اختتم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته لبنان أمس، وتفقد قبل أن يتوجه إلى القاهرة، مخيماً للنازحين السوريين في البقاع واطلع على أوضاعهم في حضور ممثلين عن المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف، واعداً بمزيد من المساعدات لهم للتخفيف من معاناتهم.
وأجمعت مصادر وزارية ونيابية مواكبة لأجواء المحادثات التي عقدها هولاند مع أركان الدولة ورؤساء الكتل النيابية والمرجعيات الروحية، في غياب رئيس للجمهورية بسبب استمرار الشغور في سدة الرئاسة، على التأكيد أنها زيارة تضامنية مع لبنان لإشعار من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج بأن العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا تتجاوز أحياناً الجانب البروتوكولي وأن باريس تولي اهتماماً بالحفاظ على استقرار لبنان وتدعيمه بتقديم المساعدات العسكرية للجيش والقوى الأمنية، خصوصاً في ظل استمرار الحرائق المشتعلة في دول الجوار له، ليبقى واقفاً إلى حين انتخاب رئيس جديد، متعهداً زيارة لبنان فور انتخابه. (راجع ص 7)
ولفتت المصادر نفسها إلى أنه كان في مقدور هولاند أن لا يشمل لبنان في جولته على المنطقة بذريعة غياب نظيره اللبناني، لكنه أراد من خلال زيارته توجيه رسالة سياسية بأن فرنسا ليست في وارد إهمال هذا البلد الذي تربطها به علاقات تاريخية وبالتالي فهو موجود في بال فرنسا حكومة وشعباً.
وقالت إن لبنان يحتل موقعاً مميزاً في خريطة الاهتمام الفرنسي بدول المنطقة، وأكدت أن هولاند يحبذ استمرار الحوار اللبناني – اللبناني ليكون في وسع هذا البلد البقاء على أهبة الاستعداد ما أن تسمح له الظروف باستعادة عمل المؤسسات الدستورية كافة مع انتخاب الرئيس.
ومع مغادرة هولاند لبنان، فإن الأخير، يستعيد جدول أعماله المثقل بالمشكلات وأولها إعادة البحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام في أزمة «جهاز أمن الدولة» التي ما زالت تراوح في مكانها من دون الوصول إلى حد أدنى من التفاهم لإعادة الحيوية إليه، وهي الأزمة العالقة بسبب خلاف رئيسه اللواء جورج قرعة مع نائبه العميد محمد الطفيلي وأدت إلى تجميد الاعتمادات المالية المخصصة له لتغطية المصاريف السرية وبدل مهمات السفر إلى الخارج والمجمدة بسبب هذا الخلاف ولا تحل إلا بتوقيعهما معاً على كل المعاملات المالية في هذين المجالين.
وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية بأن سلام التقى ليل أول من أمس، وقبل أن يشارك في مأدبة العشاء التي أقامها هولاند، بدعوة شخصية منه وزير السياحة ميشال فرعون ومن ثم وزير المال علي حسن خليل.
ولم تتسرب أي معلومات عن نتائج هذين الاجتماعين على رغم أن «أمن الدولة» سيحضر بامتياز بنداً أول على جدول أعمال الجلسة.
من جهة ثانية، يلتئم البرلمان اليوم بدعوة من رئيسه نبيه بري، وهي الجلسة الثامنة والثلاثين لانتخاب رئيس جديد من دون الرهان على حصول أي تقدم بسبب تعذر تأمين النصاب القانوني – ثلثي أعضاء البرلمان. وبالتالي فإن مصيرها سيكون مثل سابقاتها بصرف النظر عن حجم الحضور النيابي إلى مبنى البرلمان.
وفي القاهرة اجتمع الرئيسي عبدالفتاح السيسي وهولاند عقب وصوله في زيارته الرسمية الأولى إلى مصر وتستمر يومين، يهيمن عليها ملف التعاون الاقتصادي.
وعقد الرئيسان اجتماعاً، قبل انضمام وفدي البلدين إلى محادثاتهما، ركز على تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين، كما بحثا في الأوضاع الإقليمية ومكافحة الإرهاب، وأكدا دعم الجهود للتوصل إلى تسويات سياسية في الأزمات التي تعاني منها سورية واليمن وليبيا. وعقب المحادثات شهد الرئيسان توقيع عدد من اتفاقات التعاون في المجالين الاقتصادي والعسكري، قبل أن يعقدا مؤتمراً صحافياً تحدث فيه الرئيسان عن التعاون بين البلدين.
ومن المقرر أن يلتقي هولاند اليوم رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ويزور البرلمان، قبل أن يختتم زيارته بجولة سياحية.