IMLebanon

مجلس الوزراء اللبناني يبحث في آلية العمل و «النفايات» الحريري وجنبلاط: لا تعديل للتصويت على القرارات

   بيروت – محمد شقير

قالت مصادر وزارية ان تأمين مكبات لطمر النفايات كبديل عن إقفال مكب الناعمة سيطغى كبند على جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل من خارج جدول أعمالها المخصص للبحث في آلة التصويت على القرارات الصادرة عنه، مع أرجحية اعتماد الآلية نفسها التي كانت تعتمد في ظل وجود رئيس الجمهورية، أي ان القرارات العادية تتخذ بموافقة نصف عدد الوزراء زائداً واحداً بينما يصوت على السيادية منها بأكثرية ثلثي أعضاء الحكومة.

ورأت المصادر نفسها لـ «الحياة» انه من غير الجائز الخروج عن الآلية المعتمدة في مجلس الوزراء في حضور رئيس الجمهورية لئلا تسجل الحكومة على نفسها سابقة تشكل خرقاً للدستور اللبناني وللنص الوارد في تفاق الطائف في هذا الخصوص.

واعتبرت ان هناك ضرورة للتوافق في داخل مجلس الوزراء، لكن تعذر تأمينه لا يشترط موافقة جميع أعضاء الحكومة على القرارات، لأن ذلك ســـيدفع في اتجاه تعطيل الجلسات وشل قدرة الحكومة على الاستجابة لمصالح المواطنين. ولفتت الى ان اشــــتراط توقيع 24 وزيراً على القرارات ما هو الا «هرطقة دستورية» خصوصاً أن صاحب هذا الاقتراح «العجـيب الغريب» هو من يعطل انتخاب الرئيس.

موقف الراعي

وتوقفت المصادر ذاتها أمام الموقف الأخير للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي دعا فيه الكتل النيابية الى عدم مقاطعة الجلسات والحضور الى البرلمان لانتخاب رئيس توافقي، وقالت ان موقفه هذا يأتي في سياق الاعتراض على رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون وحليفه «حزب الله» الذي يشترط في مقابل حضوره الجلسات انتخاب «الجنرال» رئيساً للحكومة.

ودعت هذه المصادر بعضهم الى عدم الرهان على الاتفاق الأميركي – الإيراني على الملف النووي وقالت ان لا مفاعيل له على الأقل في المدى المنظور في شأن الوضع المتأزم في لبنان. واعتبرت ان مبادرة بعضهم الى التصرف وكأن هذا الاتفاق خيط على قياس العماد عون أو آخرين ما هو الا مجرد مضــيعة للوقـــت وتجــديد للحـالة الراهنة.

تحفظات على روكز

ونقلت المصادر عن كتل رئيسة في الحكومة بأنها لا تحبذ تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي رغم انها تكن له كل تقدير واحترام لكفاءته العسكرية، وتعزو السبب الى ان العماد عون يخوض معركته، ما أوحى بأنه ينتمي اليه سياسياً وهذا ما أضر به. وقالت ان هناك ضرورة لتعيين قائد للجيش يشعر جميع الأطراف بأنه يتصرف بتوازن.

ورأت أيضاً بأن عدم حماسة بعض الأطراف لتعيين روكز قائداً للجيش لا تعني انها تضع فيتو على تعيينه بمقدار ما انها تتوجس من إصرار عون على الترشح لرئاسة الجمهورية وبالتالي لا تحبذ هذه الأطراف الجمع بين الرئاســـة وقيادة الجيش التي تنظر اليها على أنها موقع سياسي بامتياز.

وسألت المصادر عن الأسباب الكامنة وراء إصرار عون على الترشح لرئاسة الجمهورية ورفضه الدخول في تسوية تقوم على عدم وجود «فيتو» على تعيين روكز إذا ما تأمن ما يشبه الإجماع على تعيينه في مقابل عزوفه عن خوض معركة الرئاسة؟ وقالت ان هذا التوجس من وجهة نظرها حق مشروع خصوصاً أن عون لم يقدم نفسه سياسياً على انه المرشح القادر على الجمع بين اللبنانيين وهو لا يزال يتموضع في نفس المحور السياسي الذي يقوده «حزب الله».

ناهيك من ان «إعلان النيات» بين «التيار الوطني الحر» وبين حزب «القــوات اللبنـانية»، كما تقول المصادر، لا يعطي عون أي فرصة لتوظيفه في تحسين شروطه في معركة الرئاسة، طالما ان الطرفين لم يتوصلا الى التــفاهم على مقاربة مشتركة لرئاسة الجمـــهورية ولا لقانون الانتخاب الجديد مع انهما يطالبان به من موقع الاختلاف.

ومع أنه لم يعرف رد فعل عون على عدم اعتماد آلية في مجلس الوزراء للتصويت على القرارات تشكل مخالفة للدستور، وهذا ما توافق عليه زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط في اجتماعهما الأخير في جدة (المملكة العربية السعودية)، لأنه من غير الجائز التفريط بالآلية المعتمدة في ظل وجود رئيس للجمهورية، فإن الاتصالات لا زالت ناشطة لفتح دورة استثنائية للبرلمان تخصص لتشريع الضرورة.

وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية بارزة أن الحريري وجنبلاط على قرارهما بملاقاة بري وتأييد مسعاه لعقد جلسات تشريعية، وأن الأخير ليس في وارد السماح لأحد بأن يملي عليه الشروط التي هي من صلاحيته بالتعاون مع هيئة مكتب المجلس في إعداد جدول أعمال الجلسات.

مرونة بري

وأكدت المصادر بأن «بري البارع في تدوير الزوايا» لن يسجل على نفسه سابقة تتيح لأي طرف بأن يفرض شروطه على جدول أعمال الجلسات لئلا تنسحب على البرلمان أزمة شبيهة بالأزمة التي تتخبط فيها حالياً حكومة «المصلحة الوطنية» برئاسة تمام سلام.

وأوضحت بأن بري يتعاطى بمرونة مع الكتل النيابية ويتفهم دوافع بعضها، لكنه في ظل استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى والتعطيل الذي تعاني منه الحكومة، ليس في وارد الإطاحة بصلاحياته تحت أي اعتبار، وقالت ان رئيس المجلس ليس منغلقاً على الآخرين لكن الهيئة العامة في البرلمان كانت أجمعت في جلسة سابقة على ان إقرار قانون انتخاب جديد يبقى مؤجلاً الى ما بعد انتخاب الرئيس الذي له وحده صلاحية إعادة النظر فيه أو طلب تعديل بعض بنوده من خلال رده الى البرلمان لهذه الغاية.

وكشفت المصادر بأن المفاوضات لتأمين النصاب الميثاقي لفتح دورة استثنائية، ولعقد جلسات تشريع الضرورة لا زالت جارية، وأن الجهود منصبة حالياً على إقناع الوزراء المحسوبين على الرئيس ميشال سليمان بالتوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية إضافة الى الوزير بطرس حرب.

وقالت ان التواقيع المطلوبة لفتح هذه الدورة أصبحت مؤمنة أي بموافقة نصف أعضاء الحكومة زائداً واحداً لكن هناك ضرورة ميثاقية لإقناع الرئيس سليمان بمجاراة الوزراء الموقعين على المرسوم لتأمين التأييد المسيحي لفتحها لا سيما أن لا أمل بإقناع وزراء الكتائب بالتوقيع عليه بعد أن ذهبوا بعيداً في امتناعهم عن حضور الجلسات النيابية قبل انتخاب الرئيس.

وتابعت هذه المصادر بأن بري قد يبادر بعيداً من الضغوط، في ظل استمرار المفاوضات مع «تكتل التغيير» وحزب «القوات» حول عقد جلسات تشريع الضرورة، وبالتفاهم مع مكتب المجلس الى ادراج قانون الانتخاب على جلسة تشريعية تعقد لاحقاً في أعقاب إقرار جدول أعمال الجلسة الأولى، وأن لا مانع لديه من ادراج قانون استعادة الجنسية على جدول أعمالها، مع ان قيادات اسلامية كانت أكدت لقيادات مسيحية بأنها تؤيد إقرارها لكنها تمنّت عليهم ألاّ يندموا إذا ما اكتشفوا بأن عدد المسلمين المستفيدين سيكون أكثر من المسيحيين في حال تقرر اعتماد احصاء عام 1913 الذي أجري في عهد الحكم العثماني للبنان.

وسألت المصادر عن الجدوى من إدراج قانون الانتخاب في ظل عدم التوافق على تقسيم الدوائر الانتخابية ولا على توزيع النسب في اعتماد قانون يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي؟ وقالت ما الضمانة من استمرار الجلسات المخصصة للبحث في القانون ومن يتحمل مسؤولية تطيير النصاب لتفادي إقحام البرلمان في انقسام حاد يرفع من منسوب التوتر السياسي؟

وكشفت المصادر عن لقاء عقد أخيراً بين جنبلاط والنائب في حزب «القوات» جورج عدوان أعقبه اجتماع جدّة بين الأول والحريري، وقالت ان الأخيرين على تفاهم تام حول الخطوط العريضة لقانون الانتخاب.

وتابعت: ان جنبلاط يؤيد اعتماد القانون الذي يجمع بين الأكثري (بانتخاب 68 نائباً على أساسه) والنسبي بانتخاب 60 نائباً شرط جمع الشوف وعاليه في دائرة واحدة وكذلك الحال بالنسبة الى راشيا والبقاع الغربي.

لذلك فإن احتمال إدراج قانون الانتخاب بعد انعقاد الجلسة التشريعية الأولى يبقى وارداً، لكن الوصول الى حد أدنى من التفاهم حول عناوينه الرئيسة سيكون متعذراً، إضافة الى ان لا قانون في ظل غياب الرئيس لأنه صاحب الحق في ان يبدي رأيه فيه وبالتالي ما النفع من إقراره حتى لو تقرر تأجيل التصويت عليه الى ما بعد انتخاب الرئيس؟