رست أزمة استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري منذ أكثر من شهر بسبب تدخل «حزب الله» في شؤون دول خليجية بدعم إيراني، أمس، على مخرج دفعه إلى العودة عن هذه الاستقالة وقضى بإجماع مكونات الحكومة، بمن فيها الحزب، على التزامها «النأي بنفسها عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب أو عن الشؤون الداخلية للدول العربية، حفاظاً على علاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب».
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانوييل ماكرون لـ «لحياة»، أنه سيستمر في جهوده من أجل أمن لبنان واستقراره. وقال إن اجتماع «مجموعة الدعم الدولية للبنان» في باريس بعد غد الجمعة «وحضور وزير خارجية أميركا ريكس تيلرسون أمر جيد في الظرف الحالي من أجل التأكيد الدولي للحرص على استقرار لبنان وأمنه». واعتبر ماكرون أن «الأكثر إفادة كان أن يعود الحريري إلى لبنان ويعمل مع الرئيس ميشال عون على مسار يؤكد نأي لبنان بنفسه عن صراعات المنطقة، وعلى المصالحة بين الأطراف».
جاء ذلك على هامش حفلة أقامها ماكرون في الإليزيه لوداع إيفلين ريشار، التي عملت ٤٨ سنة ونصف السنة في الرئاسة في العلاقة مع الإعلام خلال عهود ٦ رؤساء. وسألته «الحياة» عن تخوفه من حرب على لبنان عندما قدم الحريري استقالته من الرياض، فقال: «كنت أشعر بتوترات بالغة في المنطقة ولم أرغب في أن تؤدي هذه التوترات إلى كسر بلد مثل لبنان».
ويستقبل ماكرون الأحد المقبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ويتوقع أن يثير معه موضوع التهدئة على الجبهة اللبنانية. وقال مصدر رفيع لـ «الحياة»، إن باريس تواصل حواراً مع إيران حول لبنان، وهناك زيارة مرتقبة لنائب وزير خارجية إيران عباس عراقجي ولبنان من عناوين البحث، وسيلتقي الأسبوع المقبل الأمين العام للخارجية موريس غوردو مونتانيه الذي يعرف لبنان جيداً وكان مستشاراً للرئيس جاك شيراك.
وفيما أعلن مجلس الوزراء اللبناني في اجتماع استثنائي برئاسة الرئيس عون، أنه «يتطلع إلى أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب وأمتنها، بروح الروابط التاريخية التي تجمع بين دولنا وشعوبنا»، قال أكثر من وزير تعليقاً على البيان الحكومي، إن «العبرة في التنفيذ».
وقالت مصادر رسمية لبنانية إن البيان الصادر عن الحكومة جدد التسوية التي كانت أدت إلى انتخاب عون للرئاسة وتشكيل الحكومة برئاسة الحريري قبل سنة، وترنحت بسبب عدم تطبيق النأي بالنفس واتهام الدول العربية الحكومة بتغطية «حزب الله» وتدخلاته.
وأمضى الفرقاء اللبنانيون زهاء 10 أيام من المشاورات لصوغ البيان انتهت مساء أول من أمس، فدعي مجلس الوزراء للانعقاد. وعلمت «الحياة» أن المسودة نصت على وقف الحملات الإعلامية ضد الدول العربية، لكن «حزب الله» اقترح حذفها ليحتفظ بحقه في الرد على الحملات ضده وضد إيران.
وبينما توخى البيان ابتعاد «حزب الله» عن التدخل في حرب اليمن في شكل رئيسي، قالت مصادر مطلعة إن الأمر يخضع لاختبار عملي.
وتخللت جلسة مجلس الوزراء القصيرة، مداخلات لعون والحريري ووزراء، وقال عون إن موقفنا كان (خلال الأزمة) موقف مواجهة، ووحدة اللبنانيين تبقى الأساس لحماية الاستقرار». أما الحريري فقال: «أنا رئيس مجلس وزراء لبنان وصدر بحقي حكم إعدام في سورية، وحزب الله مصنف إرهابياً في دول الخليج». ودعا إلى «تجنيب البلد الدخول بصراعات المنطقة للحفاظ على استقرارنا. لكن هذا لا يعفينا من أن نرى المشكلة القائمة وملاحظات عدد من الدول الشقيقة، خصوصاً دول الخليج التي وجهت إلينا رسائل واضحة حول التدخل في شؤونها الداخلية. وهذا يعني أن ثمة مشكلة لا يجوز أن تستمر». واعتبر الحريري أن «التهجم على دول الخليج في الإعلام والسياسة يهدد مصالح لبنان، خصوصاً مصالح اللبنانيين الذين يعملون في الخليج».