ناقشت 41 دولة أمس، خطة لبنان الخمسية لدعم قواته المسلحة في مؤتمر روما- 2 في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الحكومة الإيطالية مسيمو جنتيلوني وممثلي الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، فيما بدا واضحاً أن لبنان التزم في المقابل «مناقشة استراتيجيا للدفاع الوطني ليتم في إطارها تمكين هذه القوات من الحفاظ على الأمن والاستقرار»، إضافة إلى التزامه إرسال مزيد من جنود الجيش اللبناني إلى الجنوب، وتأكيده «نيته نشر فوج نموذجي فيه».
وأكد الحريري في كلمته في افتتاح المؤتمر في مقر وزارة الخارجية الإيطالية، التزام حكومته بكل مكوناتها، سياسة النأي بالنفس» (من صراعات المنطقة وحروبها) التي هي مطلب ملازم للمواقف الدولية حيال الوضع اللبناني وإزاء استمرار «حزب الله» في التدخل بالحرب السورية وفي عدد من الأزمات العربية. وشدد الحريري على التزام قرارات مجلس الأمن، لا سيما «القرارين 1701 و2372 اللذين يحضان المجتمع الدولي على دعم قواتنا المسلحة». وأشار إلى أن «استمرار استتباب الأمن في لبنان هو ضمان لاستتباب الأمن في المنطقة»، معتبراً أنه على رغم أن الحدود الجنوبية هي «الأكثر هدوءاً في الشرق الأوسط تبقى إسرائيل التهديد الرئيسي للبنان».
وكان لافتاً حديث الحريري عن «أهمية انخراط مزيد من النساء في القوى الأمنية»، وتعهده «تفعيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان».
وسبق الحريري إلى الكلام وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو الذي قال: «هدفنا مواجهة منطق الفصائل المستقطبة، والأيديولوجيات الخلافية، وتعزيز فضائل الحوار والوساطة. ونعيد التشديد على أقوى دعم ممكن للمؤسسات اللبنانية». وأضاف: «سنعمل ليس فقط للمراقبة الفعالة للحدود، ولكن أيضاً لإعطاء المواطنين اللبنانيين الشعور بالأمن والثقة بالمؤسسات. هذا يعني أيضاً تعزيز قوات الأمن والمؤسسات العاملة في لبنان وجعل هذا البلد في منأى من تأثير عدوانية الجهات الفاعلة غير الحكومية، وعن الأزمات الإقليمية».
ودعا غوتيريش في افتتاح المؤتمر ثم في مؤتمر صحافي، المجتمع الدولي إلى «إظهار التضامن مع لبنان لأن الحفاظ على أمنه ضروري له وللمنطقة». وتحدث عن الحاجة الى «مجموعة الدعم الدولية للبنان»، مشيراً إلى أنها «أكدت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي في باريس إن القوات المسلحة اللبنانية هي القوة المسلحة الوحيدة الشرعية في لبنان، ودعت جميع الأطراف اللبنانيين إلى استئناف المناقشات للتوصل إلى إجماع حول استراتيجيا الدفاع الوطني التي أرى أنها تسير إلى أمام، واتخاذ خطوات ملموسة نحو عدم التدخل في النزاعات الخارجية». وأشار إلى «حسن الضيافة اللبنانية تجاه النازحين السوريين الفارين من العنف والدمار مع انتشار الآثار الدراماتيكية للنزاع السوري إلى ما وراء حدوده».
ولفت إلى أن عددهم بات ثلث عدد السكان وإلى «التأثير الهائل على اقتصاد البلد ومجتمعه، والتحديات الأمنية المأسوية بسبب الأزمة السورية المجاورة». وقال: «في الوقت الذي تشهد المنطقة الاضطراب، لا يتحمّل لبنان أن ينجر إلى صراع مع جيرانه، والحفاظ على استقراره ووحدته أمر ضروري للبنان والمنطقة والعالم. نحن هنا اليوم للعمل معاً على هذا الفهم».
ورأى أن «المؤسسات الأمنية اللبنانية حققت مكاسب مهمة، في تطهير المناطق الحدودية من المسلحين، وحصنت الأمن على الحدود الشرقية واستعادت السيطرة على الأراضي، ولم يكن من الممكن تحقيق هذه الإنجازات من دون الدعم السخي من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعدد من الشركاء». ولاحظ «الخطوات الإيجابية التي اتخذت وتصريحات الرئيس (ميشال) عون والرئيس الحريري التي تؤكد أولوية الجيش اللبناني والدعوة إلى الالتزام بسياسة النأي بالنفس». وشدد على أن تمدد سلطة الدولة من خلال الانتشار التدريجي للقوات المسلحة اللبنانية والسيطرة الفاعلة والمستدامة على منطقة عمليات «يونيفيل» وفي المياه الإقليمية اللبنانية، عنصر أساسي في تحقيق أهداف القرار 1701. ولتحقيق هذا الهدف، فإن تجهيز القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي وتدريبها على نحو جيد من المتطلبات الأساسية».
ورحب بـ «خطة تطوير القدرات التي قدمتها القوات المسلحة اللبنانية والخطة الإستراتيجية الأولى لقوى الأمن الداخلي»، معتبراً أنها «تظهر أن لبنان يسير في الاتجاه الصحيح».
أما جنتيلوني فأعلن أن «المؤتمر هو لتأكيد قوة دعم المجتمع الدولي للبنان، تلك الدولة المهمة في الشرق الأوسط وعلى البحر المتوسط، التي واجهت صعوبات لكنها تحفل بتنوع ديني كبير ولها أهمية كبيرة في أمن أوروبا وآسيا». واعتبر أن «التضامن المهم مع الشعب اللبناني، الذي أظهر تضامناً استثنائياً تجاه الأزمة السورية والنازحين السوريين، يشكل أيضاً مسؤولية دولية لتقديم المساعدة للبنان لكي يتمكن من الإيفاء بالتزاماته والاستمرار في عمله. ولا بد أيضاً من احترام سيادة أراضي لبنان كي يتمكن هذا البلد من الحفاظ على استقراره السياسي والاقتصادي».
وكان الحريري التقى وأعضاء في الوفد المرافق له قبل المؤتمر كلاً من جنتيلوني، مساعد وزير الدفاع السعودي محمد بن عبدالله العايش، رئيس البعثة الديبلوماسية السعودية لدى لبنان وليد بخاري، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ونائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر بوغدانوف الذي قال: «لدينا تعاون مثمر مع لبنان في كل المجالات، بما فيها تعزيز القدرات القتالية للجيش ليتمكن من محاربة «داعش» و «النصرة» وندعم دائماً المصالح المشروعة لأصدقائنا في لبنان».