بيروت – وليد شقير
قالت مصادر مواكبة عن قرب لاتصالات الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة سعد الحريري من أجل إخراج التشكيلة الحكومية من عنق الزجاجة، إنه «ما زال عند التصور الذي قدمه لرئيس الجمهورية ميشال عون قبل 3 أسابيع لتوزيع المقاعد الوزارية على الفرقاء السياسيين، ولا تعديلات عليه».
وأوضحت المصادر أن «لا مستجدات استثنائية نتيجة لقاءات الحريري يمكن أن تعدل صيغة توزيع الوزراء التي سبق أن طرحها، والنقاش يراوح مكانه من دون أن يلج إلى المرحلة الثانية المتعلقة بتوزيع الحقائب والبحث في أسماء الوزراء، لأن السجال السياسي الذي شهدته البلاد الأسبوع الماضي (لا سيما بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية») أعاد البحث إلى النقطة التي كان فيها عند بدء جهود التأليف».
وكشفت المصادر لـ «الحياة»، أن الحريري سيستكمل مشاوراته بعد لقائه أول من أمس كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. ويُنتظر أن تشمل الجولة الثانية «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل، تيار»المردة» برئاسة سليمان فرنجية، و «حزب الله»، قبل أن يجتمع الحريري مع الرئيس عون ليناقش معه الحصيلة.
وأضافت المصادر: «الحريري يعتقد بأن تصوره لتوزيع عدد الوزارات منطقي، وهو يلحظ 3 وزراء دروز للاشتراكي، و4 وزراء لـ «القوات»، و6 لـ «التيار الحر» و3 يسميهم رئيس الجمهورية، لكن هناك ملاحظات عليها من طرفَي الاشتباك المسيحي، في حين يراها هو مناسبة وأقرب إلى تشكيلة الحكومة المستقيلة، على رغم ما اعتراها من خلافات، لاقتناعه بأنها قادرة على تنفيذ دورة عمل جديدة تعالج التحديات الاقتصادية، مع الأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات».
ورداً على سؤال لـ «الحياة»، ذكرت المصادر أن «القوات» تطالب بالحصول على 5 وزراء، مع حقيبة سيادية أو نيابة رئاسة مجلس الوزراء، و «التيار الحر» يعترض على حصة «القوات» وعلى إسناد حقيبة سيادية إليها، ويتمسك بتسمية عون نائب رئيس الحكومة، ويشترط الحصول على ضعف عدد وزراء «القوات» فتكون حصته من 10 وزراء إضافة إلى 3 يسميهم عون، وفي بعض المداولات طالب بـ5 وزراء للرئيس، ما يعني إقفال التمثيل المسيحي لمصلحة «التيار»، الأمر الذي لا يعني سوى حفلة مزايدة بالأرقام، وتجاذب غير منطقي». وأشارت إلى أن «البحث يدور على قاعدة الاقتراحات، وإذا فُتح مجال لغيرها، مثل إشراك قوى مسيحية أخرى، إضافة إلى «تيار المردة»، فإن الأمر متروك للوقت كي تتبلور الأفكار الجديدة».
وتابعت المصادر: «تصور الحريري يرتكز إلى أن الحكومة هي صيغة ائتلاف وطني، والحكومات السياسية تتم بالتوافق وليست بالمحاصصة والأعداد، أو بإنشاء أعراف غير موجودة، من نوع تمثيل الفرقاء وفق أحجام كتلهم في البرلمان فتصبح نسخة عنه، وهذا لا يجوز». ولفتت المصادر إلى أن هذه المسألة جوهرية في مقاربة تأليف الحكومة عند الحريري، لأن ابتداع أعراف لا يصلح للتأليف.
وعما قصده الحريري في تصريحه أول من أمس بأنه على الموجة ذاتها مع بري، ذكرت المصادر أنهما متفاهمان في العمق على أمرين جوهريين: ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، والحاجة إلى التصدي للمصاعب الاقتصادية بعدم تأخير دورة العمل الحكومي.
وعن إعلان جعجع أول من أمس عقب لقائه الحريري أن الأخير لن يعتذر عن تأليف الحكومة قالت المصادر لـ «الحياة» أن رئيس «القوات» سأل الحريري عما يُتداول في الإعلام من أنه قد يعتذر، فأجابه أن الأمر غير وارد، لذلك شدد جعجع على أهمية قيام حكومة متوازنة وغير عوجاء. وقالت المصادر إن جنبلاط في موقفه الذي انتقد فيه باسيل عبّر عما أثاره مع الحريري خلال لقائهما، مبدياً ريبته إزاء استهداف بعض المؤسسات الناجحة في البلد ووجود أجندة للمسّ بها عبر الهجوم على شركة «طيران الشرق الأوسط» بهدف تغيير رئيسها محمد الحوت، وعلى مصرف لبنان المركزي لتغيير الحاكم رياض سلامة، وهذا يهدد الاقتصاد الوطني.