Site icon IMLebanon

الحوار اللبناني بين الرئاسة وقانون الانتخاب واتفاق على جلسات متتالية لتزخيمه بعد العطلة

   بيروت – غالب أشمر

فيما وقف الحوار الوطني اللبناني في جلسته الثالثة امس في ساحة النجمة عند عتبة الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال البحث مستمراً عن أسسه، لم يسجل تبدل في موقف أي من الفرقاء من الاستحقاق أو إحراز أي تقدم يبنى عليه، على رغم جولات النقاش الثلاث.

إذ إن استكمال رحلة البحث في اتجاه الوصول إلى مقاربة في الشأن الرئاسي، رُحّل إلى ما بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من زيارة نيويورك في 2 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بعدما توافق المجتمعون على أن تكون الجلسة المقبلة لثلاثة أيام متتابعة، بدءاً من 6 تشرين الأول ولغاية 8 منه، «لاستكمال النقاش في ما طرح من أفكار عملية وإيجابية حول البنود كافة، وخصوصاً حول مواصفات رئيس الجمهورية، وآليات انتخابه».

< كان النقاش في الجلسة الموسعة التي انعقدت لمدة ساعتين ونصف الساعة برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري وغياب الرئيس نجيب ميقاتي، لوجوده في فرنسا وقد حل محله النائب أحمد كرامي، تركز على بلورة الأسس لإنجاز البند الأول من جدول أعمال الحوار، أي رئاسة الجمهورية. وأعقب الجلسة اجتماع مصغر مغلق وصف «بخلوة الأقطاب»، ضم الى بري رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومعاونيهم.

وفيما تكتم المجتمعون على مجريات الحوار الذي خصص لبحث ملف التعيينات والترقيات العسكرية ومحاولة إنتاج آلية للعمل الحكومي كمخرج يتيح تسوية الحد الأدنى المقبولة من جميع القوى السياسية، لكن من دون التوصل إلى حلول، اكتفى جنبلاط بالقول وهو يقود السيارة بنفسه: «النقاش جدي وكل شيء تمام، ولن أفصح عن شيء».

وأشارت مصادر المجتمعين إلى أن الرئيس بري أكد في مستهل الجلسة «أهمية الحوار واستمراره في إطار السعي إلى إيجاد الحلول للبنود المطروحة على جدول الأعمال، وشرح سبب عقد الجلسات الثلاث المتتالية وذلك «حتى يظهر أمام الرأي العام اللبناني أن هناك جدية في الحوار»، وقبل أن يقدم المشاركون مداخلاتهم في أجواء وصفت بـ «الصريحة والإيجابية والجدية». قال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أنه «كان يفضل أن تعقد جلسات قبل هذا التاريخ»، فرد عليه بري بقوله إن «المانع هو عيد الأضحى المبارك وسفر رئيس الحكومة بعده إلى نيويورك».

ووفق المصادر، فإن العماد عون تحدث خلال الجلسة عن الرئيس القوي، كما أثار موضوع قانون الانتخاب، لافتاً إلى أنه «في اللقاء الماروني في بكركي توصلنا إلى مشروعي قانون للانتخابات النيابية، إما القانون الأرثوذكسي وإما النسبية على قاعدة الـ 15، ي 15 دائرة على أساس النسبية». وقال: «لا إشكال في إدخال بعض التعديلات، كما اتفقنا كمسيحيين في بكركي، لكن للأسف لا يريدون إعطاءنا 64 نائباً، بل 54، ولو أخذوا بأي من هذين الطرحين لكنا حصلنا على حقوقنا، وهذا ما لم يحصل». ودعا إلى إنجاز الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، الأمر الذي اعترض عليه فريق 14 آذار الذي «تمسك بأولوية إنجاز الانتخابات الرئاسية وفق الآلية الدستورية». وهنا عقب نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري على كلام عون قائلاً: «الموارنة من اتفقوا على ذلك وليس جميع المسيحيين». واقترح «الاتفاق على معايير موحدة في بند قانون الانتخاب وكل البنود الأخرى من جدول الأعمال، وترك المجلس النيابي يقرر في نهاية المطاف وفق هذه المعايير الموحدة التي يقبل بها جميع الأطراف».

ولاحظ مكاري في مداخلته أن «كل فريق من المتحاورين يقدّم طرحاً لكنّ مداخلات الفريق الآخر تأتي لتنقض هذا الطرح، وهذه دوامة مفرغة لا توصل إلى نتيجة». وأضاف: «في كلام كل فريق ثمة جانب مقبول ونقاط تمكن الإفادة منها والوقوف عندها والاتفاق عليها، فلنعمل على أن نتفق على هذه النقاط بدلاً من الاستمرار في جدل لا ينتهي. وإذا أردنا الوصول إلى نتائج إيجابية من الحوار، علينا الاتفاق على أربعة مبادئ: «أن لا تعديل للدستور. أن الدستور يجب أن يطبّق بحذافيره. أن انتخاب الرئيس هو الخطوة الأولى. فإذا ناقشنا المواضيع الأخرى في جدول الأعمال، غير انتخاب الرئيس، يجب أن نكون متفقين سلفاً على أن أي اتفاق نتوصل إليه في شأن هذه البنود يجب ألا يطبق قبل انتخاب رئيس. أي حتى لو تم الاتفاق على كل البنود الأخرى، أول بند يطبق هو انتخاب رئيس. والنقطة الرابعة هي الاعتراف بأن أياً من الفريقين لا يمكنه فرض رئيس على الفريق الآخر، بسبب الانقسام السياسي في البلد، فإما أن يكون الرئيس وفاقياً، أو يتم انتخابه وفق القاعدة الآتية: إذا كان من 14 آذار يجب أن يوافق عليه فريق 8 آذار، وإذا كان من 8 آذار يجب أن يوافق عليه فريق 14 آذار».

وأكد السنيورة «أهمية الانتخابات الرئاسية وأولويتها»، معتبراً أن هذا الموضوع هو «الممر الأساسي والإلزامي للتخلص من كل المشاكل العالقة».

فرعون : الرئيس اولاً

وجدد فرعون ما كان اقترحه في جلسة الحوار السابقة لجهة انتخاب الرئيس أولاً ومن ثم تشكيل حكومة انتقالية تتولى وضع قانون انتخاب جديد في خلال ثلاثة أشهر تجرى على أساسه الانتخابات النيابية. ودعا إلى التركيز على البند الأول من الحوار المتعلق بانتخاب الرئيس، وسأل عن مصير ما توصل إليه الحوار الوطني بدعوة من بري ومن ثم من الرئيس ميشال سليمان. وقال: «إذا كنا على خلاف حول الرئيس فهذا لا يبرر عدم توحيد موقفنا من ملف اللاجئين السوريين».

ورأى فرعون أن هناك ضرورة لتحييد لبنان عن الحروب المشتعلة في المنطقة، وقال: «نحن في حاجة الى رئيس يخدم لبنان وليس لديه مشروع آخر لمصلحة أطراف خارجيين ويجلس إلى طاولة المفاوضات الجارية حول سورية ليكون في وسعنا طرح ملف النازحين، وأنا لست مع من يقول إن انتخاب الرئيس مؤجل الى ما بعد استتباب الوضع في سورية، ولا أفهم لماذا هذا الربط، مع أن استقلال لبنان تحقق عام 1943 بينما نالت سورية استقلالها عام 1945».

وفيما لفت رعد إلى أن «المشكلة لا تحل إذا لم يكن هناك رئيس قوي، وقبل أن يكون هناك قانون جديد للانتخابات». اقترح الجميل طرح مواصفات لرئيس الجمهورية، «وتأتي الأسماء على أساس هذه المواصفات وننتخب رئيساً للجمهورية». وقال لدى مغادرته المجلس: «حاولنا في هذه الجلسة إقناع الجميع بأن الحكومة يجب أن تعقد جلسة مفتوحة». ولفت إلى أنه «غير راض على سير جلسات الحوار لأننا لم نستطع تأمين مصالح الناس».

أما جنبلاط فقال: «يبدو أننا لن نتفق إلا إذا أخذونا إلى جزيرة سيشل لعلنا نحل الأزمة هناك».

ودعا وزير الاتصالات بطرس حرب في مداخلته إلى أن «يكون الحوار مناسبة للسعي الى الاتفاق لا فسحة للتعطيل». وسأل: «كيف يجمع العماد عون بين الحوار وبين التظاهر؟»، مشيراً إلى أن «هناك اليوم ضرورة لوقف التشنج والتهييج». وإذ دعا إلى «الاتفاق على الرئاسة أولاً»، اعتبر أن في «اتفاق الدوحة كان هناك خروج على الدستور عندما انتخبنا الرئيس ميشال سليمان، كما خالفناه عندما خرجنا بنظرية جديدة

أطاحت صلاحيات رئيس الحكومة في تشكيل الحكومة، وفرضت الثلث المعطل وحكومات الوفاق الوطني، ما أطاح المحاسبة والمساءلة وعمم الفساد. وإذا كنا سنعود الى تجربة الدوحة اليوم، فهذا حرام، فلنتفق على الأمور الاستراتيجية الواجب أن يلتزم بها الرؤساء ونعيد الصلاحيات للوزراء ليمارس كل منهم صلاحياته فيتحمل كل مسؤولياته وتتم المحاسبة».

وقال اثر انتهاء الجلسة إن «البحث تركز على مواصفات الرئيس»، معتبرا أن «الجلسات المتتالية خطوة متقدمة وجدية، وإن الحوار سيتواصل للوصول إلى نتيجة إيجابية».

وعندما قيل له: «النائب جنبلاط قال إن ليس هناك مؤشر لإتمام جلسة انتخاب رئيس الجمهورية»، أجاب: «الجهد الذي يبذل هو لتجاوز كل العقبات وإراحة البلد. بند الرئاسة هو البند الأول، ومنه سننطلق الى بقية البنود».

واعتبر أن «الهدف من الحوار هو ألا يستمر كل فريق في التشبث برأيه في الملفات المطروحة وأهمها ملف الرئاسة».

وقال الوزير رشيد درباس: «لقد طرحوا بعض المواصفات وبعض الأسس، أن لا تعديل في الدستور وان الرئيس التوافقي قد يكون منتمياً إلى فريق إذا جرى التوافق عليه، وقد لا يكون منتمياً إذا جرى التوافق عليه، المهم في الموضوع أن تتوافر فيه الصفات المفترضة وأن يكون قادراً على أن يجلب الناس إليه، أن يحاور الكل ولا يكون طرفاً ولا يسبب انقساماً».

أضاف: «رئيس المجلس يقول إنه إذا كان ثمة ملامسة لبنود مفضية الى انتخابات رئاسية، فمن الممكن البحث فيها. في الجلسة السابقة كان الكلام حول وضع مواصفات الرئيس الجمهورية، اقترحها ربما النائب أسعد حردان، ثم أعيدت اليوم، ووجدنا في هذا الكلام بداية جيدة». وقال: «العماد عون أشار الى ما تم الحديث عنه في بكركي، ولنذهب الى هذين القانونين، والاساس هو العودة الى الشعب. لكن عندما سئل عون: هل تقصد ان هذا القانون قبل انتخابات الرئاسة ام بعدها؟ لم يسمح بالاستمرار في هذا الموضوع حتى لا تقفل الابواب، لاننا نبحث ان اي ثغرة تفتح حتى ترى الناس كوة امل».

«حزب الله»: مع توافق تحت سقف الدستور

الى ذلك، رأى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن الحزب «مع التوافق ولكن تحت سقف الدستور، وأن نحترم القوانين والأنظمة، ولكن هذا لا يعني أن نعطي تفسيرات تلغي الدستور تماماً». وجدد القول «إننا مع استمرار الحكومة لأنها لو سقطت فسنكون أمام فوضى غير عادية في داخل لبنان، ولكن استمرارية الحكومة تتطلب أن نتوقف عن الإساءة اليها وأن نتوقف عن تعطيلها، ما الذي يمنع أن ننتهي من مهزلة التعيينات الأمنية ونقدم المخرج الذي أصبح معروفاً من أجل أن تعمل الحكومة مجدداً وفق آليات اتفق عليها».

وسأل نعيم: «ما الذي يمنع أن يعقد المجلس النيابي لتشريع الضرورة وكل القوانين التي نحتاجها؟». وقال: «إذا خيرنا بين رئيس قوي ينتخب للبنان وبين الفوضى والفراغ والتعطيل نحن مع انتخاب الرئيس القوي، لسنا مع الفوضى».