IMLebanon

لبنان: تجدد الأمل بالتفاوض على المبادلة

شهد لبنان سباقاً بين جهود خفض التوتر وبين مظاهر الاحتجاج والاحتقان على خلفية قضية العسكريين المخطوفين وتداعياتها من قطع الطرق من قبل أهاليهم، وتدابير الجيش الاحترازية في مخيمات النازحين السوريين والتوقيفات التي نفذها بحثاً عن مشتبه بانتمائهم إلى التنظيمات المتشددة في سورية، والتي أطلقت تحركات احتجاجية، قابلتها مساع لتدارك ردود الفعل. (للمزيد)

وعلمت «الحياة» من مصادر تعمل على خط تسهيل المفاوضات لإخلاء العسكريين المخطوفين أن جهوداً حثيثة بذلت خلال الساعات الـ 24 الماضية أدت إلى الحؤول دون توجه لدى «جبهة النصرة» نحو قتل المزيد من العسكريين رداً على توقيف الجيش عشرات النازحين الذين أفرج عن معظمهم بعد التأكد من أوضاعهم وأوراقهم الثبوتية. وذكرت مصادر معنية بالتفاوض أن الاتصالات نجحت في تجاوز ذلك على أمل الإفادة من وقف القتل من قبل الخاطفين، عبر تفعيل التفاوض معهم على مبادلة تركهم للعسكريين بتلبية بعض مطالبهم.

وقالت المصادر إن ضمان عدم التعرض للعسكريين يتيح استئناف التفاوض على المبادلة وإن الاتصالات على هذا الصعيد ستنشط في هذا الاتجاه خلال الساعات المقبلة في شكل ايجابي، معتبرة أن هناك تطوراً في الموقف اللبناني الرسمي يسمح بالأمل بذلك. وفيما قالت مصادر مواكبة لجهود التفاوض إن الوساطة القطرية متعثرة، أوضحت مصادر رسمية أن الجانب القطري لم يعلق وساطته بل يبحث عن قنوات وهو مربك بعد مشاركة بلاده في التحالف الدولي ما يسبب له إحراجات. ولم تتأكد أنباء ليلاً عن أن موفد الدوحة عاد إلى بيروت أمس.

في هذا الوقت قال رئيس الحكومة تمام سلام في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ليل أمس في نيويورك إن «لبنان يتعرض لهجمة إرهابية شرسة من قبل مجموعات ظلامية شرسة نفذت اعتداءات على مناطق لبنانية عدة…». وأشار إلى خطف الإرهابيين عدداً من أفراد الجيش وقوى الأمن وإلى «تنفيذ هذه العصابات جريمة قتل وحشية بحق 3 من المحتجزين الأبرياء».

واعتبر سلام أنّ «هذه الجرائم عرقَلَتْ جهودَ التفاوض غيرِ المباشر التي تقوم بها حكومتُنا بمساعدة جهاتٍ صديقة، لتأمينِ الإفراج عن العسكريين»، مؤكداً أَنْ «ليسَ بين خياراتِنا في هذه القضية خيارُ التراجُع عن أيٍّ من ثوابتِنا المتمثلةِ بتحرير العسكريين وحِفظِ هيبةِ الدولة وحمايةِ أمنها وسيادةِ أراضيها».

وأوضح سلام أنّ مشكلة النازحين السوريين، بكلِّ تداعياتِها الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والأمنيّة الخطرة، ليست، ويجب ألا تكونَ، مشكِلَةً لبنانيةً بَحْتَة… إنّها أزْمةٌ إقليمية كبرى موضوعةٌ برَسْمِ المجتمع الدوليّ الذي عَلَيْهِ أن يتحمَّلَ مع لبنان هذا العبء الهائلَ الذي لا طاقَةَ لأيِّ دولةٍ مهما كان حجمُها على تحمُّلِه وحدَها».

والتقى سلام في مقر إقامته في فندق «وولدوف أستوريا» وزير الخارجية الأميركي جون كيري في حضور وزير الخارجية جبران باسيل وسفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة السفير نواف سلام، وعرض معه الأوضاع في المنطقة ولبنان.

والتقى باسيل مساء أمس نظيره السوري وليد المعلم في إطار لقاءات شملت أيضاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وكان أهالي العسكريين واصلوا أمس أيضاً قطع الطرق بين البقاع وبيروت والبقاع والجبل وعلى الطريق الساحلية الشمالية للضغط على الحكومة كي تسرّع جهود الإفراج عنهم. وزارهم وزير الصحة وائل أبو فاعور في منطقة ضهر الأحمر أمس موفداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليؤكد لهم أن الرئيس سلام مهتم بقضيتهم في شكل استثنائي وطلب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تدخل أنقرة وأن الأخير وعد بذلك.

وشهدت عرسال لليوم الثاني على التوالي تظاهرة محدودة لنازحين سوريين رفعت شعارات تضامن مع «النصرة» و»داعش»، احتجاجاً على مداهمات الجيش للمخيمات بحثاً عن مطلوبين وتوقيف شبان منها. كما شهدت طرابلس تظاهرة صغيرة من لبنانيين متعاطفين مع التنظيمات المتشددة.

وعقد اجتماع في أحد مساجد عرسال بين علماء دين من البلدة وآخرين سوريين بحث في المشاكل التي يتعرض لها النازحون جراء عدم تواجدهم في لبنان بأوراق شرعية. وصدر بيان مشترك طالب بممر إنساني للنازحين السوريين وبإطلاق الموقوفين لدى الجيش. وناشد المجتمعون خاطفي العسكريين عدم التعرض لهم وشكلوا وفداً مشتركاً للقاء الخاطفين لتسريع التفاوض على تحرير العسكريين اللبنانيين.

وقالت مصادر عرسالية لـ «الحياة» إن هناك مبالغة في تصوير وقائع إجراءات الجيش وردود الفعل عليها وإن من جرى توقيفهم بالعشرات أخلي سبيل معظمهم بعد التحقيق معهم. وطمأنت قيادة الجيش وجهاء البلدة بأن لا استهداف لعرسال والنازحين بل تدابير احترازية بحثاً عن مشتبه بهم. وقالت المصادر إنه اتفق بين وجهاء من البلدة ومشايخ من النازحين على بذل الجهود لتجنيبها ومخيمات النازحين انعكاسات الوضع العسكري الساخن في القلمون وجرود عرسال.