يُنتظَر أن تنصبّ الاهتمامات والمتابعات اليوم على حركة رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من زيارة «ناجحة جداً» (كما وصَفها)، للمملكة العربية السعودية، وذلك لمعرفة نتائج هذه الزيارة من خلال الخطوات التي سيتّخذها، سواء على المستوى الانتخابي، أو مستوى علاقاته مع مختلف القوى السياسية، الأمر الذي سيتيح لمختلف القوى السياسية استكشافَ مستقبل الأوضاع الداخلية وكذلك مستقبل الدور السعودي في لبنان وعلاقة الرياض به على كلّ المستويات، فضلاً عن علاقتها بمجمل مكوّناته السياسية والطائفية.
ويُنتظر أن يُعلنَ الحريري بين اليوم وغداً أسماء مرشّحي تيار «المستقبل» في كلّ الدوائر الانتخابية قبل إقفال وزارة الداخلية بابَ الترشيحات رسمياً منتصَف ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، على أن يُعلِن لوائح «المستقبل» وتحالفاته في وقتٍ لاحق من هذا الشهر.
وتردّدت معلومات أنّ الحريري سيزور قريباً كلاً مِن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري للتشاور معهما في مستقبل الأوضاع في ضوء نتائج محادثاته مع المسؤولين السعوديين، وهو كان قد اتّصَل بهما أمس وأعلمهما بعودته من الرياض والتي دامت زيارته لها ستة أيام، والتقى خلالها كلاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعَقد لقاءات عدة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومسؤولين سعوديين آخرين.
وقال الحريري بعد عودته إنّ هذه الزيارة «كانت ناجحة جداً»، وأكّد أنّ شكوك البعض في علاقته بالسعودية «غير صحيحة»، وأنّ «العبرة في النتائج»، وقال: «الجميع سيرون كيف ستدعم المملكة سعد الحريري ولبنان في مؤتمري روما وباريس».
وكان الحريري قد غادر الرياض بعد ظهر أمس عائداً إلى لبنان وودَّعه في مطار الملك خالد الدولي نائب أمير منطقة الرياض الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز وسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة ومندوب عن المراسم الملكية.
وزار الحريري فور عودتِه الرئيسَ فؤاد السنيورة يرافقه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزير غطاس خوري. وخلال اللقاء طلبَ الحريري من السنيورة المضيَّ في ترشيحه عن أحد المقعدَين النيابيَين السنّيَين في دائرة صيدا ـ جزين والذي يَشغله في مجلس النواب الحالي، فاستمهَله الأخير لاتّخاذ القرار في مصير هذا الترشيح إلى اليوم.
الملفّ الانتخابي
وفي وقتٍ سيعود مشروع قانون موازنة 2018 إلى طاولة اجتماعات اللجنة الوزارية المختصّة اليوم لاستكمال البحث في تخفيض موازنات الوزارات، بدا واضحاً أنّ هذا الأسبوع سيكون أسبوعاً انتخابياً بامتياز لأسباب عدة، أبرزُها:
• إنتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات النيابية ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، وبالتالي تبَلوُر أسماء المرشّحين النهائيين في كلّ الدوائر الانتخابية.
• تبَلوُر صورة التحالفات واللوائح الانتخابية بوضوح أكثر، على أن تتبلوَر اللوائح والتحالفات رسمياً قبل نهاية الشهر.
• معرفة حدود الدور السعودي في لبنان خلال المرحلة المقبلة في ضوء زيارة الحريري إلى الرياض.
في هذا الوقت، سجَّلت أوساط مراقبة ارتفاعاً في سقف الحملات الانتخابية على الرغم من أنّ اللوائح لم تتألّف بعد، وقالت: «إذا كان الهدف الأساسي لارتفاع هذا السقف حشْدَ أصواتِ الناخبين، إلّا أنّه يكشف في الوقت نفسه أنّ المنافسة ستكون ذات طابعٍ شخصي وسياسي ينعكس حتماً على مرحلة ما بعد الانتخابات».
«التيار»
وفي هذا الإطار، سجَّلت الساعات الماضية حماوةً وتبادُلَ رسائل سياسية بين رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي جال السبت في منطقة زغرتا ـ الزاوية، التي تُعتبَرعقرَ دارِ فرنجية، ثمّ زار دارةَ الرئيس الراحل رينيه معوّض والتقى الوزيرةَ السابقة نائلة معوّض.
وسُئل فرنجية خلال جلسةٍ مع مناصريه عن رأيه بزيارة باسيل لزغرتا، فردَّ مستغربًا: «يحّو هون»؟ ثمّ قال في لقاء مع ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي: «الذي يدّعي أنّه رئيس أكبر تيار مسيحي في لبنان يُقاتل للحصول على مقعده».
وأعلنَ فرنجية أنّ «اللوائح في دائرة الشمال الثالثة ستصبح جاهزةً عمّا قريب». وأكّد أنّه سيبقى إلى جانب حلفائه في كلّ الدوائر الأخرى. وأضاف: «نحن منفتحون على كلّ من يريد أن يتعاطى معنا بتواضع، لكنّنا لن نقبل إلغاءَنا. المشكلة الأساس هي وجود شخص يحاول أن يلغيَ الجميع لأجل أن يكون الممرّ الأوحد للمسيحيين، وهو مِن مدرسة سياسية هدفُها إلغاء الآخر، وهي تعود إلى خمسين سنة خلت».
باسيل
وكان باسيل قد أكّد أنّ زيارته لزغرتا «ليست استفزازية»، وقال: «قانون الانتخاب وضِع من أجل الشراكة في كلّ لبنان، ونقول لزغرتا «راجعين» ونحن على طريق العودة».
وبعد زغرتا، جالَ باسيل أمس في قرى وبلدات قرى قضاء جبيل، وقال: «إنّنا اليوم أمام امتحان جديد، بيننا وبين «حزب الله» وبين جميع اللبنانيين».
وفي بلدة قرطبا التي شملتها جولته، قال باسيل: «نحن على أبواب تفليسة، نحن لم نتسلّم دولة ليست مديونة كما حصَل عام 90 وأفلسناها، بل أتينا إلى دولة مفلِسة بسبب سياسيّيها ونحاول اليوم إصلاحَها».
ومساءً وخلال برنامجٍ متلفَز قال باسيل: «قمنا بكلّ ما يَلزم لتأمين الكهرباء 24/24 عام 2015 ولكنّ هناك فريقاً سياسياً عرقلَ المشروع وتحديداً وزير المال علي حسن خليل وهو من منعَ تمويلَ بناء مصنع دير عمار».
وعمّا سُرِّب عنه حول ما قاله عن برّي، أشار باسيل إلى «أنّني قلتُ عن نبيه بري بلطجي بسبب ما نعاني منه، وتحديداً أنا شخصياً»
سعَيد
وسألت «الجمهورية» ابنَ بلدة قرطبا، النائب السابق الدكتور فارس سعيد رأيَه في زيارة باسيل لبلدتِه، فأكّد أنّ الزيارة لم تزعِجه أبداً.
إلّا أنّ سعيد أبدى أسفَه لكونِ باسيل «لم يلامس القضيّة الحقيقية في المنطقة، ألا وهي قضية العيش المشترك، خصوصاً بعد إعلان «حزب الله» ترشيحَ الشيخ حسين زعيتر إبن بلدة القصر البقاعية، ومسؤول المنطقة الخامسة في الحزب، إلى الانتخابات النيابية عن المقعد الشيعي في دائرة كسروان ـ جبيل، كذلك لم يوضح باسيل علاقة «التيار الوطني الحر» بهذا الترشّح».
«القوات»
وعلى مسافة أسبوع من إعلان «القوات اللبنانية» من على منبر مسرح «بلاتيا» في جونية في 14 آذار، رؤيتَها السياسية التي ستخوض على أساسها الانتخابات النيابية، معطوفةً على إعلان مرشّحيها في كلّ الدوائر الانتخابية في مشهدية سياسية تضمّ رئيسَ حزب «القوات» سمير جعجع والقيادة الحزبية والمرشّحين والحلفاء، أعلن جعجع «أنّ غالبية الأفرقاء يَعملون على عزلِ «القوّات»، فمِنهم من لا يريد قيامَ الدولة في لبنان، ومنهم من يريد أن تبقى الدولة مزرعةً، أمّا المتبقّون فيريدون استمرارَ الفساد في المؤسسات، وبالتالي فإنّ أداء «القوات اللبنانية» غير ملائم لمشاريعهم ومراميهم».
الراعي
أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مناسبة اختتام «سنة الشهادة والشهداء» أنّ شهادة الدم هي وجهٌ من وجوه الاستشهاد، لافتاً إلى أنّه ثمّة استشهاد جسديّ بالقتل والتعذيب والتهجير، واستشهاد معنويّ بامتهان الكرامات وكبتِ الحرّيات، وقانونيّ بسلبِ الحقوق وقضائيّ بتوقيف أشخاص وعدمِ محاكمتهم، وبتعطيل الأحكام القضائيّة، وتسييس العدالة وتوجيهها واستباحة سرّيتِها إعلامياً وسياسياً، وبالمماطلة الطويلة في إصدار الأحكام» واستشهاد سياسيّ بإقصاء موظّفين من وظيفتهم في الإدارات العامّة، باتّهامِهم وحِرمانهم من حقّ الدّفاع عن النّفس، فيما هم مخلِصون للقانون، وغير ملوّنين بلون حزبيّ، وبإجراء تعيينات من لونٍ واحد ومذهب واحد نافذٍ سياسياً، إضافةً إلى استشهاد اقتصادي».