مع اتّضاح المشهد واكتمال الصورة رويداً رويداً، يُقابَل المسار الانتخابي بامتعاض شديد لدى الرأي العام، وباشمئزاز من نوعية بعض اللوائح وعدم تجانس أعضائها، ومن انعدام الاخلاقية في عملية إقصاء مرشحين عبر اعتماد سياسة الترهيب والترغيب في حق الناخبين، ولجوء «حديثي النعمة» في السياسة، الذين يقفزون من مكان الى مكان، الى تقديم الخدمات والمال، وانتهاج آخرين طريقة دَس الدسائس وبَثّ النميمة، في حين يتعرّض أصحاب التجربة والخبرة ومن لهم باع طويل في الشأن السياسي، الذين يحتاج اليهم لبنان في هذه المرحلة المصيرية، لشتى أنواع محاولات إنهاء دورهم وإلغائهم سياسياً وشطبهم من المعادلة.
نصرالله: لا أمزح
وفيما يجري كل ذلك وسط ارتفاع منسوب الحديث عن رشاوى و«تشريع» كافة أنواع «الاسلحة المحرّمة» في السباق الانتخابي، قال الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في لقاء مع الماكينة الانتخابية للحزب في منطقة بيروت: «نذهب الى الانتخابات ونحن مرتاحون سياسياً واخلاقياً، وقدّمنا ما نستطيع لحلفائنا». واضاف: «لن نردّ على الحملات ضدنا بخطاب مستفزّ، لكنّ جمهورنا تعوّد على الانتصارات، وقد شاهدها بأمّ العين، وإن شاء الله سيشهدها في المعركة الانتخابية». وكرّر القول: «سأذهب الى مدن وقرى بعلبك ـ الهرمل اذا وجدتُ وهناً في الاقبال على الانتخابات ودعم لائحة «الامل والوفاء» وأنا لا أمزح، وكلامي ليس من باب التشجيع». واعتبر «أنّ التحالف بين «حزب الله» وحركة «أمل» هو فوق استراتيجي وله بعد إيماني وعقائدي».
وقال نصرالله: «لن تسمعوا من تيار «المستقبل» وغيره سوى شد العصبية وشتيمتنا لكي ترضى عنهم السعودية واميركا وغيرهما، ولا يوجد عندهم ما يقولونه لجمهورهم». وأضاف: «لو كنّا موجودين في الحكومة عام ٢٠٠٥ ما كان استَرجا لا فؤاد السنيورة ولا مِيّة واحد مِتلو ياخدو القرار يَلّي أخَدو بموضوع الشبكة السلكية لـ«حزب الله».
الموازنة
وقبَيل التوجّه الى مؤتمر «سيدر» في باريس في السادس من شهر نيسان المقبل، يستعد مجلس النواب لدرس وإقرار الموازنة العامة وملحقاتها بعدما أقرّتها لجنة المال وأحالتها الى الهيئة العامة لمجلس النواب، وقرر رئيس المجلس نبيه بري الدعوة الى عقد جلسة عامة يومي الاربعاء والخميس في 28 و 29 الجاري نهاراً ومساءً بدءاً من الساعة الحادية عشرة صباحاً، وذلك بعد التشاور مع هيئة مكتب المجلس حول جدول أعمال الجلسة العامة.
وعلمت «الجمهورية» انّ تعديلات كبيرة أجريت، وشملت تخفيضات على رسوم التسجيل العقارية للمباني والشقق السكنية، لتتراجع فور التصديق على الموازنة العامة الأسبوع المقبل، الى النصف تقريباً.
وقالت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» انّ التخفيضات التي شملت الرسوم العقارية المعمول بها جاءت وفق جداول منفصلة، وستستفيد منها الوحدات غير السكنية التي لم تسجّل بعد لمدة ستة أشهر فقط، فيما ستخفّض رسوم تسجيل الشقق السكنية التي لا يتعدى سعرها الـ 250 الف دولار اميركي الى نسبة الـ 3 % بدلاً من 6 % من دون أي أفق زمني محدد، على ان تتدرّج الرسوم صعوداً بالنسبة الى الشقق ذات الأسعار المرتفعة فوق هذا الحد.
ويسبق جلسات الموازنة جلسة حكومية، فينعقد مجلس الوزراء عند الحادية عشرة والنصف ظهر اليوم في قصر بعبدا، لبحث جدول أعمال الجلسة السابقة بالإضافة الى عشرة بنود جديدة.
التطورات دولياً وإقليمياً
الّا انّ الشأن الانتخابي على اهميته لم يحجب الانظار عن التطورات المتسارعة دولياً على الجبهة الاميركية ـ الروسية المتدهورة ديبلوماسياً، وإقليمياً على الجبهة السعودية ـ الايرانية المشتعلة. كلّ ذلك يترافق مع ظهور مؤشرات تبعث على القلق.
ورأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط انّ الطوق سيزيد على لبنان. واعتبر في حديث الى قناة «فرانس 24» أنّ «النظام السوري ربح في الوقت الحاضر»، وانّ «الآتي أميركيّاً مخيف لأنه يبشّر بمواجهة، والمواجهة لن تكون في إيران إنما في لبنان وأقله سياسياً، وسندفع ثمن المواجهة».
وحذّر جنبلاط «أيّ فريق لبناني داخلي من أن يراهن على فريق العمل الجديد الأميركي المتصلّب والمتصَهين»، مشيراً إلى أنّ «التغييرات ربما تطاول أيضاً وزير الدفاع الاميركي»، مستطرداً «إنّي أتحدث في السياسة، ففي العسكر تعوّدنا على سياسات اميركا ودعمها لإسرائيل، وأمّا إذا حدثت ضربة عسكرية فستدمّر لبنان ولكن لن ينتصروا لأنّ هناك مقاومة شعبية وطنية إسلامية، سَمّها ما شئت، أقوى».
وإذ أكد جنبلاط أنّ «الإنتخابات ستجري»، حذّر «من بداية الاصطفافات في لبنان مع فريق العمل الأميركي الجديد تحت شعار محاربة إيران أو محاربة نفوذ «حزب الله». وقال: «لا نتحمّل محاور في لبنان».
وما زالت مسألة تسميم العميل الروسي – البريطاني المزدوج السابق سيرغي سكريبال تتفاعل. وفي جديد تداعياتها قرار للرئيس الاميركي دونالد ترامب بطرد 60 ديبلوماسياً روسياً من الولايات المتحدة، وإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، ومنح الديبلوماسيين الروس المطرودين سبعة أيام لمغادرة الأراضي الأميركية.
وكذلك فرضت 14 دولة من اعضاء الاتحاد الاوروبي عقوبات على روسيا في هذا الصدد. وأصدرت دول اخرى قرارات مشابهة نَصّت على طرد ديبلوماسيين روس من أراضيها، تضامناً مع بريطانيا.
وردّت موسكو سريعاً على واشنطن متوعّدة بألّا تمر هذه الخطوة «الاستفزازية» مرور الكرام، وبألّا تبقى من دون رد.
امّا على جبهة الرياض ـ صنعاء فالتوتر سيّد الموقف بعد إطلاق سبعة صواريخ باليستية من اليمن باتجاه الاراضي السعودية، في وقت توالت مواقف الاستنكار وإدانة الاعتداء. وأعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز «وقوف المملكة بكل حزم من أجل التصدي لأية محاولات عدائية تستهدف أمنها».
وعرض المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، أدلة حول تهريب إيران صواريخ للحوثيين، مؤكداً حق المملكة «في الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين». كذلك أكدت الولايات المتحدة حق السعوديين في الدفاع عن حدودهم ضد هذه التهديدات.
لبنانياً، قال رئيس الحكومة سعد الحريري: «إنّ إطلاق صواريخ باليستية على السعودية، محلّ إدانة كل العاملين على وقف الحرب في اليمن. وعلى المجتمع الدولي ان يتحمّل مسؤولياته في هذا الشأن، وبذل الجهود لمنع تفاقم الاوضاع، والتكامل مع الجهود الصادقة التي تبذلها قيادة المملكة في هذا السبيل».
هبة عسكرية قبرصية
على صعيد آخر، كشفت مصادر دبلوماسية لـ»الجمهورية» انّ زيارة وزير الخارجية القبرصية نيكوس خريستودوليديس الى بيروت، في الساعات المقبلة، ستشكّل مناسبة للإعلان عن اولى الهِبات العسكرية الأوروبية للجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية، وهو أمر سيبلّغه الوزير الضيف الى كل من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة ونظيره اللبناني.
وقالت المصادر انّ هذه الهبة تتضمن دعماً لسلاح البحرية وأسلحة متطورة وذخائر تتناسب ونوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش اللبناني في مختلف انواع وحداته، وهي من اولى الهبات التي تقررت في مؤتمر «روما 2» الذي عقد في 15 و16 آذار في العاصمة الإيطالية.
وستتناول الزيارة الجديد في المفاوضات الجارية من أجل ترسيم الحدود النهائية للمنطقة الإقتصادية الخالصة المتنازَع عليها بين لبنان واسرائيل، في اعتبار انّ المياه الإقليمية القبرصية تشكل حدوداً مشتركة بين لبنان وكل من إسرائيل جنوباً وسوريا شمالاً.
كذلك ستتناول المباحثات، التي ستقتصر على يوم واحد، سبل تعزيز التعاون الإقتصادي والتجاري والسياحي والمالي بين البلدين، وستشهد توقيعاً لعدد من الإتفاقات التي تعني دول حوض البحر الأبيض المتوسط.