أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن «الحكومة التي ضمت كل الأطراف ساهمت في إرساء الاستقرار السياسي، وحتى لو علت داخلها الأصوات المختلفة أحياناً، إلا أنها تبقى تحت سقف الاختلاف السياسي الذي يُغني الحياة الديموقراطية». وقال: «لا شك في أن إنجاز قانون انتخابات، وبعد جهود مضنية، يقوم على النسبية للمرة الأولى في تاريخ لبنان، سيؤمّن مزيداً من الاستقرار السياسي، لأنه سيسمح بعدالة أكثر في التمثيل. وهنا، أؤكد حرصي على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها».
وشدد عون على أن «حفظ الاستقرار الأمني وسط منطقة ملتهبة، وفي بلد كلبنان، ينفعل ويتفاعل مع محيطه إلى حد كبير، هو أمر بالغ الصعوبة. ولكننا تمكّنا من تحقيقه ومنع انتقال نار الفتنة إلى الداخل اللبناني، وذلك بفضل تضافر كل الإرادات، والتنسيق الكامل بين مختلف الأجهزة الأمنية بعد التعيينات الجديدة في قياداتها».
واعتبر أن «اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر سفارة بلاده إليها، يعمِّق الفجوة ويبعد السلام ويزيد النار استعاراً في الشرق، وأن السلام لن يكون ما لم تبحث جدياً مشاكل هذه المنطقة، من منطلق العدالة لا القوة، وعبر الاعتراف بالحقوق لا الاعتداء عليها».
مواقف عون جاءت خلال حفلة الاستقبال الذي أقامها أمس في قاعة 22 تشرين الثاني، لأعضاء السلك الديبلوماسي وممثلي البعثات الديبلوماسية المعتمدين في لبنان الذين قدموا إليه التهاني بالسنة الجديدة، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل.
وألقى عميد السلك الديبلوماسي القائم بأعمال السفارة البابوية المونسنيور إيفان سانتوس كلمة أكد فيها أن «اللبنانيين يشهدون لقيم العدالة، والتعايش، والاعتدال، والأخوّة أينما حلّوا في العالم». وتوجه إلى عون قائلاً: «أثبتموها، خلال أزمة الخريف الماضي، بتغليب مصلحة الوطن وكرامة أبنائه على الاختلافات، وذلك عبر الإصغاء والاهتمام الحقيقيّ بالوحدة». وأضاف: «كنّا شهودًا على الإجماع الواسع الذي سمح للبنان بالوصول إلى تفاهم بين جميع مكوّناته وقواه السياسية لانتخابكم رئيساً، نأمل بأن تدوم روح التفاهم ذاته في زمن الانتخابات النيابيّة التي ستتمّ في 6 أيّار (مايو) المقبل». ووصفها بأنها «فرصة لتقوية الديموقراطيّة السياسيّة التي تتمحور حول التوازن بين الحقوق والواجبات، حول مبدأ المسؤوليّة وقيم التضامن الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وفق ما نصّت عليه المادة 7 من الدستور اللبنانيّ».
وقال: «يُصادف هذه السنة العيد الـ75 لاستقلال لبنان الذي يشكّل فرصة جوهريّة للعودة إلى ركائز بلد الأرز». ورأى أن «الرغبة في الوحدة تجلّت أيضاً، في الجهود والصلابة التي أظهرها الجيش والقوى الأمنية في تحرير لبنان من الوجود الإرهابي». ولفت إلى أنه «في هذا الإطار الدولي المأزوم، منح هذا البلد الملجأ للهاربين من الحروب».
ورد عون شاكراً «كل الدول الصديقة التي ساندت لبنان ودعمته في خطواته نحو الاستقرار». وقال: «شهدنا بيروت تستعيد فرحها وتغالب أزماتها وتأبى إلا أن تنشر الأمل، والفرح هو سمة الشعوب الحية التي تتخطى دائماً مصاعبها».
وأشار إلى أن «أولى أولوياتي حدّدتها في خطاب القسم وتتلخّص بتأمين الاستقرار، وكانت البداية للاستقرار السياسي، إذ من دونه لا يمكن إنجاز أي تقدّم في أي مضمار»، معتبراً أن «الشأن الاجتماعي والاقتصادي هو الطريق الأصعب، لأن لبنان غارق منذ عقود بهدر المال العام وغياب المحاسبة، كما بالديون. لكن اليوم أُقرت الموازنة وكذلك قانون الإصلاح الضريبي وجهدنا سيتركز خلال هذا العام على الشأن الاقتصادي تخطيطاً وتطبيقاً». ولفت إلى أن «التعيينات التي حصلت في مختلف مؤسسات الدولة، وضعت نهج عمل مختلفاً ومتقدّماً». ورأى أن «السلام، قبل أن يكون اتفاقات على الورق أو خطوطاً على الأرض، هو شعور داخلي».
وجدد عون «دعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى العمل على العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم»، لافتاً إلى أن «الإستراتيجية التي اعتمدت «الفوضى الخلاقة» لإحداث التغيير أثبتت كارثية نتائجها، وصارت هناك حاجة لإستراتيجية دولية جديدة تقوم على الحوار ومقاربة جديدة تحترم حقوق الشعوب والدول».
وأكد أن «النموذج اللبناني هو نقيض العنصرية والأحادية». وجدد طرحه «ترشيح لبنان ليكون مركزاً دائماً للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق».