Site icon IMLebanon

السفير الفرنسي في لبنان: على «حزب الله» ترك سورية

 

بيروت – وليد شقير  

قال السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه أن هناك عَقداً (contract) بين المجتمع الدولي وبين لبنان في مؤتمر «سيدر»، والمال الذي تقرر فيه لن يأتي من دون إصلاحات، ويجب إقناع اللبنانيين بأن «سيدر» ليس باريس 1 أو 2 أو 3 . وأشار إلى أن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لبنان يفترض أن تتم حوالى رأس السنة الجديدة، وتحديد التاريخ مسألة معقدة، وهو كان ينوي المجيء في نيسان (أبريل) الماضي لكن أجندته مثقلة داخلياً. ومن الأفضل أن يأتي بعد أن تتألف الحكومة وأن تتشكل لجنة المتابعة لمؤتمر «سيدر» ويتقدم العمل به.

وأوضح فوشيه في حديث مع مجموعة من الصحافيين اللبنانيين عشية العيد الوطني الفرنسي «أن الإصلاحات يجب أن تقرها الحكومة، وتأخر تأليفها إضاعة للوقت. نريد للآلة الحكومية أن تنطلق في العمل وتجب الإفادة من اللحظة التي توفرت في مؤتمري روما وسيدر».

وأضاف: «صحيح أن لبنان بلد صغير لكنه مهم، ومفتاح في المنطقة، يرمز إليها برمتها، ونموذج للتعايش».

وتابع: «على أصدقائنا اللبنانيين قسط من العمل في خريطة الطريق. الإصلاح ضروري، ولاحظت خلال الحملة الانتخابية أن الجميع تقريباً يوافق على تطبيق «سيدر». ننتظر الحكومة التي يتأخر تأليفها على رغم التطمينات التي أتلقاها. هناك وقت ضائع منذ 6 نيسان (أبريل). وزيرة الدفاع عندنا كان يجب أن تأتي مطلع تموز (يوليو) لكنها فضلت ألا تأتي في ظل عدم تأليف الحكومة. بيار دو كين (السفير المكلف بسيدر) يتردد في المجيء لأنه ينتظر الحكومة ونحن نحترم سيادة لبنان ولا نتدخل في ذلك وليس لي أي دور فيه على رغم أن البعض يريدني أن يكون لي دور». وقال : «ليس لدي توقع متى تتألف الحكومة. أقرأ أن هناك 3 عقد، جرى تقديمها إلينا على أنه يسهل حلها، لكن الأمور ليست بهذه البساطة. بتنا في الجزء الثاني من شهر تموز، وفي آب (أغسطس) لا يعود هناك أحد (الإجازات في أوروبا)، والاقتصاد يعاني».

لجنة المتابعة وخطة «جنرال إلكتريك»

وأوضح أنه مؤمن بالنية الطيبة للمسؤولين من رئيس الجمهورية ميشال عون وغيره في شأن ضرورة الإصلاح، ونحن أخطرنا رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة أننا سنكون متنبهين إلى الإصلاحات ولبنان لن يتقدم إذا لم تنجز. ويفترض التطرق إلى عناوين مثل الكهرباء وجمع النفايات، والمياه التي جرى تقديم عروض ملموسة مع تواريخ حولها.

ورداً على سؤال لـ «الحياة» عن مصير لجنة المتابعة لـ «سيدر»، قال فوشيه: «ستتشكل لمراقبة تفاصيل التنفيذ وليس فقط الخطط. وهنا الفارق الكبير بينه وبين باريس 2 و3. ستكون مصغرة، وننتظر تأليف الحكومة».

وأكد أن مشاريع «سيدر» تمتد على 12 سنة والمبالغ حددت لأول 4 سنوات، لكن من دون الإصلاحات في الموازنة وفي الضرائب لن تسير الأمور في الاتجاه الصحيح، لأن لبنان يعاني من عجز بنسبة 10 في المئة في الموازنة، يجب خفضه، ومن خدمة الدين.

وأوضح رداً على سؤال «الحياة» في شأن اعتبار فرنسا وغيرها قطاع الكهرباء أولوية واختباراً للبنان أجاب فوشيه: «الكهرباء تمس كل اللبنانيين، والمالية العامة، الاستثمار الصناعي والحكم الرشيد. المبالغ من الحكومة لشركة كهرباء لبنان توازي 40 في المئة من العجز.. في «سيدر» عرضت شركة «جنرال إلكتريك» خطة تسمح للبنان بأن يحصل على الطاقة، بما يتيح رفع التعرفة التي تبقى أقل من تعرفة المولدات، ويتقلص العجز في كهرباء لبنان إلى الصفر. ويمكنها العمل مع مجموعة فرنسية. والكلفة أقل بكثير من الخيارات الأخرى المطروحة، على أن يتم التنفيذ خلال 10 أشهر كما نفذت ذلك في دول أخرى. وإذا كان من مشاريع منافسة على الحكومة أن تتصرف لاختيار الأرخص».

الأكثرية و «حزب الله»

وعما إذا كان يرى عراقيل إقليمية أمام تأليف الحكومة قال: «لا. ليس هذا ما يقوله من أتحدث إليهم». وعن انتظار بعض اللبنانيين التطورات الإقليمية أجاب: «هذا ليس استراتيجية. ماذا تعني التطورات الإقليمية؟ أعتقد أنه بعد الانتخابات يجب تأليف الحكومة». ولا يوافق فوشيه على أن الأكثرية موالية لإيران «بل تتشكل وفقاً للمواضيع، والوضع ليس كما في فرنسا حيث يمين ويسار، فالأمور (هنا) لزجة أكثر».

وعن إمكان تولي «حزب الله» وزارة الصحة، أشار إلى أن الحزب «قال لنا إنه يرغب بحقيبة خدمات». وأوضح أن السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد «كانت واضحة في 3 تموز الماضي بإشارتها إلى أن بلادها تتعاون مع لبنان في القطاع الصحي، وتعرفون الموقف الأميركي من «حزب الله»، وهم لن يكونوا حياديين».

وعن تأثر التزامات «سيدر» باشتراك «حزب الله» بقوة في الحكومة، أجاب بأن «سيدر» سينفذ عبر وزارات واستثمارات مؤسسات خارجية، «ولا أرى كيف يمكن لذلك أن يجمد الأمور». ولا يوافق فوشيه على الدمج بين الحزب والحكومة لأن التمويل الخاص بالحزب هو المستهدف، وليس تمويل الدولة الذي يمر عبر مجلس الإنماء والإعمار أو مؤسسات وفق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وعن تأثير سحب «حزب الله» مقاتلين له من سورية أجاب: «لدينا موقف ثابت بأنه حزب سياسي ونتعاطى مع لبنانيته، له نواب ووزراء، ونتحدث إليه كأي حزب، لكننا في المقابل لا نعترف بنشاطه خارج لبنان، من دون موافقة الحكومة التي هي مصدر الشرعية الوحيد في البلد. ولهذا ندعم بقوة سياسة النأي بالنفس. هذا موقف تقليدي نبلغه للحزب، بأن لا دخل لهم في العراق واليمن وسورية، وبأن خطر التدخل في سورية يكمن في جر لبنان إلى صراع لا دخل له فيه».

وعن سورية قال إنه يرغب في انتهاء أزمتها وهي دولة مدمرة. في السبعينات كان دخلها الوطني 60 بليون دولار، وعام 2016 هبط إلى 12 بليون دولار. إنه بلد اجتاحته الحرب، مع 5 ملايين لاجئ، 7 ملايين نازح، مليون طفل بلا مدرسة، 80 في المئة من البنى التحتية مدمرة. وفي وقت هناك جيش يربح الحرب، لا مخرج عسكرياً من الأزمة. وفي البلد مشكلة حكم. مستقبل سورية غامض وقاتم.

وعن عودة النازحين السوريين كرر «تقدير فرنسا استيعاب الأزمة من قبل لبنان، ما جعله البلد الأول في المساعدات التي تقدمها فبلغت 440 مليون دولار للأعوام 2018-2020. «ونحن لا نناقش في خيار لبنان عدم توطينهم. يجب أن يعودوا في ظروف مقبولة ولذلك نعتبر أنه تجب مواصلة مساعدة لبنان والتقدم نحو حل سياسي، ولا نريد ربط العودة بالحل السياسي الشامل، وفي الوقت نفسه هناك مبادرات لا نعارضها. ومفوضية اللاجئين ليست بعيدة عنها وهي تدقق في هذه المبادرات وربما هذا ما سبب سوء التفاهم. وإذا كانت العودة إلى منطقة مستقرة ليس علينا أن نعارضها. لكن المشكلة هي في رد الفعل السوري (الحكومة)، فهم لا يريدون عودتهم. هناك انتقائية سورية للعائدين». وعن إجراءات وزارة الخارجية حيال مفوضية اللاجئين قال: «نعتبر أنه ليس حلاً جيداً وقلنا لهم ذلك».

وعن تأثير انسحاب إيران من سورية باتفاق أميركي روسي إسرائيلي، على لبنان، أوضح أنه «عندما انسحب الأميركيون من الاتفاق على النووي الإيراني، وضعوا شروطاً للعودة إليه، منها السلوك الإيراني في المنطقة والسياسة الباليستية ومصير الاتفاق عام 2025. وفي محادثات فيينا في 6 تموز عقد اجتماعان حول اليمن، وكان الحرص من قبل الدول الخمس (التي اجتمعت مع الجانب الإيراني) على الأخذ في الاعتبار ألا تكون السياسة الإيرانية هجومية في المنطقة. لكنه مقلق بالنسبة إلى لبنان أن تنظر إسرائيل إلى الأزمة السورية من زاوية الوجود الإيراني. حصل تصعيد في الأسابيع الماضية وهناك مخاطر انزلاق تجعلنا نشدد على عدم إقحام لبنان في أزمة الجوار وأن يضع «حزب الله» حداً لوجوده هناك بفعل مخاطر الانجرار إلى تعقيدات لا أحد يريدها».