IMLebanon

مجزرة «الإثنين الأسود» شاهد على نقل السفارة

نقلت الولايات المتحدة رسمياً سفارتها إلى مدينة القدس أمس، على وقع «مجزرة الإثنين الأسود» التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة، وأوقعت 53 شهيداً فلسطينياً، وحوالي 2300 جريح، وكانت شاهداً على نقل السفارة من تل أبيب، فيما رجح ديبلوماسيون أن يعقد مجلس الأمن جلسة عاجلة اليوم، بناء على طلب فلسطيني، وتوالى التنديد الدولي والعربي والدعوات الى «ضبط النفس» (راجع ص5).

ودانت السعودية بشدة استهداف المدنيين الفلسطينيين العزل، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وشدد مسؤول في وزارة الخارجية على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه وقف العنف وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق، مجدداً التأكيد على ثوابت المملكة تجاه القضية الفلسطينية، ودعمها الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

ونكأ نقل السفارة ومجزرة غزة جراحَ الفلسطينيين عشية إحياء ذكرى النكبة، وارتفع منسوب الغضب والإحباط مع ارتفاع عدد الضحايا في هذا اليوم الدموي، مضافاً اليه الانحياز والعبث الأميركي بحقوقهم ومعاناتهم، كما تبدى ذلك في تنديد البيت الأبيض بحركة «حماس» بعد العنف في غزة، وتاكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
ولم يقتنع الفلسطينيون بقول الرئيس دونالد ترامب، في رسالة مسجلة خلال مراسم افتتاح السفارة، إن بلاده «تظل ملتزمة تماماً تسهيل اتفاق سلام دائم» بين الفلسطينيين وإسرائيل، وإن «أملنا الأكبر هو السلام»، كما لم يقنعهم تأكيد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مجدداً التزام الولايات المتحدة «سلاماً عادلاً وشاملاً بين اسرائيل والفلسطينيين»، بل أعلن الرئيس محمود عباس في اجتماع للقيادة الفلسطينية ان «الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً في الشرق الاوسط» بعد نقل سفارتها الى القدس، مؤكداً ان السفارة عبارة عن «بؤرة استيطانية اميركية» في القدس. وطالبت الحكومة الفلسطينية بـ»تدخل دولي فوري وعاجل» لوقف ما وصفته بـ «المذبحة الرهيبة» التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة.

وفيما كان القادة الاسرائيليون يحتفلون مع مسؤولين أميركيين بـ «اليوم العظيم» وتدشين السفارة في حي «تلبيوت» الاستيطاني في القدس، وبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يشكر الرئيس الاميركي، ويطمئنه الى أنه «دخل التاريخ»، أطلقت قوات الاحتلال النار في شكل مفرط على المتظاهرين السلميين المحتجين على نقل السفارة. وكأن ذلك لم يكن كافياً، إذ شن الجيش الاسرائيلي غارة جوية على «خمسة اهداف ارهابية في مخيم للتدريب العسكري التابع لحماس» شمال قطاع غزة «رداً على الاعمال العنيفة التي ارتكبتها الحركة في الساعات الأخيرة».

في هذه الأجواء، أعلنت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار إنهاء فعاليات «مليونية العودة وكسر الحصار»، وأخلت كل أماكن التجمع القريبة من السياج الحدودي الفاصل حفاظاً على أرواح الفلسطينيين، من دون أن يتسنى للمتظاهرين عبور الحدود، كما اعلنت اضراباً شاملاً اليوم في الاراضي الفلسطينية حداداً على ارواح الشهداء. وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة استشهاد 53 فلسطينياً، واصابة أكثر من 2410، بينهم 1200 بالرصاص الحي والمتفجر. وأعلنت وزارة الداخلية في غزة أن من بين الشهداء أربعة من منتسبيها. وفي ما بدا أنه رفض لـ»العرض» الذي أبلغته مصر لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية أثناء زيارة قصيرة للقاهرة أول من أمس، تعهدت الحركة بعد جلسة مشاورات مع فصائل فلسطينية، «إسقاط صفقة القرن». وقال عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية خلال مؤتمر صحافي في غزة مساء أمس، ان «القدس خط أحمر… ومسيرة العودة مستمرة ونحن ندعمها… وشعبنا لن يتراجع». ودان المجزرة الإسرائيلية، معتبراً أن «دماء الشهداء غَسلت عار التطبيع والمطبعين»، وأن الرد على المجزرة «يجب أن يكون بانتفاضة عربية وإسلامية». وتعهد أن «يدفع العدو ثمن هذا القتل»، واستمرار «مطاردة العدو» و»حماية مسيرات العودة».

وفيما يعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً في شأن القدس غداً على مستوى المندوبين الدائمين للبحث في «سبل مواجهة قرار الولايات المتحدة غير القانوني» بنقل سفارتها الى القدس، يتوقع أن يدعو السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور والسفير الكويتي في مجلس الأمن منصور عياد العتيبي المجلس الى جلسة عاجلة يرجح أن تكون اليوم، بعد مشاورات أجروها أمس مع رئيسة مجلس الأمن للشهر الجاري السفيرة البولندية جوانا رونيكا. وقال منصور إن قرار إحالة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني على المحكمة الجنائية الدولية، سيُبحث على مستوى المجلس الفلسطيني خلال اجتماع كان مقرراً أمس. كذلك أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «القلق البالغ من أي عمل أحادي» في الشأن الفلسطيني – الإسرائيلي، مشدداً على أن «القدس هي واحدة من قضايا الحل النهائي التي يجب أن تحل عبر المفاوضات».