الى أن يبتّ بمصير الهدنة في غزة سلباً او ايجاباً وكيف يمكن ان تنسحب على الجبهة الجنوبية اللبنانية، يغلب على التحركات الجارية في شأن الاستحقاق الرئاسي وسواه من قضايا داخلية حيوية طابع التؤدة، او الانتظار الذي يقارب الجمود، خصوصاً انّ عودة الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين، العامِل على حل متكامل بين الحدود الجنوية والداخل، مرهونة بحصول هذه الهدنة التي تعلن واشنطن عن انها تضغط على المعنيين للتوصّل إليها مع إنطلاق شهر رمضان.
تستمر الاهتمامات مُنصبّة على غزة في ظل الاتصالات والمساعي الاقليمية والدولية الجارية لإعلان هدنة فيها مع بداية شهر رمضان، يتوقع كثيرون ان تنسحب هدوءاً على الجبهة الجنوبية رغم تهديدات اسرائيل بأنها ستواصل حربها على «حزب الله» فاصِلةً بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، وكان آخر هذه التهديدات ما بثّته القناة 12 الاسرائيلية من ان الجيش الاسرائيلي يجهّز خطة محتملة لاجتياح لبنان براً.
مهمة خليل السرية
في غضون ذلك لم يمض يومان على مغادرة هوكشتاين بيروت حتى توجّه اليع المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل الى الدوحة. وعلمت «الجمهورية» ان خليل غادر بيروت الاربعاء على عجل في زيارة خاطفة الى العاصمة القطرية التي سيعود منها خلال الساعات المقبلة، حيث عقد ويعقد لقاءات مع المسؤولين القطريين الكبار في مهمة تتعلق بالملفين الرئاسي والوضع في الجنوب. ولم ترشح معلومات عن نتائج هذه الاجتماعات التي أخذت طابعاً سرياً، كذلك لم يرشح ما اذا كان خليل سيعود حاملاً طروحات وأوراق لمناقشتها في بيروت.
المجموعة الخماسية
في هذه الاجواء عقد سفراء دول اللجنة الخماسية العربية والدولية المهتمة بالشأن اللبناني اجتماعاً في مقر السفارة القطرية، في بيروت.
وهؤلاء السفراء هم: السفيرة الاميركية ليزا جونسون، السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، السفير السعودي وليد البخاري، السفير المصري علاء موسى والسفير القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأفادت السفارة القطرية، في بيان، انه «تمّ خلال اللقاء استعراض التطورات الراهنة في لبنان، والبحث في الملف الرئاسي». ولفتت إلى أنّ «السفراء جَدّدوا تأكيد أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وأبدوا دعمهم المستمر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن».
واشارت معلومات الى انّ اجتماع السفراء أُريدَ منه مناقشة مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني»، وتجديد تأكيد وحدة الموقف الخماسي والدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية. كذلك أُريدَ من عقده في مقر السفارة القطرية الرد على ما يُقال انّ قطر تغرّد خارج سرب المجموعة الخماسية. علماً انّ توقيت الاجتماع بعد زيارة الموفد الرئاسي الاميركي للبنان كان للتأكيد انّ الملف الرئاسي يتابع حصرياً في اطار الخماسية.
وكانت السفيرة الأميركية قد زارت النائب ميشال ضاهر في دارته في الفرزل في حضور النواب: نعمة افرام، ميشال معوض، آلان عون، الياس حنكش، الياس اسطفان، ميشال دويهي، مارك ضو، هاغوب ترزيان وسجيع عطية.
وعرض المجتمعون لآخر التطورات في المنطقة، خصوصاً موضوع الحرب في غزة وجنوب لبنان. فيما أطلع عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب سجيع عطية الحاضرين على تطورات مبادرة التكتّل لانتخاب رئيسٍ للجمهورية.
لقاء الرابية
وفي غضون ذلك، كان الحدث السياسي البارز أمس استقبال الرئيس العماد ميشال عون في دارته في الرابية وفداً من كتلة «الوفاء للمقاومة» ضَم رئيس الكتلة النائب محمد رعد، والنائبين علي عمار وحسن فضل الله. وتمحور اللقاء حول الاوضاع التي يشهدها الجنوب إضافة إلى الاوضاع الداخلية.
بعد اللقاء قال رعد: «الاتصال القائم بيننا وبين فخامة الرئيس الجنرال ميشال عون هو خط دائم ومستمر لم ينقطع في السابق ولن ينقطع أبداً، وهو خط يبعث الطمأنينة والسكينة في نفوس اللبنانيين على اختلاف مناطقهم وطوائفهم نظراً لتاريخ التعايش والشراكة الحقيقية التي نعيشها فيما بيننا في مقاربة القضايا الوطنية».
واضاف: «هذه الزيارة كانت فرصة لإطلاع فخامة الرئيس على الاوضاع الميدانية الدقيقة والموضوعية بعيداً عما يتم من تراشق من هنا وهناك. وأبدَينا ما يمكن أن يعزّز الوحدة الوطنية في مواجهة تحدي العدو الصهيوني الذي يجترح اليوم ابادة جماعية في غزة. ومن المريب انّ اصواتاً دولية صَمتت بالكامل ولم ترق الى تحمّل المسؤولية الانسانية لمقاربة مثل هذا التوحّش الذي يمارسه العدو في غزة. ايضاً في وضعنا اللبناني نحن في حاجة الى ان نُبدي نيّاتنا الحسنة ونصرّ على التخاطب المسؤول بين كل الفئات والمعنيين بشأن هذا البلد، وصولاً الى حل المشكلات الرئيسية التي نعانيها».
حقائق ميدانية
واكدت مصادر مسؤولة متابعة للقاء لـ«الجمهورية» انه كان «حميمياً جداً» وانّ هناك اسباباً عدة أملَت انعقاده، أوّلها تأكيد الحرص على العلاقة الخاصة مع الرئيس عون والعلاقة السياسية مع «التيار الوطني الحر»، والتمسّك بتفاهم مار مخايل على رغم من بعض التباينات في المواقف السياسية الداخلية والانتقادات التي وَجّهها عدد من قيادات التيار وكوادره الى «الحزب» حول عمل المجلس النيابي والحكومة وتغييب الموقع المسيحي الاول عمّا يجري.
وأوضحت هذه المصادر انّ الوفد شرح لعون بالتفاصيل ومباشرة كل اسباب الخلافات حول بعض الملفات الداخلية، وأوّلها سبب دخول الحزب في المواجهات ضد العدو الاسرائيلي، إذ بعد المواقف التي صدرت كان لا بد من توضيح عدد من النقاط التفصيلية حول الموضوع. وقالت ان الوفد أطلعَ عون على «حقائق ميدانية موضوعية لا يعرفها الا أهل الميدان». وسجّل عون امام الوفد ارتيابه من الصمت الدولي إزاء ما يحصل في غزة، مشيراً الى انّ استهداف المدنيين في قطاع غزة لم يحصل في تاريخ العالم المعاصر ولا في الحرب العالمية الثانية.
وأوضحت المصادر ايضاً انّ الوفد عرضَ موقف «حزب الله» التفصيلي من موضوع العمل الحكومي ومشاركة وزراء الحزب في كل القرارات التي اتخذتها الحكومة، ومنها التمديد لقائد الجيش وتعيين رئيس للأركان وسواها من قرارات انتقدها «التيار» بشدة واعتبرها تغييباً للدور المسيحي وتجاوزاً لموقف التيار المعارض لها.
واشارت المصادر الى انّ البحث لم يتناول موضوع الاستحقاق الرئاسي.
سليم يهاجم
الى ذلك، وفيما تجري محاولات لتعزيز العلاقة بين حارة حريك والرابية، تزداد الهوة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و»التيار الوطني الحر» حيث شَن وزير الدفاع الوطني موريس سليم هجوماً على ميقاتي متهماً إيّاه بـ«مخالفة الدستور».
وقال سليم في حديث تلفزيوني: «في القانون رئيس الأركان مُنعدم الوجود، موجود كشخص ولكن دستورياً وقانونياً هو منعدم الوجود، والطريقة التي اعتمدتها الحكومة لتسمية رئيس الأركان، وكل ما دار على مستوى القوى السياسية، كانت خاطئة وغير مستندة الى الطرق الدستورية والقانونية. لم يحترموا لا الدستور ولا القانون وراحوا «يطبخون» مع بعضهم «طبخة» تعيين رئيس الأركان بطرق ملتوية».
ورداً على سؤال حول قول الرئيس ميقاتي انه في حال طلبت محاكمته يجب محاكمة وزير الدفاع لجهة الاخلال بوظيفته، قال سليم: «انا عملت كل الصح، وفي المحاكمة يسقط من الغربال كل من أخطأ وليس من يتمسّك بالدستور والقانون».
الجبهة الجنوبية
وعلى الجبهة الجنوبية تواصلت الاعتداءات الاسرائيلية على قرى الجنوب الحدودية، وكان آخرها مساء امس قصف مدينة الخيام ومنطقة «الصوان» في أطراف كفرشوبا، فيما شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي 3 غارات على «وادي العزية» في القطاع الغربي. واعلنت «المقاومة الاسلامية» انها قصفت مستوطنة «عفدون» بصواريخ الكاتيوشا «رداً على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية وخصوصاً على بلدة الضهيرة واستشهاد مواطن». كذلك هاجمت ثكنة «معاليه غولان» بمسيرتين انقضاضيتين، وأماكن تَموضع الجنود الاسرائيليين في مستعمرة المطلة.
واكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ نيراناً موجهة أُطلقت من لبنان أصابت منزلين في المطلة.
كذلك استهدف المقاومون موقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا. كذلك استهدفوا «تموضعاً لجنود العدو في مرتفع الكرنتينا بمسيرتين انقضاضيتين هجوميتين أصابتا أهدافهما بدقة».
واعلنت المقاومة استشهاد احد مقاتليها فادي محمود ضاوي (مواليد عام 1976) من بلدة عيترون.
صفد والجولان
وقالت وسائل اعلام اسرائيلية إنّ مكالمات مسجلة تصل إلى هواتف أصحاب المصالح في مدينة صفد، وتطلب منهم «تحويل ممتلكاتهم لأموال والخروج من صفد وإلّا سيكونون فريسة». واضافت «أنّ «حزب الله» يخطّط لتوسيع ضرباته بنحوٍ كثيف في اتجاه صفد المدينة في حال وسّعت القوات الإسرائيلية هجماتها يوم 15 آذار وبعده». وذكرت انّ «سكان صفد والجولان سيغادرون مناطقهم قريباً في حال توسّع العمليات في لبنان منتصف الشهر الحالي».
بيت العنكبوت
وقال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال تأبيني في بيروت: «نحن قررنا مساندة غزة علناً، وقلنا مراراً وتكراراً انّ هذه المساندة لغزة هي جزء لا يتجزأ من مساندة لبنان وشعب لبنان، لا يمكن فصل الأمور عن بعضها، هذا العدو الموجود في فلسطين المحتلة هو الذي دخل إلى العاصمة بيروت سنة 1982 وبقي 18 عاماً ولم يخرج إلا بالمقاومة».
وسأل: «هل ارتدعَت إسرائيل منذ سنة 2006 حتى سنة 2023؟ لولا المقاومة في سنة 2006 ولولا الانتصارات التي حصلت لا يمكن أن ترتدع إسرائيل إلا بالقوة، هذه القوة ستبقى وسنواجه». وتوجّه الى الاسرائيليين قائلا: «ننصحهم أن يوقفوا التهديد، وهذا عيب بحقهم لأن كل هذه التهديدات ليست منتجة. أخيراً انتشر في الإعلام أن التهديد حتى 15 آذار، أي أن إسرائيل من المحتمل أن تهجم! إذا هجمت فسنكسر لها أرجلها هي ومَن معها. أتهددوننا بإسرائيل؟! أصبحت إسرائيل بالنسبة إلينا أوهَن من بيت العنكبوت وننظر إليها أنها إلى زوال، وإن اعتدَت رَدّينا وإذا قاتلت قاتلناها، وإذا أرادت أن تهدد فنحن لا نهدد على مستوى الإعلام، وإنما نستعد لأي يوم تختاره إسرائيل أن توسّع معركتها، فنحن لها بالمرصاد إن شاء الله وسننتصر بعون الله كما انتصرنا في تموز 2006».