تبحث خلية الأزمة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، في السبل الآيلة إلى تحريك المفاوضات التي يتولاها الوسيط القطري لدى «جبهة النصرة» و «داعش» للإفراج عن العسكريين اللبنانيين المختطفين منذ 2 آب (أغسطس) الماضي. وتتكتم المصادر الوزارية على الخطوات والأفكار التي يجري التداول فيها، لكنها لفتت الى الأجواء التي سادت الاجتماع الأخير لهذه الخلية، الذي خصص لتبادل الآراء في تفعيل المفاوضات في اتجاه وضع الإطار العام لها. (للمزيد)
وأكدت المصادر الوزارية لـ «الحياة»، أن هناك ضرورة لفتح ثغرة لتفعيل المفاوضات والتي ما زالت في المربع الأول وعالقة عند تردد «النصرة» و «داعش» في حسم أمرهما لجهة تحديد ماذا يريدان للإفراج عن العسكريين.
ولفتت الى أن خلية الأزمة ليست مسؤولة عن المراوحة التي يتحمل مسؤوليتها التنظيمان، اللذان يتقدمان بمطالبهما أو بشروطهما من الوسيط القطري لكنهما سرعان ما يعودان عنها ويطرحان مطالب أخرى غير واردة في لائحة المطالب الأولى. وقالت إن الحكومة لن تتخلى عن العسكريين المختطفين، وهي تقدر أوضاع أهاليهم ومعاناتهم وتتواصل معهم باستمرار.
وفي السياق، اعتبر زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أن تنظيم «داعش» يشكل تهديداً لكل لبنان والمنطقة أيضاً، مؤكداً أن السنة في لبنان جميعهم معتدلون، وهناك مجموعات تحاول أن تصورهم كأنهم بيئة حاضنة للإرهاب وبحاجة إلى فحص دم بهذا الموضوع. واعتبر أن أي هجوم على الجيش هو هجوم على لبنان وعلى تكوينه.
وأكد بعد لقائه وزيرة الخارجية الإيطالية فريديركا موغيريني في روما، أنه لم يبحث والبطريرك بشارة الراعي في أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، مجدداً التمسك بانتخاب الرئيس قبل الانتخابات النيابية. وأعلن أنه تم توقيع اعتمادات بـ300 مليون دولار لشراء طائرات وأسلحة للجيش وقوى الأمن الداخلي من هبة البليون دولار السعودية، أما هبة الـ3 بلايين دولار، فأمرها بين السعودية وفرنسا وهي تسير في الطريق الصحيح.
في هذه الأثناء يبدو أن الهبة العسكرية الإيرانية للجيش اللبناني غير قابلة للصرف، لأن ليس في وسع الحكومة قبولها بقرار يُجمع عليه جميع أعضاء مجلس الوزراء، وذلك لقطع الطريق على تعريض لبنان لمواجهة مع المجتمع الدولي، على رغم أن السفير الإيراني لدى لبنان محمد فتحعلي أعلن بعد اجتماعه أمس مع وزير الخارجية جبران باسيل «أن هذه الهبة غير مشروطة ومن دون مقابل وهي من دولة الى دولة من دون وسيط وتشمل أسلحة وذخائر ونحن جاهزون لإرسالها».
وعزت مصادر وزارية عدم قدرة الحكومة على تقبل الهبة العسكرية الإيرانية الى ما جرى في اللقاء الذي عقد أول من أمس بين نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وبين الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي حول هذه الهبة وما يتعلق منها بالمادة الخامسة من القرار 1747 التي تنص على فرض عقوبات على إيران.
ورأت أن قبول الهبة الإيرانية مستحيل، لأن من غير المسموح للبنان أن يخرق هذا القرار ويعرض نفسه إلى مواجهة مع المجتمع الدولي. وكشفت عن أنه جرى، إبان الحكومات السابقة، البحث في إمكان شراء لبنان مشتقات نفطية من إيران أو استيراد الكهرباء منها، لكن العروض الإيرانية بقيت عالقة من دون تنفيذ.
ولفتت المصادر نفسها الى أن طهران تعرف جيداً أن لبنان لا يستطيع قبول الهبة العسكرية لكنها تريد الدخول في مزايدة مع المملكة العربية السعودية التي قدمت هبة مالية بقيمة 3 بلايين دولار مخصصة لتسليح الجيش وتجهيزه من سلاح فرنسي، وأعقبتها بهبة أخرى للجيش والقوى الأمنية بقيمة بليون دولار كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كلّف زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري الإعلان عنها، وهي موضوعة الآن على نار حامية. لذلك، فإن عزم الوزير مقبل على زيارة طهران، كما ردد أول من أمس أمام النواب على هامش اجتماع اللجان النيابية المشتركة، لن تبدل من الموانع التي يستحيل على لبنان بموجبها الموافقة على قبول الهبة الإيرانية.
وفي المقابل، قالت مصادر رفيعة المستوى في الجيش اللبناني لـ»الحياة» في واشنطن، إن قائد الجيش العماد جان قهوجي الموجود حالياً في العاصمة الأميركية، سيسعى إلى تحسين المساعدات الجوية للجيش والضرورية لمحاربة «داعش» وضبط الحدود، وأكدت أن هذه المساعدات ناهزت قيمتها البليون دولار منذ 2006 وزادت نسبياً في أيلول (سبتمبر) الماضي عن مبلغ 75 مليون دولار.