Site icon IMLebanon

مانشيت:اللقاء الرئاسي بين البروتوكولي و«غسيل الــقلوب».. وتطبيق «النسبية» محور تساؤلات

موجة التفاؤل التي تلفح الملف الانتخابي تكبر إعلامياً فقط، وأمّا على أرض الواقع فإنّها لم تجرف العقَد الماثلة في طريق ولادة القانون وفق الصيغة المتداولة على أساس النسبية في 15 دائرة. وإذا كان هناك من يقارب اللقاءَ الرئاسي المرتقب على هامش إفطار بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كحدثٍ استثنائي يَملك مفتاح الحلّ للأزمة الراهنة ويفكّ عقَدها، إلّا أنّ الأجواء السائدة عشيّة هذا اللقاء لم تحمل سوى الإثارة الإعلامية، ولم تقدّم ما يؤشّر إلى أنّ هذا اللقاء سيشكّل قوّةَ دفعٍ في اتّجاه توافقٍ سريع على قانون.

اللقاء الرئاسي الثلاثي على جانب كبير من الأهمّية، كما تقول مصادر وزارية بارزة، لتزامُنِه مع علاقة متوتّرة بين الرئاستين الأولى والثانية. وقد يشكّل فرصةً لـ«غسل قلوب» بين عون وبري.

ومن شأن ذلك أن يسحبَ نفسَه على القضايا المشتركة وفي مقدّمها القانون الانتخابي. إلّا إذا كان اللقاء الرئاسي مجرَّد لقاء بروتوكولي محكوم بشكليات لا أكثر، فهذا معناه أنّ الأزمة مفتوحة.

وفي معلومات «الجمهورية» فقد أنجز رئيس الجمهورية خطابه الذي سيلقيه في حفلِ الإفطار، ويتناول فيه المناسبة الرمضانية وما يميّز لبنانَ بين محيطه كمركز للحوار بين الحضارات والأديان.

ويشدّد على وحدة الموقف اللبناني في ظلّ التحدّيات الكبيرة التي يواجهها لبنان. كما يشدّد على أهمّية مقاربة قانون الانتخاب من الزوايا الوطنية التي تحصّن لبنان وتعزّز التمثيل الصحيح لكلّ الشرائح اللبنانية، والابتعاد عن المصالح الشخصية الضيّقة.

وفي جزءٍ من الخطاب سيجدّد عون التأكيد على ثوابت لبنان في علاقاته الخارجية والعربية تحديداً، وكذلك تأكيد التزام لبنان بالقرارات الدولية، سواء المتعلقة بلبنان أو بالقضايا العربية والفلسطينية.

إتصالات

أجواء الاتصالات في الساعات الأخيرة أبقَت على الإيجابية المتمثّلة بموافقة القوى السياسية، على اختلافها، على القانون النسبي في 15 دائرة، لكنّها لم تصل بعد إلى بتِّ التفاصيل العالقة، وإلى التقريب بين الرافضين لطرح نقلِ المقاعد، وهو ما يصِرّ عليه بري، وبين القائلين بالضوابط الشاملة للنسبية وفق ما يؤكّد «التيار الوطني الحر».

توحي هذه الأجواء بأنّ الأمور ما زالت في نقطة البداية، والتفاصيل الخلافية ما زالت تهدّد بوضع القانون في مهبّ السقوط، فيما تُثار في الأجواء السياسية أسئلة كثيرة تتجاوز مسألة نقلِ المقاعد، وتتركّز بشكل أساسي حول معرفة كيفية تطبيق قانون النسبية، وكيفية إجراء الانتخابات واحتساب الأصوات وتحديد الرابحين والخاسرين، وكذلك حول عتبة الفوز وكيفية تحديدها، وأيضاً حول جدوى الصوت التفضيلي في دوائر شِبه صغيرة، بمعزل عمّا إذا كان هذا الصوت على أساس وطني خارج القيد الطائفي أو على أساس مذهبي.

يأتي ذلك بالتزامُن مع محاولات حثيثة مِن قبَل قوى سياسية مختلفة لفهمِ القانون كما يجري تقديمُه حالياً، إذ إنّه معقّد في نظر من يَجهله، وفي نظر من أعدَّه، وكذلك في نظر من يَطرح إضافاتٍ عليه تحت عنوان الضوابط والإصلاحات، وهذا معناه أنّه يحتاج إلى وقتٍ للتعريف به أوّلاً للناخب والمرشح في آنٍ معاً، ولتدريب المعنيين على كيفية تطبيقه وإجراء الانتخابات على أساسه، وهذا يعني أنّ ذلك يتطلّب تمديداً تقنياً لمجلس النواب يمتدّ لسِتّة أشهر بالحد الأدنى إنْ لم يكن أكثر وصولاً إلى سنة، مع الإشارة إلى أنّ هذا الأمر تحدّثَ عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق على هامش جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في السراي الحكومي برئاسة الحريري.

وكرّست جلسة مجلس الوزراء أجواءَ التهدئة وعكسَت مناخاً إيجابياً رافقَ ما سَبقه من جرعات تفاؤلية بقربِ ولادة التفاهم حول قانون الانتخابات، حيث أكّد الحريري أمام الوزراء أنّ الاتفاق أصبح على قاب قوسين وأنه يَعمل ليل نهار من أجل تذليلِ العقبات المتبقّية أمامه، داعياً إلى ضرورة تنازلِ الأفرقاء بعضهم لبعض، لِما فيه مصلحة الوطن.

إنفراجات قريبة؟!

وعلى هامش الجلسة، أجمعَ الوزراء على بروز إيجابيات تتعلق بالقانون، وتحدّثَ المشنوق عن انفراجات قريبة. وقال: «العودة إلى الستّين أصبحت صعبة ولكي أكون دقيقاً أقول صعبة لكنْ ليست مستحيلة طالما القوى الوازنة في البلد أعلنَت أنّها ضدّ الستين ومع القانون الجديد».

وذهب المشنوق بواقعيته إلى حدّ التأكيد أنّ مهلة الـ 3 أشهر ليست كافية لإجراء انتخابات في حال تمَّ التفاهم على قانون النسبي مع 15 دائرة، فيما أوضَحت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّه وعند الاتّفاق على قانون يرسِل وزير الداخلية كتاباً إلى مجلس الوزراء يحدّد فيه المهلة التي يحتاجها لإجراء الانتخابات، متوقّعةً أن تكون عاماً على أساس القانون الجديد.

وعلمت «الجمهورية» أنّ بري لم يتلقَّ بعد أجوبةً من «التيار الوطني الحر» على النقاط العالقة، وهي العتبة الوطنية وآلية احتساب الأصوات، علماً أنّ نقلَ المقاعدِ لا يزال قيد البحث رغم رفضِ بري وقوى سياسية أخرى له رفضاً قاطعاً.

مصادر مواكبة

وكشفَت مصادر مواكبة لـ«لجمهورية» أنّ ما تمَّ الاتفاق عليه حتى الآن هو النسبية الكاملة والدوائر الـ 15، أمّا باقي التفاصيل فلا تزال كلّها قيد البحث والأخذِ والردّ، وكلّ نقطة من النقاط تؤثّر على مسار الاتفاق.

ودعَت المصادر إلى عدم المغالاة في التفاؤل لأنّ الأمور ليست سهلة كما يتوقّع البعض أو يحلو له أن يشيع. وقلّلت من إمكانية أن يُحدِث إفطارُ بعبدا خرقاً كبيراً باستثناء لقاءات ربّما تريح الأجواءَ بالشكل، بما ينسحب على مسار التفاوض. وأكّدت أنّ الاجتماعات لا تزال ضمن المقلبَين ولم يحدّد أيّ اجتماع موسّع للأطراف المتفاوضة يمكن التعويل عليه.

أمّا مسألة تخفيض المقاعد فأكّدت المصادر أنّها سُمعت فقط همساً أو عبر الإعلام، ولم تُطرَح في النقاشات الدائرة، ما يرجّح احتمالَ استخدامها لرفعِ سقوف التفاوض. وكشفَت المصادر أنّ المشكلة في مكانٍ أكبر من نقلِ مقاعد أو احتساب أصوات أو دورة استثنائية، وهي تحتاج إلى وقتٍ لحلّها.

إجتماع تنسيقي

إلى ذلك، شهدت وزارة الخارجية أمس، اجتماعاً تنسيقياً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، حضَره رئيس التيار الوزير جبران باسيل والنوّاب جورج عدوان وألان عون وابراهيم كنعان.

وفيما عكسَ النائب عدوان بعد الاجتماع أجواءً مريحة بقوله «الأجواء إيجابية وأتصوّر أنّ اللقاء في بعبدا سيَحمل أجواء إيجابية وسيَفهم الجميع أنّنا نتوجه نحو الخطة الثابتة لإقرار قانون الانتخاب»، علمت «الجمهورية» أنّ الاجتماع تخلّله نقاش تفصيلي، اتّفق خلاله المجتمعون على مقاربة جديدة للضوابط والإصلاحات المطلوبة في القانون، بالإضافة الى مسألة الفرز و«العَتبة» ونقل المقاعد ووضع تصوّر عملي للقانون يبدأ من الحكومة وصولاً إلى المجلس النيابي مروراً بالدورة الاستثنائية. ومن المتوقع أن يشكّل لقاء بعبدا على مائدة الرئيس عون اليوم فرصةً لدفع الأمور إلى الأمام.

«المردة» لـ«الجمهورية»

وتخوّفَ تيار «المردة» من دخول البلد في الفراغ، والذهاب إلى قانون الستّين وفق ما يدلّ مسار الأمور». وتحدّثت مصادره لـ«الجمهورية» عن سعي «التيار الوطني الحر» للفراغ «على رغم كلّ تأكيداته المتكرّرة على خلاف ذلك، فهناك أقوال وهناك أفعال، وحتى الآن أفعاله تدلّ على الرغبة بالذهاب إلى الستّين عن سابق تصوّر وتصميم». وقالت إنّ «عدم فتحِ دورة استثنائية يعني عدم إعطاء الفرصة للحلّ والوصول إلى قانون انتخابي جديد ورغبة بالذهاب إلى الستين».

وتوقّفت المصادر عند السجال الدستوري الأخير في ما يتعلق بموضوع الدورة الاستثنائية وتعيين جلسة وتحديد جدول أعمالها. واعتبرَت أنّ إثارةَ صلاحيات رئيس الجمهورية «معركة في غير زمانها ومكانها، ومن الخطأ اعتبار أنّ رئيس مجلس النواب يتعدّى على هذه الصلاحيات، والدليل إلى ذلك حصول اتّفاق سياسي على فتحِ الدورة وتوقيع رئيس الحكومة مرسوم فتحِها.

ثمّ إنّ هذه الصلاحيات لا تمارَس بهذه الطريقة، فرئيس الجمهورية لا يجب أن يكون طرفاً سياسياً، بل إنّه حَكمٌ يلتجئ إليه الجميع، ويشكّل الحلَّ وليس العائق.

وحتى الآن نرى أنّ «التيار الوطني الحر» هو طرَف لديه أزمات سياسية مع كلّ الأفرقاء. واعتبرَت المصادر أنّ ادّعاء «التيار» على نواب وإعلاميين وناشطين مؤشّر إلى عدم سعةِ الصدر، ورغبة في كمِّ الأفواه وعدم الاتّعاظ من تجارب الماضي».