أدى التهديد الذي أطلقه تنظيم «داعش» بقتل أحد العسكريين اللبنانيين المحتجزين لديه، بحجة ما وصفه بمماطلة الحكومة في المفاوضات وعدم التزامها وعودها، إلى تسريع تحركات أهالي العسكريين واستعجال عودة الموفد القطري (السوري الأصل) إلى بيروت، وسط توقعات بأن يصل اليوم ويتوجه إلى بلدة عرسال لمعاودة التواصل مع الخاطفين في شأن مطالبهم.
وسبق اجتماع مجلس الوزراء في جلسة عادية عصر أمس، لقاء بين وفد من أهالي العسكريين مع رئيسه تمام سلام لمطالبة الحكومة بتسريع المفاوضات قبل فوات الأوان، خصوصاً أن عائلة الجندي المخطوف حسين محمود عمار، تلقت أول من أمس تسجيلاً بصوته حذر فيه من أنه إذا لم يتحرك الأهالي خلال 3 أيام فإنهم «سيذبحون أحد المخطوفين»، مطالباً بالإفراج عن سجناء (من الذين يطلب الخاطفون إخلاءهم) ومقايضة المخطوفين.
وكان سلام التقى أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد عودته من قطر، حيث عقد اجتماعات مع مسؤولي المخابرات القطرية والتركية في الدوحة، في إطار دور كل من قطر وتركيا في المفاوضات مع الخاطفين.
وإذ نفذ أهالي العسكريين اعتصاماً أمام السراي الحكومية أمس، اجتمع سلام مع وفد منهم ضم شخصاً من كل عائلة، وقال ناطق باسمهم إن «المسألة وصلت الى لحظات حرجة»، وأوضح أن سلام أكد للوفد أن المفاوضات من الحكومة لم تتوقف، وأن المطالب التي تلقتها الحكومة منها ما تمكن تلبيته بطريقة معقولة ومنها ما يحتاج الى مزيد من الوقت. وطالب أحمد الأيوبي الذي تحدث باسم الوفد، بألا تخرج أصوات وزارية تؤذي التفاوض، وألا تحصل إجراءات ميدانية تهدف للاستفزاز. ودعا الخاطفين إلى «وقف التهديد بقتل أبنائنا لإنجاح المفاوضات». ودعا هيئة العلماء المسلمين إلى الضغط لتؤخر تنفيذ التهديد. وأضاف: «هناك شعور لدى الخاطفين بأن هناك جموداً في المفاوضات، لكن الحكومة لا تكذب».
وأشارت مصادر رسمية الى أن سلام أطلع مجلس الوزراء على جانب من لقائه مع وفد الأهالي ومساعي تسريع التفاوض في شأن إخلاء العسكريين.
وقال مصدر في وفد الأهالي لـ «الحياة»، إنهم عندما أثاروا مسألة تصريحات بعض الوزراء ضد المقايضة والمبادلة بين العسكريين ومطالب الخاطفين مع سلام، أشار الأخير الى تأثير الخلافات السياسية على الملف، ومنها في شأن المقايضة.
ورداً على مناشدة أهالي العسكريين «هيئة العلماء المسلمين» استئناف وساطتها، قال عضو الهيئة الشيخ حسام الغالي لـ «الحياة»، إن الهيئة «لم تنسحب من السعي للإفراج عن العسكريين على رغم انسحابنا من التفاوض الرسمي، إفساحاً في المجال أمام مهمة اللواء إبراهيم». وأشار الى أن «الهيئة اجتمعت منذ خمسة أيام مع وفد من مشايخ سوريين ووجهاء عشائر في عرسال، وأبلغناهم أنه إذا كانت لهم «مَوْنة» على المسلحين فليتدخلوا لديهم للإفراج عن العسكريين»، وقال: «نبهنا الى أن «استمرار التوتر قد يؤدي الى انفجار في لبنان ينعكس بشكل كبير على النازحين السوريين». ووضع هذه المساعي في الإطار غير الرسمي.
على صعيد آخر قالت مصادر وزارية إن مجلس الوزراء ناقش أمس انعكاس الآلية التي يتبعها لاتخاذ قراراته، في إطار صلاحياته بالنيابة عن رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، على أدائه الذي يتسم أحياناً بالعراقيل.
وكان مجلس الوزراء اعتمد آلية اتخاذ القرارات وتوقيع المراسيم من قبل الوزراء الـ24، بحجة أن مجلس الوزراء مجتمعاً يتولى صلاحيات الرئاسة، في وقت يعتقد وزراء أنه يمكن الاكتفاء بأكثرية النصف+ 1 لاتخاذ القرارات وتوقيعها وفقاً لما ينص عليه الدستور بالنسبة الى عمل الحكومة، وبأكثرية الثلثين في المواضيع التي حددها الدستور، بدلاً من الإجماع.