أطلق لقاء اقتصادي موسع عقد أمس، في مقر «غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان» صرخة للسياسيين «من أجل إنقاذ قلب بيروت»، على خلفية الإجراءات الأمنية المتخذة والتي حولت المنطقة مربعاً أمنياً كبيراً، وعلى خلفية الاحتجاجات المدنية «التي كانت تطالب بحل لأزمة النفايات فحوّلت قلب العاصمة مرتعاً لها على الأرصفة والجدران وكل مكان وصلت إليه».
وشارك في المؤتمر الصحافي، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، رئيس مجلس إدارة «سوليدير» ناصر الشماع، رئيس جمعية «تجار بيروت» نقولا شماس. وحضر اللقاء وزير السياحة ميشال فرعون ونواب في بيروت ورئيس بلديتها بلال حمد، وحشد من الاقتصاديين والتجار العاملين في وسط بيروت.
وتحدث شقير عن «الحال الذي وصلنا إليه في بلد مزقته الخلافات والتجاذبات وصراعات لا تنتهي»، سائلاً إذا كانت «هناك من مصالح سياسية خاصة دفعت إلى كل هذا التعطيل والتخريب وأدت إلى انحدار وضع الدولة إلى الحضيض؟».
ورأى أن «كل هذا التراجع في وضع الدولة اقتصادياً واجتماعياً هو بفعل أهل السياسة». وإذ لفت إلى «أننا استبشرنا خيراً بولادة حراك شعبي يساهم في الضغط على أهل السياسة لكسر هذه الحلقة المفرغة التي ندور فيها»، توقف عند «كل ما حدث من قبل المندسّين الذين عاثوا فساداً وتخريباً وحقداً في وسط بيروت»، مؤكداً «إننا مع حراك مدني حضاري يحافظ على أملاك الدولة والأملاك الخاصة وعلى أرزاق الناس، لا أن يضرب عرض الحائط مصالح البلاد والعباد، ويهدد البقية الباقية من مناعتنا الاقتصادية. إننا مع حراك منفتح يحاور ويقبل بالحلول الموضوعية والعلمية، من أجل التقدم على مسار التغيير الحقيقي الإيجابي الذي يستجيب لمنطق الدولة وحاجات الناس، وليس لمجرد الاعتراض من أجل الاعتراض».
وتحدث عن «مئات المؤسسات التجارية وغير التجارية المقفلة، ومئات أخرى تصارع من أجل البقاء، وآلاف من الموظفين سُّرحوا من أعمالهم، بفعل انعدام الأعمال وابتعاد اللبنانيين مقيمين أو مغتربين، وكذلك السياح إن وجدوا عن هذه المنطقة، جراء التدابير الأمنية المشددة وإقفال شوارع برمتها، وقطع الطرق المتكرر، والتحركات الشعبية المتعددة الأوجه». وقال إن «ما يجري يطرح علامات الاستفهام، وكأن الوسط بات مستهدفاً بالصميم، فتحركات لا تنتهي تستبيح الأملاك والأرزاق وتقطع الأعناق، وتتجاوز الأعراف والمنطق والمصلحة العليا، وتحطم الصورة الجميلة للعاصمة».
«عمل ممنهج للاقفال»
واعتبر «أن هناك عملاً ممنهجاً يراد منه إقفال ما تبقى من مؤسسات وتشويه هذه الصورة الجميلة المتمثلة بوسط بيروت. ولن نسكت على كل ما يحصل، ونحن على استعداد لدفع الغالي والنفيس دفاعاً عن الوسط وعن أي منطقة اقتصادية في لبنان وعن اقتصادنا الوطني». وقال: «انه نداء الرمق الأخير، نناشد الدولة بمؤسساتها الشرعية والأمنية، التحرك سريعاً لاتخاذ تدابير رادعة توقف هذا التدهور المريع، وحذارِ اللعب بالنار. ضرب وسط بيروت يعني في شكل واضح ضرب قلب الاقتصاد الوطني، وإطلاق رصاصة الرحمة على لبنان».
وتحدث الشماع عن «أعباء متراكمة يتحملها الوسط التجاري جراء الأوضاع المتواصلة بشكل أو آخر»، معلناً أن شركة «سوليدير» ستواصل «التزامها دعم كل المؤسسات التجارية والسياحية في وسط بيروت، وتوفير الحوافز التي تتيح لها إبقاء أبوابها مفتوحة، والاستمرار في توفير العمل ولقمة العيش لآلاف العائلات والأفراد، ذلك أنها تساهم في شكل كبير في تنشيط الدورة الاقتصادية والحركة السياحية وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني».
وشدد على أن «وسط بيروت كان وسيبقى فضاء عاماً مفتوحاً للجميع، وليس كما يصوره بعضهم نخبوياً، أو مقتصراً على فئات معينة».
وتمنى «على كل الجهات المعنية والحكومية أن تأخذ في الاعتبار العبء المتراكم على كل المؤسسات المتواجدة في الوسط، وتدعمها بالسبل الممكنة»، داعياً المواطنين «إلى احتضان وسط مدينتهم والحفاظ عليه ليس فقط كمساحة جامعة بل كمركز محوري للنمو الاقتصادي والسياحي».
وسأل نائب رئيس مجلس إدارة شركة «أيشتي» ميشال سلامة: «هل يعقل أن يبقى وسط المدينة معطلاً في ظل الظروف التي تحصل في البلاد وأن تدفع ثمنها المؤسسات الاقتصادية والسياحية التي لولاها لكانت البلاد في حكم المفلس منذ زمن بعيد». ودعا «القادة والزعماء والنواب إلى الإسراع في إيجاد الحلول لإعادة عجلة الاقتصاد».
«لا موسم عيد»
وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة «أزديا» سعيد ضاهر عن «تراجع الأعمال في الوسط التجاري خلال الفترة الشهر الأخير بحدود 40 في المئة»، مشيراً إلى «انعدام الشهية لدى رجال الأعمال للاستثمار في وسط بيروت، ما من شأنه عدم إيجاد فرص عمل». وطالب السياسيين بإيجاد حلول سريعة لتوفير الأمن والاستقرار والحوافز لدعم صمود المؤسسات. وقال شماس إن «من المفترض في هذه الفترة أن نكون منشغلين كأم العروس في التحضير لموسم عيد الأضحى، لكننا في مأتم وطني اقتصادي واجتماعي. في العام 2013 وصفنا أيلول، بأيلول الأسود، وأقفلنا الأسواق طوعاً، أما اليوم فنترحم على تلك الأيام، لأننا نقفل الأسواق قسراً».
وعدد شماس عوامل تسببت في تدهور أوضاع الوسط، وأبرزها: التدابير الأمنية المشددة التي تتخذ في الوسط، خصوصاً مع 28 جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، من دون أي جدوى والكثير من الضرر، مسلسل جديد لطاولة حوار تعقد أسبوعياً في مجلس النواب، وغياب السياح الخليجيين. وتوقف عند «الإقفالات التي حصلت في وسط بيروت»، محذراً من» تمدد هذا التصحر إلى مناطق أخرى».
وأشار إلى أنه في نهاية حزيران 2014 كان عدد المحال 1116، وفي نهاية حزيران 2015 أصبح عددها 986 محلاً، ما يعني إقفال 130 محلاً تجارياً، 79 منها في الوسط التجاري، 15 في الحمرا، 12 في الأشرفية، 10 في فردان، و13 في مناطق أخرى، وهذا يعني أن خلال سنة واحدة أقفل 12 في المئة من المحال الراقية في وسط بيروت». وقال: «إن كل محل يعيل 50 شخصاً والإقفال سيكون له ضرر اجتماعي ومعيشي كبيرين».
وطالب بـ«إزالة التركيز عن الوسط التجاري، ونقل جلسات الحوار إذا لم يكن هناك من إمكان لعقدها الأحد، إلى عين التينة، على غرار حوار «تيار المستقبل» و«حزب الله». وطالب الحراك الذي أيد مطالبه، بضرورة أن يكون له «وضوح بالرؤية، فالأمور بدأت تنحرف، وهذا ما بدأنا نراه».وإذ أكد أن وسط بيروت «سيبقى كما أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري لكل الناس»، شدد على ضرورة «الإسراع بانتخاب رئيس الجمهورية لأنه يشكل بداية طريق الخلاص».