لم يتعاطَ الرئيس اللبناني ميشال عون بسلبية مع الصيغة الحكومية التي قدّمها له الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري أول من أمس، بل شدّد على معايير يجب اتّباعها لتأليف حكومة تعكس نتائج الانتخابات النيابية، كما قالت مصادر مطلعة على موقف عون لـ «الحياة». وأوضحت أن هذه المعايير «هي التي تحدّث عنها مراراً الرئيس عون» (راجع ص5).
والصيغة «المبدئية» التي قدّمها الحريري، وفق المصادر ذاتها، «لا تراعي التوازن في تمثيل الفرقاء أو توزيع الحقائب أو عدالة التوزيع لتأخذ في الاعتبار ما أفرزته نتائج الانتخابات، لكن هذا الأمر لا يعني دائماً أن الرئيس عون رفضها في شكل نهائي أو قطع الطريق أمامها، بل هو أبدى سلسلة ملاحظات عليها وهي قابلة للأخذ والرد».
وأكدت المصادر ذاتها أن «البيان الذي صدر عن القصر الجمهوري بعد زيارة الحريري واضح إذ أن عون سيبقى على تشاور مع الرئيس المكلّف لتعديل أو تغيير أو تطوير الصيغة التي وضعها الحريري». ولفتت إلى أن «الصيغة التي قدمها الحريري سمّيت مبدئية، ما يعني أنها تتطلّب بلورة أكثر وسيعمل الرئيسان على ذلك للتوصل إلى نتيجة».
وسألت المصادر «لماذا قراءة البيان بسلبية في حين كان الرئيس المكلّف واضحاً بأن الصيغة مبدئية؟ لو قال الرئيس عون لا أريد هذه الصيغة، عندئذ يمكن القول أنه ليس إيجابياً». وشددت على أن «البيان مدروس، والرئيس الحريري لم يأتِ بتسميات بل أتى بتوزيع للحقائب».
وقالت المصادر المطلعة على موقف عون أن «كل الأطراف لديهم حقيبة وزير دولة»، وسألت «لماذا نستثني فريقاً واحداً بعدم إعطائه حقيبة وزير دولة؟ إما أن نقوم بما يريدونه (من يرفض حقيبة وزير دولة) وإما لا تشكيل للحكومة».
ولفتت مصادر متابعة لمسار تأليف الحكومة إلى أن «الحقائب الخدماتية في التشكيلة المبدئية لحظت الطاقة (أساسية)، المهجرين (أساسية) السياحة (ثانوية) لرئاسة الجمهورية و «التيّار الوطني الحر»، الاتصالات (أساسية) لـ «تيار المستقبل»، العدل (أساسية)، التربية (ثانوية)، الشؤون الاجتماعية (ثانوية) لـ «القوات اللبنانية»، الصحّة (أساسية)، الصناعة (ثانوية) لـ «حزب الله»، العمل (أساسية)، الزراعة (ثانوية) لـ «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الأشغال (أساسية) لـ «تيّار المردة». وتابعت المصادر ذاتها: «إذا كانت هناك نية لتسهيل تشكيل الحكومة تتسهّل».
وكانت وتيرة الاتصالات واللقاءات بين الحريري والقوى السياسية تسارعت أمس، لتلمس الاتجاهات التي سيسلكها ملف تشكيل الحكومة. وأكدت مصادر الحريري لـ»الحياة» أن الآفاق «ليست مسدودة»، وقالت إنه «قدم صيغته ورئيس الجمهورية اطلع عليها وقدم ملاحظاته والأمور مفتوحة على التفاوض».
وفي موقف لافت مساء، اعتبر رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام في بيان مشترك أن كلام عون عن ملاحظات «استناداً إلى الأسس والمعايير التي حدّدها لشكل الحكومة، والتي تقتضيها مصلحة لبنان»، هو «إشارة في غير محلها، لأنها تستند إلى مفهوم غير موجود في النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومات في لبنان».
وتوقف الرؤساء الثلاثة عند «أطروحات سياسية وهرطقات دستورية سمعناها خلال الأسابيع الماضية تتعلق بتشكيل الحكومات وبصلاحيات الرئيس المكلف وصلاحيات رئيس الجمهورية، وتشكل كلّها اعتداءً صريحاً على أحكام الدستور وخروجاً على مبادئ النظام الديموقراطي البرلماني الذي حُدِدت طبيعته في مقدمة الدستور، وتهدف جميعها إلى فرض أعراف دستورية جديدة».
وناشدوا عون «الساهر على احترام الدستور، أن يضع حدّاً لهذا المسار الذي يؤدي إلى الإساءة إلى العهد».
وأبدى حزب «القوات اللبنانية» اعتراضه على رفض عون و «التيار الوطني الحر» حصول «القوات» على 4 وزارات وازنة في الحكومة العتيدة. واعتبر عضو تكتل «القوات» النيابي جورج عدوان أنّ «القوات نزلت إلى الحدّ الأدنى من حقوقها فظنّ بعضهم أنه «بازار» وبعد الذي حدث، سنعود إلى مطلبنا، خمسة وزراء مع حقيبة سيادية».