خصصت الجولة الثامنة من جلسات الحوار الوطني اللبناني في ساحة النجمة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، لاستكمال الحديث في مواصفات الرئيس الجديد للجمهورية، بعدما تسلم خطياً المواصفات المقترحة من غالبية الأطراف المشاركين في الحوار. وتوافق المتحاورون من خلال المداخلات والاقتراحات على نقاط عدة، وهي أن تكون لديه حيثية في بيئته، وأن يكون مقبولاً من البيئات الأخرى، ومطمئناً لها، وأن يكون راعياً للدستور ويطبق اتفاق الطائف ويلتزمه، وأن يكون منفتحاً على كل الأطراف». وفي المقابل، فإن البحث في مواصفات الرئيس لم يصل إلى اتفاق على كل النقاط وسجلت تحفظات وخلاف على نقاط أخرى كالنأي بالنفس ونظرة الرئيس إلى المقاومة، وإعلان بعبدا، خصوصاً من زاوية النأي بالنفس الذي أخذ حيزاً كبيراً من النقاش، لا سيما لجهة عدم التدخل في قضايا المنطقة الذي بقي موضع نقاش. وعلق النائب عاطف مجدلاني على موضوع المقاومة بقوله: «لدينا دولة وجيش مهمتهما الحفاظ على الحدود والسيادة، أما المقاومة فيجب أن تكون تحت إمرة القوى الشرعية».
وأسف بري لتعليق مشاركة حزب «الكتائب» في جلسة الحوار، مشيراً إلى أن «نية «الكتائب» حسنة، وذلك لتفعيل عمل الحكومة». ووضعها في «خانة تشجيع عمل الحكومة والمؤسسات وهذا أمر مهم وإيجابي وهو ما نسعى إليه».
ورفع بري الجلسة إلى ظهر الثلثاء المقبل في الثالث من تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل.
وكان تغيب عن جلسة الحوار من الأقطاب، رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة بداعي السفر، وحل مكانه النائب مجدلاني وعاونه النائب أحمد فتفت. كما تغيب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط لدواع صحية، وحل مكانه النائب غازي العريضي، ووزير الاتصالات بطرس حرب بداعي السفر، والذي تمثل بالنائب السابق جواد بولس. وعلق رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل المشاركة، في حين لم يحضر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس مع رئيس الحكومة والنائب علي فياض وحضر مكانه النائب علي المقداد معاوناً لرئيس»كتلة الوفاء للمقاومة» محمد رعد.
وقبل الجلسة، اعتبر الوزير ميشال فرعون أن «الحكومة عاجزة عن حل ملف النفايات ولا نعرف إذا كان لديها مستقبل، والمشهد الذي تركته العاصفة أعطى صورة مؤسفة لتقصير الحكومة». أما النائب فتفت، فأكد أن «البند الرئاسي هو الأساس ولا كلام قبل مناقشة هذا الموضوع».
وكان سبق الجلسة لقاء جمع بري وعون، وحضره معاون الأخير النائب إبراهيم كنعان، تناول الجلسة التشريعية، وعلم أن التوجه هو لعقدها بمن حضر.
وعلمت «الحياة» أن بري وزع على المتحاورين جدول مقارنة حول مواصفات الرئيس العتيد استناداً الى أوراق الفرقاء التي تقدموا بها في الجلسة السابقة، عرض فيه نوعاً من المقارنة.
ورد نائب رئيس البرلمان فريد مكاري بالقول إن هناك أموراً لم يأت على ذكرها من القضايا الواردة في مواقف قوى أخرى في الجدول، فاقترح النائب طلال إرسلان أخذ رأي كل فريق بكل نقطة.
وتضمن جدول بري نقطة تتعلق برئيس يدعم المقاومة ضد إسرائيل، فتركز عليها النقاش، وأجمع ممثلو «14 آذار» على تأييد مقاومة إسرائيل لتحرير الأرض، وأكدوا قدرة الجيش اللبناني على الدفاع عن لبنان وعلى أن المقاومة يجب أن تكون في إطار منظومة الدفاع الوطني التي يفترض أن تنص عليها الاستراتيجية الدفاعية.
تحفظ «14 آذار»
وتحفظ عدد من أركان قوى 14 آذار عن هذه النقطة بطرح جملة أسئلة: هل تشمل المقاومة سلاح الداخل و «سرايا المقاومة» والمشاركة في الحرب في سورية والحق في الحرب والسلم بلا عودة إلى الدولة، وما مصير إعلان بعبدا؟
فرد رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» محمد رعد، مشدداً على «أننا دافعنا عن البلد وقاومنا إسرائيل بغياب الدولة وعدم قدرة الجيش على مواجهة إسرائيل». وقال بري إن إعلان بعبدا لم يأت على ذكر المقاومة بذاتها. وتطرق البحث إلى إحدى «مواصفات الرئيس وهي التزامه بسياسة النأي بالنفس. فرد رعد ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان وأرسلان بـ «أننا لم نعد نقبل الصيغة التي وضعت للنأي بالنفس لأن ظروفها كانت مختلفة عن الراهنة في المنطقة، التي تشهد حرباً عالمية على الإرهاب على حدودنا وعلينا مواجهته لأنه يستهدف لبنان». وأكد رعد أنه لا يجوز النأي بالنفس عن إسرائيل والإرهاب الذي يهددنا.
محوران عربيان
أما ممثلو 14 آذار فأيدوا حياد لبنان وقالوا إن النأي بالنفس أثبت جدواه و «حزب الله» خرقه، والدولة موجودة والجيش والأجهزة الأمنية تتصدى للمجموعات الإرهابية وتمنعها من التغلغل في لبنان. وهناك نجاح في توقيف عدد كبير من الإرهابيين وتفكيك شبكات لهم، وحين نتدخل عن غيرنا كأننا نطلب من الإرهاب أن يأتي إلينا. ولا لزوم لتغيير هذه السياسة.
وهنا قال رعد وحردان إن هناك محورين أحدهما يدعم الإرهاب في سورية، فجرى نقاش حول هذه النقطة وبدا الانقسام حول الموقف من الدول العربية، فقال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير السياحة ميشال فرعون: «ما علاقتنا نحن بالخلافات العربية؟». وقال ميقاتي إن سياسة النأي بالنفس يجب أن تنسحب على الرئيس وأثبتت صوابيتها في حكومتنا ولا يجوز للرئيس أن يكون في محور إقليمي ضد آخر، ويجب عدم مزج السياسة بمواصفات الرئيس ولبنان تكفيه مشاكله ويجب أن يكون حيادياً لأن التدخل له سلبيات منذ أيام حلف بغداد، فيما اقترح فرعون أن «نكتفي بمبادئ في شأن مواصفات الرئيس هي: رفض الإرهاب، أن يكون مع المقاومة ضد إسرائيل، واحترام القرارات الدولية والنأي بالنفس عن الصراعات العربية».
وذكر النائب غازي العريضي أن رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط كان تقدم بورقة يدعو فيها الى رئيس يدوّر الزوايا في الوضع الإقليمي الذي بات الآن في مرحلة التدويل، الذي هو أكبر منا، والمحوران اللذان يجري الحديث عنهما يتصارعان في سورية ما يؤدي إلى تدميرها لكن حين يتفقان لا مكان لنا بينهما».
عون: كلنا مع المقاومة ضد الارهاب
أما رئيس «تكتل التغيير والإصلاح النيابي» النيابي العماد ميشال عون فعاد وكرر اقتراحه بأن ينتخب الرئيس مباشرة من الشعب أو أن يتفق على قانون انتخاب جديد لإنتاج برلمان جديد ينتخب الرئيس ونكون بذلك عدنا الى الشعب. وأوضح مكاري أن انتخاب الرئيس من الشعب يحتاج تعديلاً للدستور الذي يتطلب ثلثي البرلمان وأنا لست ضد قانون انتخاب جديد لكن أسهل علينا انتخاب الرئيس لأن هناك صعوبة وأنت تعرف ذلك، في الاتفاق على قانون انتخاب، وأفضّل إجراء الانتخابات النيابية على القانون الحالي، فرد عون: أنا ضد، وتدخل بري مذكراً بأن تعديل الدستور يحتاج ثلثي البرلمان ومن يستطع تأمين هذا العدد يمكنه تأمين نصاب الثلثين لانتخابه رئيساً، وإذا كان لا بد من انتخابات نيابية فأنا منذ الآن مع حل البرلمان لنذهب للانتخابات على أساس القانون الحالي، فكرر عون رفضه هذا الخيار. لكن رعد أيد موقف بري.
وأثير ملف النفايات فقال رئيس الحكومة تمام سلام إن هناك عرقلة واضحة للمعالجة ولا تحل إلا إذا شارك فيها الجميع بلا استثناء، وزاد: «أسمع كلاماً مؤيداً للخطة التي وضعت لكن لا تطبيق له. ومن أصل 5 مطامر تضمنتها، هناك مطمران حتى الآن، الأول موقت في الناعمة، والثاني في سرار- عكار، لكن أهالي المنطقتين لن يوافقوا عليهما إذا لم يكن هناك توازن في توزيع المطامر على البقاع والمتن الشمالي وكسروان وجبيل وبرج حمود والجنوب، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية».
وقال له بري: «نحن نؤيدك ومع الخطة، فلماذا لا تدعو مجلس الوزراء للانعقاد الأربعاء؟»، فرد سلام أنه غير مستعد إذا لم يكن هناك التزام بالمساعدة من كل الفرقاء وبحضورهم الجلسة، «وشبعنا التأييد الكلامي وليس هناك شيء ملموس في يدنا وإذا لم تتأمن المطامر في كل المناطق لن تنفذ الخطة ولا يفكرن أحد أنها تحل في سرار والناعمة فقط. أنا أصبر كثيراً على المستوى الشخصي، لكن الصبر العام نفد ولم أعد قادراً على الصبر ولا أريد أن أكون شاهد زور».
فيما أجمع المتحاورون على أن «ما حصل في أول شتوة هو كارثة بالنسبة إلى أزمة النفايات»، رفض النائب آغوب بقرادونيان، إعادة فتح مطمر برج حمود، معتبراً ذلك «خطاً أحمر». وعندما قيل له: «ألم تر ما حدث عندما فاض نهر بيروت ومشهد النفايات والمياه التي أقفلت الطرق بالأمس؟» رد قائلاً: «تحملنا 20 سنة والذي لم يحل المشكلة خلال كل هذه الفترة عليه أن يتحمل المسؤولية. ونحن نتحمل مشكلة ما حصل في النهر من جهة برج حمود أما من الجهة الثانية، فالمسؤولية تقع على بلدية بيروت.
وأوضح النائب ميشال المر أنه سيتشاور مع العماد عون لإيجاد مطمر في المتن الشمالي بالتعاون مع اتحاد البلديات.
«الموقف المناسب» لسلام
وقال رعد: «نحن ملتزمون خطة الحكومة وندعم أي توجه، بما فيه الاستعانة بالقوى الأمنية لضمان المطامر»، وأيد اقتراح بري دعوة مجلس الوزراء، فرد سلام أنه لا يريد استخدام القوة والمطلوب تجاوب كل الفرقاء «وأنا لن أدعو لجلسة من أجل فشة الخلق بل أريد أن أعرف مسبقاً الى أين نحن ذاهبون». فاقترح بري أن يدعو سلام الى جلسة الخميس إذا وجد الأمر مناسباً، أو الجمعة، فرد سلام: «ربما نقوم بما هو مناسب قبل الخميس أو الجمعة (تلميح الى موقف قد يتخذه وسط الحديث عن إمكان استقالته)، فأجابه بري: «نحن غير موافقين على هذا الذي تلمح إليه».
وفي وقت لاحق، عقد النائب سامي الجميل مؤتمراً صحافياً اعتبر ان كتلته «لا تعزل نفسها عن الناس وتشعر معهم ونرفض ان تذهب الامور من طاولة حوار الى اخرى ولا مجلس وزراء بينهما كما وعدني الرئيس بري». وسأل: «هل هناك ما هو اهم من ملف النفايات ليجتمع مجلس الوزراء؟ اليس هناك من مقصرين؟».
وسأل عن وزير البيئة وما يفعله وزير الاشغال العامة وخاطب سلام قائلاً: «اذا كنت ترى ان الأمور لا تسير صارح الشعب وكل واحد يتحمل مسؤوليته ويدبر حاله».