IMLebanon

الجمهورية: نار الحرب تتمدّد.. والداخل مشتّت.. حراك «الخماسية»: بحث عقيم عن توافق مستحيل

 

منطقة الجنوب على خط النار المشتعلة، وشرارات الحرب الدائرة على امتداد الحدود تتطاير في أجواء البلد، مقرونة بتهديدات اسرائيلية متتالية، واعتداءات تتمدّد في غير اتجاه، وتنذر بسيناريوهات واحتمالات تلقي بلبنان من أقصاه إلى أدناه في دائرة المجهول. وفي الجانب الآخر للمشهد اللبناني ملفات مالية واجتماعية وحياتية مركونة في زوايا التأزّم والتعقيد، واما السياسة فعائمة في بحر التشتّت والإرباك والاشتباك والشعبويات المفخّخة الملف الرئاسي بعبوة التعطيل.

حفر الجبل بقشة

محاولات «اللجنة الخماسية» لاختراق الجدار الرئاسي أشبه بمن يحاول ان يحفر صخرة بقشة، حيث مهما تكثف حراك اللجنة، سواءً عبر سفراء دولها في بيروت، او عبر وزراء خارجية او عبر موفدها جان ايف لودريان، فإنّها تبقى فارغة، بل بلا أيّ معنى، طالما انّها لا تملك حلّاً جاهزاً لأزمة الرئاسة، بل انّ جلّ ما لديها مجرّد عناوين عريضة تذكيرية بحاجة بلدهم الى انتخاب رئيس للجمهورية وعودة انتظام الحياة السياسية في لبنان، والسبيل الى ذلك كما تؤكّد اللجنة، هو توافق المكونات السياسية على اختيار الشخص الذي يجدونه اهلاً لقيادة لبنان في هذه المرحلة.

حراكات اللجنة التي توالت منذ اجتماعها الأول في ايلول من العام 2023، وما تلاها من زيارات متلاحقة للوسيط الفرنسي جان ايف لودريان، وبعده الوسيط القطري ابو فهد جاسم بن فهد آل ثاني، وصولاً الى حراكها الأخير في بيروت في هذه الفترة، دارت حول نفسها، كعامل مساعد للبنانيين على إنجاز الملف الرئاسي على وجه السرعة، نائية بنفسها أوّلاً عن الشراكة في اختيار شخص الرئيس، ومحرّرة نفسها من تبنّي أيّ إسم للرئاسة او الإعتراض على ايّ اسم، مراهنةً بذلك على صحوة لديهم، تقودهم الى الجلوس على طاولة حوار او نقاش او تشاور، او ايّ لقاء بينهم تحت ايّ عنوان، للتوافق على رئيس. الاّ انّ النتيجة الأكيدة لكل هذه الحراكات كانت المراوحة في مربّع الفشل، امام مكوّنات حسمت موقفها سلفاً بأنّ التوافق في ما بينها على رئيس للجمهورية من المستحيلات.

ضمن هذا التوجّه المساعد، جاء اجتماع سفراء دول «الخماسية» في دارة السفير السعودي وليد البخاري اواخر كانون الثاني الماضي، اي قبل نحو شهر من الآن، وكذلك مبادرتهم في اتجاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي خلص الى التأكيد على أولوية إجراء حوار باعتباره السبيل الوحيد لبلوغ التوافق المنشود على رئيس صُنع في لبنان، ايّاً كان هذا الرئيس، وصولاً الى اجتماع امس الأول في مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر، الذي اعاد التأكيد على اولويات اللجنة التي تتلخّص بوجوب إدراك المكونات اللبنانية حاجة لبنان في هذا الظرف الصعب، الى انتخاب رئيس، والسبيل الى ذلك، جلوس هذه المكونات على طاولة الحوار. وقد اناط سفراء اللجنة لأنفسهم مسؤولية لعب دور اساسي في هذا المجال للدفع الى هذا الحوار.

«ما زلنا مطرحنا»

وإذا كان حراك «الخماسية» حول الملف الرئاسي، وصولًا الى الإجتماع الأخير لسفرائها، قد قرأته مصادر سياسية رفيعة معنية بحراك اللجنة، ايجابياً، حيث انّ المراد منه هو توجيه رسالة واضحة بأنّ الملف في دائرة اهتمام الدول الخمس، وتتشارك الرغبة في حسمه سريعاً، بمعزل عن التطورات الخطيرة التي تتسارع في المنطقة وصولًا الى لبنان، الاّ انّ نقطة الضعف فيه، كما تقول المصادر عينها لـ«الجمهورية»، «تتجلّى في مطرحين، الأول، انّ هذا الحراك يدور في مدار التمنيات، ولا يسوّق آلية لحل رئاسي يتمتع بقوة كسر إرادة التعطيل وبقدرة إلزام المعطّلين به. والثاني هو انّ مكونات أساسية معنية بالملف الرئاسي ترفض الحوار والتوافق بشكل قاطع. ومعلوم هنا كم اطلق رئيس مجلس النواب مبادرات لحوار رئاسي، وقوبلت برفض «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية». وفي هذه الاجواء لا يوجد اي تقدّم، وحركة «الخماسية» بلا بركة حتى الآن، اي اننا ما زلنا مطرحنا».

يُشار في هذا السياق الى انّ ما قاله رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بـ«اننا مع الحوار في كل لحظة، ولكن لا نتيجة له لأنّ «الثنائي» متمسك برئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية»، فيما اعلن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالأمس: «انّ الحوار هو الطريق للتفاهم، وسنبادر للتوافق على برنامج ومواصفات واسم، واعطاء مهلة محدّدة وقصيرة للانتقال لجلسات مفتوحة لا متتالية في مجلس النواب، في حال عدم التوافق، كي يتمّ الانتخاب بشكل ديموقراطي».

إشارات غير مطمئنة

الى ذلك، أبلغ مرجع مسؤول الى «الجمهورية» قوله، «انّ سفراء «اللجنة الخماسية» اكّدوا انّ موقفها موحّد من الملف الرئاسي، لكن بعض الإشارات غير المطمئنة التي ترد من داخل الغرف المغلقة تؤكّد خلاف ذلك».

ورداً على سؤال، فضّل المرجع عدم توضيح تلك الاشارات، الّا انّه قال انّ «اللجنة الخماسية» تؤكّد انّ الحل الرئاسي في نهاية المطاف هو بيد اللبنانيين، ومهمّتها هي مساعدتهم، لكن هذه المساعدة المشكورة من حيث المبدأ، تبقى منقوصة من دون ان تقترن بخطوات على الارض تبادر فيها بعض دول «الخماسية»، المعنية اكثر من غيرها بالملف الرئاسي، الى الضغط على حلفائها المباشرين في لبنان، للانخراط في الحوار الرئاسي والتوافق، اللذين تؤكّد «الخماسية» عليهما. في رأيي هذا الامر ممكن ومطلوب من تلك الدول، وطالما أنّ هذا الامر لم يحصل، فإنّ الدوران في هذه الدوامة سيستمر الى ما شاء الله».

الخطر يقترب

واللافت في هذا السياق، انّ احد سفراء دول «الخماسية»، ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، تجنّب الحديث عن تفاؤل في إمكان نجاح حركة المساعي التي تقوم بها اللجنة للتعجيل بحسم الملف الرئاسي. واكتفى بالقول: «التفاؤل يجب ان يبقى موجوداً دائماً. لكن المسألة الآن ليست مسألة تفاؤل او تشاؤم، هناك مسؤولية اكيدة للأخوة في لبنان، ولا يستطيع احد ان ينوب عنهم في ما يمكن ان يقرّروه، واللجنة «الخماسية» تقوم بدور محدّد لها بمد يد العون لهم لمساعدتهم على إنهاء ازمة الرئاسة في لبنان».

اضاف: «ما نؤكّد عليه هو ان نرى تجاوباً من قِبل القادة السياسيين، مع كل ما يحقّق مصلحة بلدهم، وهذه المصلحة في رأي كلّ اعضاء اللجنة تتجلّى في انتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة. وكلكم ترون تسارع التطورات في المنطقة، فالمخاطر كبيرة، وكلكم ترون انّها باتت قريبة جداً من لبنان. واؤكّد انّ اللجنة الخماسية حريصة على لبنان وشعب لبنان، وهذا ما يحفّزنا على السعي اكثر لمساعدته في تخطّي ازماته في هذه المرحلة، ونشارك اللبنانيين تأكيدهم بأنّ الخطوة الاولى في هذا المسار تتجلّى في التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية».

ورداً على سؤال عمّا تردّد في بعض الاوساط نقلاً عن مسؤول كبير بأنّ لديه معطيات جدّية حول انتخاب رئيس للجمهورية في ايار المقبل، قال السفير: «اتمنى ذلك، ولكن لا املك ما يؤكّد ذلك».

وعن موعد زيارة لودريان الى بيروت، تجنّب السفير عينه الدخول في لعبة المواعيد، مكتفياً بالقول: «انّ جهود اللجنة ستتواصل في الايام المقبلة، والسفراء بصدد القيام بحراك وشيك، حيث سنجري لقاءات ونقاشات مع المعنيين في لبنان، وآمل ان تفضي هذه الجهود الى ايجابيات».

ورداً على سؤال آخر، عمّا يتردّد عن خريطة حل يسوّق لها الاوروبيون، وتقوم على سلّة حل متكاملة تشمل الملفين الرئاسي والأمني، أكّد السفير عينه «انّ المهمّة المنوطة بسفراء «الخماسية» محدّدة بالتركيز على حسم الملف الرئاسي حصراً، ولا تدخل في اي تفصيل متعلق بالجانب الأمني والتطوّرات التصعيدية في منطقة الجنوب».

واستدرك قائلاً: «كما سبق وقلت، الوضع في المنطقة غاية في الخطورة، وما نسعى اليه هو تجنيب لبنان تأثيرات هذه المخاطر. ومسؤولية الاخوة في لبنان بالتأكيد اساسية في تجنّب الانزلاق ببلدهم الى اوضاع اكثر تعقيداً وخطورة».

وفد الكونغرس

وغداة اجتماع سفراء «الخماسية» في قصر الصنوبر، جـال أمـس وفـد مـن الكـونغرس عـلـى عـدد مــن المسؤولين، فالتقى بعد ظهر أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وضمّ السيناتور ريتشارد بلومنتال والسيناتور كريستوفر كونز والوفد المرافق بحضور السفيرة الاميركية لدى لبنان ليزا جونسون، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، لا سيما المستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة اسرائيل لعدوانها على قطاع غزة والقرى والبلدات اللبنانية الجنوبية.

وفي السرايا الحكومية، إستقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الوفد الاميركي، حيث جدّد أمامه دعوته الى استمرار الدعم الاميركي للجيش لتمكينه من القيام بمهامه.

وتوجّه الوفد الاميركي الى وزارة الخارجية حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب.

وبعد اللقاء صرّح بو حبيب قائلاً: «نطالب اسرائيل بإعطاء السلام فرصة بدلاً من استمرارها بسياسة الحرب التي تنتقل من جيل إلى آخر وتزيد الحقد ولا تولد إلاّ المآسي».

كما استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون الوفد في منزله مساءً.

مستمرون في المواجهة

على صعيد سياسي آخر، اكّدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» المضي حتى النهاية في مواجهة مشاريع الإخضاع والهيمنة والإقصاء، بخاصة أنّ المسّ بالشراكة هو تخطٍ لكل الخطوط الحمراء التي تسقط عندها كل الإعتبارات. وتوضح أنّ حديث رئيس «التيار» النائب جبران باسيل عن استخدام «كل شي»، ما هو سوى تأكيد لمنطق المواجهة من أبناء تجربة نضالية صلبة، على كل الصعد السياسية منها والشعبية.

وتلفت الأوساط إلى أنّه في مقابل فتح الباب ومد اليد لأي مبادرة حوارية جدّية وليس «إلهائية» كجانب من جوانب التوازن والإنفتاح، فإنّ موضوع التنازل عن الثوابت في الشراكة، وفي مسار انتخاب رئيس للجمهورية كباب للحل، هو من المحرّمات التي لم ترد يوماً في قاموس «التيار» وحراكه السياسي.

زنار من نار

في المقلب الجنوبي، زنار من نار يطوّق المنطقة الحدودية، أضرمه التصعيد الاسرائيلي الذي بلغ في اعتداءاته مناطق لبنانية بعيدة جداً عن خط الحدود، على ما جرى قبل ايام في جدرا التي تبعد نحو 75 كيلومتراً عن الحدود، وتقع على مسافة 25 كيلومتراً من العاصمة بيروت، وكذلك في بلدة الغازية المحاذية لمدينة صيدا، والتي تبعد عن الحدود ما يزيد عن 56 كيلومتراً.

وجديد الاعتداءات يوم امس، كان غارات مكثفة شنّها الطيران الحربي الاسرائيلي على مناطق واسعة في الجنوب، وتركّزت على بلدة الخيام، واطراف رشاف ووادي السلوقي واطراف الغندورية ووادي الحجير، ومروحين وام التوت اطراف راميا، جبل بلاط. وحي المشاع في بلدة المنصوري لناحية مجدل زون، حيث استُشهدت المواطنة خديجة سلمان والطفلة أمل حسين الدر. وترافق ذلك مع قصف مدفعي عنيف طال عيتا الشعب، الضهيرة، أطراف علما الشعب والجبين، وادي حسن، اطراف مجدل زون، اطراف حولا، وادي السلوقي، اطراف عيترون وميس الجبل، حرش رشاف والطيري.

وفي موازاة ذلك، نفّذ «حزب الله» سلسلة عمليات ضدّ مواقع الجيش الاسرائيلي والمستوطنات، حيث اعلن انّ المقاومة الاسلامية استهدفت تموضعًا عسكريًا لجنود العدو، وتموضعًا عسكريًا لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة شوميرا، ومبنيين يتموضع فيهما جنود العدو في مستعمرة أفيفيم، وتجمعًا ‏لجنود العدو في محيط موقع المرج، وموقع ‏رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة مرتين، وموقع زبدين في مزارع شبعا وثكنة زرعيت، ومستعمرة المطلة مرتين، وتموضعاً لجنود العدو فيها مرتين ايضاً، وتموضعاً ‏عسكرياً لجنود العدو في مستعمرة أفيفيم، ومستعمرة متسوفا بصواريخ الكاتيوشا.

بعثة لبنان

وإزاء الاعتداءات الاسرائيلية، التي كان آخرها امس اعلان الوزير في حكومة الحرب الاسرائيلية بيني غانتس «انّ اسرائيل ستواصل القتال في الشمال ضدّ «حزب الله» وسنستمر حتى إعادة الأمن للسكان هناك»، اصدرت بعثة لبنان لدى الامم المتحدة بياناً اكّدت فيه انّ اسرائيل تخرق القرار 1701 وتمارس اعتداءات يومية ضد القرى الجنوبية اللبنانية. وجاء في البيان، انّ «لبنان مراراً وتكراراً أعلن أنّه لم يرد يوماً الحرب ولا يسعى اليها اليوم أو مستقبلاً، وأبدى التزامه الكامل بالتفاوض والبحث عن حلول سلمية تحفظ حقوقه المشروعة من خلال التطبيق الشامل والمتوازن لمندرجات القرار 1701. وفي المقابل تستمر التهديدات الاسرائيلية على لسان كبار المسؤولين والتبشير بالقتل والخراب والدمار، ومنها ما قاله المندوب الإسرائيلي في الامم المتحدة، مما يظهر نيات إسرائيل المبيتة بتوسيع رقعة الحرب، ومحاولة للبحث عن ذريعة لشن عدوان على لبنان. وعليه يسأل لبنان، ألم يحن الوقت لتعطي اسرائيل العقل، والمنطق، والسلام فرصةً بدل الاستمرار بسياسة القوة، والإحتلال، والتهديد، والقتل، والحرب؟ كما يطالب لبنان الأجهزة المعنية في الامم المتحدة، بالأخص مجلس الامن، بإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها وخروقاتها لسيادة لبنان، والبدء بمفاوضات من خلال الأمم المتحدة للالتزام بالقرار 1701 كاملاً، والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، بحثاً عن الحل السياسي المنشود وحفاظاً على السلم والامن الاقليميين».

نفي مزاعم العدو

الى ذلك، نفت وزارة الطاقة والمياه مزاعم اسرائيل بأنّ المستودعات التي استهدفتها في بلدة الغازية تابعة للمقاومة، وكذلك ما نشره موقع دراسات اسرائيلي من صور لنفق مدعياً أنّه عائد للمقاومة أيضاً.

وجاء في بيان وزارة الطاقة: «أنّ المنشآت الظاهرة في مقطع الفيديو الذي نشره الاحتلال الإسرائيلي، مدّعياً أنّه يُظهر وجود مواقع صواريخ في جبيل وكسروان، عائدة لها، حيث انّ ما يظهر في الفيديو هو منشآت تابعة لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وأبرزها النفق المنشأ لتحويل مياه نهر إبراهيم لزوم تشييد سدّ جنة، والوادي المحيط بمحيط السد، والذي نتج من أعمال الحفريات التي نُفّذت فيه، مؤكّدةً أن لا علاقة لهذه المنشآت بما يزعمه الاحتلال بشأن بنى تحتية».

الى ذلك، قال نائب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في احتفال امس، إنّ «وجودنا في المواجهة هو الذي يردع العدو، وديبلوماسية الغرب تريد تعطيل قوَّتنا في إزعاج إسرائيل وإرباك إسرائيل لتحقيق الأمن الإسرائيلي ولا تعمل لإيقاف الحرب على غزَّة التي كانت السبب وراء كل هذه المساندة التي حصلت في المحور».

ولفت الى أنّه «إلى الآن أسقف المواجهة مع جبهة لبنان محدودة حتى لو تجاوزت بعض الاستثناءات والردود على هذه الاستثناءات، ولكن عندما يتجاوز العدو إلى سقف أعلى سيكون سقفنا أعلى من سقفه، وبالتالي نحن لن نتراجع في الميدان بل سنجعل أي تطور مرتبط بالميدان وبالمواجهة بحسبه على قاعدة أنَّنا في موقع الردع للعدو الإسرائيلي والرفض لمخططاته والأمل بالنصر».

أنفاق الحزب!

في سياق متصل، ذكرت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، انّ «حزب الله» يقوم منذ الثمانينات، بمساعدة من كوريا الشمالية، ببناء نظام دفاعي تحت الأرض تحسباً لغزو إسرائيلي، وبالفعل أنشأ شبكة عسكرية تحت الأرض أكثر تطوراً من تلك الموجودة في قطاع غزة، يبلغ طولها مئات من الكيلومترات ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل وربما تصل إلى سوريا».

ولفتت الصحيفة الى أنّ «حزب الله» عندما أعلن دعمه لحركة «حماس» مع بداية القصف الإسرائيلي لغزة، بث على منصة «إكس» مقطع فيديو يمثل كابوساً لإسرائيل، وهو عبارة عن هجوم وهمي في الجليل تنفّذه وحدة النخبة «الرضوان» عبر نفق من لبنان». ويقوم مركز أبحاث «ألما» في إسرائيل بالتحقيق اعتماداً على مصادر مفتوحة في ما سمّاه في تقرير نشره عام 2021 «أرض الأنفاق»، وحسب باحثيه، أنشأ «حزب الله»، بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، خطة دفاعية لمواجهة الغزو الإسرائيلي، تضمّ عشرات من مراكز العمليات المجهزة بشبكات تحت الأرض، وأنفاقاً تربط المراكز المهمّة في بيروت والبقاع والجنوب، الذي يصل الطول التراكمي للأنفاق فيه إلى عدة مئات من الكيلومترات».

وقد حدّد باحثون إسرائيليون -حسب الصحيفة- وجود «أنفاق قريبة» عبارة عن ممرات بسيطة تسمح لقوات «حزب الله» بتنفيذ هجمات على المعسكرات الإسرائيلية، و«أنفاق تكتيكية» أوسع مصمّمة للسماح بإطلاق صواريخ باليستية من تحت الأرض، كما أشار «ألما» إلى وجود «أنفاق متفجّرة» تحت نقاط إستراتيجية، وهي مليئة بالمتفجرات التي يمكن إشعالها في اللحظة المناسبة لإحداث زلزال وانهيارات أرضية.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الهجوم البري الذي يهدّد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا لم تتوقف هجمات «حزب الله» الصاروخية على شمال إسرائيل، سوف يواجه -كما هي الحال في غزة- بجيش سرّي مجهز جيداً وبتهديد دائم وغير مرئي، وهذا ما يفسّر معارضة العسكريين والاستخباراتيين والمتخصّصين الإستراتيجيين في حكومة الطوارئ الإسرائيلية مثل هذا الهجوم.