وضع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري النواب في الأجواء «غير المريحة التي يمر بها لبنان وبدأت آثارها تراكم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءاً». وتوجه إليهم، كما نقلت لـ»الحياة» مصادر نيابية: «لا أذيع سراً إذا قلت أن لبنان دخل في العناية الفائقة. الوضع دقيق وحساس، وما يتوافر من معطيات واشارات تأتينا من هنا وهناك لا يبشر بالخير. بالمكابرة والعناد لا نبني بلداً. لذا أدعو الجميع إلى التواضع والتعاون والتنازل لحل هذه الأزمة التي نتخبط بها، عنيت المساعدة في الاسراع بتشكيل الحكومة لإنقاذ البلد» (راجع ص5).
وإذ لفت بري الجميع إلى «مستوى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والظروف الصعبة التي يعيشها البلد، وهذا الأمر أكثر من كافٍ للشعور بالمسؤولية»، دعا إلى أن «يتنازل بعضنا لبعض، ونتعاون حتى تمر هذه المرحلة ونتجاوزها بأقل الأضرار».
وأكد بري خلال لقائه الأسبوعي مع النواب، أن «أي طرف لا يستطيع أن يصل إلى ما يراه أو يريده في التشكيلة، وعلى الجميع من دون استثناء أن يقدم التنازلات لمصلحة الوطن وإنقاذه بالخروج من هذه الأزمة. فالوضع الاقتصادي خطير ولا يمكن تجاهله، مع الإشارة إلى أن لبنان لا يشبه تركيا وإيران».
وذكّر بري، وفق المصادر النيابية، بأن «اتفاق الطائف لا لبس فيه حول طريقة تأليف الحكومة»، وقال: «لا وجوب اطلاقا لتفسير بنوده ومواده التي لا تحتاج لأي تأويل. ولابد من أن تشكل مصلحة البلاد أساساً لتعاون المسؤولين للإسراع في عملية التأليف، وقيام حكومة انقاذ وطني لا تقصي أحداً وبذلك نحصن الأوضاع على كل المستويات ونمنع التصدع».
ورداً على سؤال لأحد النواب: «هل هناك تدخل خارجي كما يتردد يحول دون ولادة الحكومة»، ردّ بري جازماً: «لو كانت للخارج علاقة بعرقلة أو تأخير تشكيل الحكومة لكان مشي الحال وخلصنا من الأزمة. كل واحد يفسر وفق ما يحلو له نتائج الانتخابات النيابية وقاعدة التمثيل النسبية في الحكومة من منظاره الشخصي. اذا اعتمدنا قاعدة التنازلات من الجميع وهي لمصلحة الوطن، يمشي الحال».
والقلق الذي أبداه بري انسحب على الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي. وعبرت الهيئات الاقتصادية عن «قلق وخوف كبيرين حيال التأخر في التشكيل»، وإذ حمّلت «القوى السياسية مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية»، طالبتها بـ»عدم حرق الوقت خشية وضع البلد في مأزق لا قدرة له على تحمل تداعياته». ولوّحت بخطوات تصعيدية «مع شركاء الانتاج ان كان الاتحاد العمالي أو نقابات المهن الحرة لوقف مسلسل التراجع الخطر».
ونبّه الاتحاد العمالي الى أن «البطالة ازدادت إلى مستويات لم تعرفها البلاد»، محملاً «القوى السياسية المعرقلة تشكيل الحكومة كامل المسؤولية عن التمادي في التعطيل»، ومحذراً من «انفجار الوضع الاجتماعي».
وتوّج الوضع المقلق بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، جددت من خلاله تحذيرها إلى «الأميركيين لتفادي أو إعادة النظر بالسفر إلى لبنان»، معتبرة أن «الجماعات الإرهابية تواصل التخطيط لشن هجمات تستهدف المواقع السياحية ومراكز النقل ومراكز التسوق في لبنان».
ودعت الرعايا الذين «يختارون السفر إلى لبنان، أن يدركوا أن المسؤولين القنصليين من السفارة الأميركية لا يستطيعون دائماً السفر لمساعدتهم، والحكومة اللبنانية لا تستطيع ضمان حماية الرعايا من اندلاع العنف المفاجئ».