Site icon IMLebanon

لبنان:كاغ أعدت تقريراً لمناقشته في مجلس الأمن عن احتمال تدفق أعداد كبيرة من النازحين

  بيروت – محمد شقير

يلح وزراء على ضرورة انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني على وجه السرعة، ليس للخروج من الحلقة المفرغة التي يدور فيها فحسب، وإنما لأن هناك ضرورات تستدعي انعقاده لوضع خطة طوارئ لمواكبة أسوأ الاحتمالات المترتبة على تسارع التطورات العسكرية في سورية في اتجاه بدء المعركة في دمشق بين الجيش النظامي الموالي للرئيس بشار الأسد وبين قوى المعارضة مع استمرار المعارك الواسعة في جنوب سورية.

ويتوقع عدد من الوزراء ان يبادر رئيس الحكومة تمام سلام قريباً جداً الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد هذا الأسبوع وهذا ما لمح اليه رئيس «اللقاء النيابي» وليد جنبلاط بعد اتصاله بالأخير وبرئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأن من غير الجائز تعليق جلساته لما يترتب على مضيه في «إجازة مفتوحة» من أضرار فادحة على المستويات كافة.

ويؤكد هؤلاء الوزراء ان الساعات المقبلة ستحسم إمكان الدعوة الى عقد جلسة هذا الأسبوع وإلا لا مجال من تحديدها في الأسبوع المقبل. ويعزون السبب الى ان تصاعد وتيرة الحرب الدائرة في سورية بات يستدعي من مجلس الوزراء الإسراع في وضع خطة أمنية – سياسية – اجتماعية لمواجهة احتمال تدفق عشرات الألوف من دمشق وريفها الى داخل الأراضي اللبنانية.

ويقترح الوزراء ان تتشكل في مجلس الوزراء خلية أزمة لمواجهة كل هذه الاحتمالات بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدفاع لأن حصر الخطة بالأخير لا يكفي ما لم ينضم الى أعضائه وزراء ممن يتولون حقائب خدماتية ومن بينهم وزير الشؤون الاجتماعية المولجة معالجة ملف النازحين السوريين.

ويكشف أحد الوزراء ان الأمم المتحدة أوعزت الى المنسقة الخاصة لأمينها العام سيغريد كاغ بوضع تصور أولي يتضمن مجموعة من المقترحات لمواجهة كل الاحتمالات في حال تدفق أعداد كبيرة من السوريين الى لبنان هرباً من الحرب التي يمكن ان تضرب في دمشق وريفها.

ويلفت الى ان كاغ ستتقدم بتقرير مفصل في هذا الخصوص الى مجلس الأمن في جلسته المقررة في السابع من تموز (يوليو) المقبل، إضافة الى تقريرها الخاص حول تطبيق القرار الدولي في منطقة جنوب الليطاني.

وفي هذا السياق يكشف عدد من النواب ممن التقوا أخيراً كاغ أن الأخيرة ستعد تقريراً مفصلاً الى مجلس الأمن الذي سيناقش أيضاً التقرير الذي يرفعه اليه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا الذي سيعترف فيه بعدم تحقيق أي تقدم في محادثاته في سورية أو مع المعارضة في الخارج.

ويؤكد هؤلاء النواب ان كاغ تعكف الآن على إعداد تقرير مفصل حول احتمال نزوح مئات الألوف من دمشق وريفها الى داخل الأراضي اللبنانية إذا ما اندلعت المعارك على نطاق واسع في العاصمة السورية على ان تترك لأعضاء مجلس الأمن التوصل الى وضع مقاربة موحدة. ويعتقد النواب ان مقاربة مجلس الأمن لهذا الوضع قد لا تستدعي استصدار قرار جديد عنه حول الحرب في سورية، ويمكن الاستعاضة عنه في حال موافقة الأعضاء ذوي العضوية الدائمة ببيان رئاسي يصدر عن رئيس مجلس الأمن لهذه الدورة.

نصيحة لـ«حزب الله»

وينقلون عن مصادر ديبلوماسية أوروبية مؤثرة في مجلس الأمن انه يتوقع من روسيا ان لا تنظر الى التطورات العسكرية المتسارعة مع بدء الحرب في دمشق بالعين نفسها التي تنظر فيها إيران الى هذه التطورات، مع انها تستبعد ان تقدم طهران على إرسال تعزيزات وإمدادات عسكرية جديدة لدعم النظام في سورية بذريعة ان ما يهمها الآن الانصراف الى مواكبة الوضع في العراق باعتباره من دول الجوار لإيران التي تتمتع فيه بنفوذ سياسي وأمني وعسكري.

وتنصح المصادر الأوروبية «حزب الله» بأن يعيد النظر في حساباته التي أملت عليه التدخل في الحرب في سورية الى جانب الأسد وتقول: «آن الأوان للحزب ليتعامل بواقعية مع بدء تراجع الجيش النظامي عن المواجهة واضطراره الى إخلاء مواقع استراتيجية لأن الرهان على النظام في سورية هو أشبه الآن بالرهان على سراب.

أما في خصوص الاحتمالات المترتبة على النزوح السوري بأعداد كبيرة الى لبنان تحت ضغط الحرب التي ستندلع في دمشق وريفها فقالت المصادر الأوروبية لـ «الحياة» ان مقاربة مجلس الأمن لتداعياتها المباشرة على لبنان يجب أن تأخذ في الاعتبار مجموعة من المعطيات والاحتمالات أبرزها:

– وجوب التدقيق في العدد الإجمالي لهذا النزوح وما إذا كان أقرب الى العدد الموجود حالياً في لبنان والذي يقارب حوالى مليون ونصف مليون نازح.

– هل يقتصر هذا النزوح على منطقة البقاع أم أنه يتوسع في اتجاه الجنوب وكيفية التعاطي معه وهل سيكون له تأثير في القرار 1701.

– لن يقتصر النزوح على العدد الكبير من النازحين المؤيدين للمعارضة، وإنما قد يشمل أعداداً موالية للنظام ومن بينهم من ينتمي الى الطائفة العلوية.

– من يضمن مع ارتفاع عدد النازحين حدوث توترات ذات طابع طائفي ومذهبي بين الحاليين منهم والوافدين الجدد طلباً للأمان خصوصاً إذا ما تصاعدت وأدت الى حصول اشتباكات؟

– هل لدى الحكومة استعدادات لوجستية وأمنية في حال اقتصر استقبال النازحين على بلدات بقاعية ليس في مقدورها استيعابهم لأن عدد النازحين الآن هو أضعاف أضعاف عدد سكان هذه البلدات.

– أين الخطة الأمنية والدفاعية لضبط الحدود وحمايتها لمنع التدفق العشوائي للنازحين الذي قد يتسبب بإخلال بالأمن هذا إذا لم تتسرب الى الداخل اللبناني مجموعات إرهابية يمكن ان تهدد السلم الأهلي.

– ما العمل إذا اضطر هؤلاء النازحون الجدد الى التوجه الى مناطق خارج البقاع وكيف يمكن ضبطهم ما لم يؤخذ في الاعتبار وضع خطة أمنية استيعابية لا تقوم على ردود الفعل وإنما على استباق أي محاولة للإخلال بالأمن، وهذا ما يزيد الأعباء على عاتق المؤسسة العسكرية التي نجحت حتى الآن بالتعاون مع قوى الأمن والأجهزة الأمنية الأخرى في ضبط الأمن وفي توقيف العشرات من الشبكات الإرهابية.

– أين تقف الأطراف المحلية من هذا النزوح، خصوصاً إذا ما نتج منه نقل الخلافات في سورية الى لبنان وهل ستنقسم بين فريق مؤيد للمعارضة وآخر داعم لنازحي النظام في سورية؟

لذلك، لا بد من انعقاد مجلس الوزراء اليوم قبل الغد لأن لا مصلحة في التأخر طالما ان الخطر قد يدهم لبنان نتيجة تدفق دفعة جديدة من النازحين، وبالتالي فإن ما يجري من تطورات عسكرية في سورية يبقى أكبر من تعليق الجلسة ما لم يدرج تعيين قائد جديد للجيش على جدول أعمال أول جلسة كما يشترط «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون الذي كان أول من دعا الى إقامة مخيمات لاستيعاب النازحين من أجل ضبطهم ثم عاد وتراجع بناء لرغبة حليفه «حزب الله» قبل أن يتراجعا عن رفضهما ويطالبان بهذه المخيمات، وإنما بعد فوات الأوان.

خطة وقائية

وعليه، فإن هناك ضرورة لإعداد خطة وقائية لمواجهة موجة جديدة من النزوح السوري الى لبنان على ان تلتفت الحكومة الى المجتمع الدولي وتطالبه بتوفير الدعم لاستيعاب هؤلاء اضافة الى الذين سبقوهم في اللجوء الى لبنان لأن لا قدرة لديه على توفير احتياجاتهم. فإعداد مثل هذه الخطة يحشر المجتمع الدولي ويحرجه بدلاً من توفير الذريعة له للهروب الى الأمام ليفلت من التزاماته كما يفعل الآن حيال النازحين.

اضافة الى ان لا مصلحة للبنان، كما يقول أحد الوزراء في ربط الخطة التي يفترض ان تعدها الحكومة لمواجهة أسوأ الاحتمالات الناجمة عن الحرب في سورية وارتداداتها على الداخل بتوفير الدعم المالي.

ويؤكد الوزير ان لا مفر من إعداد الخطة للتقليل من أضرار موجة النزوح الجديد، ويدعو الى الاقتداء بالأردن الذي أعد خطة طوارئ لمواجهة النزوح من جنوب سورية الى الأردن.