فيما أزمة التشكيلة الحكومية اللبنانية تراوح مكانها، من دون تسجيل أي حلحلة للعقد ومطالب القوى السياسية، فإن باب الاستحقاق الحكومي في أيلول (سبتمبر) بات مفتوحاً، بانتظار الموقف الذي سيطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون حول عملية التأليف.
وفي وقت دخل المشهد السياسي في أسبوع يمكن أن يرسم اتجاهات المسار الحكومي، استأنف الرئيس المكلف سعد الحريري مشاوراته الحكومية، والتقى لهذه الغاية ليل أمس وزير الإعلام ملحم الرياشي.
فيما اجتمع مساء ايضاً، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ونجله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وعلّقت مصادر في «تيار المستقبل» على كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وعبارة «لا تلعبوا بالنار»، معتبرةً أنها لم تكن موفقة لأنها أعادت اللبنانيين إلى أجواء السابع من أيار (مايو).
وأضافت المصادر لـ «أل بي سي»: «ملعب تيار المستقبل هو ملعب العدالة والقانون وليس ملعب الحرب الأهلية وليس لدى هذا التيار سوى عبارة من ثلاث كلمات يتوجه بها للسيد نصرالله وهي «لا تلعبوا بالعدالة».
أما في ما يخص تأليف الحكومة، فأشارت مصادر الرئيس المكلف إلى أن «الحريري معني بالمواقف التي يسمعها مباشرة من رئيس الجمهورية ميشال عون وهناك صيغ موجودة للحكومة يجب البناء عليها وعدم البحث عن صيغ جديدة»: مضيفة: «لن يكون هناك اعتذار أو حكومة أكثرية والحريري يصر على أن تكون هناك حكومة وفاق وطني معيارها مشاركة كل القوى الأساسية الموجودة في مجلس النواب».
وكانت المحكمة الدولية حضرت في كلمة نصرالله، موجهاً تحذيراً إلى المراهنين عليها بالقول: «لا تلعبوا بالنار»، وإن أردف داعياً إلى «تأليف الحكومة». وأوضح «لا نريد من أحد أن يضع عقبات جديدة أمام الحكومة، والحديث عن العلاقة مع سورية والبيان الوزاري فلنؤجله إلى ما بعد التشكيل»، وقال: «الوقت يضيق تفضلوا وشكلوا الحكومة».
واستغربت مصادر لبنانية معنية بالمحكمة الدولية تناول نصرالله أحكاماً قال إنها ستصدر عنها في أيلول، نافية أن يكون هناك إصدار لأي حكم. وقالت: «كل ما هنالك أن المحكمة ستعقد جلسات ختامية يدلي فيها الأطراف الثلاثة بمرافعاتهم الختامية عن الأدلة والقرائن التي اعتمدت خلال فترة المحاكمة، وعن التشكيك بهذه القرائن من قبل الدفاع، وأن الحكم لن يصدر إلا بعد أن تقوم غرفة الدرجة الأولى بمداولاتها التي تمتد أشهراً بعد أيلول، لتصدر في نهاية هذه المداولات الحكم، والعقوبات إذا كان من عقوبات».
وفي المواقف الحكومية، غرد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «تويتر» قائلاً: «حرام أن يستمر البعض في عرقلة تشكيل الحكومة، ومصالح البلاد والعباد، ليس لسبب إلا لمحاولة تحجيم القوات اللبنانية».
«لا حلّ إلا باعتراف باسيل»
وأكد الوزير مروان حمادة أن «المواقف لا تزال على حالها، خصوصاً في ما خص حصة اللقاء الديموقراطي والقوات اللبنانية»، لافتاً إلى أن «الموضوع يتوقف على اعتراف الوزير جبران باسيل بأن الحصص ليست حصة معركة رئاسية بل هي قضية تشكيل حكومة متوازنة في لبنان لا تقطع العلاقات مع أي طرف».
وإذ استبعد حصول «أي تطور في الأول من أيلول»، اعتبر «أنه مجرد موعد على طريق مسار طويل ومن الممكن فقط أن يحصل لقاء بين رئيس الجمــهورية والرئيس المكلف للبحث مجدداً في المعايير وتوزيع الحصص والحقائب»، داعياً إلى «عدم استقدام مزيد من المشكلات لعرقلة التأليف، كالتطبيع مع سورية والمحكمة الدولية».
وشدد الوزير محمد فنيش على أنه «لم يعد مقبولاً أن تستمر المراوحة وهدر الوقت في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، لأننا لا نملك هذا الترف، وبلدنا يعاني من مشكلات كثيرة، وبالتالي فإن الاستمرار في المراوحة وقضاء الوقت وعدم النجاح في التشكيل، تعني أننا لم نكن على مستوى آمال الناس الذين أدوا واجبهم من خلال مشاركتهم في الانتخابات النيابية، واختاروا من يمثلهم».
ودعا إلى «تأجيل أي بحث في نقاط خلافية سياسية وتركها للحكومة التي ستشكل وللبيان الوزاري»، وقال: «بإمكاننا أن نشكل الحكومة من خلال الحوار الداخلي، وأن نجد الحلول للمشكلات التي يعاني منها البلد، وهذه مهمة الرئيس المكلف بالإضافة إلى سائر الفرقاء الذين يجب على البعض منهم أن لا يبالغوا بأحجامهم، وأن يعودوا إلى اعتماد معيار واحد، ألا هو اعتماد نتائج الانتخابات النيابية، وهذا يزيل الكثير من العقبات». وأشار إلى «أننا سنكون حاضرين في المعادلة الداخلية بما نملك من إمكان التأثير في إدارة هذا البلد، وبما يؤدي إلى إيقاف الهدر، والحد من الفساد، ومعالجة مشكلات البلد الاقتصادية والمالية».
«تأليف الحكومة غير مرتبط بقرار المحكمة»
ولفت النائب جورج عقيص إلى أن لا معطيات لديه ولا إشارات إلى أن سبب التأجيل هو المحكمة الدولية، معتبراً أن «الموضوعين غير مترابطين، فالمحكمة الدولية أنشئت منذ سنوات وتشكلت في هذا الوقت حكومات عدة»، مشيراً إلى أن «التمثيل الحكومي مرتبط بنتائج الانتخابات النيابية وليس بقرارات على هذا المستوى المهم».
واعتبر النائب في تكتل «الجمهورية القوية» ماجد إدي أبي اللمع، أن «العهد، الذي هو عهدنا ونحرص عليه، يجب أن يعتمد على الشراكة مع «القوات» وعلى جديتها وشفافيتها ونزاهتها لإنقاذ الوضع ولنجاحه، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود وزراء قواتيين في الحكومة».
وأضاف: «نحن لسنا دعاة حصص وسلطة نحن دعاة شراكة لوقف مسخرة الفساد، فنحن الوحيدون القادرون على ذلك، ومن دون هذه الشراكة هناك خطر على لبنان».
واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام لـ «المركزية»، أن «بعض الأطراف الخارجية تضع عراقيل في طريق التأليف تنفذها أدوات لبنانية، أي القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، وهذا مؤسف بعدما كنا وصلنا إلى قواسم مشتركة مع القوات، كما نأسف لأن الدكتور سمير جعجع يعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ما يدفعنا إلى القول إن جعجع يعيدنا إلى الخيارات التي اتخذت في مرحلة الطائف». ولفت إلى أن «هناك وزارات خدماتية عدة، بينها الأشغال والزراعة والصحة، من الممكن أن نوافق على نيل اثنتين من هذه الوزارات مقابل وزارة الخارجية، إذا عرض علينا هذا العرض».
سلام يتراجع عن الطعن
من جهة ثانية، أعلن رئيس «لائحة بيروت الوطن» صلاح سلام، تراجعه عن الطعن الذي قدمه في نتائج الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية أمام المجلس الدستوري، «نظراً إلى التطورات السياسية الطارئة والمستجدة وما رافقها من الحملات الهادفة للنيل من مقام رئاسة الحكومة وصلاحيات الرئيس المكلف».