Site icon IMLebanon

الإرهاب يضرب في أورلاندو.. وتفجير يُقلق اللبنانيين في بيروت

تَنقّلَ الحدث الأمني الإرهابي أمس بين مدينة أورلاندو الأميركية ومنطقة فردان البيروتية. في الولايات المتحدة حوالى مئة قتيل وجريح بسلاح الحقد والكراهية، كما وصَف الوضعَ الرئيس الأميركي باراك أوباما (ص 14)، وفي بيروت لا ضحايا بشرية، ولو أنّ الرسالة التفجيرية قد تكون أخطر، وضحاياها الشعب اللبناني برُمَّته إذا لم يتمّ احتواء تداعياتها.

تلقّى لبنان وليس القطاع المصرفي والمالي فقط ضربةً خطيرة من خلال التفجير-الرسالة الذي استهدفَ المقرّ الرئيسي لمصرف لبنان والمهجر في منطقة فردان، وهي المرّة الأولى التي يتعرّض فيها القطاع إلى هذا النوع من الترهيب.

وما زاد في خطورة الوضع أنّ الانفجار جاء في توقيت وظروف توحي بأنّ المصرف تلقّى «رسالة» في إطار الصراع وشدّ الحبال بين القطاع المالي من جهة و»حزب الله» من جهة أخرى على خلفية الامتثال لقانون العقوبات الأميركي (HIFPA).

وعلى رغم عدمِ تبنّي أيّ جهة للتفجير، ورفضِ معظم الأطراف السياسية والمصرفية استباقَ التحقيق واتّهام أيّ جهة، إلّ أنّ الأنظار اتّجَهت إلى مواقف متدرّجة لـ«حزب الله» اتّهمت بعض المصارف بالمغالاة في التوسّع بتطبيق القانون، وبأنّها «حصان طروادة للولايات المتحدة الأميركية».

وقد ذهبَت بعض وسائل الإعلام وناشطون على مواقع تواصل اجتماعية قريبون من الحزب إلى تسمية المصرف المستهدَف بالتفجير أمس، وشنّ الحملات عليه.

وما زاد في الشكوك في كونِ التفجير رسالةً في إطار الأزمة حول القانون الأميركي، هو اختيار توقيت هذا التفجير وطريقته، بحيث إنّ الانفجار وقعَ يوم الأحد مساء، أي حين يكون المصرف خالياً من الموظفين، وفي توقيت الإفطار حين تكون الشوارع شِبه خالية، بما يؤكّد أنّ الجهة الفاعلة تعمّدَت تحاشي سقوط ضحايا بشرية، وكان الهدف إيصال رسالة للمصرف ليس إلّا.

وقد اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد التفجير، واتّهمت في معظمها «حزب الله» بالوقوف وراءَه.

وفي المعلومات أنّ التفجير نقلَ المشكلة إلى المستوى السياسي، وستشهد الساحة السياسية تحرّكات في إطار حماية القطاع المصرفي، والدفاع عن مصالح اللبنانيين.

وسألت «الجمهورية» «حزب الله» عن ردِّه على الاتّهامات والأقاويل التي طالته، فارتأى التريّثَ بانتظار جلاء التحقيقات.

مخاوف وآمال

وقد يكون من سخرية القدر أنّ القطاعات السياحية كانت تراهن على صيفٍ آمِن، وتأمل بتعويض خسائرها، على اعتبار أنّ الإشارات أوحت بأنّ دولَ الخليج العربي رفعَت الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان، وأنّ البلد قد يَشهد تحسّناً في السياحة الخليجية هذا الصيف. (ص13).

وفي المعلومات أنّ العبوة الناسفة التي استهدفَت مقرّ «بنك لبنان والمهجر» بلغَت قوّتها التفجيرية نحو 10 كيلوغرامات، ما أدّى إلى إصابة اثنين من حرّاس البنك بجروح مختلفة وإلحاق أضرار بالغة بالمبنى.

كما لحقَت أضرار بالمباني السكنية والإدارات الرسمية والمكاتب المحيطة بها في نطاق تجاوز المبنى إلى محيطه وصولاً إلى مبنى هيئة التفتيش المركزي ومبنى الكونكورد التجاري والمباني وثانويتَي سعد ورينيه معوّض القريبتين من المبنى، ما أدّى إلى تعطيل الامتحانات الرسمية المقرّرة فيهما ونقلِها إلى ثانوية شكيب أرسلان التي تبعد 500 متر من المبنى المستهدَف.

مرجع أمني

وقال مرجع أمني لـ«الجمهورية» إنّ التحقيقات الأوّلية أشارت إلى أنّ العبوة استهدفت المصرف على خلفية القانون الأميركي الذي يَستهدف أموال «حزب الله» وحسابات قيادته ومسؤوليه وبيئته.

وأوضَح أنّ تكليف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر فرع المعلومات بدءَ التحقيقات في الانفجار دفعَ الفرع إلى مباشرة تحليل وتفكيك محتويات أشرطة التسجيل الموجودة في المصرف ومحيطِه بحثاً عن خيط يؤدّي إلى منفّذ العملية.

وتوقّفَ المرجع أمام اختيار التوقيت في وقتٍ يكون فيه الشارع خالياً من المارّة بحكم توقيت التفجير مع «سفرة رمضان»، وهو ما وفّرَ وقوع مصابين بين المارّة المدنيين بعدما اختيرت الجهة الخلفية للمبنى لتُستهدفَ بالعبوة وليس الواجهة المقابلة للطريق العام حيث الحركة لا تتوقّف عادةً.

المشنوق

وأكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ التفجير لم يوقع أيّ إصابات بشرية، فيما اقتصرَت الأضرار على الماديات، لافتاً إلى أنّ الانفجار لا يأتي في الإطار التقليدي للتفجيرات ولا علاقة له بالتفجيرات السابقة. وفي حديث لوكالة «رويترز» قال المشنوق: «من الواضح أنّ بنك لبنان والمهجر هو المستهدَف في تفجير بيروت».

حسن خليل

واعتبَر وزير المال علي حسن خليل، عبر «تويتر»، أنّ «‏الانفجار يستهدف استقرارَ كلّ القطاع المصرفي، وبالتالي استقرارَ كلّ لبنان. وهو بالتأكيد مستنكَر ومدان».

الأزهري

ورفضَ رئيس مجلس الإدارة المدير العام لـ«بنك لبنان والمهجر» سعد الأزهري، توجيه الاتّهام بالانفجار إلى أيّ جهة، وطالبَ بانتظار التحقيقات وعدم الشروع بالاستنتاجات المسبَقة.

الحريري

واستنكرَ الرئيس سعد الحريري بشدّة التفجيرَ الإرهابي، وقال خلال رعايته غروب حفل الإفطار السنوي الذي أقامه قطاع المهن الحرّة في «تيار المستقبل» في مجمع الـ»بيال»: إنّ معركتنا مع الإرهاب والتفجير وعمليات القتل والاغتيال والرسائل المباشرة وغير المباشرة طويلة، وهي معركتُنا نحن، وستكمل، وكلّ أنواع الإرهاب لن تخيفَ اللبنانيين، وجميعُنا سنكون في مواجهته، ولبنان سينتصر في النهاية.

قزّي

وأكّد وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية» أنّ التفجير هو «محاولة لاغتيال القطاع المصرفي، ويُفترَض أن يقوّي القطاع المصرفي لا أن يُضعفه». وقال: أعتقد أنّه من المناسب أن تجتمع جمعية مصارف لبنان برعاية حاكم مصرف لبنان، وأن تعلن الإضراب العام على الأقلّ ليوم واحد، وهذه المبادرة هي بمثابة ردّ ورسالة تقول: إرفعوا أيديَكم عن مصارف لبنان.

حكيم

وأكّد وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية» أنّ التفجير «لن يؤثّر بأيّ شكل من الأشكال على القطاع المصرفي والثقة به، لأنّه قطاع صلب ومتين، ولا خوفَ عليه».

وقال: إذا تبيّنَ أنّ التفجير يرتبط بتطبيق القانون الأميركي، فهذه ستكون بمثابة شهادة إلى القطاع المصرفي اللبناني بأنّه يمتثل وينفّذ القوانين الماليّة الدولية، بما فيها القانون الأميركي. وأكّد أنّ التفجير لن يؤثّر على قرار المصارف الالتزامَ بالقوانين الدولية، وهي مصمّمة على تطبيق القوانين المالية لكي تحافظ على ودائع اللبنانيين وعلى ديمومة الاقتصاد اللبناني.

سعَيد

وقال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعَيد لـ«الجمهورية»: هذا أخطر انفجار شهدَه لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى الدولة اللبنانية أن تعيَ ما يحصل، وعلى حزب الله أن يعيَ ما يحصل.

وتمنّى سعَيد «أن لا يكون هذا الانفجار رسالةً من المعنيين موجّهةً إلى القطاع المصرفي اللبناني، وبالتحديد إلى «بنك لبنان والمهجر» الذي أقفلَ حسابات رواتب نوّاب من «حزب الله» حتى قبلَ صدور المراسيم التطبيقية في 15/4/2016، مشدّداً على «أنّ الوسيلة الوحيدة لمواجهة قانون العقوبات الاميركي ليست بتوجيه الرسائل إلى القطاع المصرفي، إنّما بالطلب من الراعي الإيراني، نظراً لمكانته وعلاقته المميّزة مع الولايات المتحدة الاميركية، أن يقوم بالخطوات اللازمة لدى الولايات المتّحدة لحماية ماليّة حزب الله».

واعتبَر سعَيد أنّ الخروج من هذا المأزق هو من خلال الحفاظ على الدولة اللبنانية بدءاً بانتخاب فوريّ لرئيس الجمهورية.

وقال: أمّا نحن كلبنانيين، فلن نرضى ولن نسمح، وسنقف سِلمياً وديموقراطياً وسياسياً، في وجه كلّ مَن يحاول زعزعة الأمن الاجتماعي والمالي لكلّ عائلة لبنانية.

جنبلاط

ورأى النائب وليد جنبلاط أنّ المستهدَف هو الليرة اللبنانية، وقال مساء أمس: دخلنا في مسلسل تفجيرات قد يَطول ولا يَطول. ودعا إلى الكفّ عن الهجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووضع خريطة طريق بين «حزب الله» والمصارف.

وكان جنبلاط قد شدّد في تغريدات «تويترية» على ضرورة الخروج من السجال العلني في الصحف والإعلام، والكفّ عن التهجّم على سلامه، لأنّ المواجهة اليوم تَستهدف حزب الله وجمهورَه وكلَّ لبنان. وقال إنّ المواجهة اليوم هي في كيفيّة التخفيف بالقدر الممكن من أضرار العقوبات، والتعاطي بذكاء للحفاظ على القطاع المصرفي، ودعا إلى «تشكيل فريق أخصائي بعيداً من الأنظار والهيجان الإعلامي لدراسة الموضوع ومعاونة سلامه، وأكّد أنّه «ليس مسموحاً أيّ خطأ في هذا المجال، ويبدو أنّنا قادمون على مزيد من الصعوبات الاقتصادية.

«المستقبل»

في هذه الأجواء، من المقرّر أن يعقد المكتب السياسي لتيار «المستقبل» اجتماعَه بعد ظهر اليوم برئاسة الحريري لإجراء مراجعة شاملة لأوضاع «التيار».

وعشيّة الاجتماع، أكّد عضو المكتب النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية» أنّ عودة الرئيس الحريري الى لبنان وتمركزَه في بيروت يعيدان النشاط الى المكتب السياسي لـ»تيار» المستقبل الذي تَعطّلَ بفِعل غيابه، والاجتماع سيُجري اليوم تقويماً للمرحلة على كلّ الصُعد، خصوصاً السياسية والتنظيمية وكلّ العمل الذي حصل، ليخرج بخلاصات سياسية تكون التوجّهات السياسية للتيار».

وأوضَح فتفت أنّ الاجتماع «يُعقد ليوم واحد، ثمّ يوضَع جدول للاجتماعات حسب الحاجة السياسية، خصوصاً أنّ «التيار» يحضّر لمؤتمره بين أواخر أيلول ومطلع تشرين، للبحث في الوضع التنظيمي والخروج بوثيقة سياسية جديدة».

سلام

وتعليقاً على مواقف الحريري الأخيرة، قال رئيس الحكومة تمام سلام إنّ خطابه «ضميريّ وجيّد وتضمّنَ جردة حساب لمرحلة معيّنة».

وعمّا إذا كان يَستشرف تغييرات محدّدة : قال «ما زلنا مطرَحنا»، فالشغور الرئاسي وانعكاساته السلبية على البلد تتراكم، ونَقول ذلك منذ عامين وما زال قائماً.

وعلى رغم تنبيهاتنا فالسلبيات لا تزال قائمة والمعاناة أيضاً، نقوم بمحاولات لتخفيفها تارةً بانتخابات بلدية من هنا وبإجراء أمني من هناك وبحوار جماعي وآخَر ثنائي، ولكن طالما إنّ الموضوع لم يُحلّ فالبَلد سيتعب وسنذهب الى أوضاع لن يستفيد منها أحد، لا بل لن نجنيَ منها سوى الأذى والضَرر.

ولدى سؤاله: أليسَ هناك من حلول مرحلية؟ أجاب: طالما إنّ الأمور باقية على ما هي عليه بتسوية من هنا وأخرى من هناك وبإجراءات مرحلية، لن يكون هناك ما يقود الى نهوض البلد.

وأضاف: كلّ ذلك ينعكس على عمل مجلس الوزراء، وهو يتأثّر سلباً بكلّ ما يجري. نَجتمع مرّةً ونتوقّف مرّتين، والعكس صحيح، وهناك قضايا تحتاج لنصف ساعة من البحث تنال منّا ثلاث جلسات. وهناك أمور تنتهي إلى نتائج وأخرى تضيع الجهود المبذولة بشأنها دون نتائج. ولذلك إذا لم ننتخِب رئيساً للجمهورية لن يُحلَّ شيء ممّا نعانيه، وإلى اليوم لا نرى أيّ ضوء.

وعن لقائه الأخير مع الرئيس برّي قال: إنّه مثلُ كلّ اللقاءات معه، فهو لاستعراض الوضع العام وللتواصل والتعاضد في مواجهة الوضع السيّىء الذي نعيشه. فالرئيس برّي يشرف على الحوار وهو الذي يمتصّ كثيراً مِن الصدمات ويتواصَل مع كلّ القوى السياسية بحثاً عن الحلول لإيجاد مخارج للمشاكل الحاليّة.

وهل أطلعَكم برّي على أيّ خطوة يمكن أن يخطوَها؟ قال: «الرَجل يَجهد ويبحث بكلّ أشكال التواصل عن مخارج وحلول، إمّا لإنتاج قانون انتخاب جديد أو انتخاب رئيس، أو أيّ شيء يحرّك الوضع، ولكن لا يستطيع أحد أن يستبقَ الأمور ليتحدّث عن شيء إيجابي أو غير إيجابي.

وتعليقاً على موقف وزراء حزب الكتائب من ملفّ النفايات وانسحابهم من آخر جلسة لمجلس الوزراء قال: إسألوهم!

وعن «تهديدات» رئيس الحزب النائب سامي الجميّل وطلبِه إلى الناس مساندتَه في مواجهة الفساد ووقفِ أضرار سد جنّة البيئية، قال سلام: إسألوا الشيخ سامي عمّا يريده ويخطّط له. وزراء الكتائب لم ينسحبوا من الحكومة، انسَحبوا من تلك الجلسة وحسب.