بيروت – وليد شقير
هل دخل تشكيل الحكومة اللبنانية مرحلة تدوير الزوايا مع طلب الرئيس المكلف سعد الحريري من رئيس البرلمان نبيه بري مساعدته في حلحلة العقد التي حالت دون ولادتها، مع مرور زهاء ١١ أسبوعاً على تكليفه؟
تقول مصادر نيابية إن الرئيس بري يتلمس الطريق نحو الإدلاء بدلوه في حلحلة العقد قبل أن يتبنى اقتراحات محددة ويستخدم لقاءاته مع بعض الفرقاء لتكوين اقتراحاته.
والانطباع الذي لمسته المصادر نفسها من بري يشير إلى أنه يتحدث عن تحسن في أجواء البحث عن مخارج بعد لقاءيه الأسبوع الماضي، أولاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والثاني مع الرئيس الحريري. وتنقل المصادر عن بري قوله إن سقف المطالب التوزيرية بدأ ينخفض وأن الحلحلة يفترض أن تتم على مراحل. كما أن هذا الانطباع جاء أيضاً بعد لقائه وزير الإعلام ملحم الرياشي أول من أمس.
ويجدد بري القول، وفق هذه المصادر، إن العقد ليست خارجية وإذا كان من مواقف خارجية فنحن في الداخل نكبرها او نصغّرها، لأن الأساس في التعقيدات داخلي ونتيجة حسابات خاطئة حول الأحجام والحصص.
مبادئ بري
وتلفت المصادر النيابية إلى أن بري يتحرك على قاعدة حسم عدد من الأمور، أهمها أن لا ثلث معطلاً لأي فريق في الحكومة. وتشير المصادر إياها إلى أن من الأمور التي تدل إلى ترطيب الأجواء أن لقاء باسيل مع الحريري أنهى شبه القطيعة بينهما.
وتوضح مصادر أخرى متابعة لجهود حلحلة العقد الحكومية أن بري بعد هذه التطورات تواصل مع الوزير الرياشي وطلب لقاءه، وأبلغه خلال اجتماعه المطول معه أنه جاهز لمساعدة الحريري في معالجة العراقيل الحكومية وتم تبادل الأفكار حول المخارج المطروحة. وذكرت المصادر لـ «الحياة» أن بري أكد جملة مبادئ أيضاً منها:
– أنه ضد حكومة أكثرية ولا يقبل باستبعاد «القوات» و «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ولا بحكومة لا يكونان فيها، إضافة إلى رفضه حصول «التيار الوطني» مع رئيس الجمهورية على الثلث المعطل.
– أن لا أحد ينسب إلينا نحن و «حزب الله» أننا نضع فيتو على تسلم «القوات» حقيبة سيادية. والثنائي الشيعي لا يتدخل في الحقائب السيادية المسيحية. (باعتبار أن الحقيبتين السياديتين المخصصتين للمسلمين محسومتان، المالية للشيعة وتحديداً لـ «أمل»، والداخلية للسنة وتحديداً لـ «المستقبل»، وتبقى الخارجية والدفاع للمسيحيين).
وعليه، ترجح المصادر المتابعة نفسها لـ «الحياة» أن تكون حصة «التيار الحر» والرئيس ميشال عون ١٠ وزراء بينهم وزير سني وآخر درزي، طالما أن رئيس الجمهورية يرغب بتوزير سني ودرزي، ليأتي الدرزي الثالث من حصته. وتستند المصادر إلى تسريبات بأن سبب ذلك أن هناك نية لدى حلفاء سورية بمراعاة طلب دمشق تعيين ٣ وزراء هم: الوزير بيار رفول وطلال أرسلان والنائب فيصل كرامي. وتوحي المصادر إياها بأن هناك توجها لجعل هؤلاء الوزراء من حصة الرئيس عون كحلفاء له ولحلفائه.
إلا أن المصادر نفسها تؤكد أن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ليس في وارد الأخذ بسعي البعض لمراعاة ما يطالب به النظام السوري وهو سيواجه ذلك بقوة . وتشير إلى أن حتى المخارج التي يطرحها البعض للتمثيل الدرزي وتقضي بأن تسمى بدلاً من النائب أرسلان شخصية وسطية يتم اختيارها بالتفاهم مع جنبلاط على أن يتولى اختيارها بالتفاهم معه الرؤساء عون وبري والحريري (أو الأخيرين)، لا تلقى قبولا لدى جنبلاط، على رغم أنه ستكون له حصة بهذه الشخصية الوسطية وكذلك لأرسلان. وتردد أن اختيار هذه الشخصية الوسطية الدرزية يمكن أن يحصل بأن يقترح أحدهما اسمين أو ثلاثة ليختار الرؤساء الثلاثة منها، بعد موافقة الثاني. وأوضحت المصادر المتابعة أن الوزير باسيل أبدى انفتاحاً على هذه الفكرة بينما لم تحظ بعد بموافقة الرئيس عون في كل الأحوال.
الحصص المسيحية
أما في خصوص الحصص المسيحية فإن المصادر المتابعة لاتصالات اليومين الماضيين أكدت لـ «الحياة» أن باسيل مع تسليمه بحصول «القوات» على ٤ حقائب كما سبق أن اتفق الرياشي مع الرئيس عون، أصر على حصول «التيار» وعون على الحقيبتين السياديتين المخصصتين للمسيحيين بدلاً من إسناد إحداهما إلى «القوات»، على أن تحصل الأخيرة على ٤ حقائب وزارية من دون وزارة دولة، بحيث يحصل عون و «التيار» على وزارات الدولة من دون حقيبة، الثلاث المخصصة للمسيحيين، من أصل المقاعد الوزارية العشرة التي سيحصل عليها هذا الفريق. وهذا يعني حصول التيار مع حليفه «حزب الطاشناق» والشخصية السنية التي سيسميها عون، على ٧ وزارات من ضمنها سياديتان.
وكشفت المصادر المتابعة لـ «الحياة» أن الرياشي رفض هذا العرض وتمسك بالحقيقة السيادية لأنها سبق أن تنازلت عن نيابة رئاسة الحكومة خلال لقائه مع الرئيس عون قبل ١٠ أيام، وأنه أكد وإياه حقها بالسيادية في المقابل وفقاً لاتفاق معراب الذي نص على تقاسم الحقيبتين السياديتين بين فريقي الاتفاق. وعلمت «الحياة» أن الرياشي أبلغ الحريري موقف «القوات» هذا باعتبار أن الرئيس عون كان أبلغه أن لا مانع لديه أن تتولى السيادية ولكن يجب الاتفاق مع الحريري في هذا الشأن.
ومع تكتم أوساط الحريري و «القوات» على ما دار في شأن الاقتراحات الأخيرة المعروضة لحلحلة العقد فإن المصادر المتابعة لها تقول إن «القوات» تعتبر أنها لا تعترف بأن هناك حقائب مخصصة لـ «التيار» (وبالتالي للرئيس عون)، استناداً إلى ما سبق لباسيل أن شدد عليه سابقا بأن ليس هناك حقيبة سيادية مكرسة لطائفة في إطار الكلام عن تخصيص المال لفريق شيعي. وتقول المصادر المتابعة إن موقف «القوات» يستند إلى الحجة القائلة بأن الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية كانوا يحضرون اجتماعات التكتل النيابي لـ «التيار» وأن الرئيس عون لم يقم ولا مرة باختيار شخصيات جامعة أو مستقلة بل وزراء منتمين إلى»التيار الحر»، وبالتالي لا يمكن التمييز بين حصتي الرئيس و «التيار».
إلا أن المصادر أبلغت «الحياة» أنه مقابل تمسك «القوات» بالحقيبة السيادية، أبلغ باسيل الحريري أن «حزب الله» يرفع الفيتو على توليها حقيبة سيادية (الدفاع). وهذا يتناقض مع ما أبلغه بري للرياشي.
وسألت «الحياة» مصادر قيادية في «القوات» في هذا الصدد فقالت تعليقاً على هذه المعلومات: «إذا كان هذا موقف الحزب فليقله بنفسه وعندها يبنى على الشيء مقتضاه وليأت الموقف من الحزب مباشرة إذا كان صحيحاً».