IMLebanon

الجمهورية: “الخماسية” على خط التوافق.. والجنوب ينتظر هدنة غزة .. وآخر التصنيفات: لبنان الأكثر بؤساً

 

لبنان يتصدّر المركز الأول عربياً، والمركز الثالث عالمياً على قائمة الدول الأكثر بؤساً، وفق مؤشر «هانكي» للبؤس العالمي، ويواصل داخلياً انهياره الى القعر اقتصادياً ومالياً، وتخبّط سياسي لا حدود له، مفتوح على كل الموبقات والاحتمالات السلبية. يعززها انضباطه في خطين مقفلين، لا تلوح في أفقهما بوادر انفراج في المدى المنظور، لا على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية، التي طفحت حلبتها بالجهود والمبادرات، فشلت في فكّ استعصائها على حلّ رئاسي بالتفاهم والتوافق، ولا على مستوى الحدود الجنوبية التي تشهد تدرّجاً في العمليات العسكرية بين «حزب الله» واسرائيل، حرّك دعوات دولية واسعة لاحتوائه، وتحذيرات قلقة من أن يشكّل مساره التصاعدي منطلقاً لحرب واسعة على مستوى المنطقة.

لا نتائج آنية

على الخط الرئاسي، زخم ملحوظ على خط الحراكات، وضمن هذا السياق، قرّرت اللجنة الخماسية تنشيط حراكها في مختلف الإتجاهات الداخلية ولقاءاتها مع مستويات سياسية وغير سياسية، في خطوة تعكس ما بدت انّها حماسة دول الخماسيّة وجديّة جهودها للتعجيل في حسم الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.

 

حطّ سفراء دول الخماسية مرة ثانية في عين التينة، واودعوا رئيس مجلس النواب نبيه بري حصاد حراكهم الاخير، وكذلك فعلوا في لقائهم مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي.

 

وفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ سفراء دول الخماسية «رحّبوا بكل ما يساعد بلورة مخارج رئاسية، واكّدوا اندفاعهم الى مدّ يد المساعدة للأطراف اللبنانيين، بما يعجّل في انهاء الأزمة الرئاسية، وضمن هذا الامر سيكون برنامج لقاءاتهم مفتوحاً ومكثفاً في الفترة المقبلة. وبالتالي فإنّ السفراء لا يسوّقون افكاراً جديدة او مشروع حل جديداً، بل كلام في العموميات يعكس انّ حراكهم منطلق ومرتكز في آن معاً، على قاعدة تعتبرها اللجنة السبيل الوحيد للحل الرئاسي، أساسها توافق المكونات اللبنانية على رئيس للجمهورية، مع تأكيد متكرّر على أن تعمل جميع الاطراف لأجل لبنان وتتقاطع على مصلحته، وأن ترتقي الى المسؤولية الوطنية التي تحتّمها اوضاع لبنان، والظروف الدقيقة التي تمّر فيها المنطقة، وما قد تنطوي عليه من مخاطر».

 

ورداً على سؤال، قالت مصادر المعلومات: حراك السفراء الذي بدأ بزخم (يوم امس)، وسيستكمل لاحقاً وربما بزخم أكبر، ليس منتظراً منه نتائج آنية، ذلك انّه أشبه ما يكون بمحاولة تأسيسية لحل رئاسي يُنتظر ان تصبّ اللجنة الخماسية جهدها لإقناع الاطراف بولوج باب الحوار. وما خلا ذلك، لا حديث من قريب أو بعيد في اسماء المرشحين سواءً أكانت اسماء قديمة موجودة اصلاً في نادي المرشحين، او اسماء جديدة، ولا اي مقاربة لما يُسمّى الخيار الثالث، فكل ذلك يحسم على طاولة الحوار والنقاش.

 

وبحسب ما استخلصت المصادر فإنّ اللجنة الخماسية على يقين بأنّ أطراف الداخل ليست قادرة وحدها على انتاج رئيس جمهورية، ومن هنا أوكلت الى نفسها مهمّة صعبة، لاستيلاد فرصة جدّية جديدة لإحداث خرق في جدار الملف الرئاسي. ولقاءات السفراء صبّت في هذا الاتجاه وعكست رغبة شديدة في حسم سريع للملف الرئاسي بتوافق لا بدّ منه بين اللبنانيين، وانتخاب رئيس وتحديداً في المدى القريب جداً، وحتى ضمن فترة هدنة الستة اسابيع التي تتسارع الجهود في اتجاهها، وهو توجّه ينأى بملف الرئاسي عن أنّ يبقى معلقاً الى ما بعد جلاء صورة ما سيؤول اليه الوضع في غزة.

 

لقاء مريح

في عين التينة، وبحسب معلومات «الجمهورية»، كان لقاء السفراء مع الرئيس بري مريحاً، حيث تمّ استعراض مهمّة سفراء اللجنة منذ لقائهم السابق برئيس المجلس، وكذلك ما أحاط بمبادرة «كتلة الاعتدال الوطني»، والغاية منها، والرئيس بري ثابت على موقفه الدافع الى انتخاب رئيس للجمهورية بالأمس قبل اليوم، والمسهّل لكل ما يؤمّن ظروف التوافق والتفاهم والتعجيل في اتمام هذا الاستحقاق». وقد وصف الرئيس بري اللقاء بأنّه كان جيداً وسيتكرّر والتوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم توصلاً لتحقيق الإستحقاق».

وكان بري قد استقبل سفراء دول الخماسية؛ السفيرة الاميركية ليزا جونسون، السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، السفير السعودي وليدي البخاري، والسفير المصري المصري علاء موسى والسفير القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني.

 

وقال السفير المصري بعد اللقاء الذي دام نحو ثلاثة ارباع الساعة: «اللقاء كان طيباً للغاية واستمعنا من الرئيس بري الى ما سبق وذكره لنا من إلتزامه التام، في بذل كل المساعي من أجل انتخاب الرئيس وتسهيل العملية الإنتخابية. وهو ما سوف نسعى لشيء مشابه له من كافة الكتل السياسية للدخول الى مسار يفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن، وسوف تلاحظون في الفترة المقبلة سيكون هناك الكثير من الاجتماعات والتحركات».

 

ولفت الى انّ الكتل السياسية لديها قناعة الآن بأنّ التوافق في ما بينها هو شي مهمّ للغاية وعندما نتحدث عن التوافق فمعنى ذلك انّ الجميع لديه الاستعداد للحوار والنقاش والتشاور وصولاً الى أمر يتفق عليه الجميع، وهذا ما نبحث عنه. اما في ما يخصّ «كتلة الاعتدال» وحراكها في الحقيقة لا يختلف كثيراً قد يكون بعض التفاصيل اكثر، لكن نحن نقول انّ تحرك الاعتدال وآخرين في البرلمان هو شي مهم وضروري، ومرّة أخرى نؤكّد انّ هذه العملية ملكيتها تعود حصرياً الى البرلمان وليس لأي طرف آخر، وبالتالي حركة الاعتدال حراك مهمّ وكذلك حراك الآخرين».

 

عند الراعي

وفي لقاء السفراء مع البطريرك الماروني، كان الجو ودياً، ونُقل عن البطريرك انّه اعرب عن تقديره للجهد الذي تبذله اللجنة الخماسية، متمنياً نجاحها في هذه المهمّة، وتشديده على إنهاء الفراغ في موقع الرئاسة الاولى والتعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية. كما نُقل عنه أنّه شدّد على الاحتكام الى الدستور لانّه الطريق المختصر للعملية الديموقراطية وانتخاب رئيس. وكذلك نسبت منصّات اعلامية الى البطريرك انّه استغرب سلوك طريق شائك قد لا ينجح، فيما الدستور واضح والمسار الديموقراطي يقضي بفتح المجلس». ورفض تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي.

 

غياض: البطريرك يشدّد على الدستور

وفي هذا المجال، قال مسؤول الاعلام والبروتوكول في بكركي المحامي وليد غياض لـ«الجمهورية»: «انّ البطريرك الراعي استغرب امام السفراء الخمسة التمسك بالدعوة الى الحوار للتوافق على انتخاب رئيس البلاد بينما هناك دستور يحكم العملية الانتخابية والدستورهو أسمى القوانين، فلماذا تجاوزه؟ مشيراً الى انّ الآلية الدستورية إتُّبِعَتْ في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة ولم يحصل حوار حولها، فلماذا لا يتمّ الرجوع للدستور في انتخاب رئيس الجمهورية بدل استهلاك الوقت في الحوار؟».

 

وأوضح انّ البطريرك اكّد امام السفراء انّه لا يحق لأي جهة بإقصاء اي مرشح للرئاسة، وبكركي لا تتبنّى ترشيح اي شخص، بل يهمّها انجاز الاستحقاق وليفز من يفز.

 

ورأى غياض، انّ دعوة رئيس المجلس النيابي إلى الحوار ستكون بمثابة سابقة لجهة تكريس الحوار والتوافق على انتخاب المنصب الاول الماروني في البلاد، ونخشى ان يتكرّس الشغور الرئاسي بشكل دائم كل مرّة تحت عنوان الحوار والتفاهم المسبق، وكان من الافضل والاسهل «والألطف» البقاء على اقتراح كتلة نواب الاعتدال «بالتداعي» لعقد التشاور بدل توجيه الدعوة من رئاسة المجلس. لذلك رحّبت بكركي بمبادرة التكتل.

 

وقال السفير المصري بعد اللقاء كان لقاء بالغ الاهمية، مشيراً الى انّ «حراكنا سيستفيد من حراك «كتلة الاعتدال» ونحن نبني على تحرّك الداخل لعلّنا نسهّل خلق الأرضية المشتركة لإنجاز الاستحقاق». واضاف: «نحن لا نتحدّث عن أسماء بل عن التزام إذا توفّر فإنّ الحديث سيبقى أسهل بين القوى السياسية حول من يرغبون في ترشيحه الى الرئاسة».

 

الميدان الجنوبي

وفي وقت توجّهت فيه الانظار الى الدوحة، رصداً لما ستؤول اليه جولة المحادثات الجديدة حول بلوغ هدنة لستة اسابيع في قطاع غزة، اكّدت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية» انّها على ثقة بأنّ هذه الهدنة ورغم نبرة التهديدات العالية التي تطلقها اسرائيل، ستشمل جبهة الجنوب بشكل تلقائي.

 

وكشفت المصادر «أنّ شمول لبنان بالهدنة، أكّده موفدون دوليون، شدّدوا في الوقت ذاته على مسؤولين كبار انّها ممكنة اذا ما اوقف «حزب الله» عملياته العسكرية فور الاعلان عن هدنة غزة. والاميركيون اكّدوا انّهم يستبعدون أن تلجا اسرائيل الى التصعيد».

 

وفي انتظار المسار الذي ستسلكه محادثات الهدنة، والتي ستحدّد هذا الاسبوع ما اذا كانت ستنحو نحو التبريد او الاستمرار في التصعيد، حافظت جبهة الحدود الجنوبية على توترها جراء استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على المناطق اللبنانية، التي طالت امس بغارات الطيران الحربي الاسرائيلي بلدات ميس الجبل، العديسة، عيتا الشعب، وبالقصف المدفعي محيط بلدات العرقوب، وتلة الحمامص وسهل الخيام والعديسة وكفر كلا ومركبا.

 

واعلن الجيش الاسرائيلي انّه استهدف مواقع لـ«حزب الله» في بلدة العديسة، فيما ذكر الاعلام الاسرائيلي أنّ صفارات الإنذار دوّت في سهل الحولة وأصبع الجليل، وذلك بسبب دخول طائرة من دون طيار أسقطتها القبة الحديدية.

 

وفي موازاة هذه الاعتداءات أعلن «حزب الله» انّ «المقاومة الاسلامية» واصلت عملياتها ضدّ جيش العدو، واستهدفت موقع بياض بليدا، وموقع زبدين في مزارع شبعا، وتجمعاً لجنود العدو في تلة الطيحات، وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا، وموقع حدب يارين، وموقع بركة ريشا.

 

المستوطنات: مستقبل مجهول

الى ذلك، واظب الاعلام الغربي والاسرائيلي تركيزه على المخاوف التي يشكّلها وجود «حزب الله» على الطرف اللبناني المواجه للمستوطنات الاسرائيلية.

 

وقالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية في تقرير نشرته، انّه «يجب على إسرائيل إنشاء شريط أمني داخل الأراضي اللبنانية. حيث انّ سكان شمال إسرائيل لن يتمكنوا من العودة الى منازلهم إلاّ بعد التأكّد من أنّه لا توجد فرصة لرؤية رجال «حزب الله» عند الحدود، وقيام اسرائيل بالقضاء على كل مواقع وأهداف حزب الله ضمن نطاق جغرافي يصل إلى 15 كيلومتراً داخل الأراضي اللبنانية.

 

واشارت الى انّه «لكي تنضج الظروف وتؤدي إلى اتفاق بشأن جبهة لبنان، علينا أن نبدأ العمل بشكل صحيح مع الأميركيين والفرنسيين، وأن يتوصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تفاهم معهم حول هذه القضية».

 

وفي موازاة هذا التقرير، قالت «الغارديان» البريطانية «إنّ سكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للبنان يواجهون مستقبلاً مجهولاً وسط مخاوف من عدم قدرتهم على البقاء في منازلهم بسبب وجود «حزب الله» على الطرف الآخر في لبنان.

 

واشارت الصحيفة الى أنّ عناصر «حزب الله» يتواجدون على بعد بضعة كيلومترات، في التلال والقرى اللبنانية، وفي غضون أسابيع، تمكنت هجماتهم من إجلاء أكثر من 80 ألف مستوطن، وباتت الكيبوتسات والمستوطنات الإسرائيلية مجتمعات أشباح، تتجول فيها القطط وشوارعها مليئة بالأعشاب، ولا يكسر الصمت إلاّ أصوات الحرب والقصف وانفجارات الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بدون طيار. ونقلت عن عن احد المستوطنين قوله «إنّ معظم سكان المستوطنات، لن يعودوا إلّا إذا تراجع «حزب الله» عن الحدود، وحتى لو حدث وقف إطلاق نار في غزة، فربما لن يعودوا.

 

ولفتت الصحيفة إلى أنّ 10 من جنود الجيش الإسرائيلي و 7 مستوطنين، قتلوا في هجمات «حزب الله»، والتي أسفرت عن استشهاد 322 أغلبهم من مقاتلي «حزب الله»، إضافة إلى استشهاد 56 مدنياً بينهم أطفال و3 صحفيين بنيران القوات الإسرائيلية. وعبّر جندي سابق يدعى أوري بن هيرتزل، وهو عضو في مجموعة مسلّحة لحراسة مستوطنة عن مخاوف، وقال: «أنا قلق للغاية من أنّه سيكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة، ووقف لإطلاق النار هنا، وستطلب منا الحكومة العودة».

 

وأشار مستوطنون، إلى أنّه إذا بقي مقاتلو «حزب الله» في أماكنهم عندما يهدأ إطلاق النار على الحدود، فإنّ المناطق داخل فلسطين المحتلة، ستتحول إلى منطقة عازلة، وفقط كبار السن وغريبو الأطوار من يمكنهم العيش فيها. وقال أحد سكان المستوطنات: «لا أستطيع أن أشرب قهوتي الصباحية وأنا أرى العلم الأصفر لحزب الله يرفرف في قرية عبر الحدود، أعلم أنّ السابع من تشرين الأول يمكن أن يحدث مرة أخرى إذا تمكنت من رؤية هذا العلم».