رأى الرئيس اللبناني ميشال عون أن «الأزمة الأخيرة باتت وراءنا وأن رئيس الحكومة سعد الحريري سيواصل مسيرة قيادة لبنان»، معتبراً «أن مستقبل الشرق الأوسط سيكون انطلاقاً من بيروت التي تشكل نموذجاً للعيش معاً في المنطقة».
كلام عون جاء في مقابلة مع صحيفة «لاستامبا» الإيطالية خلال زيارة رسمية بدأها لروما أمس. وقال إن «المسيحيين سيعودون إلى كل من سورية والعراق وإن الإرهاب جعلنا ندرك أنه كلما كانت أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط قريبين من بعضهما بعضاً، فإن دول هذا البحر ستعود تشكل أولوية للعالم».
ووصف عون ما هو قائم بين لبنان وإيطاليا منذ قرون بأنه «صداقة وثيقة».
وعما آلت إليه الأزمة الأخيرة، قال عون: «الأزمة ستجد لها حلاً نهائياً في بضعة أيام»، موضحاً «أن كل الأفرقاء اللبنانيين منحوه ملء ثقتهم لأجل ذلك»، مقدراً وقوف العالم بأجمعه إلى جانب لبنان، وكاشفاً أن الدول الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن وكذلك إيطاليا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة تضامنوا في شكل كامل مع لبنان في هذا الأمر.
وعما إذا كان الحريري سيبقى رئيساً للحكومة، قال: «بكل تأكيد. انتهينا للتو من الاستشارات التي قمنا بها مع مختلف القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها، وهناك ملء الثقة به».
وعن الموقف من «حزب الله» وانخراطه في أزمات المنطقة في الوقت الذي يتمسك فيه الرئيس الحريري بحياد لبنان، قال عون: «حزب الله حارب إرهابيي داعش في لبنان وخارجه، وعندما تنتهي الحرب ضد الإرهاب، سيعود مقاتلوه إلى البلاد».
وأشار إلى أنه سبق له أن «قاد مقاومة ضد الاحتلال السوري، ولكن خرجت سورية من لبنان»، لافتاً إلى أنه «كان من الضروري أن نقوم بما قامت به كل من فرنسا وألمانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أي المصالحة».
وقال عون إن «لبنان وسورية دولتان متجاورتان، ومن هنا عليهما أن تتعاونا»، مشيراً إلى أن «التفاهم مع سورية سمح بتأمين حدود لبنان ومحاربة داعش».
وعما إذا كان الغرب لا يفهم التعايش مع «حزب الله»، قال عون: «من الواجب علينا أن ندرك أن حزب الله يشكل قوة مقاومة لبنانية نشأت بوجه الاعتداءات الإسرائيلية، وهي مقاومة شعبية»، موضحاً أن «لبنان لم يبدأ الحرب ضد أحد أبداً واللبنانيين يعتبرون حزب الله قوة دفاع وليس حزباً إرهابياً».
ورأى أن سورية «تتجه نحو اتفاق سياسي وأن تغييراً سيحدث في النظام، ولكن ليس للأشخاص الذين ربحوا الحرب». وكشف أنه «سيحصل تطور في التركيبة السياسية للبلاد في اتجاه أكثر ديموقراطية، وفي خدمة عيش مشترك أفضل بين مختلف الطوائف».
وقال إن «العراق كذلك سيسلك الطريق نفسها»، لافتاً إلى أن «السلام في سورية هو في غاية الأهمية بالنسبة إلى لبنان حيث لدينا مليون و600 ألف نازح سوري ولبنان ليس قادراً على تقديم ما يستلزمه هذا العدد الكبير من اللجوء فنحن نريد أن يعودوا بأسرع وقت ممكن».
وإذ لفت عون إلى «إنجازات الجيش اللبناني في محاربة الإهارب»، شدد على «أهمية العلاقة التاريخية بين لبنان وإيطاليا». وذكر بأن «هناك نحو 1200 جندي إيطالي يشاركون ضمن قوة الأمم المتحدة العاملة في الجنوب اللبناني، إضافة إلى أن إيطاليا تشكل بالنسبة إلينا الشريك التجاري الثاني، ووقعنا للتو اتفاقاً تقنياً مع شركة إيطالية وأخرى فرنسية وثالثة روسية للتنقيب عن الغاز في لبنان».
وعن تقويمه للإصلاحات التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المملكة، قال عون: «إن سياستنا تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».
وكان في استقبال عون والوفد المرافق في مطار تشامبينو العسكري في روما، نائب رئيس المراسم في وزارة الخارجية الإيطالية ستيفانو تزانيني وسفير إيطاليا لدى لبنان ماسيمو ماروتي إلى جانـب سفيـرة لبنان لدى إيطاليا ميرا الضاهر فيوليديس والقائم بأعمال سفـارة لبنان لدى الفاتيكان السفير ألبير سماحه.
ويلتقي عون اليوم نظيره الإيطالي سرجيو ماتاريلا ورئيس الحكومة باولو جنتيلوني، ويشارك في افتتاح مؤتمر «حوارات المتوسط 2017 MED» الذي ينعقد في روما في دورته الثالثة ويستضيف شخصيات سياسية واقتصادية وفكرية عالمية ومن ضفتي المتوسط، ويستمر حتى 2 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ويبحث في كيفية تخطي النزاعات التي جعلت من منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط منطقة فوضى عوض أن تكون واحة سلام وحوار.