أدى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان الصلاة وألقى خطبة عيد الفطر السعيد في جامع محمد الأمين في وسط بيروت، وأم المصلين في حضور ممثل رئيس الحكومة الوزير جمال الجراح، الرئيس تمام سلام ونواب بيروت، سفير اليمن في لبنان علي أحمد الديلمي، القنصل السعودي في لبنان سلطان السباعي، وحشد من الشخصيات السياسية، والاجتماعية والنقابية والعسكرية.
وقال دريان في خطبته: «إنَّ أمنَ المسجد الحرام في مكة المكرمة، وأمن المسجد النبوِي الشريف في المدينة المنورة، خط أحمر، لا نرضى أن يتخطاه أحد، أو أن يُزعزعَ أمنهما واستقرارهما أحد، فهما محفوظان بحفظ الله تعالى، وبوعي القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمينِ الشريفين، وولي عهده الأمين، وحكومةِ المملكة وشعبها الشقيق، وما حدث بالأمس في مكة المكرمة، من محاولة فاشلة، لاستهداف الحرم المكي الشريف، الذي جعله الله مثابة للناسِ وأمناً، هو جريمة نكراء وغير عادية، بل هي أم الجرائم، ومن قام بهذا العمل الشنيع، أو حرضَ عليه، إنما ارتكب أكبر المحرمات، ولا حرْمة في الإسلام أعظمُ من حرمة الدم، والتعرّض للكعبة المعظّمة قبلة المسلمين، تعرضٌ لكل مسلمٍ بعينه، وننوه بالجهود التي قام بها المسؤولون في المملكة ويقومون بها، وعلى رأسهم خادم الحرمينِ الشريفين، وولي عهده الأمين، لكشف هؤلاء الإرهابيين المجرمين، والضرب على أيديهم، ليكونوا عبرة لكل من يحاول أن يمس أمن المملكة واستقرارها، المُؤتمنة على الإسلام ومقدساته ورسالته». وأكد أنَّ «المسلمين في لبنان، معَ المملكةِ في السراءِ والضراء، والعُسرِ واليُسر، ويهُمُّهُم أمنها كما يهُمهُمْ أمنُهم، فنحن في المَصِيرِ سواء، وَجَسَدٌ واحد، إذا اشْتكى منه عُضوٌ تَداعَى له سائر الجسَدِ بالحمَّى والسهر».
وأضاف: «في هذا اليوم العظيم المبارَك، نتوَجَّه بقلوبِنا متضرعينَ إلى الله عز وجل، أن يحفظ المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً وجيشاً مِنْ كل كيد وسوء، وأن يحفظ بلاد المسلمين عامة، وأن يجمع كلِمَتهم، ويوحِّد شملهم، ويقِيهم كيد الكائدين، ومكر الماكرين، ونَسأله جلَّ وعلا، أن يزيل هذه الغمَّة عن سماءِ الأمة، التي تُعاني الدسائسَ والمكائد والفُرقة، وأنْ يُعِينَها على دَحرِ التطرف والإرهاب ومن وراءَهُما، وأن يعيدَ لنا المسجد الأقصى، لِيكون مكان أمن وأمان لكل المصلين فيه».
وتطرق دريان إلى الوضع في المنطقة وقال: «لقد طالتْ عقودُ المحنةِ على الشعبِ الفلسطيني، وسنوات المحنة على العراقيين والسوريين والليبيين واليمنيين. وانتهى الاستعمار في العالمِ كله، باستثناء الاستعمار والاستيطان الصهيوني في فلسطين. ثم إننا نتحدث عن التهجيرِ واللُّجوءِ والاستيطان، وننسى قتل الإنسان وتخريب العمران. هناك أكثر من مليون قتيل في سورية والعراق خلال خمس سنوات».
وأضاف: «إذا التفتْنا للداخلِ الوطنِيّ، نَجد أخيراً ظواهِر إيجابية. فقد أقر قانون للانتخاب، المُهِمُّ فيه أنه حصلَ في أجواء توافقٍ وطنيّ كبير. وهناك شكاوى من غموض القانون وصعوبة تطبيقه، لكننا متفائلون بأنه كما تم التوافق على الإقرار، يمكِن التوصل إلى توافق على طرائق التطبيق. وبصراحة، لقد طال انتظار اللبنانيين للانتخابات، التي قد يكون إجراؤها في أهمية القانونِ ذاته. فلا صِدقية لأيّ نِظام سِياسِي من دون انتخابات حرّة وَمنتظمَة».
وزاد: «كما أننا نرى في إقرار القانون الانتخابي أمراً جيّداً، ويحسب للجميع، وبخاصةٍ للرئيس سعد الحريري، فإننا نَرى في الاجتماع التشاوريّ بالقصرِ الجمهوري إيجابية أيضاً. فهناك قضايا وطنية واقتصادية واجتماعية وَسياسِية تأخر كثيراً الاهتمام بها، وما بدا التفكيرُ فيها جِدياً إلا في حُكومةِ استعادةِ الثقة. فليكن الاجتماع التشاوري متواصلاً ودورياً مِنْ هذا البَابِ أيضاً، وبخاصة، أنَّ الأزمة الاقتصادية صارت خانقة. وقد شكا لي عديدون مِنْ تآكل مُستوى دخولهم، ومستوى معيشتهم، حتى أنهم شعروا بهذا الأمر في رَمضَان. وهذا فضلاً عن تكاليف المدارس، وضآلة فرص العمل بالداخل والخارج. وهذه جميعاً أمور ينبغي أن تكون بين أولويات الحكومة، وهو الأمر الحاصل بِالفِعلِ في خطاباتِ الرئيسِ الحريري، وفي عمله الحكومِيّ، أي إعطاء الأولويّة لِخدمة الناس، وحياة المواطنين». وقال: «إننا نتومُ خيراً في هذا العهد الجديد، وفي حكومة الرئيس الحريري، التي تعمل بجدٍّ وإخلاص، لمعالجة كل القضايا السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية على الساحة اللبنانية، ونأمل بأن يكون اللقاء التشاوريّ الذي عقد في بعبدا، فسحَة أملٍ كبيرة وبشرى، لإعادة بناء الدولة الوطنية، والنهوض بمؤسساتها العاملة، لِخدمة أبنائها من دون تمييز أو تفريق بين مناطقهم وأماكن تواجدهم، ليبقى لبنان كما يريده أبناؤه، واحةً للحرِية والكرامة، سيداً عربياً مستقِلاً».
ولفت دريان إلى أن «ما نشهده في لبنان من تفلت السلاح المنتشر في كل الأراضي اللبنانية، قد زاد من عدد الضحايا الذين يسقطون في حوادِثَ فردية غير مبررة ، وينبَغي ضبْطه، والضرب بيد من حديد، كلّ منْ تسول له نفسه أن يسْتعمل هذا السلاحَ في غير موقعه الذي وجد له، وفي غير وجهته الصحيحة، ومن دونِ ذلك، لا نحفظ أمن أبنائنا وشبابنا الذين تذهب دماؤهم الغالية علينا هدراً، الأمر الذي يتطلبُ بَسْطَ الدولةِ سيادتها على كل الأراضي اللبنانية، لمنع هذا السلاح، وضبط الفلتان الأمنيّ المتنَقل بين منطقة وأخرى، ويذهب ضحيته مُواطنون آمنون مسالمون»، مسجلاً «تقديرنا وتقدير كل اللبنانيين للإنجازات والتضحيات الكبيرة التي يقدمها الجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل الحفاظِ على أمنِ لبنان واللبنانيين».
وبعد خطبة العيد توجه دريان وممثل الحريري الجراح والحضور إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأوا الفاتحة عن روحه ورفاقه.
حسن: الاعتداء تهديد سافر
أم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن المصلين صبيحة عيد الفطر، في مقام الأمير عبدالله التنوخي في عبيه. وقال في خطبة العيد: «نستبشر خيراً كلما انعقدت تسوية على قاعدة الحوار والتفاهم والشراكة آملين بأن يكون هذا النهج دافعاً، في الأساس، إلى تحقيق المصالح الوطنية العليا. أما وقد أصبح لنا قانون انتخاب جديد، إلا أن المرحلة تستلزم الانصراف إلى معالجة حكومية وتشريعية لقضايا الناس وهمومهم المعيشية، وأهم تلك الملفات إقرار الموازنة العامة للبلاد وتصويب الوضع الاقتصادي وإقرار سلسلة الرتب والرواتب في إطار واضح ومحدد يضمن معالجة مكامن الهدر والفساد في إدارات الدولة وقطاعاتها المنتجة».
ودعا إلى «وحدة إسلامية حقيقية تكون بمستوى التحديات الخطيرة التي تواجهها الأمة في مختلف أصقاع العالم، حيث التطرف يشوه صورة الإسلام، وقد كانت محاولة التفجير المدانة والمستنكرة قرب الحرم المكي المكرم خير دليل على حجم هذه التهديدات السافرة التي تشكل تهديداً لكل العالم الإسلامي».
فضل الله والإرهاب ضد المقدسات
وقال العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله بعدما أم حشود المصلين، في خطبة عيد الفطر من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك: «يقبل العيد علينا وعالمنا العربي والإسلامي لا يزال يعاني ومعه العالم من الإرهاب التدميري الطارئ على قيم أمتنا الذي لا يعرف حدوداً ولا يقيم وزناً للدماء البريئة وللمقدسات، حتى بلغ باستهدافه ما حصل بالأمس، عندما طاول محيط الحرم في مكة المكرمة وقبله في المدينة المنورة كما طاول المساجد والحسينيات والأسواق حتى تحول معه القتل إلى هدف». ورأى أن الرد على هذا الإرهاب هو «في تعزيز الوحدة على كل المستويات وإزالة كل أسباب التوتر التي باتت تعصف بالساحتين العربية والإسلامية».
ورأى فضل الله «أهمية المبادرة التي قام بها رئيس الجمهورية ورؤساء القوى السياسية الممثلة في الحكومة، العمل لتعزيز الساحة الداخلية والانطلاق إلى مرحلة جديدة نأمل الوصول إليها والأمر مرهون بالأفعال لا بالنيات».
عون وجعجع يتمنيان عودة الأمن والسلام الى المنطقة
– هنأ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون اللبنانيين بحلول عيد الفطر المبارك، وكتب على صفحته الخاصة عبر «تويتر» المعايدة الآتية: «لكل عيد بهجته، والبهجة تحمل الأمل. نسأل الله أن يحقق عيد الفطر للبنانيين آمالهم، وأن يعيد لشرقنا أمانه وسلامه».
وكان عون أبرق الى رؤساء الدول العربية والإسلامية مهنئاً بعيد الفطر المبارك، متمنياً لهم ولدولهم وشعوبهم الخير والسلام والتقدم.
ووجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع معايدة عبر «تويتر» قال فيها: «فطر سعيد أعاده الله على اللبنانيين والمسلمين في كل العالم في ظروف حياتية أفضل يسودها الاستقرار والأمان والطمأنينة، ولكن على رغم المآسي التي ما زالت تشهدها منطقتنا نجدد الأمل مع هذا العيد الفضيل كما العزم بتجاوز المحن والصعوبات تحقيقاً للسلام المنشود».