وحدهم أهالي المخطوفين والمفقودين في الحرب اللبنانية نزلوا إلى الخيمة الرمز أمس، في حديقة بيت الامم المتحدة في قلب بيروت لإحياء اليوم العالمي للمفقودين، وكأن الدولة اللبنانية غير معنية بما هي شريك فيه. كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت اليوم العالمي للمفقودين منذ العام 2011، لكن لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان ما زالت تذكّر بمفقوديها منذ ثمانينات القرن الماضي. والنتيجة حتى الآن بعد 28 سنة على انتهاء الحرب عريضة وطنية تجول على قوى سياسية وحزبية لتوقيعها وإنجاز اقتراح قانون يتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين وإقراره من قبل لجنتي «حقوق الإنسان» و «الادارة والعدل» النيابيتين بانتظار إقراره من المجلس النيابي في جلسة عامة معلقة على حبال الحكومة العتيدة التي لم تولد بعد.
على أن الخطوات الجدية لحفظ ملف المخطوفين والمفقودين من الضياع، وفق رئيسة لجنة الأهالي وداد حلواني، تكون «بتحويل مطلب جمع عينات الأهالي البيولوجية وحفظها إجراء تنفيذياً». وكانت حلواني تتكلم أمام الأهالي المسنين الذين دونوا أسماء مخطوفيهم ومفقوديهم على مثلثات من الأقمشة ووضعوها على أكتافهم فيما حملوا صورهم على صدورهم أو في ملفات جمعوا فيها قصاصات الصحف التي كتبت عن الموضوع وبعضها توقف عن الصدور.
وقالت إن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري يستطيع أن يطرح هذا التدبير، بعدما قبلت الحكومة هبة من البعثة الدولية للصليب الأحمر لتجهيز غرفة لحفظ العينات البيولوجية عام 2016، وذلك على جدول أعمال أول جلسة لمجلس الوزراء بعد تأليف الحكومة.
ولفتت إلى أنه «منذ إقرار اقتراح القانون المتعلق بانشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين في لجنة الإدارة والعدل، لم يعقد اي اجتماع للهيئة العامة، وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إنه لن يدعو إلى اجتماع للهيئة العامة احتراماً منه لجهود تأليف الحكومة إلا إذا اقتضى عقد ما سماه اجتماعاً لتشريع الضرورة ولن نحاجج الرئيس بري لنقول له إن بالنسبة إلى أهالي المفقودين لا ضرورة أولى من إقرار القانون لوضع حد لمأساتهم، ونفضل أن نذكر الأمين العام للمجلس النيابي عندما تسلم منا العريضة الوطنية للمفقودين أنه دوّن بيده، وبالتأكيد بإيعاز من رئيس البرلمان «على أن تعرض في أول جلسة للهيئة العامة».
ولفتت حلواني إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون «كان سبق أن أبلغ لجنة الأهالي خلال زيارتها إياه في نيسان الماضي أن «امشوا قدماً واحذروا التجاذبات السياسية»، مؤكدة أن «لا أحد ينال من مناعة قضيتنا لأنها تضم اشخاصاً من كل الطوائف لا بل من كل الجنسيات المقيمة على الأراضي اللبنانية آنذاك، وعريضتنا التي نالت تواقيع رؤساء كل الأحزاب، ونواب من كل الكتل البرلمانية بمثابة وثيقة وفاق وطني جديدة وبواسطتها تأمل أن تكون السنة المقبلة محطة حاسمة لوضع حد لمعاناتنا».
الأهالي الذين انضم إليهم، كعادته، النائب السابق غسان مخيبر حامل لواء هذا الملف دائماً، والنائب حكمت ديب مستجداً على الملف، نفذوا مسيرة من الحديقة إلى ساحة رياض الصلح، وبالاتفاق مع القوى الأمنية سمح بدخول كل من مخيبر وحلواني لتسليم رسالة إلى المجلس بمطلب واحد، وهو وضع مشروع اقتراح قانون إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين أمام الهيئة العامة للمجلس النيابي.
وكانت الناطقة باسم البعثة الدولية للصليب الأحمر يارا خواجة، التي حضرت التجمع أمام الخيمة إلى جانب ناشطات في المجال الإنساني، أكدت لـ «الحياة» أن اللجنة كانت حاضرة طوال الفترة الماضية لمواكبة احتياجات أهالي المخـــطوفين والمـــفقودين ومنذ العام 2011 بدأنا العمل مع أكثر من 200 عائلة من مخـــتلف المناطق لتلبية الاحتياجات القانونية والإدارية، وفي العام 2012 بدأنا بجمع معلومات، آثار فارقة وســــجلات طبية واستبيان من الناس عن عائلات مفقودة، وبدأنا أخذ عينات بيولوجية من 1500 شخص من الأهالي، ونحن نحاول أن نعالج الموضوع بإيجابية».
وشددت على وجوب أن يمرر المجلس النيابي اللبناني اقتراح القانون المذكور، وحينها لن تبدأ آلية التنفيذ من الصفر، فنحن خلال الفترة الماضية دربنا أطباء شرعيين وعلماء آثار وخبراء جنائيين على طرق لإدارة الجثث والتعامل مع الرفات ونحن لن نسلم المعلومات التي لدينا إلى أي آلية تتعامل مع الموضوع وإنما فقط إلى آلية مستقلة غير تمييزية ومهمتها الرئيسة تقديم إجابات».
ولفتت خواجة إلى أن لبنان وقّع اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني الذي ينص على أن أهالي المفقودين لهم الحق بالمعرفة».
وأشارت إلى أن النقاش مستمر مع الدولة اللبنانية ولا أجوبة حتى الآن وتمرير اقتراح القانون يعطي أملاً بالحق الإنساني بالمعرفة».
وأكدت أن البعثة الدولية للصليب الأحمر ليست مسؤولة عن البحث عن مصير المفقودين وإنما السلطات اللبنانية هي المسؤولة ونحن ندعمها ولم ولن نقوم بالبحث عن المفقودين وإنما نساند، ونأمل أن يكون النقاش المتواصل مع الدولة اللبنانية بناء لمصلحة أهالي المفقودين».
وكانت البعثة الدولية للصليب الأحمر نظمت عصر أمس، حلقة نقاشية شارك فيها مخيبر والنائب رلى الطبش وحلواني ونائب رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان بابلو برسيلسي حول اقتراح قانون الهيئة الوطنية المستقلة الذي يعتبر قاعدة لتشكيل آلية للكشف عن مفقودي الحرب اللبنانية.
وتزامن مع الحلقة معرض تفاعلي أطلق عليه اسم «حضور غياب»، الذي يحاول من خلاله أربعة فنانين ومصورين فوتوغرافيين تصوير الفقدان وانعكاساته.