IMLebanon

الجنرال.. «بيمون» 

«بيمون» الجنرال… هذا كلام أطلقه الدكتور سمير جعجع على ألسنة الإعلام في الغابر من ظلامة الأيام، ومنذ تلك الليالي الصاخبة، ما «مَانَ» أحدٌ على أحد، وما كان تقارب وما كان ودّ.

وكلمة «يمون» الجنرال كلمة عامية تعني «يأمر»، ولا علاقة لها بالمعنى القاموسي الذي يفسّر كلمة «مانَ – وتمايَنَ» القوم، بمعنى كذب بعضهم على بعض.

اليوم، وبعد طول افتراق «وثلاثين سنة من الخصام»، فهل بات «يمون» الجنرال؟ أو هل يتواضع الجنرال بالتريّث قليلاً عن الهجوم نحو الجلوس على العرش؟ والأجواء تنذر بجنون العواصف التي قد تجتاح الشعوب وتدكّ العروش؟

هل يدرك المارونيان الأقويان: أن مخاض الكرسي الماروني الأول، لا يزال يتصارع مع الريح على أبواب الشهر التاسع من الشغور، وليس مَنْ وما يبشر بقرب الولادة طبيعية كانت أو قيصرية؟

وهل يدرك الموارنة المصنَّفون أقوياء والذين يتحدَّرون وحدَهم من سلالة القديس مارون، مع أنهم لم يسلّفوه ولم يسلّفوا رعاياه الكثير من صحون البخور وأناشيد التقديس، هل يدركون أن المراجع الدبلوماسية والسياسية على اختلافها، ما انفكّت تحمِّل القوى المارونية الفاعلة مسؤولية تعطيل الإستحقاق، «فليتَّفق الموارنة ونحن على ما يتفقون موافقون؟».

حسناً أعلن المارونيان الأقويان إتفاقهما على إنقاذ الجمهورية قبل الرئيس… أي – أُبْعدْ عن الشرّ وغنِّ له – فيما كانت الأفضلية للرئاسة التي عطلت الجمهورية ولا تزال.

ولكن، لا يمكن إنقاذ الجمهورية من دون رئيس… ومن دون رئيس وفق المواصفات الآتية:

1 – الجمهورية تتخبّط وسط بحر من الصراعات الطائفية والمذهبية المسعـورة، فهـي إذاً تحتاج الى رئيس ملمّ بالشؤون الدينية وعمق الرسالات الروحية لمواجهة الخطر الطائفي والتكفيري.

2 – الجمهورية في ظل الإنقسامات المحمومـة تحتاج الى رئيس لا يحمل رأساً مصاباً بحمّى التوترات، بل الى معتدل عادل صاحب حكمة وفاقية وحنكة سياسية تعالج ولا تشنّج.

3 – الجمهورية في ظل المواجهات الإقليمية والدولية المرتبكة والمربكة، تحتاج الى رئيـس تخمّر رأسه بالإنفتاح على الثقافات الخارجية والعلائق الدولية بما يعرف بالإحاطة الدبلوماسية والخبرة والمداراة، أي بما يحجّم المشكلات المستوردة ولا يفجّرها.

4 – الجمهورية التي تكبّد الموارنة فيها، الفادح من الخسائر البشرية والمعنوية، ومن تقهقر راجح في الحضور الماروني التاريخي، والخلل السياسـي فـي خريطة التكافؤ الوطني، تحتاج الى رئيس قادر على استرجاع قدْرٍ من هذا الهدر الذي كان على أيدي الموارنة أنفسهم.

هذا هو جدول أعمال اللقاء المرتقب بين الأقويين المارونيين عون وجعجع، لعلهما يفوزان بالإمتحان التاريخي الأخير، فيكون لهما فضل عظيم وخير عميم في الدنيا كما في الآخرة.