Site icon IMLebanon

عون: لا داعي للخوف على الوضع المالي… والحريري يسعى لحل… و«الحزب» ينتظر

بعد الفرز الذي طاول مواقف القوى السياسية وتوجهاتها حول الملف الانتخابي، والذي أكّد بما لا يقبل أدنى شك عمق الانقسام في ما بينها وصعوبة التقائها عند قواسم مشتركة تنقذ الاستحقاق النيابي، وتحول دون السقوط في محظور الفراغ بعد 20 حزيران المقبل، بَدا المشهد الداخلي وكأنه تجمّد عند هذا الوضع. ولا يملك فيه ايّ من المعنيين بهذا الملف جواباً حول كيفية الخروج من الازمة الراهنة، بل دخلوا جميعاً في رحلة انتظار ما ستحمله الايام المقبلة من انفراجات قد تظهر فجأة وتعجّل باستحقاق توافقي، او تطورات تذهب به في اتجاه آخر بما فيه من سلبيات وتداعيات. وفي وقت كان البابا فرنسيس يُعرب فيه امام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي عن الامل في أن يحلّ السلام في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم بأسره، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يؤكد أن لا خوف على مستقبل لبنان، فيما كان المشهد الاقليمي القريب من لبنان يتحرّك على إيقاع «تفاهم استانة» بإنشاء «المناطق الآمنة» بضمانة روسية وتركية وإيرانية. حيث اعلنت وزارة الدفاع الروسية «أنّ المذكرة الخاصة بإنشاء مناطق وقف التصعيد في سوريا ستدخل حيّز التنفيذ في منتصف ليل اليوم.

إنتخابياً، لم تسجل المحركات السياسية أي دورة جديّة لها في الساعات الماضية في سياق البحث عن مفتاح الحل الانتخابي، الذي يمكن القول إنه ما يزال ضائعاً حتى الآن وثمة صعوبة في العثور عليه، انما ليس استحالة على حد تعبير مصادر مواكبة للملف الانتخابي.

الّا انّ حركة تلك المحركات كانت بطيئة، إنما بصورة غير معلنة، سجلت خلالها مشاورات حملت الطابع الثنائي سواء بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، او بين «حزب الله» وحركة أمل وكذلك مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وكذلك ما بين عين التينة وبيت الوسط حيث سجّل تواصل ما بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري سواء عبرهما مباشرة او عبر الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري.

في حين لم يسجّل ايّ تواصل علني ما بين «حزب الله» والتيار الوطني، فيما ترددت معلومات عن انّ موفداً من الحزب قد يزور بعبدا في محاولة لكسر الجمود الحاصل في الملف الانتخابي ودفع الامور الى الامام، الّا انّ أوساط الطرفين لم تشأ تأكيد هذه الزيارة أو نفيها.

في هذه الأجواء، علم انّ عامل الوقت يضغط على مختلف القوى السياسية، وهو ما دفع الى ما سمّاها أحد العاملين على الخط الانتخابي «مقاربات جدية» لمخارج إنتخابية. انما لم تتبلور ايّ صيغة نهائية حتى الآن.

وبحسب هذه الشخصية انه اذا كان هناك من يعوّل على إعادة إطلاق اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس الحريري لِتوصِل الى صيغة ما او الى تفاهم على مبادىء عامة لقانون انتخابي لتطرحه على جلسة مجلس الوزراء، هناك في المقابل من يقول انّ عمل اللجنة قد لا يقدّم ولا يؤخّر، إذ سنغرق في التفاصيل مجدداً فضلاً عن انها ستعيدنا الى نقطة الصفر، ونكون في النتيجة نضيّع المزيد من الوقت. الّا انّ التعويل الاساس يبقى على حركة المشاورات المكثفة التي يجريها الرئيس الحريري. فربما يتبلور عنها صورة ما في وقت قريب.

خصوصاً انّ الرئيس الحريري، وكما تقول أوساطه لـ«الجمهورية»، يندفع في حركته هذه لمحاولة فتح ثغرة في الجدار الانتخابي الذي شهد انسداداً كلياً، وخصوصاً انّ الاشتباك السياسي بلغ أشده بين بعض القوى السياسية، وبالتالي يسعى رئيس الحكومة الى العودة بالجميع الى نقطة الوسط ومحاولة أخذ القوى السياسية كلها الى نقطة التقاء مشتركة نحو فتح الباب الانتخابي.

وإذ اشارت الاوساط الى انّ النسبية مؤيدة من قبل الرئيس الحريري، قالت انّ حركة الحريري تجري بوتيرة ايجابية ومسؤولة، لا نستطيع ان نقول اننا توصّلنا الى شيء او بلورنا شيئاً ما، لكنّ هذا السعي سيستمر مع جميع الاطراف من دون استثناء.

في السياق ذاته، أكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ اتصالات تجري بعيداً عن الاضواء لإخراج «قنبلة التصويت» من التداول نهائياً، خصوصاً انّ شظاياها تهدد الجميع من دون استثناء وقد تكون لها تداعيات على كل المستويات.

الّا انّ هذه المصادر اكدت انّ هذا الموضوع هو محل اقتناع لدى رئيس الجمهورية، الذي اكد انه لن يخرج عن احكام الدستور. الّا انّ المصادر اكدت انها تملك معلومات تفيد بأنّ «حزب الله» ما زال ينتظر مبادرة ايجابية من القصر الجمهوري من شأنها ان تفتح الباب الى اتفاق على قانون انتخابي، الّا انها لم تحدد ماهية هذه المبادرة كما لم تؤكد ما اذا كان رئيس الجمهورية في هذا الوارد.

ومن جهة ثانية، استغربت المصادر ما تردد عن اشتباك سياسي حصل داخل مجلس الوزراء، المكان الطبيعي للنقاش وتبادل وجهات النظر؛ وأوضحت المصادر انّ حقيقة ما حصل يتلخّص في انّ وزير الدفاع يعقوب الصراف طالب بوضع آلية في ما خصّ الهِبات دون 50 مليون ليرة لتسهيل عرضها على مجلس الوزراء لإقرارها؛ كما طالب باعتماد معايير موحدة في ما خصّ المساهمات للجمعيات لافتاً في هذا السياق الى الغبن اللاحق بمنطقة عكار؛ امّا في ما خصّ الهبات لوزارة الصحة فقد طالب بتحديد قيمة الهبة تمهيداً لقبولها.

وتساءلت المصادر: أليس مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي للنقاش وطرح الآراء وان اختلفت وجهات النظر؟ واشارت الى انّ إثارة النقاشات على انها اشتباك بين فريقين او اصطفافات سياسية امر غير صحي على الاطلاق خصوصاً في هذه المرحلة التي يسعى فيها جميع الفرقاء لإخراج البلاد من أزمتها عبر التوصّل الى قانون انتخابي منصف وعادل وسألت: هل إنّ كل خلاف بالرأي يجب ان يترجم خلافاً استراتيجياً ونسفاً لصيغة العيش المشترك؟

مرجع سياسي لـ«الجمهورية»

من جهة ثانية، وعلى رغم انّ تفاهم المثلث الروسي التركي الايراني على «مناطق آمنة» في سوريا لا يبدو صلباً بالنظر الى تباعد الموقفين الاميركي والروسي، والذي تجلى في «سجال جوي» بين الطرفين، حول مسالة حظر الطيران الاميركي وكذلك الطيران التابع للتحالف الدولي في أجواء هذه المناطق، الّا انّ مفاعيله وإن كانت على الارض السورية، فإنّ مراجع سياسية وأمنية لبنانية التقت على التأكيد انّ ايّ إجراء في سوريا ومهما كان وفي ايّ مكان فيها، يوجِب على لبنان ان يكون يقظاً من أيّ ارتدادات او تداعيات محتملة.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انّ التطورات التي تحصل في سوريا قد تتوالى في هذه الفترة، من الاتفاق الذي حصل ما بين كفريا والفوعة والزبداني ومضايا وغيرها وصولاً الى تفاهمات استانة والى غيرها، ومن هنا تبقى الخشية موجودة من أن تستغلّ المجموعات الارهابية الوضع لنقل التوتر من مكان الى آخر، علماً انّ وضعنا السياسي المهتزّ حالياً بالانقسامات والتناقضات قد يشكل عامل إغراء للارهابيين لمحاولة خلق المزيد من الارباكات. وهذا يوجب الارتفاع الى أعلى مستويات الحذر حفاظاً على الاستقرار الداخلي ومنع تلك المجموعات من اختراق الداخل.

مرجع أمني

ويتقاطع كلام المرجع السياسي مع ما قاله مرجع أمني لـ«الجمهورية»: ما يجب التأكيد عليه هو انّ الوضع الامني في لبنان ممسوك اكثر من ايّ وقت مضى، والجيش والاجهزة الامنية على اختلافها في اعلى درجات جهوزيتها لمواجهة ايّ طارىء.

قرارنا واضح اننا لن نسمح للارهابيين باستباحة لبنان، والحدود آمنة، فضلاً عن انّ الداخل اللبناني محصّن أكثر من اي وقت مضى، نتيجة الجهد اليومي للجيش والاجهزة الامنية في مطاردة وإلقاء القبض على الخلايا الارهابية.

علماً اننا لا نخرج من حسابنا ان تستغلّ المجموعات الارهابية اي فرصة لمحاولة ضرب لبنان كتعويض عمّا تتعرّض له من ضربات في سوريا. وتِبعاً لذلك نحن نطمئن اللبنانيين بأنّ طريق الارهابيين الى لبنان شاقة، ومع ذلك الجيش وكل الاجهزة على جهوزية تامة للتصدي لأيّ احتمال.

يأتي ذلك في وقت تلقّى فيه الجيش معدات وأسلحة اميركية لحماية الحدود اللبنانية. واكدت السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد في احتفال في مقر اللواء اللوجستي في كفرشيما أمس، على دور الجيش اللبناني الهام في مواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها لبنان، والتي ينشأ الكثير منها عن الصراع في سوريا.

وأشارت الى انّ تسليم هذه الشحنة الجديدة من الاسلحة لتحسين قدرات الجيش اللبناني للقيام بمهمته كمدافع وحيد عن لبنان. ولدينا ثقة بأنها ستستخدم مباشرة لحماية حدود لبنان والدفاع عنه، وكذلك الدفاع عن الأهمّ في لبنان، أي شعبه».

عون: لا خوف

الى ذلك، قال الرئيس عون أمام وفود زارته في القصر الجمهوري في بعبدا امس: لا داعي للقلق او الخوف على مستقبل لبنان وعلى الوضع المالي فيه وعلى العملة الوطنية، فكلّ شيء فيه ماضٍ نحو الأحسن.

واكد عون انّ العمل قائم على إزالة العقبات التي سبّبت تراجعاً في الحياة الاقتصادية وفي إمكانات البلاد، لكن التحسّن يتم الآن على مراحل اذ ليس من السهل إزالة كلّ ما تراكم من سلبيات خلال ستة اشهر فقط من عمر العهد.

وقال عون: لا تصغوا الى أصوات المشككين والساعين الى تصفية الحسابات السياسية، بل ثقوا بأننا نعمل على مختلف الاصعدة كي يستعيد لبنان قدراته، لا سيما أننا مصممون على تنفيذ خطاب القسم وترجمته الى برامج وخطط مستقبلية تحقق النهوض المنشود في مختلف قطاعات الانتاج، وتعيد تنظيم البنى التحتية وفق الحاجات والامكانات.

البابا والراعي

في هذه الاثناء، إلتقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس في الكرسي الرسولي في الفاتيكان، وسَلّمه خلال اللقاء دعوة رسمية باسم الكنيسة لزيارة لبنان موقعة من أصحاب الغبطة البطاركة الكاثوليك في لبنان بعد الدعوة الرسمية من الدولة اللبنانية التي وجّهها البابا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أثناء زيارته الاخيرة الى الفاتيكان.

كما سلّم الراعي الى البابا تقريراً مفصّلاً عن الاوضاع في الشرق الاوسط وفي لبنان. وتوجّه الراعي الى قداسته بالشكر على زيارته نهاية الاسبوع الفائت الى مصر، لافتاً الى أهمية هذه المرحلة الدقيقة من حياة المنطقة.

وأعرب البابا خلال اللقاء عن قربه من الشعوب العربية في ظل الاحداث التي تضرب العديد من بلدانها، مؤكداً على صلاته اليومية وتضامنه مع المظلومين والمعذبين والنازحين والذين يعيشون تحت تهديد الارهاب والحرب، آملاً ان يحلّ السلام في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم بأسره.