجمعة، في وقت يتابع القضاء العسكري التحقيق في الملف مع الموقوفين فيه، على وقع سجال بين وزير العدل أشرف ريفي و«حزب الله».
وانطلقت تظاهرة من أمام مسجد المنصوري الكبير في طرابلس بعد صلاة الجمعة، تحت عنوان «حاكموا المشنوق ومن وراءه وفكوا أسر أسرانا». وشارك فيها العشرات من «حزب التحرير». وهتف المتظاهرون في ساحة النور طلباً للإفراج عن الموقوفين وإسقاط وزير الداخلية. وحمل الشيخ محمد ابراهيم في كلمة على وزير الداخلية وطالبه بالاستقالة. وشددت القوى الامنية والجيش اللبناني تدابيرها في طرابلس منذ الصباح، واتخذت اجراءات احترازية في محيط المساجد.
وكان الوزير نهاد المشنوق أوعز الى القوى الامنية بإزالة كل اللافتات والشعارات المؤيدة له في طرابلس، شاكراً المؤيدين والمناصرين على ثقتهم به.
وكانت «هيئة العلماء المسلمين» – مكتب طرابلس أقامت صلاة العشاء والتراويح في باحة مسجد التقوى أول من أمس، وقال الشيخ توفيق الحلبي: «ليسمع كل ضابط سنّي في الجيش أو قوى الامن، اذا ساعدتم الظالمين فأنتم أيضا ظلمى. وفيما يقول المشنوق ان ما حصل خطأ فردي، نؤكد ان هذا الكلام غير صحيح».
ورد أمس، الوزير ريفي على معلومات اعلامية نشرت تتهمه بأنه وراء تسريب الاشرطة. وقال ريفي في بيان أنه «منذ اللحظات الاولى التي اطلعت فيها على الأفلام المسرّبة من سجن رومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهي أربعة افلام وليست اثنين، لاحظت ان الأبواق التابعة لـ«حزب الله» والنظام السوري، تحركت بشكل منسّق لاتهامي بنشر الأشرطة، ولم تجد تبريراً لذلك إلا تنافسي المزعوم مع وزير الداخلية الصديق نهاد المشنوق، وان الأبواق انتقلت الى التلميح الى أن مستشاري سرّب الأفلام»، كاشفاً أنه «صبيحة اليوم الذي حصل فيه انتشار الافلام عبر وسائل التواصل، تلقيت اتصالات من أهالي بعض المسجونين، ومن مرجعيات اسلامية معنية بالملف، مرجعيات حقوقية، فاتصلت برئيس الحكومة تمام سلام، والوزير المشنوق، وقيادة قوى الامن الداخلي لمتابعة الموضوع، واتصلت بمستشارَي الإعلامي أسعد بشارة والقانوني القاضي محمد صعب، لمواكبة ما حصل واتخاذ الاجراء اللازم، وإطلاع الرأي العام على هذه الإجراءات، وأرسلت الافلام الى سلام ومستشارَيّ الإعلامي والقانوني».
وتوجه ريفي الى «حزب الله» قائلاً: «بدأتم باتهامي بالتسريب من دون دليل ثم انتقلتم لاتهام مستشاري من دون دليل، وما قمتم به لا يختلف عن فبركة فيلم أبو عدس، وبالتالي بات ينطبق عليكم القول الشهير «كاد المريب يقول خذوني»، مضيفاً: «من يتابع تدرّجكم بالاتّهام وكيف نظّمتم هذه الأوركسترا، وكيف بدأتم باستهداف الإعتدال السنّي فور تسريبكم للأفلام، يدرك انكم أصحاب المصلحة الاولى بما حصل».
بصبوص واحمد الحريري
وأكد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص ان ما حصل في سجن رومية هو «أحداث فردية ولاأخلاقية وتمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان». وقال في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ان هذه الاحداث «خالية من الادبيات المعمول بها في قوى الامن الداخلي»، مشدداً على ان «المساءلة بدأت وستنزل بالمنفذين أشد العقوبات».
وكان الامين العام لـ»تيار المستقبل» احمد الحريري توقف عند «كل ما شهدناه في الأيام الماضية من تحريض ونفخ في نار الفتنة». وشدد على «انهم حاولوا الايقاع بين أهلنا والجيش اللبناني في كل المناطق ولم ينجحوا، واليوم يحاولون الايقاع بين أهلنا و«فرع المعلومات» ولن ينجحوا، لأنها مسيرة معمدة بالتصدي لمؤامرات التطرف والارهاب من دماء اللواء الشهيد وسام الحسن والرائد الشهيد وسام عيد إلى دماء كل شهداء الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي».
وقال من خلدة امام عشائر العرب: «ما فعله بعض العناصر الأمنية في سجن رومية «جريمة موصوفة» سيعاقبون عليها»، لفت الى ان «هذه الجريمة على بشاعتها تبقى جريمة في بحر الجرائم الكثيرة التي يرتكبها بعضهم في حق لبنان من دون ان يرف له جفن». وأسف «لأن ثمة من يخرج ليقول ان كل شي جيد، بعكس الواقع»، مشيراً الى ان «التعامي عن الحقائق لدى البعض من أجل الغايات السياسية أضحى أهم من إيجاد الحلول لمعاناة اللبنانيين اليومية مع كل هذا الجنون والاستكبار». وقال: «مهما فعلوا لن تنجح «التقية السياسية» في التغطية على ارتكاباتهم».
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» وتعليقاً على شريط التعذيب طالبت «السلطات اللبنانية بأن تعتمد تدابير واسعة النطاق لمكافحة التعذيب»، وقال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نديم حوري ان» المنظمات المحلية والدولية وثقت التعذيب وإساءة معاملة المعتقلين في لبنان لسنوات، والفيديو ما هو إلا غيض من فيض»، وان «التحقيقات التي أجرتها الحكومة مشجعة ولكن الاختبار الحقيقي سيكون ما إذا كان سيتم تطبيق إصلاحات طال انتظارها لمعالجة مشكلة ما وراء الفضيحة الحالية».
وذكّرت المنظمة بتقرير عن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT) وفيه «أن التعذيب في لبنان ممارسة واسعة الانتشار يتم استخدامها بشكل روتيني من قبل القوات المسلحة ووكلاء إنفاذ القانون لغرض التحقيق، وتأمين اعترافات لاستخدامها في القضايا الجنائية». وطالبت السلطات اللبنانية بأن «تنشئ آلية وقائية وطنية (NPM) لزيارة مرافق الاحتجاز، ومراقبة معاملة وظروف المحتجزين، ووضع استراتيجية وطنية لمنع سوء المعاملة».