القاهرة – أمندا برادعي
أعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن ثقته بأن رئاسة العماد ميشال عون لبنان «ستُعزز وضع لبنان كبلدٍ للتعددية والتنوع الثقافي الذي تحكمه أسس المشاركة والتوافق بين القوى السياسية المختلفة»، أثناء استقباله الرئيس اللبناني أمس في قصر الاتحادية بالقاهرة. واعتبر عون أن «مصر الاعتدال والانفتاح، والسند والعضد، يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية بوضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب وإيجاد الحلول السياسية للأزمات الملحّة في الوطن العربي، خصوصاً في سورية التي تستعر فيها النار، وقد طاولتنا شظاياها».
وأعلن الرئيس المصري استعداد بلاده «لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الأمنية للوقوف ضد أخطار الإرهاب». وعلمت «الحياة» من مصدر وزاري لبناني أن الرئيسين أكدا دعمهما الحل السياسي في سورية عبر الحوار، و «بحثا في التطور الجديد في سورية، أي الاتفاق الروسي – التركي». ونقل المصدر تأكيد السيسي «تشجيع مصر وتسهيلها هذه المهمة التي ننتظر منها نتائج إيجابية». وأكد أن «ملف الإرهاب أعطي حيزاً أساسياً في البحث، لأن البلدين مستهدفان من المجموعات نفسها».
وعن الحديث عن إعادة عضوية سورية إلى الجامعة العربية، أكد عضو مرافق في الوفد اللبناني أنه تم التطرق إلى الموضوع، «لكن هناك مواضيع حساسة لا يمكن الإفصاح عنها ريثما تتبلور مناخات القمة العربية، ولدى الرئيس عون توجه سيعلنه في القمة بوجوب أن تكون القمة فاعلة ومنتجة، ووافقه السيسي».
وجاءت الزيارة في وقت أثار كلام عون عن أن سلاح «حزب الله» لا يتناقض مع مشروع الدولة طالما أن الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية، سجالاً وردوداً منتقدة ومؤيدة، فيما رد رئيس حزب «القوات اللبنانية سمير جعجع على دعوة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى التواصل مع الحكومة السورية حول إعادة النازحين، فسأل: «هل في سورية حكومة؟ وهل نسلم النازحين إلى النظام الذي هربوا منه فنقترف جريمة أخلاقية ضد الإنسانية؟».
لكن عون قال في خطاب أمام الجالية اللبنانية مساء في القاهرة: «نعتمد الحياد الإيجابي، لأنه عندما يختلف الأشقاء ونقف نحن مع طرف دون آخر يعني أننا صرنا فريقاً في الخصومة».
وعقد الرئيسان المصري واللبناني اجتماعاً ثنائياً انضم إليه لاحقاً أعضاء الوفدين، ركز خلاله الجانبان على تفعيل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في شكل دوري، وعلى التعاون في مواجهة الإرهاب والاستعدادات للقمة العربية المنتظرة الشهر المقبل في عمّان، وأمل عون بـ «أن تتمكن من وضع أسس للعمل العربي المشترك»، مشيراً إلى أهمية التضامن العربي.
وأفاد المكتب الإعلامي للرئيس اللبناني بأن السيسي خاطب عون قائلاً أن لبنان «يحتاج إلى خبرتك وزعامتك وقيادتك الحكيمة»، معتبراً أن «لبنان الآمن ضرورة للمنطقة ولسائر الدول العربية». كما شكر للبنان رعايته الجالية المصرية فيه. وأشار المكتب إلى أن الوفدين عرضا النزوح السوري وانعكاساته، وتبادلا الأفكار بإشراف الرئيسين. كما تحدث المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم عن التعاون الأمني بين لبنان ومصر في حضور رئيس الاستخبارات العامة المصرية خالد فوزي، في سياق البحث في التعاون الاستخباري، فضلاً عن تدريب الضباط اللبنانيين في المعاهد العسكرية المصرية. وأكد مصدر رسمي لبناني لـ «الحياة» أن التدريبات المصرية ستشمل الجيش اللبناني وقوى الأمن والأمن العام والمخابرات، وأن السيسي أعطى تعليمات بعدم تحديد سقف للعدد.
وفي المؤتمر الصحافي المشترك، قال السيسي أن مصر «من الدول الأولى التي رحبت بقدرة اللبنانيين على التوصل إلى تسوية سياسية، صُنعت في لبنان بعيداً من تدخل القوى الخارجية، ما يجعل لبنان نموذجاً رائداً لتسوية الأزمات سياسياً».
وزار عون الكاتدرائية المرقسية، والتقى بطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا تواضروس الثاني، ثم الأزهر حيث التقى شيخه الإمام الأكبر أحمد الطيب الذي وجه له دعوة إلى حضور «مؤتمر المواطنة وحوار الأديان» في مصر من 28 شباط (فبراير) حتى 1 آذار (مارس).