مرة جديدة حط ملف النفايات في مجلس الوزراء اللبناني، فاستحوذ النقاش فيه على 80 في المئة من الساعات الخمس التي استغرقتها الجلسة، وتم التوافق على أنه في حال سقوط قرار الترحيل خلال المهلة المعطاة، وتنتهي اليوم، فلا بد من العودة إلى خيار اعتماد المطامر الصحية كحل بديل ضمن خطة وزير الزراعة أكرم شهيب. وفيما لم يتمكن الوزراء من استكمال مناقشة جدول الأعمال الذي كان مثقلاً بالبنود من جلستي الأسبوعين الماضيين، وخصوصاً موضوع إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي لعدم الوصول إليه بسبب ضيق الوقت، قال وزير العدل أشرف ريفي من السراي: «انتظروا مني موقفاً وإجراءات» على خلفية عدم إحالة الملف.
وقال وزير الإعلام رمزي جريج الذي تلا المقررات: «في مستهل الجلسة أعاد رئيس الحكومة تمام سلام تأكيد ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لأن استمرار الشغور يعيق عمل كل المؤسسات الدستورية ويلحق ضرراً بالغاً في البلاد».
وبعد ذلك أثار سلام من خارج جدول الأعمال موضوع النفايات، باعتبار أن عقد الترحيل تأخر توقيعه بسبب عدم تقديم الشركة المنوي التعاقد معها بعض المستندات المطلوبة، ثم قدم عرضاً للمراحل المختلفة التي مر بها هذا الملف، وصولاً إلى انصراف الحكومة إلى اعتماد الترحيل تحت ضغط الضرورة بموازاة المباشرة في تنفيذ الخطة المستدامة لمعالجة النفايات.
وشرح سلام ظروف اختيار شركة واحدة والتفاوض معها لتتولى الترحيل. وبعد أن كشفت الشركة عن الجهة التي تنوي تصدير النفايات إليها، ظهرت معطيات تفيد بأن هناك مشكلة حول موافقة هذه الجهة على تصدير النفايات إليها، ويفرض على مجلس الوزراء استعراض احتمالات بديلة في حال فشل خيار الترحيل.
وعلى الأثر جرت مناقشة مستفيضة أبدى خلالها الوزراء وجهات نظرهم بصدد الموضوع، تم التوافق بنتيجتها على أنه في حال سقوط قرار الترحيل بسبب عدم تقديم المستندات المطلوبة من الشركة خلال المهلة المعطاة لها التي تنتهي يوم غد (اليوم)، لا بد من العودة إلى الخيار الذي كان سبق لمجلس الوزراء أن أقره في 9/ 9/ 2015، وهو اعتماد المطامر الصحية حلاً بديلاً. وعلى هذا الأساس دعيت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة هذا الملف إلى الاجتماع قبل ظهر السبت (غداً) لاتخاذ القرارات المناسبة في هذا الشأن.
كما بحث المجلس في بعض المواضيع الواردة على الجدول، واتخذ القرارات اللازمة في شأنها، وأهمها الموافقة على طلب مجلس الإنماء والإعمار تنفيذ مشروع تقاطع جل الديب ضمن الاعتماد المرصود له حالياً.
مداخلة قزي
وأعلن وزير العمل سجعان أنه طالب في مداخلة له أثناء انعقاد المجلس، الحكومة «بوضع حد لموضوع ترحيل النفايات الذي أصبح أضحوكة»، مقترحاً أن «يتخذ مجلس الوزراء قراراً بالعودة إلى الخطة الأساسية، أي المطامر وإعطاء التوجيهات للأجهزة المعنية للعمل على حماية عملية تنفيذ هذا القرار». وأكد أن «الرأي العام لم يعد يستطيع أن يتحمل رؤية النفايات في الشوارع التي تتسبب بانعكاسات كبيرة على الصحة العامة». وأشار إلى أن «لبنان لم يعرف أوبئة وأمراضاً وحالات تسمم كالتي يعرفها منذ أن بدأت أزمة النفايات»، داعياً الحكومة إلى «إطلاع الشعب اللبناني على حقيقة ما يجري في ملف النفايات وملابسات الترحيل، وأن تحسم هذا الجدل الذي يشكل الأرض الخصبة لكل الإشاعات».
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لدى مغادرته الجلسة: «لم يتخذ أي قرار بعد في ملف النفايات، والحديث دار حول العودة إلى المطامر».
وقال وزير السياحة ميشال فرعون: «في حال أوقف الترحيل بعد المهلة المعطاة للشركة حتى يوم غد لتسليم مستنداتها الرسمية، سيكون هناك اتجاه إلى فتح مطمر الناعمة ومطامر أخرى وستنعقد اللجنة الوزارية لتدرس رسمياً البدائل والتحضير لمجلس الوزراء السبت في جلسة طارئة».
وقال وزير الاتصالات بطرس حرب: «إذا تبين أن شركة تشينوك غير قادرة على ترحيل النفايات ستتخذ اللجنة الوزارية التدابير القانونية وسنلجأ إلى موضوع المطامر بمساندة أمنية».
وأوضح وزير الصناعة حسين الحاج حسن، أنه «إذا ألغيت عملية ترحيل النفايات فإن الـ50 بليون ليرة ستعود إلى الخزينة». وقال: «وصلنا إلى خيار مر هو الترحيل، والحل الصحيح بالعودة إلى المطامر، الحكومة والأحزاب والجمعيات والمواطنين شركاء بما وصلت إليه أزمة النفايات اليوم. المنطق الصحي هو الفرز من المصدر ثم الفرز من المعامل ثم التسبيخ وبعد ذلك الطمر. هناك الكثير من الغموض تجب إزالته».
«طمرتها المصالح السياسية»
وقبل بدء الجلسة قال وزير الزراعة أكرم شهيب: «أنا قمت بواجبي، وضعنا خطة العقل والعلم وطمرتها المصالح السياسية والمناطقية والمذهبية، والبديل كان اللامعقول، وهذا البديل يترنح اليوم، وإذا لم يكن هناك خطة أو بديل برأيي النفايات ستبقى في الشارع».
وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، أن «هناك مبالغة في قضية النفايات»، واستذكر الكلام الذي يصدر عن مراجع سياسية عن نبيل الجسر، وقال: «هذا الرجل يعمل بصدقية وتجب معرفة ماذا يحصل في روسيا وهو رفض التوقيع على صورة عن الاتفاقية الروسية مطالباً بإحضار الأساسية».
ورأى وزير البيئة محمد المشنوق، أن «ملف النفايات موضوع أساس وقد أتتني استفسارات عدة حولتها إلى المراجع الأمنية».
وقال وزير الثقافة ريمون عريجي: «وافقنا على الترحيل على مضض، لأنه الحل الوحيد والمفروض علينا بغياب الحلول الأخيرة وعلى مجلس الوزراء استرداد الملف ومعالجته».
وأعربت وزيرة المهجرين أليس شبطيني عن «خوفها من أن يكون وراء الموضوع لعبة طالما أن الرئيس سلام يقول إن سيرغي لافروف أكد له الموافقة».
وأوضح وزير الخارجية جبران باسيل أن «جميع الوزراء قالوا إننا نعترض على الترحيل لكن لن نعطل، نحن كنا نعترض ونعطل».
وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور: «تجب إزالة النفايات من الكرنتينا، وننتظر رد الشركة وإذا استعصى خيار الترحيل تحب العودة إلى المطامر».
أما وزير التربية الياس بو صعب فلفت إلى أنه «تبين أن التيار الوطني الحر على حق في ملف ترحيل النفايات، فلا الشركة معروفة ولا وجهة الترحيل، وحان الوقت لأن يعود الملف إلى اللجنة الوزارية بمشاركة وزارة البيئة، فلم أجد أسرع من توقيع مرسوم صرف الخمسين مليون دولار من دون معرفة أين تذهب».
وكيل «شينوك» يعتزل
وقبل انتهاء المهلة التي أعطيت للشركة البريطانية لتأمين مستنداتها الرسمية من الجانب الروسي، وتنتهي اليوم، قدم المحامي زياد رامز خازن، وكيل شركة «شينوك»، أمس اعتزال وكالته عن الشركة بعد اللغط الكبير الذي أثير في الصحف اللبنانية في 16 شباط (فبراير) الجاري حول الوثيقة المزعوم صدورها عن وزارة البيئة الاتحادية الروسية.