Site icon IMLebanon

الجمهورية: محاولات لحوار وانتخاب رئيس تحت جنح الهدنة المنتظرة

 

تترقّب الأوساط السياسية هجمة ديبلوماسية وداخلية جديدة في اتجاه إمكان الاتفاق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي تحت جنح الحركة الناشطة اقليمياً ودولياً، لإعلان هدنة في حرب غزة خلال شهر رمضان، يتمّ خلالها تبادل اطلاق أسرى ومعتقلين وادخال المواد الغذائية والإغاثية المختلفة الى قطاع غزة، والبحث في حل للقضية الفلسطينية في اطار مشروع حل الدولتين او غيره.

في الوقت الذي لم يُحدّد بعد اي موعد لزيارة للموفد الفرنسي ـ الخماسي جان ايف لودريان او للموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين، يدور همس في بعض الاوساط السياسية، ولا سيما منها المعنية بالاستحقاق الرئاسي، عن وجوب الإسراع في الاتفاق عبر حوار او من دونه على انتخاب رئيس للجمهورية قبل شهر رمضان اذا أمكن أو خلاله، خصوصاً اذا تمّ اتفاق على هدنة في غزة، ولذلك لكي تقوم في لبنان سلطة جديدة تستطيع مواجهة اي تطورات عسكرية او سياسية، سواءً على الجبهة الجنوبية او على مستوى المنطقة، حسب قول مصادر مطلعة لـ«الجمهورية».

حراك لعقد حوار

في هذا السياق، باشر تكتل «الاعتدال الوطني» يوم السبت جولاته التشاورية على الكتل النيابية، فزار وفدان منه حزب «الكتائب اللبنانية» ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سميرجعجع، على ان يستكمل جولته اليوم لمناقشة مبادرته حول تحريك الاستحقاق الرئاسي، وسط تساؤلات عن توقيت التحرّك وهل هو موعز به خارجياً؟ ام انّه من منطلق محاولات «لبننة» الاستحقاق الرئاسي.

وقال عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب عبد العزيز الصمد لـ«الجمهورية»، انّ وفداً منها «سيلتقي غداً غالبية نواب مجموعة «التغيير»، على ان يستكمل جولته على كل الكتل بدءاً من الغد وحتى يوم الخميس المقبل، وستكون المحطة الاخيرة من الجولة مع كتلة «الوفاء للمقاومة». واكّد انّ الكتلة «لاقت تجاوباً مع مبادرتها لتحقيق الانتخابات الرئاسية وبلا شروط من اي كتلة، على ان تعقد جلسة تشاورية لكل الكتل ليوم واحد في المجلس النيابي لطرح اسماء المرشحين وتأكيد توفير نصاب جلسة الانتخاب من 86 نائباً على الاقل، تليها جلسة او جلسات انتخابية، وليفز من يفز عندها من المرشحين المتفق عليهم او الذين تتبنّاهم الكتل».

وأوضح الصمد «انّ جوهر مبادرة التكتل يقوم على فتح المجلس النيابي وعقد جلسة للكتل النيابية في المجلس النيابي في حضور نحو 100 نائب ليوم واحد، للتوافق على اسماء المرشحين وليترشح من يترشح، وللتعهد بتوفير نصاب جلسة الانتخاب على الاقل من 86 نائباً، واذا حصل التوافق يتمّ تحديد موعد الجلسة الانتخابية».

ورداً على سؤال عمّا اذا كان هناك «إيعاز» او طلب خارجي من التكتل لكي يتحرك، قال الصمد: «نحن مجموعة مستقلة لا نتلقّى إيعازاً من احد ويعنينا البلد فقط. بدليل انّ لا اسم مرشحاً لدينا حتى الآن، وسنرى نتائج اجتماع الكتل التي تملك كل مجموعة منها اسماً معيناً، وفي ضوء التشاور يمكن ان نختار اسماً».

وكان وفدان من تكتل «الاعتدال» قد زارا السبت كلاً من معراب وبيت «الكتائب»، وبعد اللقاء، قال جعجع: «الكتلة عرضت علينا مبادرة جدّية للوصول إلى انتخاب رئيس ووافقت عليها. المبادرة هي لقاء نواب من كل الكتل في المجلس للمطالبة بجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، ونتشاور على الهامش في الموضوع الرئاسيّ».

وأضاف: «انّ المبادرة واضحة ونحن قبلنا بها، ووفق ما تبلّغنا فرئيس مجلس النواب نبيه بري متجاوب معها أيضاً. وإذا صفت النيات سيتمّ انتخاب رئيس ونيتنا صافية من اللحظة الأولى، ولكن الأكيد أنّ محور الممانعة متمسك بسليمان فرنجية. يقولون إنّ فريق الممانعة من دُعاة الحوار، فكيف تحاوروا مع اللبنانيين ليذهبوا إلى القتال في الجنوب، وتعريض لبنان للخطر؟».

مواقف

وفي المواقف، اشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته الاحد من بكركي، الى انّ «تأخير انتخاب الرئيس ادّى الى فوضى عامة سمحت للمسؤولين بالاستئثار بالسلطة الى حدّ التسلّط، فأطاحوا بالأصول، ما يشكّل خطراً على الوحدة الوطنية»، لافتاً الى «التشويهات في الدستور والعيش المشترك، ولبنان آخذ في الانهيار والسقف سينهار على الجميع». وقال «نحيي جهود اللجنة الخماسية ونشكر مساعيها ونأمل من القوى السياسية التجاوب معها».

«الحزب» يصرّ

وأوضح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال لقائه السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، في معراب، أنّ الحل جنوبًا يكمن في تطبيق القرار 1701 وانسحاب “الحزب” من المنطقة الحدودية، ليتسلّم الجيش اللبناني بالتعاون مع القوة الدولية أمنها وحمايتها بالكامل، كونه القوة الشرعية الوحيدة التي تمثل الدولة اللبنانية. وأشار إلى «أنّ محور الممانعة ما زال يعطّل الاستحقاق الرئاسي». وأكّد جعجع للسفير البابوي أنّ الوزير السابق جهاد أزعور «تقدّم بوضوح على مرشح “الحزب” في الجلسة الأخيرة، ولو لم يعطّل “الحزب” وحلفاؤه الجلسة بإطاحة النصاب، لكنا وصلنا إلى انتخاب رئيس الجمهورية». ولفت إلى «أنّ الفريق السيادي مستعد للبحث في خيار مرشح ثالث، شرط أن يكون شخصية جدّية ومستقلة ويستطيع أن يكون رئيساً فعلياً وليس مجرد صورة، لكن “الحزب” لا يريد حتى هذا الخيار، وما زال متمسكاً بمرشحه، ما يعني أنّه يصرُّ على التعطيل إلاّ اذا كان رئيس الجمهورية المقبل من صلب خطه، وهو ما لا يمكن التسليم به».

عودة

وسأل متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة، في عظته خلال القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت، «لو تواضع من توالوا على الحكم، ولو عملوا من أجل مصلحة لبنان هل كنّا وصلنا إلى هذا التحلّل في السلطة؟». وقال: «ليكن ما وصلنا إليه درساً لكلّ مسؤولٍ يتبوأ مركز قيادةٍ أنّ عليه الخروج من أناه وكبريائه، والعمل من أجل الخير العامّ بتواضعٍ وتفانٍ ونزاهةٍ، وعدم إهمال شؤون الناس لأنّهم سبب وجوده في المسؤولية وغاية هذا الوجود».

واعتبر عودة «أنّ عجز مَن في يدهم السلطة والقرار عن اتّخاذ المواقف الحكيمة أو القيام بما يصبّ في مصلحة البلد هو ما قادهم إلى الفشل وأبعدهم عن الشّعب الذي يشعر أنّ الدولة أسلمت القيادة واستسلمت، وأنّ الجميع ينتظر الخارج فيما الخارج، إلى كونه منشغلاً بقضاياه ويعمل من أجل مصلحته، قد أصابه القرف وملّ من مشكلاتنا».

قمة فرنسية – قطرية

وفي هذه الاجواء، تتجّه الانظار الى القمة الفرنسية – القطرية الثنائية التي ستجمع كلاً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني في شقها المتصل بالعلاقات بين البلدين ومجموعة الاتفاقيات التي ستُعقد غداً قبل ان تتحول خماسية في 29 منه، عندما ينضمّ إليها قادة الجيوش الثلاثة الفرنسي والقطري واللبناني ومجموعة من ضباط الأركان من مختلف الإختصاصات للبحث في سلّة من المساعدات العسكرية التقنية والمادية للجيش اللبناني، في اطار المساعي المبذولة لتعزيز قدراته وضمان صموده لتجاوز الأزمة النقدية والمالية التي تعيشها البلاد، ومن ضمن البرامج التي حدّدت فيها قيادة الجيش حاجاتها على مختلف المستويات.

وكشفت مراجع معنية بالترتيبات الجارية تحضيراً لهذا الحدث، أنّ قيادة الجيش كثفت من تحضيراتها في تحديد الأولويات قياساً على حجم المساعدات المتوفرة من جهات صديقة عدة، وكان آخرها الهبة الاميركية بتسليم الجيش خافرة بحرية وثلاثة زوارق متطورة اقتربت قيمتها من 25 مليون دولار.

على صعيد متصل، يُتوقع ان يصدر المرسوم التنفيذي لتعيين العميد الركن حسان عودة رئيساً للأركان في قيادة الجيش في الساعات المقبلة، إن لم يكن قد صدر الجمعة الماضي قبل نهاية عطلة الأسبوع خالياً من توقيع وزير الدفاع العميد موريس سليم، على غرار مجموعة المراسيم والقرارات السابقة التي تمنّع عن توقيعها «لصدورها عن حكومة غير دستورية»، يقاطع أعمالها منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وقالت مصادر قانونية لـ«الجمهورية»، انّه وبعبور الثالث والعشرين من شباط الجاري تكون قد انتهت مهلة الأيام الـ 15 التي تلت قرار تعيين اللواء عودة رئيساً للاركان في جلسة مجلس الوزراء في الثامن من الجاري، مرفقاً بـ «قرار منحه قدماً للترقية مدّة 5 أشهر، وترقيته الى رتبة لواء»، ولم يتقدّم لا وزير الدفاع ولا اي من حاملي الصفة من الضباط المتضررين إن وجدوا، بأي طعن أمام مجلس شورى الدولـة، ولذلك سيكون في إمكانه ممارسة صلاحياته كاملة بعد فترة يقوم فيها بهذه المهمّات، وكأنّها مرحلة تمهيدية تؤدي في نهايتها الى القيام بما يقول به وضعه القانوني السليم.

مواجهات جنوباً

على صعيد جبهة الجنوب، وبعد ليل ساخن بغارات وقصف مدفعي اسرائيلي تدميري للقرى الحدودية، ولا سيما منها بيت ليف وبليدا وعيتا الشعب ويارون ومارون الراس، استمر التصعيد امس، وسُجّل صباحاً، قصف مدفعي استهدف تلة «شواط» في بلدة عيتا الشعب وشرقي بلدة مركبا، ومنطقة شميس في أطراف كفرشوبا، ترافق مع رشقات رشاشة غزيرة من مستعمرة المطلة في إتجاه بلدة كفركلا. وسُجّل عند الاولى بعد الظهر قصف مدفعي على أطراف كفرحمام وراشيا الفخار وكفرشوبا، وعلى وادي الدلافة، وطاول بلدة حولا.

وأغار الطيران الحربي الاسرائيلي قرابة الثانية بعد الظهر مرتين على بلدة بليدا، ما ادّى الى سقوط شهيد وعدد من الجرحى.

ورداً على ‌الاعتداءات الاسرائيلية على القرى والمنازل المدنية وخصوصاً بلدتي عيتا الشعب وبرعشيت، استهدف ‌‏مقاتلو ‏«المقاومة الإسلامية» مساء يوم السبت ثكنة زرعيت ‏بصاروخ «بركان» وأصابوها إصابةً مباشرة. ‏ومقر قيادة «كتيبة بيت هلل» التابع للواء الإقليمي الشرقي 769 بصواريخ الكاتيوشا.‏

واستهدفت المقاومة قبل ظهر امس «تجمعاً لجنود العدو في محيط ثكنة راميم بالأسلحة الصاروخية وحقّقوا فيه إصابةً مباشرة». كذلك استهدفت ثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بصاروخَي «فلق 1» ومرابض ‏مدفعية العدو وانتشار جنوده جنوب مستعمرة كريات شمونة بالأسلحة الصاروخية والمدفعية‏.

واعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن أضرار في ممتلكات ومعدات زراعية عقب سقوط صواريخ جنوب كريات شمونة، فيما دعا رئيس بلدية المستوطنة المستوطنين إلى مغادرة المدينة فوراً نتيجة كثافة الصواريخ.

واعلنت المقاومة لاحقاً في بيان، انّها ردّت على ‏الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمنازل، خصوصاً في بلدة بليدا، ‌بقصف مبنىً ‏يتموضع فيه جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة، ومبنيين آخرين يتموضع ‏فيهما الجنود في مستعمرة المالكية بالأسلحة. ‌‏

واعلنت «المقاومة الاسلامية» انّ ‏مقاتليها استهدفوا عند الثانية بعد ظهر امس «مرابض مدفعية العدو وانتشار جنوده جنوب كريات شمونة بالأسلحة الصاروخية والمدفعية‏».

وذكرت معلومات امنية انّ صافرات الانذار أُطلقت في مستوطنات جديدة للمرّة الأولى جراء صواريخ المقاومة. فيما ذكرت قناة «سكاي نيوز» انّ الدفاعات الإسرائيلية إعترضت مُسيّرة لـ»حزب الله» في الجليل الأعلى.

ونعت «المقاومة الإسلامية» امس ثلاثة شهداء، اثنان منهما من منطقة البقاع هما أحمد محمد العفّي من بلدة بريتال، وحسين علي الديراني من بلدة قصرنبا. والثالت من بلدة حداثا في الجنوب هو علي كريم ناصر.

في الداخل الاسرائيلي، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية امس، انّه «بسبب الخوف من «حزب الله»، وفي حال استمرت المعركة، تُفكّر قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي في إلغاء أو نشر القيود على التجمّع السنوي الديني في جبل «ميرون» او جبل الجرمق، وهو اعلى جبل في صفد، والذي يحضره عشرات الآلاف والذي سيُقام بعد 3 أشهر».

ويضمّ الجبل قاعدة «ميرون» الجوية، التي تنفّذ مهمّات كل العمليات الجوية وتنظيمها وتنسيقها وإدارتها في اتجاه سوريا ولبنان وتركيا ‏وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وقد سبق للمقاومة ان قصفتها في الآونة الاخيرة بعشرات الصواريخ والحقت بها اضراراً كبيرة بحيث تعطّل عملها. وهذه المحطة التجسسية مسؤولة عن مراقبة الحركة الجوية من شمال إسرائيل حتى الوسط، وتُعرف بأنّها إحدى عيني إسرائيل التي ترى كل شيء، وتقع العين الأخرى في النقب جنوب فلسطين المحتلة.

بايدن وماكرون

في غضون ذلك، وفيما جدّد الرئيسان الفرنسي ايمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن التأكيد في اتصال بينهما «تصميمهما المشترك على تجنّب توسّع رقعة النزاع إقليمياً خصوصاً في لبنان». توالت المواقف الإسرائيلية حول التهديدات للبنان.

فأشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس الاحد، الى انّه «سنزيد النار بالشمال في حال التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة في غزة». واضاف: «سنواصل القتال في الشمال حتى الانسحاب الكامل لحزب الله وعودة السكان إلى منازلهم».

وفي جولته على الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان قال عضو المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس «انّ الحرب الدائرة في الجبهة الشمالية لن تنتهي حتى عودة السكان الإسرائيليين قرب الحدود اللبنانية إلى بيوتهم». واضاف في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي «أننا نعمل عسكرياً وسياسياً، لقد تمّ بالفعل طرد «حزب الله» من الحدود، ونحن نستعد لليوم الذي سنصدر فيه الأمر عندما نحتاج إلى توسيع أنشطتنا».