قالت مصادر معنية باتصالات تأليف الحكومة الجديدة إن التصور الذي اقترحه الرئيس المكلف سعد الحريري على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الإثنين الماضي لتوزيع الحصص بين الكتل النيابية في حكومة من ٣٠ وزيراً يحتاج إلى المزيد من البحث والتمحيص في ضوء ردود الفعل الأولية عليه، نظراً إلى طرح عون جملة ملاحظات في شأنه، فضلاً عن عدم قبول بعض القوى بما تسرب عن هذا التصور.
ويقول أحد النواب لـ «الحياة» إن البحث في حجم تمثيل الفرقاء الرئيسيين في الحكومة ضروري قبل البحث في أسماء الوزراء والحقائب التي ستوكل إليهم الأمر الذي لا يقل صعوبة عن ترجمة الأوزان الناجمة عن الانتخابات النيابية في التركيبة الحكومية، ما يعني أن إنجاز الحكومة سيأخذ بعض الوقت خلافاً للتوقعات بسرعة ولادتها التي سادت إثر تكليف الحريري، بدليل ما قاله قبل يومين عن أنه كان يأمل بأن تنجز الحكومة قبل العيد لكن مطالب الكتل فرضت أخذ مزيد من الوقت.
وتتفق المصادر المعنية بالتأليف مع هذا الانطباع مشيرة إلى أن التصور الذي طرحه الحريري على عون يقارب الأحجام في شكل يؤمن قيام حكومة جامعة مع حفظ حق الكتل الرئيسة في التمثيل.
ومع التكتم حول تصور الحريري تشير المصادر المعنية إلى أن صيغة الحريري اعتمدت التوزيع الآتي:
– 6 وزراء لـ «التيار الوطني الحر» زائد 3 وزراء للرئيس عون من الحصة المسيحية البالغة 15 وزيراً، بحيث يحصل الفريق العوني على 9 وزراء، من ضمنها حقيبة سيادية يرجح أن تكون احتفاظ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل بحقيبة الخارجية، على أن يكون وزير سني من الوزراء السنة الستة من حصة الرئيس عون.
– 4 وزراء لـ «القوات اللبنانية»، من ضمنها حقيبة سيادية واحتفاظها بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء. وثمة من يقول إن تصور الحريري يترك المجال لحصول «القوات» على 5 وزراء. لكن المصادر التي تحدثت عن جعل حصة «حزب القوات» 5 وزراء تشير إلى أن حصة عون ستنقص واحداً بحيث يحصل على وزيرين أحدهما من الطائفة السنية. لكن السؤال يبقى حول ما إذا كان عون سيختار وزيراً سنياً موالياً له مثل وزير البيئة الحالي طارق الخطيب أو أنه سيختار أحد النواب السنة الذي لا يوالون الحريري والذين يطالب «حزب الله» بتمثيلهم في الحكومة.
– وزير لـ «التكتل الوطني» الذي عماده نواب «المردة» ويضم فيصل كرامي وجهاد الصمد وفريد الخازن ومصطفى الحسيني. وحصر التمثيل بين «التيار الحر» و «القوات» يقود إلى استبعاد حزب «الكتائب».
– 5 وزراء سنة لـ «المستقبل» زائد وزير للحريري يسميه من المسيحيين مقابل حصول عون على أحد الوزراء السنة.
– 3 وزراء لحركة «أمل» بينهم وزير المال و3 لـ «حزب الله».
– 3 وزراء دروز يسميهم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
وأشارت المصادر المعنية بالتأليف بعد اطلاعها على جانب من مداولات عون والحريري إلى أن الأول لم يطرح فكرة توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً، على رغم أن الوزير باسيل يفضل هذا الحجم بغرض تمثيل كل من الطائفة العلوية والسريانية (عن الأقليات) بوزير. وأوضحت المصادر وفق معلوماتها أن عون لم يقبل بتخصيص حقيبة سيادية لـ «القوات اللبنانية» ولا بإسناد نيابة رئاسة الحكومة إليها. كما أنه توقف عند اقتراح الحريري حصر الوزراء الدروز الثلاثة بـ «الحزب التقدمي الاشتراكي» بطريقة السؤال عن حصة النائب طلال أرسلان. إلا أن مصادر نيابية أبلغت «الحياة» أن عون لم يكن متشدداً في شأن تمثيل أرسلان مقابل تبني الحريري مطلب جنبلاط في حق حزبه بتسمية الوزراء الدروز الثلاثة وفق نتائج الانتخابات النيابية التي دلت على أنه الأكثر تمثيلاً بأشواط للجمهور الدرزي، بحصوله على 6 مقاعد درزية وباشتراكه في دعم وصول النائب السابع أنور الخليل مع حركة «أمل» و «حزب الله» في الجنوب. لكن المصادر المراقبة تساءلت أمس عما إذا كان عون سيعود إلى التشدد في مسألة تمثيل أرسلان بعد الانتقادات التي وجهها جنبلاط إلى العهد الرئاسي.
وترى المصادر المعنية بالتأليف أن العقدة الأولى تبقى في التمثيل المسيحي وفي تعاطي عون و «التيار الحر» مع حصة «القوات اللبنانية»، التي كان الحريري لمح في تصريح سابق إلى أن «القوات» عاد إلى البرلمان بقوة وازنة موحياً بأنه لا بد من الأخذ في الاعتبار حجمه البرلماني الجديد في التمثيل الوزاري، خصوصاً أن رئيس الحزب سمير جعجع كان طالب بمساواته بـ «التيار الحر» من زاوية عدد الأصوات الشعبية التي حصل عليها نوابه.
وفي وقت يؤدي اعتراض عون على إسناد نيابة رئاسة الحكومة لـ «القوات» إلى نزع هذا المنصب الذي تتولاه في الحكومة المستقيلة، منها، في حين حصلت عليها عندما كان عدد نواب كتلتها ثمانية فقط، فإن المصادر المعنية بالتأليف ترى أن رفض إيكال حقيبة سيادية إليها على رغم حجمها النيابي يؤدي عملياً إلى تخصيص حقيبتين سياديتين لفريق عون، الخارجية إحداهما في مقابل حصول حركة «أمل» على المالية التي يصر رئيس البرلمان نبيه بري على أن يحتفظ بها الوزير الحالي علي حسن خليل، واحتفاظ «المستقبل» بحقيبة الداخلية. أي أن عون سيحتفظ في هذه الحال بحقيبة الدفاع.
وتعتبر المصادر أن معالجة مشكلة الحصص في التركيبة الحكومية هي المهمة الأولى للحريري بعد عودته، في وقت تنتظره عقد الحقائب وكيفية توزيعها على الفرقاء، بعد عطلة عيد الفطر.