Site icon IMLebanon

سوكلين «ترفع النفايات من شوارع بيروت وأهالي إقليم الخروب يمنعون وصولها

تأرجحت أزمة تراكم النفايات في بيروت وضواحيها وفي جبل لبنان أمس، بعد إقفال مطمر منطقة الناعمة في 17 الجاري، بين الحلحلة والتّصعيد. ففي حين استفاق سكان بيروت وضواحيها على شاحنات شركة «سوكلين» تجمع النفايات وعلى روائح الأدخنة المنبعثة من إحراقها، برز مشهد قطع أهالي منطقة إقليم الخروب مسربي الأوتوستراد الساحلي الجنوبي في منطقة الجية عند مفرق برجا بالحجارة والردميات لمنع وصول الشاحنات التي تنقل نفايات بيروت إلى كسارة سبلين في الإقليم. ما انعكس زحمة سير خانقة على أوتوستراد الجنوب. وصادر المحتجون عددا من الشاحنات كانت قادمة من بيروت في السعديات والجية، وتم تسليمها إلى بلديات المنطقة.

وتم تحويل السير إلى طرق فرعية، كما تجمع عدد من الشبان عند مدخل الكسارة. وأكد المعتصمون استمرار الاعتصام حتى عودة الحكومة ووزارة البيئة عن قرارهما نقل النفايات إلى منطقة إقليم الخروب. وطالبوا زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط بالضغط على الحكومة والمعنيين لعدم تحويل إقليم الخروب مكباً للنفايات. وأكد رئيس بلدية جدرا الأب جوزيف القزي «رفض الأهالي القاطع تحول إقليم الخروب مكباً لنفايات العاصمة». وفتحت الطريق بشكل جزئي عصراً، واستمر الازدحام حتى ساعات متأخرة.

وبين المشهدين تواصلت المساعي لتأمين حل مرحلي لهذه المسألة. وأدّت الاتصالات في الساعات الماضية إلى تبشير وزير البيئة محمد المشنوق أهالي بيروت وضواحيها بانطلاق عمليات رفع النفايات من المدينة بعدما تم التفاهم على الأماكن التي ستوضع فيها البالات المعالجة وتسليم لوائح الأماكن لرؤساء اتحادات البلديات في المناطق المختلفة.

ثم أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة تمام سلام في بيان قبيل منتصف ليل أول من أمس، أن سلام وضع صيغة «حل مرحلي فوري وموقت لأزمة النفايات في بيروت وضاحيتيها ومناطق في جبل لبنان بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والحريري وجنبلاط، تقضي برفع النفايات من هذه المناطق فوراً إلى مواقع تم تحديدها من قبل وزارة البيئة».

وأوضح البيان أن الصيغة التي تم التوصل إليها تأتي «استناداً إلى قرار مجلس الوزراء على أن تبدأ هذه الأعمال فوراً، بينما سيُستكمل العمل على تقويم العروض الخاصة بالمناقصات التي تم إطلاقها تطبيقاً لهذا القرار الذي أطلق عليه اسم «الخطة الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة بحيث يليها في أسرع وقت ممكن إقرار دفاتر التلزيم لمناقصات التفكك الحراري في المدن الرئيسة التي يجري الإعداد لها تطبيقاً للقرار الذي اتخذته حكومة الرئيس الحريري في 1/9/2010، والقرارين المكمّلين له في العام الجاري وإطلاق المناقصات ذات الصلة».

وأكد الرئيس سلام أمام زواره انه «تم التوافق على اعتماد مكب سبلين كمكب رئيس لاستيعاب كمية كبيرة من النفايات ومواقع أخرى إضافية منها صيدا وكسروان والمتن بالتعاون مع اتحادات البلديات في هذه المناطق لحل مشكلة النفايات في بيروت». وتمنى أن «يأخذ الموضوع طريقه الصحيح ويعطي نتيجة في حل هذا الكابوس عن المواطنين».

وأمل سلام في حل الموضوع خلال الـ24 ساعة المقبلة «لفك الكابوس عن الناس، وكأزمة مستفحلة تهدد البلاد، وكان لا بد من تحرك، وحصلت اتصالات للحد من هذه الأزمة». وشدد على أن «هذا الحل جاء نتيجة اتصالات ومشاورات حثيثة أجريت في الأيام الماضية». وقال: «أعذر الناس وأتفهم غضبها وتعبيرها لأنه لا يمكن الإنسان أن يتنفس في جو موبوء تراكم علينا».

وعزت مصادر سلام تفاقم أزمة النفايات «إلى الشلل الحكومي». وأوضحت أنه «لو كانت الحكومة تعمل في شكل طبيعي لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه»، مشيراً إلى أن «هناك أزمة سياسية كبيرة نعيشها، وتتطلب المعالجة».

وبدأت منذ صباح أمس، 70 شاحنة تابعة لـ «سوكلين» بإزالة النفايات من شوارع بيروت التي تنتج 3000 طن يومياً لتوضيبها في منطقة الكرنتينا في بالات كحل موقّت قبل توزيع كل 300 طن أو أكثر على مكبّات موقّتة حددتها وزارة البيئة.

وعلمت «الحياة» أن 350 طناً من النفايات ستنقل في بالات إلى معمل معالجة النفايات في صيدا موقّتاً وستوزّع أيضاً بين مقالع وكسارات قديمة في كسروان ومطمر نفايات عكار في منطقة «سرار» وكسارة سبلين في إقليم الخروب ومناطق أخرى.

وأكد رئيس بلدية بيروت بلال حمد أن «إزالة النفايات من الشوارع ستستغرق أياماً»، لافتا إلى أنه «سيتم نقل النفايات إلى منطقة الكرنتينا لتكبيسها وتحويلها بالات لتنقل معلّبة». وعلم أن نفايات ضاحية بيروت الجنوبية ترمى بشكل عشوائي في مطمر« كوستا برافا» في منطقة خلدة.

وانصبَّت الاتصالات أمس على معالجة اعتراض أهالي برجا والجية وجدرا على نقل النفايات إلى كسارة سبلين، بعدما أشارت المعلومات التي وردت إلى سلام إلى أن الجماعة الإسلامية في إقليم الخروب كانت وراء تحريك الاعتراض على نقل النفايات إلى سبلين.

وعقد عصراً اجتماع طارئ في الداخلية ضم الوزير نهاد المشنوق ووزير الزراعة أكرم شهيب والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إضافة إلى رئيس اتحاد بلديات الإقليم لمعالجة الأزمة. وشدد المشنوق على أنه «لن يتم أي شيء من دون رضى أهالي الإقليم والجبل»، مؤكداً «ضرورة إيجاد حل مرحلي بالنسبة للنفايات». ولفت إلى أن «الهدف مساعدة العاصمة على التخلص من النفايات لأن لا مساحات في العاصمة». وقال: «اتفقنا على استمرار التشاور لإيجاد حل لنفايات الإقليم وبيروت الإدارية». وشدد على أنه «لا يجب استغلال هذا الموضع سياسياً».

أما شهيب فقال: «نتعاون لحل المشكلة من أجل المصلحة العامة والاستمرار بحماية مجتمعنا والوصول إلى حل في مشكلة النفايات». وأشار إلى أن «ما نقوم به من توزيع للنفايات في منطقة الجبل بالتحديد هو التخفيف عن المدينة التي هي عاصمتنا، وهدفنا أن نخفف عن كاهل أهلنا في بيروت لأن لا مساحات هناك لا للطمر ولا للمعالجة». وأكد أن «رد الفعل الذي حصل اليوم هو نتيجة عدم التواصل المسبق وسوء التحضير، وهي فترة مرحلية قصيرة ستخلصنا لاحقاً من مشكلة النفايات».

من جهته أكد رئيس اتحاد البلديات في إقليم الخروب أن «لا إقفال للطريق الدولية ومشاوراتنا مستمرة للوصول إلى نتيجة»، لافتاً «إلى الحرص على الوضع السياسي إن كان بالنسبة للزعيم وليد جنبلاط أو بمستوى الرئيس سعد الحريري».

درباس: شلل منهجي

وتابع الرئيس سلام مع زواره أمس، الملفات الطارئة، خصوصاً أزمة النفايات، ومنهم وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي قال: « الحكومة ليست رئيساً فقط بل وزراء ومكونات، ومن غير المنصف أن يتحمل الرئيس منفرداً كل ما تفعله المكونات أو بعضها». وأشار الى ان «ما نراه في الشارع هو نتيجة حتمية للشلل الحكومي، هناك شلل منهجي يتسرب إلى أوصال الدولة، بدءاً من الشغور في موقع الرئاسة الأولى وتعطيل المجلس النيابي، والآن جاء دور مجلس الوزراء».

وأكد درباس «ان رئيس الحكومة لن يذهب إلى مكان بأرجل سواه، له رجلان وله إرادة وله قرار، وسيعلن قراره في الوقت المناسب، لكنه لا يتخلى عن المسؤولية، فهو يعرف أكثر من غيره أن مصير البلد متعلق بقرار منه، وأعتقد أن هذا الرجل الذي ورث عن عائلته تراثاً كبيراً في تحمل المسؤولية، لن يتخلى عنها».

وحول توجهات سلام في الأيام المقبلة، رد درباس إن «كل الخيارات امامه مفتوحة، لا أحد يستطيع أن يأخذ شيئاً من صلاحياته، الاستقالة هي من صلاحياته، كذلك دعوة مجلس الوزراء وإعطاء مجلس الوزراء إجازة، وجدول الأعمال وترتيبه، كل هذه الأمور هي من صلاحياته ولا يقبل البحث فيها مع أحد، والآن هو يشعر أن النفايات التي تمتلئ بها كل بيروت هي عبء على ضمير كل مسؤول وهو يسعى، ولكن حذار، هذه ليست مسألة تقنية فنية، بل هي جزء لا يتجزأ من آثار الشلل الحكومي».

لقاء الجمهورية ولقاء بيروت

وبتكليف من الرئيس ميشال سليمان قام وفد من «لقاء الجمهورية» برئاسة الوزير السابق محمد يوسف بيضون بزيارة الرئيس سلام دعماً لمواقفه الوطنية والدستورية، وناشده «الاستمرار في تحمل المسؤولية الوطنية الجسيمة الملقاة على عاتقه في هذه المرحلة الحرجة، حتى يتجاوز البلد الصعوبات الحالية بأقل قدر ممكن من الخسائر».

والتقى سلام وفداً من «لقاء بيروت الوطني»، «تأييداً لمواقفه الوطنية المشرفة، ودفاعه المستمر عن آخر المؤسسات الدستورية، والتصدي لسياسات التعطيل والشلل التي يمارسها بعض الأطراف السياسيين، غير عابئين بالأضرار الفادحة التي تلحقها هذه السياسات الانتحارية بمصالح العباد والبلاد». وتمنى على سلام «متابعة مسؤولياته الوطنية والحكومية والتصدي بقوة لكل من يحاول تقويض الاستقرار الذي ينعم به لبنان حالياً رغم العواصف الحارة التي تضرب المنطقة».